العنوان حالة العالم الإسلامي: 2170
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الاثنين 01-أغسطس-2022
مشاهدات 18
نشر في العدد 2170
نشر في الصفحة 25
الاثنين 01-أغسطس-2022
قمة طهران الثلاثية.. هل انتهى مسار أستانا؟
د. سعيد الحاج
محلل سياسي
مختص بالشأن التركي
لم يصدر عن
القمم السابقة ومحادثات أستانا بأجمعها قرارات مصيرية أو اختراقات مهمة في القضية
السورية مؤخرًا، لكن رغم ذلك كان ثمة اهتمام واسع بالقمة الأخيرة، في المقام الأول
بسبب التطورات الدولية والإقليمية التي سبقتها وتزامنت معها.
الجولات السابقة من مسار أستانا كانت نسخًا مكررة ولم تقدم إنجازًا القمة لم تصل لتوافق الدول الثلاث على الملف الأبرز وهو العملية التركية المحتملة بسورية .
فقد جاءت القمة في وقت تلوّح تركيا فيه بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري تستكمل فيه إنشاء منطقة آمنة خالية من مسلحي قوات سورية الديمقراطية »قسد، « بعد أن أخلت كل من موسكو وواشنطن بتعهداتهما السابقة في التفاهمات التي عقدت في العاصمة الإيرانية طهران، في 19 يوليو الماضي، النسخة السابعة من قمم إطار أستانا الثلاثي على المستوى الرئاسي، بمشاركة الرؤساء الروسي »فلاديمير بوتين»، والتركي «رجب طيب أردوغان»، مع صاحب الاستضافة الإيراني »إبراهيم رئيسي.«
وعلى عكس
الجولات السابقة، فقد كانت هذه القمة في بؤرة الاهتمام السياسي والإعلامي ليس فقط
في سورية والمنطقة ولكن حتى دوليا لعدة أسباب؛ فهي القمة الأولى التي جمعت الرؤساء
الثلاثة منذ مدة ليست بالبسيطة، منذ ما قبل جائحة «كورونا» على أقل تقدير، رغم أن
الجائحة ليست بالتأكيد السبب الوحيد الذي حال دون عقدها مؤخرًا.
أبرمتاها مع
أنقرة التي أنهت عملية «نبع لسلام» في عام 2019م، فالحديث عن قمة ثلاثية في طهران
أتى أولًا على لسان وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» لدى زيارته أنقرة،
وتباحثه مع المسؤولين الأتراك بخصوص العملية، في يونيو الماضي.
وكذلك، وبما لا يقل أهمية عن ذلك، أتت القمة على هامش الحرب الروسية الأوكرانية الممتدة منذ شهور، ولا سيما تداعياتها على روسيا، فالأخيرة تتعرض لعقوبات غربية من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف »الناتو» ومساع لعزلها وعزل مسؤوليها، بما في ذلك منع طائرة وزير خارجيتها من الطيران فوق بعض الدول الأوروبية ولذلك، فقد كانت القمة بمثابة رسالة من «بوتين» لواشنطن وبروكسل على وجه التحديد بأنه ما زال يملك خيارات بديلة ومساحات للمناورة، وأنه لا يمكن عزله، كما أن لقاءه مع «أردوغان» أتى في سياق المفاوضات مع أوكرانيا بوساطة تركية ورعاية أممية حول أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية للعالم.
وقد أتت القمة
كذلك بعد توتر غير معلن بين أنقرة وطهران على خلفية الصراع والهجمات المتبادلة بين
الأخيرة والكيان الصهيوني، حيث ادعى الأخير أنها بصدد استهداف «إسرائيليين» في
تركيا، داعيًا إياهم لترك الأراضي التركية فورًا، في حين نفت إيران هذه الادعاءات،
ودعت تركيا لتجنيب أراضيها أي تصفية حسابات، لكن ذلك لا ينفي توترًا حصل بين
الجانبين ولا سيما وأن كل ذلك ترافق مع مسار تطوير العلاقات بين تركيا والكيان،
ومن مؤشرات ذلك التوتر الخفي تأجيل زيارة وزير الخارجية الإيراني لتركيا، التي تمت
لاحقًا كمؤشر على تجاوز التوتر وإضافة إلى تطورات دولية وإقليمية مهمة أخرى، فقد
جاءت القمة الثلاثية بعد زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» لمنطقة واجتماعه في جدة
مع زعماء 9 دول عربية، في سعي معلن منه لضبط سوق الطاقة المتأثر بالحرب الأوكرانية
- أبرمتاها مع أنقرة التي أنهت عملية «نبع لسلام» في عام 2019م، فالحديث عن قمة
ثلاثية في طهران أتى أولًا على لسان وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» لدى
زيارته أنقرة، وتباحثه مع المسؤولين الأتراك بخصوص العملية، في يونيو الماضي.
وكذلك، وبما لا يقل أهمية عن ذلك، أتت القمة على هامش الحرب الروسية - الأوكرانية الممتدة منذ شهور، ولا سيما تداعياتها على روسيا، فالأخيرة تتعرض لعقوبات غربية من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» ومساع لعزلها وعزل مسؤوليها، بما في ذلك منع طائرة وزير خارجيتها من الطيران فوق بعض الدول الأوروبية ولذلك، فقد كانت القمة بمثابة رسالة من «بوتين» لواشنطن وبروكسل على وجه التحديد بأنه ما زال يملك خيارات بديلة ومساحات للمناورة، وأنه لا يمكن عزله، كما أن لقاءه مع «أردوغان» أتى في سياق المفاوضات مع أوكرانيا بوساطة تركية ورعاية أممية حول أزمة تصدير الحبوب الروسية، وتحديد موسكو كميات غازها المصدّر لأوروبا، وإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة وزيادة منسوب التعاون معه في مختلف المجالات والقطاعات، وهو أمر يهم إيران وتركيا أيضا وإن بدرجات متفاوتة.
نسخ مكررة
خلاصة القول:
إن الجولات السابقة من مسار أستانا كانت نسخا مكررة من بعضها إلى حد كبير، ولم
تقدم إنجازًا يذكر في السنوات القليلة الأخيرة باستثناء الإطار التنسيقي الذي يحول
دون تصادم الدول الثلاث الضامنة في سورية، وباعتبار أنه مسار بدأ في الأصل لما يخص
القضية السورية، ورغم أن لقاءات ثنائية خطط لها أن تقام على هامش القمة الثلاثية،
فإن القضية السورية-وخصوصًا العملية التركية المحتملة- كانت الملف الأهم على جدول أعمالها.
التصريحات التي سبقت القمة أظهرت فجوة واضحة في المواقف من العملية التركية المحتملة في سورية، فتركيا أكدت ضرورة مكافحة الإرهاب ومنع تشكيل «ممر إرهابي» على حدودها لجنوبية، بينما ركزت كل من روسيا وإيران على معاني الحل السياسي في معالجة التهديدات الأمنية التي تحيط بتركيا .
اللقاءات
الثنائية لم تنتج اختراقًا ذا بال، بل أتت ضمن المتوقع، فاقترب الطرفان التركي
والروسي من التفاهم حول أزمة الحبوب الأوكرانية؛ ما مهد لتوقيع الاتفاق بعد القمة
بأيام في إسطنبول برعاية أممية، كما أن الاجتماع السابع لمجلس التعاون الاقتصادي
رفيع المستوى بين تركيا وإيران نتج عنه 8 اتفاقيات اعتيادية في عدة مجالات.
أما البيان الختامي للقمة الثلاثية بين «بوتين»، و«أردوغان»، و«رئيسي»، والمكوّن من 16 بندًا، فقد جاء تكرارًا للبيانات الختامية السابقة في تأكيده احترام وحدة أراضي سورية وسيادتها، وعدم وجود حل عسكري للأزمة السورية، ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ورفض خلق حقائق جديدة على الأرض بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة، وضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقات السابقة بخصوص إدلب، وضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين، ولكن كان اللافت في هذا البيان التركيز على الانتهاكات «الإسرائيلية» بما في ذلك الهجمات العسكرية وتدمير لبنى التحتية التي عدَّها البيان انتهاكًا للقانون الدولي والإنساني، فضلًا عن التأكيد على القرارات الدولية بخصوص لجولان السوري المحتل.
ولذا،
وبالعودة لكل ما سبق، نجد أن القمة لم تصل لتوافق الدول الثلاث على الملف الأبرز
على جدول أعمالها وهو العملية التركية المحتملة في سورية، حيث أكد الرئيس التركي،
في حديث صحفي بعد انتهاء القمة، استمرار مكافحة بلاده لمنظمات الإرهابية، بينما
قال وزير الخارجية الإيراني «أمير عبداللهيان»:
إن بلاده
ستعمل على تهدئة الهواجس الأمنية التركية ولكن عبر مسار سياسي بل إن المرشد الأعلى
للثورة الإسلامية في إيران أكد، خلال لقائه مع «أردوغان»، أن العملية ستضر بسورية
وتركيا والمنطقة، وهو ما فهم على أنه تهديد مبطن لا يعني ذلك أن القمة فشلت، فهي
قد نجحت على المستويات الثنائية، من خلال الاتفاقات الموقعة بين تركيا وإيران من
جهة، وتقارب وجهات النظر بين تركيا وروسيا بخصوص أزمة تصدير الحبوب من جهة أخرى،
وهو ما نتج عنه الاتفاقية التي وقعها بعد أيام فقط من القمة الجانبان الروسي
والأوكراني بوساطة تركية ورعاية أممية في سطنبول.
أما على
المستوى الثلاثي، فلا يبدو أن القمة قد أضافت جديدًا، وهو ما دفع البعض للقول بأن
المسار قد استنفد أغراضه ووصل إلى نهايته ولم يعد ذا فائدة، وهو ما نختلف معه
للأسباب المهمة التالية:
أولًا: أن
الهدف الرئيس للمسار ما زال قائما ولا يمكن الاستهانة به، وهو التصريحات التي سبقت
القمة أظهرت فجوة واضحة في المواقف من العملية التركية ضمان عدم الصدام المباشر
بين الدول الضامنة الثلاث.
ثانيًا: أن
الأوضاع الميدانية غير مستقرة ولا مضمونة ويمكن أن تتبدل في أي لحظة، ما سيزيد من
أهمية هذا الإطار التنسيقي مستقبلًا
ثالثًا: رغم الخلاف السياسي بين لدول الثلاث في سورية على وجه الخصوص، فإن الاقتصاد عامل مجمّع لهم، وهو حيوي ومؤثر ولا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية حاليا بسبب جائحة «كورونا» ثم الحرب الروسية - الأوكرانية.
رابعًا: يشكل هذا الإطار، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المذكورة والمعروفة في الدول الثلاث، فرصة للتبادل التجاري بالعملات المحلية، وهو أمر نسعى له كل من أنقرة وموسكو وطهران.
خامسًا: تجمع
الدول الثلاث علاقات سلبية في المجمل مع الغرب، وإن بدرجات متفاوتة، فروسيا في
حالة حرب معه، وإيران في مفاوضات شاقة ومتذبذبة وعقوبات ما زالت قائمة، وتركيا في
حالة جفاء مع من يفترض أنهم حلفاؤها التقليديون مع فجوة ثقة لا تخفى على مراقب.
ولذلك، في
الختام، رغم عدم القدرة على إنجاز اختراقات مهمة في القمة الثلاثية وعدم التوافق
بل الاختلاف بخصوص العملية العسكرية التركية المحتملة »بما انعكس لاحقًا وبشكل سريع في كل من العراق وسورية«، فإن الدول الثلاث ستبقى حريصة على إطار
أستانا الثلاثي الذي يجمعها لما سبق ذكره من مصالح، ولذلك فهي لم تتوانَ عن تحديد
القمة الثلاثية القادمة في روسيا بدعوة من «بوتين»، والتأكيد على الإعداد للجولة
رقم 19 من محادثات أستانا بمشاركة مختلف الأطراف.•
الجزائر.. بين
حصار التطبيع والانتصار للمقاومة
ناصر حمدادوش
برلماني
جزائري سابق قد يكون للحركة النّشطة للتطبيع مع الكيان الصُهيوني بالشكل السّريع
والمعمّم في لبلدان العربية أمر صعب، بسبب جذر العلاقة المقدّسة بين شعوب هذه
الدول والقضية الفلسطينية لكن »شياطين التطبيعِ» لا تيأس دا، فهناك محاولات محموم لاختراقات هذا
التطبيع لهذه الدول بأشكالٍ مختلفةٍ ومن عدَة محاور ناعمة.
في الحالة
التونسية، ومنذ مايو1996م، كانت هناك اتصالاتٌ رسمية بين النظام التونسي والكيان
الصُّهيوني، التي نتهت بفتح مكاتب اتصال رسميةٍ متبادلة، وكانت الخطوة الأكثر
علانية وإثارة هي حضور وزير الخارجية الصهيوني »من أصل تونسي« لتونس في عام 2005م للمشاركة في «القمة
العالمية حول مجتمع المعلومات» برعاية الأمم المتحدة، وقد لا تكون من الصُّدف
النادرة ثباتُ بعضٍ الوزراء في الحكومات المتعاقبة لتونس، وهم الذين تحوم حولهم
شبهات التطبيع، ومنهم أطول وزير للخارجية عمرًا منذ عام 2011م، وهو الدبلوماسي
الذي كلّفه نظام بن علي بافتتاح تمثيلية تونسية في «تل أبيب».
وكانت
السِّياحة الدينية بوابةً لهذا التطبيع النّاعم، فمع أنَّ الوجود العلني لليهود في
تونس لا يتجاوز 1500 يهودي، الذين يعيش أغلبهم في جزيرة «جربة» جنوبي البلاد، حيث
«معبد الغريبة» أقدم وأكبر المعابد اليهودية، الذي يحجّ إليه آلاف اليهود من مختلف
دول العالم سنويًا، ومع عدم الاعتراض على الحقوق الدينية لأهل الكتاب في ممارسة
شعائرهم لتعبُّدية، إلاّ أنَّ هذه السِّياحة الدينية المتبادلة انتقلت من الحق
الديني إلى الاستغلال السِّياسي للتطبيع، فأصبحت أداةً ناعمةً لكسر ذلك الحاجز
النفسي في العلاقة مع هذا الاحتلال الصُّهيوني لخطير وقد دوَّن أحدُ الصَّحفيين
الصَّهاينة، وهو مستشارٌ في مكتب رئيس الوزراء الصُّهيوني الأسبق «نتنياهو»، على
حسابه في «تويتر» قوله: «تحية لفخامة الرئيس قيس سعيد، شكرًا للسَّماح لمئات من
«الإسرائيليين» بالسَّفر إلى تونس، نحن يهمُّنا الأفعال وليس الأقوال، وخاصَّة قبل
استلام الرئاسة، معذورٌ فخامته، نحن نتفهَّم الوضع، نحبُّك يا فخامة الرئيس»، وهو
ما يفضح الازدواجية في الخطاب الرسمي التونسي، الذي بدأ في الحملة الانتخابية
بمقولة سعيد: «التطبيع خيانة عظمى، وكل مَن يتعامل مع كيان محتل شرَّد شعبًا كاملًا
طيلة أكثر من قرنٍ من الزمن هو خائن، ويجب أن يُحاكم بتهمة الخيانة العظمى»،
وانتهى بمثل هذا التوجُّه التطبيعي النّشط.
ثمَّ كان
استحقاقُ مشروعٍ قانونِ تجريم التطبيع مع الكيان الصُّهيوني، الذي اعتُبر بالونًا
لاختبار مدى التوازنات السِّياسية في هذا الملف الحيوي والخطير، وكان لعدم التوافق
عليه مع الرَّئيس سعيد صاحب الصلاحيات الدستورية الحصرية للسِّياسة الخارجية أثر
كبير في عدم تمريره.
كما شكلت عدم
الإدانة الرسمية تطبيع بعض الدول العربية المتخاذلة مؤشَّرًا آخر على هذا التوجُّه
المشبوه، فقد ظهر الموقف الرسمي التونسي في مشهد بائس، وكان سكوت سعيد أقوى من تلك
العبارات في مقولته: «التطبيع خيانة عظمى»، إذْ اعتبر أنَّ مسألة التطبيع مجرد
«قرارٍ سيادي، وأنه لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»، وهو أقرب إلى
التبرير منه إلى عدم التدخُّل ولا ننسى ذلك الحضور الصُّهيوني لخشن في تونس عبر
عملياتٍ استخباراتية انتهكت سيادة وأمن تونس في محطاتٍ تاريخيةٍ قديمةٍ وحديثة، مثل:
قصف مدينة حمام الشَّط عام 1985م، واغتيال القياديين الفلسطينيين أبو جهاد عام
1988م، وأبو إياد عام 1991م، واغتيال م. محمد الزواري، مهندس الطائرات بدون طيار
في «كتائب عز الدِّين القسام»، يوم 15 ديسمبر 2016م، بمدينة صفاقس، ومع ذلك فإنّ
منظومة الحكم الحالية في تونس تتَّجه
السياحة
الدينية أصبحت أداة ناعمة لكسر الحاجز النفسي في التطبيع مع الاحتلال الصهيوني
محاولات جرَّ تونس إلى مستنقع التطبيع تهدف إلى محاصرة الجزائر بالخيانة والغدر
محاصرة
الجزائر
إنَّ محاولات
جرِّ تونس إلى مستنقع التطبيع يهدف -كذلك- إلى محاصرة الجزائر بالخيانة والغدر،
بعد أن تحوَّل المغرب إلى منصة للتهديد الصَّهيوني للجزائر، ومنها تصريحات وزير الخارجية
الصهيوني من الدار البيضاء المغربية، في أغسطس 2021م، حيث قال: إنَّ «إسرائيل»
تعبِّر عن قلقها من دور الجزائر، التي أصبحت قريبة من إيران، والتي تقف وراء
الحملة الأخيرة بهدف منع «إسرائيل» من الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي.
ولا ننسى الحالة الليبية، حيث محاولات السَّيطرة على السُّلطة من قِبل خليفة حفتر ومَن يقف وراءه من الدول العربية المطبِّعة، وهو الذي تربطه علاقات مفتوحة مع جهاز «الموساد» الصُّهيوني، فقد أكَّدت الصحيفة العبرية «معاريف» بأنَّ حفتر وَعَد بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع «إسرائيل» فوْرَ وصوله إلى الحكم، وأكَّدت بأنَّه أرسل ابنه »صدام حفتر« في زيارة سرية إلى «إسرائيل» لإجراء محادثات مع مسؤولين
«إسرائيليين» من أجل
التطبيع الكامل، في مقايضة مفضوحة بين «السُّلطة» و«التطبيع»، وإدارة مكشوفة
للصِّراع الليبي به.
لقد تنبَّهت
الجزائر إلى هذا الخطر الصَّهيوني، فأطلق الرَّئيس عبد المجيدٍ تبون صيحته
المشهورة بأنّ «طرابلس خطّ أحمر» عندما حاول حفتر دخولها بالقوَّة، لولا تعرُّض
قواته إلى هزيمة مدوِّية بسبب التدخُّل العسكري التركي الفعَّال، وفق الاتفاق
السِّيادي، في ديسمبر 2019م، مع حكومة الوفاق الوطني الشرعية المعترف بها دوليا
آنذاك.
منطق
السِّيادة الكاملة
لم تسلك
الجزائر في مواجهة خبث عمليات الحصار بالتطبيع مسلك الدَّفاع أو الانزواء المعهود،
بل ارتقت إلى المبادرة بالهجوم وفق مبادئ الدولة الجزائرية في نصرة القضايا
العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، استنادًا إلى العقيدة التاريخية لها وإلى
الإجماع الشعبي، وهي تربط بين مبدئية القضية والواقعية السياسية المنسجمة مع جوهر
التحوُّلات في ميزان القوة الدولية، ومنها تطوُّر علاقات الجزائر بروسيا والصين وتركيا
وإيران ومحور المقاومة الشَّعبية والرَّسمية.
فبالرَّغم من التصنيف الغربي لحركة «حماس» كمنظمة إرهابية، وبالرَّغم التحفُّظ الكبير للجزائر من زيارة قيادة «حماس» إلى المغرب، في يونيو 2021م، بعد تطبيعه مع الكيان الصهيوني، وبالرَّغم من خطر تمُّدد موجة التطبيع في الجسم العربي والأفريقي، وعقْدِ اتفاقيات عسكرية وأمنية مع العدو الصُّهيوني، ومع ذلك فإنَّ الجزائر تعاملت منطق السِّيادة الكاملة، فوجهت «ضربة معلم» بمفاجأة من العيار الثقيل، وذلك بدعوة قيادة «حماس« للمشاركة في الاحتفالات الرَّسمية بالذكرى ال60 لاستقلال الجزائر، وكان السَّقف عاليًا في الاحتفاء بالمقاومة والانتصار لها برمزية المكان، وهو الاستعراض العسكري الأضخم في تاريخ الجزائر بمسجد
الجزائر بالمحمدية، وبرمزية الزّمان، وهو ذكرى الإنجاز التاريخي الأكبر لأعظم ثورة تحرُّرية في القرن العشرين، وبرمزية الإنسان، وهو حضور القائد المجاهد سماعيل هنية في المنصَّة الرئاسية مع زعماء الدول والحكومات، ومع كبار المجاهدين والقيادات العليا للمؤسَّسة العسكرية، والارتقاء بقواعد البروتوكولات الرَّسمية له كعُنوانٍ للاحتضان الرَّسمي والشّعبي للمقاومة، وهي تسمع هتافات القوات الخاصَّة للجيش الجزائري في ذلك الاستعراض القوي: «غزّة.. قوَّة..غزَّة.. قوَّة.. غزَّة.. قوَّة)».
سموُّ هذا الانتصار للمقاومة تجسَّد كذلك في حجم ونوعية لقاءات قيادة «حماس» بمختلف القيادات العسكرية والأمنية والسِّياسية، وبمختلف الأحزاب لسّياسية ومكوِّنات شبكة المجتمع المدني، وبالشخصيات الوطنية والنشطاء في القضية الفلسطينية، وكان التتويج لذلك كلِّه هو الإنجاز الدبلوماسي في الجمع بين الرئيس محمود عباس والقائد إسماعيل هنية كخطوة رمزية في كسر الجمود وتذويب الجليد بعد القطيعة الطويلة بين هذه القيادات، وتهيئة الأجواء الإيجابية لتجسيد استحقاق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.•
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمعركة إعلامية يخوضها الاحتلال الصهيوني لتسـويــق روايتــه المشـوَّهــة
نشر في العدد 2178
813
السبت 01-أبريل-2023
الذكاء الاصطناعي وصراع الأدمغة.. حـــرب خفيـــة بين المقاومــة الفلسطينيـــة والاحـتـــــلال الصهيـونــــــي
نشر في العدد 2178
759
السبت 01-أبريل-2023