; تطبيق الشريعة هو تطبيق النظم الإسلامية | مجلة المجتمع

العنوان تطبيق الشريعة هو تطبيق النظم الإسلامية

الكاتب طارق الذياب

تاريخ النشر الأحد 17-مايو-1992

مشاهدات 102

نشر في العدد 1001

نشر في الصفحة 13

الأحد 17-مايو-1992

إن الله سبحانه وتعالى خلق الأكوان وما فيها وخلق الإنس والجان وعلم ما كان وما سيكون وعلم ما يصلح هذه البشرية وما يصلح لها فوضع السنن الكونية ووضع المنهاج الصحيح الذي يلتزم به من يريد الوصول إلى بر الأمان إلى حياة دنيوية هانئة ثم إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، ولله المثل الأعلى فإن الأب يبذل لابنه أحسن الظروف التي تساعده على العيشة الهنيئة ويهيئ له أفضل الضمانات التي يستطيع توفيرها في حدود معرفته البشرية ليضمن لابنه مستقبلًا زاهرًا وذلك من فرط حبه له؛ فكيف بالخالق البارئ المصور عالم الغيب الذي خلق البشر في أحسن تكوين وهو جل وعلا المحب لخلقه حتى إنه ليفرح بتوبة أحدهم كما يفرح التائه في الصحراء إذا وجد دابته وعليها زاده وشرابه، فالله سبحانه وتعالى هو خالق هذه النفس البشرية ويعلم ما يصلحها وما ينفعها وما يضرها في حالها ومستقبلها فوضع لها المنهج الرباني السليم الذي إذا اتبعته نجت وفازت وإذا انحرفت عنه ضلت وهوت، وصاغ لها ذلك المنهج في كتابه الكريم وفي سنة رسوله المصطفى- صلى الله عليه وسلم- المصدرين الأساسيين للشريعة الإسلامية. وكانت الشريعة الإسلامية هي النور الذي ثار على ضوئه الخلفاء الصالحون والحكام المسلمون فهدوا واهتدوا وشاع الأمن والأمان في ربوع الأمة الإسلامية، واستمر الحال هكذا حتى دخل الاستعمار الغربي بلادنا فغير القوانين وصاغها صياغة أبعدتها عن المضمون الإسلامي وهجرت الحكومات الشريعة الإسلامية إلا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية فضاع الأمن والأمان وكثرت الجرائم وانتشر الزنى والربا والفواحش والمخدرات في المجتمعات، وكان مجتمعنا الكويتي أحد هذه المجتمعات المبتلاة وتعالت الصيحات تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في هذا المجتمع لإنقاذه، وكانت محنة الغزو أملًا مهمًّا في عودة الكثيرين إلى الله حتى لقيت هذه الدعوة دعمًا قويًّا على جميع المستويات واستجاب أمير البلاد لمطالباتهم وأمر بتشكيل لجنة لدراسة أحسن السبل لتطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء لسد الخلل الموجود في قوانين هذا البلد حتى نرضي الله سبحانه وتعالى فتحل علينا رحمته بدلًا من غضبه.

وهنا لابد من التذكرة أن تطبيق الشريعة لا يعني كما يصور البعض أو يصور المغرضون أنه قطع الأيدي والأرجل والرجم والجلد ولكنه تطبيق للنظم الإسلامية في جميع نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسة وإحقاق الحق وإقامة الحدود التي فرضها الرحمن الرحيم بعباده وجعل في القصاص حياة، فإن من تسول له نفسه الإجرام يخاف ويتعظ حين يرى بعينيه أثر الجريمة والقصاص على شخص يسير أمامه، علمًا بأن هذا الشخص الذي تلقى القصاص قد طُهِّر من ذنبه وعلى المجتمع أن يتقبله لأنه أدى ما عليه، كما أن تطبيق الشريعة يتطلب أن تبذل الدولة جهدها لتهيئة الجو لهذا الأمر فتضع الحد لما يثير الشهوات سواء في وسائل الإعلام أو غيرها وتنشط لمكافحة الزنى، والخمور والمخدرات ومعاقبة من يتاجر بها بأشد العقوبات لأنه من المفسدين في الأرض ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ (النور:19) وأن توفر الحياة الكريمة لكل إنسان حتى يكتفي ولا يمد يده للسرقة، ومن تسول له نفسه حين ذاك أن ينتهك محارم الله يقام عليه الحد ولو كان كبير قومه حتى لا نهلك كما هلك الذين من قبلنا حين كانوا يقيمون الحد على الصغير ويتغاضون عن الكبير ولنا في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة حين أقسم قائلًا: «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، كما يستوجب الأمر أن يكون نظامنا الاقتصادي إسلاميًّا وفق ما شرعه الله فنلغي النظم الربوية التي حاربها الله ورسوله كما ورد في كتابه العزيز ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ (البقرة:278- 279).

وأن تكون هناك دراسات واجتهادات لإيجاد البدائل الإسلامية في جميع نواحي الحياة اقتصادية كانت أو اجتماعية أو سياسية عند ذلك تحل علينا رحمة الله وتستقر البلاد ويحل في ربوعها الأمن والأمان وتصبح لنا أمة يرفع الله شأنها بين الأمم.

الرابط المختصر :