; جامبيا - الدولة الواقعة على ضفاف النهر | مجلة المجتمع

العنوان جامبيا - الدولة الواقعة على ضفاف النهر

الكاتب أبو أنس

تاريخ النشر الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

مشاهدات 20

نشر في العدد 40

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

جامبيا

الدولة الواقعة على ضفاف النهر

موقعها وأهميتها:

غامبيا عبارة عن لسان رفيع من الأرض على جانبي نهر الغامبيا في غربي أفريقيا، ويبلغ عدد سكانها (400.000) نسمة، وتبلغ مساحتها (4000) ميل مربع، ولذلك فهي أصغر دولة في أفريقيا من حيث عدد سكانها ومساحتها، ولما كانت غامبيا تتألف من قطعة أرض طولها (300) ميل على طول نهر الغامبيا، ولا يزيد عرضها عن (20) ميلًا في أوسع المناطق؛ فإنها مُحاطة من جميع الجهات تقريبًا بجمهورية السنغال، اللهم إلا من جهة المحيط الأطلنطي؛ حيث يوجد لها ساحل صغير في الغرب، ويبلغ عرض البلاد عند مصب النهر حوالي ثلاثين ميلًا، ولكن هذا العرض يتقلَّص في الداخل حتى يبلغ (15) ميلًا.

يعتبر نهر الغامبيا الذي تسمي البلاد باسمه واحدًا من أبدع المجاري المائية الصالحة للملاحة في أفريقيا، فهو ينبع من جبال الفوتاجالون في غينيا، ويبلغ طوله (1000) ميلًا يجري كالأفعى في جميع المناطق.

ويبلغ عرضه (12) ميلًا عند المصب، ثم يضيق حتى يبلغ ثلاثة أميال عند باثرست، وهو نهر صالح لملاحة سفن المحيط مسافة تبلغ (150) ميلًا حتى مدينة كانتاور، وتستطيع السفن البخارية الصغيرة أن تسير مساحة أخرى تبلغ (140) میلًا إلى أعالي النهر، ويعتبر المناخ في غامبيا أفضل مناخ صحي في غربي أفريقيا، ويتوفر في البلاد رعاية صحية ممتازة.

والمناخ استوائي يتميز بالمواسم الجافة والممطرة التي تعم البلاد بين نوفمبر ومايو ثم بين يونيو وأكتوبر على التوالي.

ويبلغ متوسط سقوط الأمطار سنويًّا حوالي بوصة، والبلاد في معظمها عبارة عن غابات من السافانا إلا عند مستنقعات النهر.

سكانها:

ومعظم سكان غامبيا من أصل زنجي؛ فالقبائل الرئيسية هناك هي ماندنجو، فولاز، ولوف، جولاز. وبالرغم من انفصالهم عن السكان السنغال فيعتبر سكان كلا البلدين من أصل واحد، وهناك حركة من التنقل لا بأس بها عند الحدود، وخاصة من المزارعين السنغاليين أثناء موسم محصول الجوز، وهناك عدد من الأوروبيين «حوالي 500 شخص» يعمل معظمهم في الحكومة والمصانع الأجنبية، كما أن هناك مستعمرة لبنانية مزدهرة، إلى جانب عدد كبير من أصحاب المحلات وتجار الماشية الموريتانيين.

وغامبيا بلاد إسلامية «تبلغ نسبة المسلمين فيها حوالي (85٪) من السكان»، تنتشر فيها المساجد في جميع المدن والقرى وسكانها يحتفلون بالأعياد الإسلامية الرئيسية ويهتمون بها أشد الاهتمام وأعظمه؛ لذلك كانت مواكب سيرهم إلى الصلاة في هذه الأيام مؤثرة جدًّا، وتوجد في جونجار معابد للنساك المسلمين يتوجه إليها الحجاج والزوار، وينحصر السكان المسيحيون في مدينة باثرست وضواحيها، وهناك فئة قليلة من الوثنيين معظمهم من قبيلة الجولا.

ويبلغ عدد سكان باثرست (30.000) نسمة وهي عاصمة البلاد وميناؤها الرئيسي، وهي مدينة زاهية نظيفة تقع على جزيرة عند مصب النهر، وتتصل بالبلاد عن طريق جسر حديث، ومن مدن غامبيا الأخرى كانتاور وكروان، وجورج تاون.

واللغات السائدة في البلاد: الإنجليزية، والماندنجو، والولوف، وغيرها من اللهجات الأخرى.

تاريخها:

وللبلاد تاريخ عريق يصل إلى عام (470) قبل الميلاد؛ أي قبل ألفي عام عندما زارها الفنيقييون وأهل قرطاجنة واكتشفوا نهر غامبيا، وبين القرن الخامس والقرن الثامن الميلادي كانت معظم أراضي غامبيا والسنغال جزءًا من إمبراطورية غانا التي كانت عاصمتها في جمهورية مالي.

ثم اضمحلَّت هذه الإمبراطورية فخلفتها مملكة السونجاي التي أصبح حكامها مسلمين، وكان مقرهم عند مدينة تمبكتو، وقد قام السونجاي بنشر الإسلام بقوة عظيمة، وفي القرن الثالث عشر الميلادي جاءت قبائل الماندنجو من سهل الفوتا جالون في غينيا، وبسطت سلطانها في مالي، وسيطرت على حوض جامبيا بكامله. ثم تقلصت الإمبراطورية المالية عند نهاية القرن السادس عشر، وعاد حكامها الماندنجو إلى بلادهم الأصلية. ورغم ذلك يسيطرون على جامبيا حتى أوائل القرن الثامن عشر، وفي أواخر ذلك القرن تغلغل حكام الغولا في البلاد، وأنشأوا إمارات لهم في نيجيريا الشمالية.

وقد بدأ اكتشاف الأوروبيين لغامبيا عندما عبرت حملة برتغالية بقيادة الأمير هنري الملاح مصب النهر في عام (1455م)، وأنشأ البرتغاليون محطات صغيرة لهم على طول النهر.

التنافس الاستعماري:

وتسابق الإنجليز والفرنسيون في المجيء إلى غامبيا بعد أن فتنوا بما ذكر عن ثروتها الخيالية، وبدأوا يخوضون صراعًا طويل الأمد للسيطرة على المنطقة، وفي عام (1587م) اكتشف الدكتور منجو بارك نهر الغامبيا ومناطقها الداخلية. وألّف الإنجليز شركة تجارية تدعى «المغامرون والملكيون»، ثم قاموا في عام (1961م) باحتلال جزيرة جيمس وهي جزيرة مُحصَّنة عند مصب النهر.

وخلفت شركة المغامرين الملكيين الشركة الملكية الأفريقية التي ظلت تمارس أعمالها التجارية حوالي قرن من الزمان.

وفي عام (1765م) استولى التاج البريطاني على القلاع والحصون، وظلت غامبيا مدة 18 عامًا جزءًا من المستعمرة البريطانية المُسماة سينيغامبيا.

ولكن في عام (1783م) أعطت بريطانيا جزءًا كبيرًا من هذه المستعمرة لفرنسا، وعادت غامبيا مرة ثانية تحت إشراف الشركة الأفريقية، إلا أنه في عام (1807م) عندما صدرت لائحة منع الإتجار بالرقيق عادت بريطانيا إلى الاستيلاء على جزيرة جيمس لمنع تجارة الرقيق، كما استولت على جزيرة بانجول من رئيس كومبو، وأنشأت عليها مدينة باثرست العاصمة، وسمَّتها باسم سكرتير المستعمرات البريطاني في ذلك الحين، وفي عام (1821م)  حلَّت الشركة الأفريقية، وأصبحت المستعمرات البريطانية في غامبيا مِلكًا للتاج، ولكن كجزءٍ من سيراليون التي كانت تسمى مستعمرات غرب أفريقيا في ذلك الوقت، واستمر الحال كذلك حتى عام (1888م).

والظاهر أن بريطانيا تلكأت في الاحتفاظ بغامبيا كمستعمرة، فقد حاولت مرتين في عام (1870م) و(1876م) أن تستبدلها بمستعمرات فرنسية أخرى في غربي أفريقيا، وفي كلتا المناسبتين لقي الاقتراح معارضة في البرلمان في غامبيا ولذلك عدلت عنه. وعادت غامبيا إلى ما كانت عليه من قبل كمستعمرة تابعة للتاج البريطاني بعد أن عرفت حدودها باتفاقية عام (1889م) التي عقدتها إنجلترا مع الفرنسيين الذين كانوا يسيطرون على بلاد السنغال المجاورة.

وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر حدث صراع ديني مرير طويل بين المرابطة المتمسكين بإسلامهم والسونتكيز الذين رفضوا الامتناع عن شرب الخمر وممارسة العادات الوثنية. وقد أتاح هذا الصراع الأهلي الأليم الفرصة لبريطانيا لتوسيع سيطرتها تدريجيًّا على البلاد كلها بإبرامها معاهدات حماية مع رؤساء القبائل المتنازعة كانت آخرها في عام (1901م) مع موسى مواو رئيس قبيلة فولادو، وفي عام (1902م) وبعد أن سيطرت بريطانيا على البلاد كلها قامت بتقسيم «المستعمرة» التي تتألف من باثرست وضواحيها وجورج تاون وقطاعات صغيرة أخرى «والمحمية» التي تتألف من المناطق الأخرى، وقسَّمتها إداريًّا إلى أربع مناطق. ولقد انتهى هذا التقسيم بعد الاستقلال الذي تم في عام (1965م).

الاستقلال:

تخلفت غامبيا قليلًا في تطورها السياسي عن جيرانها. وفي الانتخابات العامة التي جرت في عام (1962م) فاز حزب الشعب التقدمي ورئيسه داودا جاوارا، وأصبح رئيسًا للوزراء، وقد تحقق استقلال الحكم الداخلي في أكتوبر عام (1963م)، وأصبحت البلاد مستقلة في فبراير عام (1965م) ضمن المجموعة البريطانية، وقد فشلت المحاولة التي جرت لإعلان غامبيا جمهورية لأن المقترعين رفضوا أن يمنحوا هذه الفكرة أغلبية الثلثين اللازمين في الاستفتاء الذي عُقد في نوفمبر من عام (1965) م.

«أبو أنس»

الرابط المختصر :