; حالات زوجية.. أنا.. وهي.. ورمضان (1) | مجلة المجتمع

العنوان حالات زوجية.. أنا.. وهي.. ورمضان (1)

الكاتب د. أحمد عيسى

تاريخ النشر السبت 14-أغسطس-2010

مشاهدات 31

نشر في العدد 1915

نشر في الصفحة 10

السبت 14-أغسطس-2010

د. أحمد عيسى..

إيمان مغازي الشرقاوي

1-بين الصيام والفطر

أنا..

أنا: قضاء المرأة المعذورة لأيام إفطارها يجعل الصيام مستمرًا طوال العام وقد يشجع زوجها للصيام معها نافلة

ما أرحم الله سبحانه حين يرفع الإصر والأغلال ويزيل الحرج، ويشرع اليسر، ولا يريد العسر﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾(الحج: ۷۸).. تلك كانت بعض مشاعري حينما أتذكر حكمة الله البالغة في عدم إلزام الصيام لزوجتي في حال عادتها الشهرية أو نفاسها، ورخصة الفطر لها في حال حملها لجنينها، أو إرضاعها المولودها﴿أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾(الملك:14)... هي رحمة مهداة للمرأة ككائن بشري رفيع فيمشي الشرع مع الفطرة، ويراعي كيان المرأة وصحة الجنين ونمو الرضيع، ويوازن بين قوة المرأة وتحملها «مما لا يطيقه أي رجل مهما كان»، وطاعتها لله بأخذها بالرخص، كما تأخذ بالعزائم، كثيرًا ما أعلم أن زوجتي في هذه الحالات تشرب الماء فقط على استحياء وخفية، فلا تؤذي أحدًا يصوم وتفطر أمامه، وحتى نأكل معًا عند المغرب، وفي هذه الأحوال أطلب منها أن تأكل حتى لا تضعف وتضيع الفكرة والغرض من وراء الرخصة الشريفة.

وكثيرًا ما تأتيني النساء المسلمات في العيادة يرغبن في أخذ حبوب الهرمونات التي تؤجل لهن العادة الشهرية فيستمتعن بصيام رمضان كله، وفي غالب الأحوال-رغم جواز الأمر دون ضرر، ويزيد الضرر مع زيادة العمر أستطيع إقناعهن بعدم المساس بفطرة الله وإرسال سنة الله محررة بلا قيد.

وفي تناول تلك الحبوب أثر غير مرغوب فيه في عدم انتظام العادة الشهرية بعد رمضان، كما أنني أشعر أن ترك الأمر بطبيعته يجعل المرأة تشعر بحبها للصيام أكثر حينما تفطر ويصوم الآخرون، ولهفتها أن تنقضي أيام الحيض بأسرع ما يمكن ويجعلها ترغب في اللحاق بركب الصائمين.

كما أن في قضائها للصيام بعد رمضان استمرارًا للصيام طوال العام في بهجة تتفتح مع دوران الفصول، واستقامة مع حلاوة العبادة في كل حين، وقد يدفع هذا القضاء زوجًا مثلي أن يصوم معها نافلة: فيستعيدا فرحة الإفطار معًا، والدعاء معًا، والمشاركة في رحمة العبادة وأثرها على حبهما وأخلاقهما.

لا أستطيع أن أتصور رجلًا لا يشجع زوجته على أن تأكل جيدًا في نهار رمضان في أيام عذرها، ولا أتصور امرأة لا تأكل مع زوجها-ولو كانت مفطرة-وقت المغرب حين تتنزل الرحمات ويستجاب الدعاء بحجة أنها أفطرت بالنهار.

رغم صيامنا وفطرنا فكلانا في مركب واحد عليه شراع شريعة الله نتفانى في أن يصل إلى شط الأمان.. إلى الجنة.

 

هي..

هي: حين تنتابني حالات من الأرق والمغص والصداع أثناء الحيض أشكر الله تعالى أن أوجب عليّ الإفطار

إن رحمة الإسلام بالمرأة تصل إلى أبعد الحدود مما لا يتصوره أحد ولا تحلم به المرأة نفسها تتجلى في رمضان حيث شرع الفطر لنا في أيام الحيض والحمل والنفاس والرضاع.

حال إفطاري في أيام رمضان أثناء عذري الشهري الذي كتبه الله على بنات آدم أشعر شعورًا ممزوجًا بالرضا والثناء علي الله الرحيم، وإن كان القلب معلقًا بالصيام والفكر مشغولًا به والروح تتوق إليه وتحلق في سمائه، وحين تنتابني فيه حالات من الأرق أو المغص والصداع أشكر الله تعالى أن أوجب علي الإفطار وأرى في ذلك نعمة تستحق الشكر وأتساءل في نفسي: أي مشقة كنت سأعاني منها؟ وأي حرج كنت سأقع فيه؟ وقد قال الله تعالى:﴿مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾(المائدة: 6)؛ لذا فأنا لا أتردد بعد أن وعيت ونضج تفكيري أن أفطر وأتناول من الطعام ما يعوض ما يفقده جسمي المنهك مع دم الحيض، ويقوي ما يعتريه من ضعف ويخفف ما به من آلام.

وكثيرًا ما حدثتني نفسي وأوشكت أن أتناول الحبوب الهرمونية التي تؤخر الدورة الشهرية، ثم أتراجع وأتناجى مع نفسي وأقنعها بأن الخير كل الخير فيما اختاره الله لي فأفطر وأنا راضية لعلمي بأنني إن صمت طيلة نهار رمضان فلن يكون من نصيبي إلا الجوع والعطش.

في فترة الحيض أجد من زوجي رحمة بي تجعله دائمًا يحثني على الأكل، وألا أعيش في نهار رمضان حال عذري على شربة ماء حرجًا أو ورعًا، فهو حرج وورع في غير موضعه، ويبين لي بعض حكمة الله عز وجل في حفظ صحة المرأة وجنينها ورضيعها، بل وأحيانا يقدم لي الطعام بنفسه مودة ورحمة فأستشعر حرصه علي وحبه ورعايته يتجلى ويزيد في هذه اللحظات وهو صائم، قد فجر الصوم في نفسه المزيد من ينابيع الرحمات التي تنضح عليه وتنعكس على تعامله معي فأزيد له حبًا وإخلاصًا.

ورغم إفطاري بسبب العذر؛ إلا أن ذلك لا يمنعني من المحافظة على أورادي اليومية وذكر الله كثيرًا وعمل الخير ومراجعة ما أحفظ من القرآن الكريم عن ظهر غيب وتعليمه ما استطعت، ورعاية زوجي وأولادي وبر أهلي وصلة أرحامي وحضور مجالس العلم.. فأنا لا أترك إلا الصوم والصلاة امتثالًا وطاعة لأمر الله، لكني بعد انقضاء رمضان أسارع في قضاء ما أفطرت وربما صام زوجي معي تشجيعًا وعونًا.

الرابط المختصر :