العنوان تجسست على زوجي.. فكانت الطامة
الكاتب د. يحيى عثمان
تاريخ النشر السبت 01-سبتمبر-2018
مشاهدات 32
نشر في العدد 2123
نشر في الصفحة 64

السبت 01-سبتمبر-2018
تجسست على زوجي.. فكانت الطامة
زوجي ذو عاطفة متدفقة كريم متفوق خدوم محط تقدير واحترام من الجميع
رغم تدينه وسمته الإسلامي فإنني كنت ألاحظ أحياناً تجاوزاته مع النساء
أ.د. يحيى عثمان
أستاذي الفاضل د. يحيى، بعد سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أنا سيدة في منتصف الأربعينيات، نشأت في أسرة محافظة، تقدم لي قريب لوالدي يشغل مركزاً مرموقاً ويحضر درجة الماجستير، جذاب لبق وسيم، فنال مني كل الحب، وطلب مني عدم العمل والتفرغ، فوافقت وتزوجنا وعشنا قصة حب زوجية رائعة ملأت حياتي؛ فهو ذو عاطفة متدفقة كريم متفوق خدوم محط تقدير واحترام من الجميع، ولكن رغم تدينه وسمته الإسلامي فإنني كنت ألاحظ أحياناً تجاوزات مع النساء سواء عندما يتحدث عن زميلاته أو حتى مضيفة في الطائرة عند سفرنا، لديه زهو بذاته وقدراته الجذابة على التأثير في الآخرين، ولكن ذلك لم يكن يمثل لي مشكلة لثقتي المطلقة في دينه وحبه لي، فقد كنت أعتبر ذلك من اللغو و«مواقف وتعدّي»، ولم أكن أعيرها أي اهتمام، وخاصة أنها لم يكن لها أي تأثير على علاقته بي، فهو دائماً مشتاق لي متعدد التعبير عن حبه سواء في العلاقة الحميمية أو عواطفه الجياشة أو كرمه المادي.
منذ ستة أشهر، تعرفت إلى إحدى السيدات من خلال ترددي على النادي.
توطدت علاقتنا معاً حتى أصبحت حريصة على لقائها في النادي كلما ذهبت لحديثها الشيق والمواقف التي حدثت لها التي لا تنتهي.
سألتني ذات مرة عن أحوالي مع زوجي فقلت:
- زين.
- ليس مقياساً، فكثير من الرجال يتجمل ليغطي مصائبه.
- زوجي غير.
- لا تجزمي، هل تطلعين على موبايله؟
- لماذا؟
- حتى تتأكدي، أليس لديه «واتساب»، و«فايبر»، و«إيمو».. ويتحدث خلالها؟
- نعم، وبكثرة، لكنني أعلم كثرة مهامه ومشاغله.
- يجب أن تطلعي على محادثاته! هل تعلمين مع من يتحدث؟
- طبعاً لا.
- لذا عليك ألا تتحدثي عن حبه وإخلاصه! وهذا الوجه يتقنه ويبرع فيه من له علاقاته وحياته الخاصة، وإن لم يكن له علاقات عاطفية، فعلى الأقل علاقات خاصة مريبة مآلها أن تكون علاقة عاطفية، التي من المؤكد ستتحول إلى كارثة.
- لا أظن زوجي كذلك.
- ماذا ستخسرين؟
- لا أفهم ماذا تقصدين؟
- لديَّ برنامج يطلعك على كل ما في موبايل زوجك، ويمكنك أن تسجلي من خلاله كل محادثاته.
- هل تعنين أنني أتجسس على زوجي؟
- تجسس! أنت تريدين التأكد من مدى مصداقيته وحتى تبادري بعلاج أي خلل للحفاظ على بيتك وأولادك وتنقذيه من نزواته، وإن كان كما تظنين –ولا أعتقد ذلك- فقد تأكدتِ من حبه وإخلاصه فتزداد سعادتك به.
- لكن التجسس حرام، ونحن نهينا عن ذلك.
- هذا ليس تجسساً! التجسس بغرض الإضرار، أما هذا فتجسس بغرض المصلحة، وهذا زوجك ومن حقك بل واجبك أن تحولي بينه وبين أن يقع أو يستمر في الخطأ، والتأكد من مدى حبه لك، لقد كنت أثق في زوجي الأول ثقة مطلقة، إلى أن اكتشفت من اطلاعي على تليفونه أنه «زير» نساء، وعند مواجهته كانت القاصمة وانفصلنا.
أما الثاني؛ فقد كان فعلاً مخلصاً، ولكن من اطلاعي على حديث أمه معه، أدركت كم هي تتعمد تخريب بيتنا، وأنه كان منسحباً ضعيفاً لا يرد غيبتي، وعند مواجهته كانت القاصمة وانفصلنا أيضاً.
أما زوجي الحالي فأتابعه كظله حتى المكان الذي يتواجد فيه، عن طريق برنامج تحديد المواقع، وكم أنا في قمة السعادة لإخلاصه وحبه لي، وكم هي سعادة الزوجة عندما تتأكد من مدى صدق زوجها وحبه لها، بدلاً من أن تعيش في غفلة ولا تفيق إلا على مصيبة بعد فوات الأوان، على كل، سأرسل لك البرنامج وأنت حرة، هل موبايلك مفتوح؟
- نعم.
- عليك أن تستخدمي كلمة مرور معقدة وكذلك البصمة.
وفعلاً أرسلت لي هذه القنبلة الذرية التي حطمت حياتي بل حياتنا وزوجي وأولادي.
في البداية، رفضت وأبت نفسي، ولكن تذكرت كلامها بأن ذلك ليس تجسساً، ولكن المهم النية؛ وهي المحافظة على بيتي وحماية زوجي من هواه ونزواته، إلى آخر ذلك من التعليلات الشيطانية.
وأخيراً غلبني الشيطان وثبتُّ البرنامج، واطلعت على آخر شات وكان مع أخته الكبرى، التي بيني وبينها خلافات بسبب تدخلها في شؤوننا، وتعتبر نفسها وصية عليه بعد وفاة أمه، فوجئت أنه قد أرسل لها مبلغاً كبيراً بناء على طلبها حتى تتمكن من تجهيز ابنتها للزواج، وأنها ممتنة له لأن هذا المبلغ أنقذ زيجة ابنتها من الفشل، رغم اعتذاره عن سفرنا هذا الصيف لعدم توافر المال لديه، الذي أثارني هو أنا لا أمانع من مساعدته لأخته، ولكن لماذا لا يطلعني؟ أليست الحياة مشاركة بين الزوجين؟
ثم بدأت أفتح حساباته مع زميلاته في العمل، حقيقة لم أجد ما يؤكد وجود علاقات غرامية أو ألفاظ تخدش الحياء، لكن دردشة عامة خارج نطاق العمل، وإنهن يستشرنه في أمور خارج نطاق العمل، مما أثار نار غيرتي!
واحترت كيف أتصرف؟ كيف أحدّ من استغلال أخت زوجي له؟ كيف أحول بين زوجي ونزواته؟ هل أواجهه؟ وكيف أبرر اطلاعي على حسابه؟
لقد تحول ليلي إلى أرق وكوابيس وخيالات مما قد يكون عليه زوجي من علاقات، وأضحى نهاري لا يفارقني الموبايل وتصفح صفحات زوجي وتأويل كل كلمة بل كل حرف إلى خيالات شيطانية، فأهملت بيتي، وأصبحت أرى زوجي مخادعاً كذوباً، فانعكس ذلك على اهتمامي بنفسي وبه طبعاً، وساءت علاقاتنا.
أخيراً قررت أن أواجه الموقف، فاشتريت شريحة تليفون جديدة، ومن خلالها أرسلت رسالة إلى كل السيدات اللائي على علاقة ما بزوجي، أنصحهن بأن التجاوزات مع رجال لا يحلون لهن خطأ، قد يوردهن المهالك، خاصة إن كان هذا الرجل متزوجاً وسعيداً مع زوجته.
أما عن أخت زوجي، فقد كلمتها مباشرة، وأوضحت لها أننا لم نسافر هذه السنة وانعكس ذلك على نفسية الأولاد، وأنني أتوقع أن تكون هي السبب، فمن أين أتت بمصاريف زواج ابنتها؟ وكأن بركاناً قد انفجر، وانهالت عليَّ بالسباب! وكيف أتدخل بينها وبين أخيها؟ فما كان مني إلا أن أغلقت التليفون، وعاودت الاتصال لتستكمل سبابها لي فلم أرد عليها.
لم يمضِ من الوقت إلا أقل من ساعة، وإذا بزوجي يدخل عليَّ في ثورة لم أعهدها وقد ترك عمله، فبادرني من أين علمت أنني ساعدت أختي في زواج ابنتها؟ وإذا به يخطف الموبايل من الطاولة ويسألني: منذ متى تضعين كلمة سر على موبايلك؟
- هذا موبايلي وأنا حرة فصعقني قائلاً:
- إن لم تفتحي الموبايل فأنت طالق! وأعطاني الموبايل.
طبعاً لم أستطع أن أفتح الموبايل، ثم دفعني خارج الغرفة قائلاً: وتغادرين بيتي الآن فوراً، واتصل بأبي قائلاً له: تعالَ خذ ابنتك، ثم خرج وتركني في دوامة لا أدري كيف أتصرف؟
حضر أبي ولم أستطع أن أجاوبه عن تساؤلاته، فماذا أقول له؟ وغادرت البيت منذ عدة أيام، لم أتحدث مع أحد حتى قرأت الظنون والشكوك في وجه أمي عما حدث ولم أجرؤ على الحديث معها بغير البكاء، ناهيك عن اتصال أولادي ونحيبهم واضطراب حالتهم، لا أعلم كيف أتصرف؟
التحليل
زوجة أنعم الله عليها بزوج طيب يشغل مركزاً مرموقاً حاصلاً على دراسات عليا، جذاب لبق وسيم، وتعيش حياة مستقرة تنعم فيها بقصة حب رائعة ملأت حياتها، فزوجها ذو عاطفة متدفقة كريم متفوق خدوم محط تقدير واحترام من الجميع، ولكن رغم تدينه وسمته الإسلامي فإنها كانت تلاحظ عليه بعض التجاوزات مع النساء، ولم يؤثر ذلك على علاقته بها.
ترمي بكل ذلك عرض الحائط وتنساق وراء شيطانة في صورة امرأة تبث في أذنيها سموم تجارب فاشلة، وتقع في ذنب التجسس، وزين لها هواها والشيطان أن ذلك بغرض الحفاظ على بيتها وحماية زوجها من نزواته، فتبني هواجس وخيالات وأوهاماً تريد أن تؤكدها على زوجها، فيكون عقابها آنياً من الله، فتعيش حالة من الريبة والظنون، وليتها كتمت نيران ما اقترفت من ذنب، بل آثرت إلا أن تفضح نفسها، فهاجت وقررت تصحيح خلل علاقة زوجها بأخته كما ترى، فكيف يساعدها على إتمام زواج ابنتها وتحرم هي من رحلة ترفيهية؟! وكيف لا يستأذنها في التصرف في بر أخته من ماله؟ لا بد أن تُشعر هذه الأخت بالعجز!
أما زميلاته بالعمل فبعد تأويل محادثاتهن معه بأنها مؤشرات لعلاقات مشبوهة ستؤول حتماً إلى زواج أو انحرافات، فلابد من منعهن عن هذا الزوج الذي إن كان حقاً منحرفاً فستستقيم حياته بانصرافهن عنه، وإن كان مستقيماً فبصفتها ولية أمره فقد جنبته عناء مقاومة إغرائهن!
ومن المؤكد أن الجميع اتصل بزوجها، الذي لم يجد أي تفسير إلا أن زوجته تجسست على تليفونه الخاص.
وباستطلاع رأي الشرع في موضوع التجسس بين الزوجين من خلال المتخصصين، أفاد د. الشيخ كمال درويش، عضو لجنة الإفتاء الهاتفية بوزارة الأوقاف بالكويت ومن علماء الأزهر الشريف، بأننا نهينا عن التجسس؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {12}) (الحجرات)، وهذا النهي على الإطلاق بين المسلمين، فلا يحق لأي من الزوجين التجسس على الآخر وتتبع عورته ولا التنصت عليه بأي وسيلة ما.
الحل
الاعتراف بالذنب والندم والعزم على عدم العودة مرة أخرى، والوضوء والصلاة والاستغفار.
الاتصال بأخت زوجك والاعتذار لها.
الاتصال بزوجك واعترافك له بخطئك وطلب المسامحة والعفو منه، وإعلامه أنك اتصلت بأخته واعتذرت لها وتنوين زيارتها تلطيفاً لقلبها، وأنك مستعدة أن تتصلي بزميلاته أو ترسلي لهن اعتذاراً أو يعتذر هو نيابة عنك.
أيضاً عليك أن تتوقعي بعض الإعراض من زوجك أو أخته، وهذا طبيعي، لكن اللجوء إلى الله والاستغفار والدعاء إلى الله، مع طيب الكلام مع زوجك وأخته سيلين قلبيهما، والله يوفقك.
يمكنك إرسال استشارتك على أحد العنوانين البريدين التاليين:
info@mugtama.com
y3thman1@hotmail.com
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

