العنوان ماذا بعد اختيار تانسو جيللر رئيسة لتركيا
الكاتب مصطفى الطحان
تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993
مشاهدات 698
نشر في العدد 1058
نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 20-يوليو-1993
منذ وفاة الرئيس تورغوت أوزال يوم السابع عشر من أبريل "نيسان" ۱۹۹۳ والأحداث تتسارع في تركيا .. بعضها بشكل متوقع.. وبعضها بشكل مفاجئ لم يكن يتوقعه أحد... فصعود سليمان ديميريل رئيس حزب الطريق المستقيم ورئيس الوزراء إلى جانكايا بعد فوزه بالدورة الثالثة لاقتراع البرلمان بمنصب رئاسة الجمهورية عقد المشكلة أكثر مما حلها .. وإذا اعتبرنا الأمر حلًا لقضية شخصية وهي رغبة سليمان ديميريل بأن يختم حياته السياسية بالوصول إلى منصب الرئاسة.. فإن الفراغ الذي أحدثه موت أوزال وهو من أنشط السياسة الأتراك في نصف القرن الأخير.. والذي أحدثه بالتالي سليمان ديميريل عندما احتل مكانه، كان فراغًا كبيرًا .. خاصة في إطار المعادلات السياسية التي تتحكم في تركيا كدولة وسط بين الشرق والغرب.. وكنموذج علماني أقامه الغرب وحرص على استمراره كبديل للصحوة الإسلامية التي تتزايد كل يوم في داخل تركيا وخارجها.
كان موقف سليمان ديمريل حرجًا فهو لا يستطيع أن يسمي خليفته وقد كان يأخذ على سلفه تدخله في حزبه الوطن الأم مرة مع اكبولوت ومرة مع مسعود يلماظ ومرة ثالثة ضد يلماظ لصالح الآخرين ولكن ماذا يفعل وحزبه على وشك الانقسام تتصارع داخله التيارات التي تمثل أقصى اليمين إلى يمين الوسط في الاقتراع الذي جرى يوم ١٣ يونيو (حزيران) داخل مؤتمر حزب الطريق المستقيم والذي تنافس فيه كل من:
١- تانسو شيللر وزيرة الدولة المسؤولة عن الشؤون الاقتصادية والتي استقالت من الوزارة قبل أسبوع من ترشيحها نفسها كزعيمة للحزب.
٢ – وعصمت سيزغين وزير الداخلية وأحد المقربين من سليمان ديمريل والذي قيل أن الأخير دعمه بشكل سري.. وهو من الطائفة العلوية التركية.
٣- کوکسال توبتان وزير التعليم.. وهو من الجناح المتدين في حزب الطريق المستقيم كما أن بدر الدين دالان كان يعتقد أن له دورًا في التركة.
في الاقتراع الأول حصلت تانسو شيللر على ٥٧٤ صوتًا من مجموع الحاضرين وعددهم ١١٠٦ أصوات، وفي الاقتراع الثاني تنازل المرشحان الرئيسان سيرغين وتوبتان بعد أن حصلا على عدد أقل بكثير من الأصوات. فحصلت تانسو على ۹۳۳ صوتًا وأعلن بالتالي فوزها برئاسة حزب الطريق المستقيم وكلفها في اليوم التالي رئيس الجمهورية بتشكيل الوزارة.
فمن هي تانسو يللر ؟
من سكان أسطنبول، وخريجي جامعة روبرت كوليج الأمريكية حصلت على الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعات أمريكا عام ۱۹۷۱ عملت في جامعات الولايات المتحدة وحصلت على لقب مساعد بروفسور عام ١٩٧٤ عادت إلى جامعة روبرت كوليج لتعمل مساعد بروفيسور في الاقتصاد ثم في رئاسة قسم الاقتصاد في الجامعة حتى عام ١٩٧٩ .
انضمت إلى حزب الطريق المستقيم وانتخبت نائبة عن إسطنبول عام ۱۹۹۲، وتبنت المشروع الاقتصادي للحزب الذي وأعدت المواطنين بأن يحصل كل منهم على مفتاحين مفتاح شقة يسكنها ومفتاح سيارة يستخدمها في الوزارة الائتلافية التي شكلها ديميريل عام ١٩٩٢ أصبحت وزير دولة مسؤولة عن الشؤون الاقتصادية عمرها ٤٧ سنة متزوجة ولها ولدان.
وماذا كانت ردود الفعل المحلية والعالمية تجاه أول امرأة تتولى رئاسة الدولة في تركيا معظم الصحف التركية القوية وضعت نفسها في خدمة فوز شيللر .
فهيأت لها الأجواء وأثنت على دورها، وبررت فشلها السابق في الوزارة بأنها لم تكن تملك حرية القرار، ومهدت لها الطريق بالدعوة إلى التغيير.. ولم يمنع ذلك أن تسلط جريدة حريات وهي من الصحف الواسعة الانتشار الأضواء على شخصية شيللو واتهامها وزوجها بالفساد.
معظم الصحف العالمية اعتبرت فوز شيللر مناسبة لتقدم الخط العلماني الرصين الذي يستطيع أن يقضي على الأصولية الإسلامية المتنامية في تركيا ...
أما صحيفة ترجمان اليمينية فقد كانت أكثر صراحة عندما قالت: نجحت شیللر رغم انف ديميريل
- مسعود بلحاظ زعيم حزب الوطن الأم أشار إلى أن مستقبل شيللر وحزبها قائم وأن الأشهر الثلاثة الأولى ستكشف ذلك.. أما نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاه فقال: المهم هو العمل المصلحة البلاد، وأشار إلى أن حزبه سيقوم الأفعال ويحكم عليها.
ولكن ما هي المشكلات التي تواجهها شيللر؟ في الاقتصاد تواجه التضخم الذي زادت نسبته عن ٩٠ والديون الداخلية التي زادت عن ٢٠٠ تريليون ليرة تركية.
والديون الخارجية التي زادت خلال سنتين من ٤٦ مليار دولار إلى ٦٠ مليار دولار وإصدار كميات هائلة من النقد بدون رصيد مما تسبب في انهيار العملة التركية، والبطالة المتزايدة والرواتب المتدنية والميزانية المتعثرة.
أما في السياسات الخارجية فتواجه قضايا:
قبرص والبوسنة والهرسك وقضية الأتراك في ألمانيا... وقضية الإرهاب الكردي الذي كان مدعومًا في السابق من إيران وسوريا والمشاكل المتزايدة في منطقة القفقاس وآسيا الوسطى.. وقضايا البلقان أما في السياسات الداخلية فتواجه قضية الإرهاب وحزب العمل الكردي وقوات المطرقة الغربية المتواجدة على الحدود مع العراق وحقوق الإنسان المتردية .. وتغيير بعض مواد الدستور وقضايا كثيرة تختص بالتربية والتعليم والصحة .
وأخيرًا ...
فهل ستستطيع شيللر التغلب على كل هذه الصعوبات؟ وهل سيسهل الآخرون لها مهمتها؟ ... أم سيحاولون إسقاطها؟.. وهل ستتمكن في القريب العاجل من مواجهة أخطبوط المصالح المتشابكة التي يدير ديميريل إيقاعها؟ وهل ستتمكن من إقناع الشعب ببراءتها من تهم الفساد هي وزوجها؟
المستقبل سيجيب عن هذه الأسئلة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلبنسبة مشاركة 84% وتصويت 52.1% لصالحه.. الشعب التركي يجدد الثقة بالرئيس «أردوغان»
نشر في العدد 2180
21
الخميس 01-يونيو-2023


الحــرب الأوكرانيـــــة اختبــــار صعـــب للعلاقـــــات التركيــــة الروسيـــة
نشر في العدد 2183
18
الجمعة 01-سبتمبر-2023
