العنوان تحليل سياسي.. حرب عرقية ضد الصوماليين في بريطانيا
الكاتب فهد العوضي
تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993
مشاهدات 19
نشر في العدد 1051
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 25-مايو-1993
نجا الكثير من مستضعفي الصومال في الحروب من جحيم حرب البلد الأهلية والنزوح بالأهل والمال والولد إلى أمكنة أكثر أمانًا في أفريقيا أو آسيا أو أوروبا.
غير أن بعض التقارير والمصادر الموثوقة توحي بأن الأمر ليس بهذه السهولة، فالقلاقل التي تقض مضجع الإنسانلا تقتصر على الحروب والمجاعة فحسب. وهذا ما يقوله الصوماليون أنفسهم حيث تتعرض الجالية الصومالية في مدينة شفيلد -ببريطانيا - لأبشع أنواع الاعتداء العنصري على يد مرتزقة من البيض البطالة في المنطقة، وكأن التاريخ الأوروبي يعيد نفسه ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين فما القصة على بدايتها ..؟
الجالية الصومالية في بريطانيا
أتت الجالية الصومالية إلى بريطانيا بأعداد كبيرة عام ۱۹٩١ هروبًا من الحرب المدمرة، وسكنت عدة مناطق في لندن وبرمنجهام ومانشستر وشفيلد، وحازت على جميع الحقوق التي يحصل عليها اللاجئ عادة من مسكن وراتب شهري أو أسبوعي وتعليم مجاني أو بأسعار مخفضة، غير أن الجالية الصومالية في شفيلد يبلغ عددها حوالي ٥٠ صومالي، بدأوا في النزوح إلى منطقة أخرى بحثًا عن الأمان، وذلك بعد الاعتداءات التي تعرضوا لها من الأغلبية البيض البالغ عددهم ٦٠٠٠ شخص، حتى أن أحد الصوماليين علق يقول« لقد تركنا بيوتنا آخذين معنا ما استطعنا حمله، ولو بقينا لواجهنا الموت، إننا نشعر الآن أننا نجحنا في الهروب من منطقة حرب «الصومال» وها نحن الآن ننجح ثانية في الهروب من أخرى»
هذا ولقد نشرت صحيفة «الصنداي تايمز» تحقيقًا تبين فيه حجم المأساة التي تعيشها الجالية في الوقت الحالي، حيث يتعرض الأطفال الصوماليون بشكل يومي إلى الرجم بالحجارة أو الشتم والتعيير .
يناديهم البيض بالشياطين السود وهم في طريقهم إلى المدرسة، حتى أن أحد الأمهات قالت إن ولدها جاءها ورأسه تدمي من أثر حجر ألقاه أحد الأشقياء على رأسه وهو يلعب في حديقة المنزل الخلفية. ومضايقة الصوماليين وهم يتسوقون في شفيلد أمر طبيعي، وقد يتعرضون للمطاردة من قبل بعض الكلاب الشرسة وذلك بأمر من أصحابها حتى صار أحدهم يقول : صرنا نعيش في كابوس! ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى بيوت الصوماليين أنفسهم حيث يعمل البيض مرارًا على تهشيم زجاج نوافذهم لدرجة أن السيدة شينان محمد (۳۲عاماً) تقول : لقد نسيت كم مرة أحتجت فيها إلى تبديل زجاج نافذتي، وتضيف شيناز التي تعيش مع ولدها بمفردها لأن زوجها يحارب في الصومال أنهم يعرفون ماذا يعني الحجاب لنا، ولذلك يحاول بعض الأشقياء مضايقتنا أثناء السير في الشارع وانتزاعه منا.
مجلس المدينة بمدينة شفيلد يقول إن هذه الاعتداءات العنصرية محدودة، ويحاول إقناع الجالية الصومالية بالصمود، ولكن هيهات وقد وصل الأمر إلى ما وصل إليه يقول الصومالي قادر حسين (٢٥عامًا) : لقد سرنا مئات الأميال عبر الصحراء للهروب من جحيم الصومال حتى أن بعضنا مات في الطريق. الآن البعض يسأل ما الذي أتى بنا إلى بريطانيا؟! أعرف أن الكثير من البيض عاطل عن العمل ولكن ما ذنبنا نحن حتى يفرغ علينا جام غضبه؟
والجدير بالذكر أن قادر حسين قد تعرض للضرب من قبيل البيض عندما رأى أحدهم يحاول اقتحام شقة أحد الصوماليين، فحاول إبلاغ الشرطة، اللص الأبيض أنكر أمام السلطات محاولة الاقتحام وساند دعواه جيرانه البيض البالغ عددهم ۲۰۰، وذلك من خلال تقديم عريضة يطلبون فيها إخلاء سبيله.
إن مأساة الصوماليين في بريطانيا حدت بالبعض إلى أن يقول : إذا كان جسد أوروبا ينزف دمًا في البوسنة والهرسك، فهو ينزف دمًا أيضا في شفيلد، أما أحد الأمهات الصوماليين فأضافت : لقد قلت لابنتي إننا ذاهبون إلى أوروبا ... إلى لندن.. البلد التي لا يوجد فيها حرب ولا اعتداءات.. ولكنها ترى الآن أن هناك حربًا سرية بين البيض والسود.. فماذا أقول لها اليوم ..؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل