; ترتيبات رئاسة تونس تنطلق من ألمانيا. | مجلة المجتمع

العنوان ترتيبات رئاسة تونس تنطلق من ألمانيا.

الكاتب عبد الباقي خليفة

تاريخ النشر الأربعاء 01-نوفمبر-2017

مشاهدات 12

نشر في العدد 2113

نشر في الصفحة 41

الأربعاء 01-نوفمبر-2017

تجري منذ فترة مساجلات على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام محورها المقعد الشاغر في البرلمان التونسي عن دائرة ألمانيا، الذي يسعى حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس، لملئه رغم أنه من غير المقيمين بألمانيا.

يسمح القانون التونسي لأي مواطن بالترشح في أي جهة يشاء، وهناك أطراف محسوبة على الثورة تسعى بدورها لما يصفونه بقطع الطريق على نجل الرئيس، ويلتقون في ذلك ضمنياً مع أطراف محسوبة على الثورة المضادة والمعارضة، من بينها الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي، وجانب من الطيف السياسي الرافض لتولي حافظ قايد السبسي زعامة حزب النداء الذي شكله والده، فضلاً عن خلافته في الرئاسة.

تهيئة الأجواء لانتقال السلطة من الباجي إلى حافظ قايد السبسي بشكل مضمون وبسلاسة ووفق الآليات الديمقراطية والدستور والقانون اقتضت تكليف النائب عن دائرة ألمانيا بمهام وكيل وزارة ليصبح المقعد شاغراً، ويدخل حافظ قايد السبسي في منافسة انتخابية ويفوز به بدعم من حزب حركة النهضة الحزب الذي ينتمي إليه أغلب الناخبين في ألمانيا، وقد أثبتت جميع المحطات الانتخابية الماضية ذلك سواء البرلمانية منها أو الرئاسية. 

المقعد في حد ذاته لا يمثل شيئاً لا للنهضة التي تمتلك 68 مقعداً ولا النداء الذي يزيد عدد مقاعده عن الخمسين، لكنه مهم جداً لحافظ قايد السبسي، رغم أن حزبه يهيمن على الرئاسة ممثلة في والده، ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان، فهذا المقعد هو من سيجعل حافظ قايد السبسي في طريق مفتوح نحو الرئاسة. 

فعندما يصبح عضواً في البرلمان، يمكنه تولي رئاسته بترشيح كتلة الحزب له، وعندما يصبح رئيساً للبرلمان خلفاً لمحمد ناصر، الرئيس الحالي لمجلس نواب الشعب، بسبب مرضه، أو عدم رغبته، أو ميله لبعض الأحزاب المنشقة، كما يقال، يكون مؤهلاً لخلافة أبيه.

حزب حركة النهضة وعلى لسان بعض قيادييه أفادوا بأنهم مع ترشح حافظ قايد السبسي لمقعد ألمانيا، ورئاسة البرلمان، وحتى رئاسة الجمهورية، ومبررهم في ذلك أنه أفضل الشخصيات التي يمكن العمل معها، وأكثر الأطراف تفهماً لمواقفها داخل الساحة السياسية، وهو ضد الإقصاء الذي تمارسه وتسعى لممارسته بعض الأطراف ولا سيما اليسار الانتهازي. 

وحافظ قايد السبسي هو من القلائل المحسوبين على النظام السابق الذين غيروا مواقفهم من النهضة وقبلوا العمل وتقاسم السلطة والنفوذ معها داخل البلاد في وقت لا تزال مؤسسات الدولة وحتى بعض الدوائر الشعبية المسكونة بالدعاية الاستبدادية الدكتاتورية محكومة بالأفكار المسبقة عن الحركة، ولا تزال نهباً للإشاعات المغرضة، والأكاذيب التي تطالها وتطال قيادتها ومناضليها. 

ولم يسلم الموقف داخل الحركة من بعض التجاذبات، فهناك من القيادات من يرفض ترك الحبل على الغارب لحافظ قايد السبسي، والدخول في منافسة على مقعد ألمانيا، والدخول في منافسة كاملة في كل المحطات الانتخابية القادمة سواء البلدية أو البرلمانية والرئاسية لا سيما وأن الزخم الشعبي الذي تم حشده في انتخابات 2014 لصالح النداء كان على خلفية الوعود التي لم يتحقق الكثير منها إن تحقق منها شيء يذكر، ولا شك وفق هؤلاء أن ذلك الزخم فقد قوته وبريقه ولم يعد كما كان بعد انفلات عقد حزب النداء.

الساحة التونسية

لا يزال الوضع السياسي في تونس يبحث عن مستقر، وسط تجاذبات وتحالفات جديدة في الساحة، وإرهاصات ظهور أحزاب أخرى سواء بالدمج أو تغيير الأسماء أو تشكيل أحزاب جديدة، كالحزب الذي تحدث عنه السياسي المخضرم نجيب الشابي، أو الحزب «اليساري» الذي أعلن عن قرب تشكيله النقابي السابق عبيد البريكي الذي شغل حقيبة الوظيفة العمومية في حكومة يوسف الشاهد الأولى، فضلاً عن التقارب الملاحظ بين «التيار الديمقراطي» أحد الأضلع المنشقة عن حزب المؤتمر الذي كان يقوده منصف المرزوقي. 

وهذه الأحزاب وإن اختلفت في التفاصيل إلا أنها تعتبر نفسها معنية بطريقة أو أخرى لمواجهة ما يطلقون عليه «الأسلمة» في تونس، وبعض هذه الأحزاب ولا سيما اليسار الاستئصالي وبعض بقايا النظام السابق لا ترغب في رؤية حزب النهضة في الحكم، بل في الحياة السياسية، بل لا يرغبون في رؤية المظاهر الإسلامية في الشارع، وبعضها ضد الكتاتيب القرآنية، وضد المساجد، وضد من يتولى حقيبة وزارية وهو يصلي، وقد شاهدنا ذلك في رفضهم تحفيظ القرآن في المدارس أثناء العطلة الصيفية، ورفض بعض المعلمات لطالباتها في المدارس، ونقد أحد الوزراء السابقين الذي شوهد وهو يخرج من المسجد كما ذكر أحدهم في معرض الاعتراض على تسميته وزيراً. 

وساحة في مثل هذا الوضع، ومؤسسات لا تزال مترعة بالأفكار المسبقة والانتماء السياسي، يكون المتعامل معها كمن يمشي فوق حقول ألغام، وهذا ما تستشعره النهضة.

الرابط المختصر :