العنوان حدث في رمضان غزوة بدر الكبرى
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 08-أغسطس-1978
مشاهدات 25
نشر في العدد 407
نشر في الصفحة 12
الثلاثاء 08-أغسطس-1978
معركة بدر حدث فاصل في تاريخ الأمة..
المعركة انتصار للعقيدة على الذات..
ما أحوج الأمة إلى روح بدر..
بعد أربع عشرة سنة من البعثة، وفي السنة الثانية للهجرة، حدثت المعركة الفاصلة الكبرى في بدر، وكانت هذه المعركة مفرق الطريق الفاصل بين المؤمنين والكافرين، بين الحق الذي اختار منهج الله، وبين الباطل الذي اختار سبيل الطاغوت ومن هنا سميت بيوم الفرقان في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ (الأنفال:41). وفي هذه المعركة انتصرت العقيدة والإيمان على كل أواصر القربى والنسب، وانتصر الإسلام على المفهومات العصبية والتقاليد الجاهلية انتصارًا يستحق أن نأخذ منه الدرس ونستمد منه العبرة، وفي هذه المعركة انتصرت القلة القليلة من المؤمنة المتمسكين بأوامر الله ومنهاجه على غناء من السيل كثير يدين بالوثنية ويعبد اللات والعزى من دون الله، فليس العدد هو سبب النصر، وليست القوة المادية هي العامل الحاسم في المعركة، إنها قوة الله وعونه وتأييده هو سبب كل نصر لجند الله، ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾ (الأنفال:10) وقوة الله وإرادته التي تجلت في معركة بدر ونصرة المسلمين، درس إيماني بليغ، فقد التقى ثلاثة مائة مسلم، بألف مقاتل مستعد، فغلبت الفئة القليلة الفئة الكثيرة بإذن الله.
الخطوط الرئيسية في أحداث المعركة:
ويجمل بنا أن نقف على الخطوط الرئيسية في معركة بدر، لإنها أول صورة فاصلة بين حرب الإسلام والكفر، فضلًا عن كونها باكورة مراحل الكفاح الإسلامي والجهاد الديني الذي خاضه المسلمون ضد معترك الشرك والوثنية، ويمكن أن نجمل خطوط الغزوة وأحداثها في النقاط التالية:
1 - علم الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس تسعة عشر شهرًا من الهجرة، أن قافلة لقريش بقياده أبي سفيان، عادت من الشام في طريقها إلى مكة المكرمة، وعلم أن القافلة تحمل تجارة عظيمة لقريش، وأن قريش كلها تكاد تكون مشتركة فيها، فعزم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على اعتراضها.
٢ - عندما علم أبو سفيان بنبأ عزم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة على اعتراض القافلة، أرسل نذيرًا إلى قريش يستنفرهم لاستنفاذ القافلة، ثم غير طريقه الذي يسير فيه، إلى طريق على ساحل البحر بعيدًا عن المدينة التي توقع الهجوم منها.
3- خرجت قريش مدججة بالسلاح لإنقاذ العير والقافلة التجارية العظيمة، إلا أن أبا سفيان أخبرهم بأن العير قد نجت، لكن المعاندين المشركين المتمثلين بأبي جهل، أصروا على ملاقاة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في قتال، ليكون ذلك -بزعمهم- درسًا للمسلمين، يردعهم عن التفكير ثانية في أي تهديد لقريش، وأن يقضوا على محمد ودعوته نهائيًا.
4 - لم يكن المسلمون قد أعدواعدتهم العسكرية لملاقاة جيش قريش المسلح، ذلك عندما خرجوا وعزموا على لقاء عدوهم كانوا يقصدون قافلة تجارية فحسب، وهذا لا يتطلب منهم إعداد العدة العسكرية الكافية للحرب لكن إرادة الله كانت هيأت الأسباب لمعركة كبيرة فاصلة، فقد جمع سبحانه بين المسلمين وأعد لهم المشركين على غیر ميعاد لأمر يرده، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ندب الناس إلى ملاقاة القافلة، واكتفى بأن أمر من كان ظهره -أي ما يركبه- حاضرًا بالنهوض، وكان عليه السلام لم يحفل بأمر الإعداد العسكري التام قبل المعركة أي احتفال.
5 - عندما أفلتت قافلة أبي سفيان من قبضة المسلمين ونجت إلى الطريق البحري، لم يشعر المسلمون إلا وقد أصبحوا وجهًا لوجه أمام جيش عرمرم من المشركين المسلحين، وكان أبو جهل قد خرج بجميع فرسان مكة ومقاتليهم، وعلى الرغم من أن أبا جهل علم بنجاة القافلة من قبضة المسلمين، إلا أنه أبى الرجوع، وسار بمن معه إلى بدر لملاقاة أصحاب رسول الله وتأديبهم، وأمام هذا الموقف، استشار الرئيس صلى الله عليه وسلم أصحابه، وطلب رأيهم بالموقف، وهنا قام أبو بكر رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام عمر رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو، فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ (المائدة:24) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد «موضع ناحية الدين» لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، وهنا وقف الرسول القائد على رأي المهاجرين، فأراد أن يسمع شيئًا من الأنصار الذين سيدور ثقل المعركة على كواهلهم، لإنهم يمثلون أغلبية الجيش: فقال: أشيروا علي أيها الناس -يقصد الأنصار- فقام سعد بن معاذ سيد الأنصار، فأعلن موقف الأنصار وموافقتهم المطلقة وتصميمهم الصادق على ملاقاة جيش العدو، وقد خاطب الرسول قائلًا: «قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، وهنا سر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنتائج تعليمه وتربيته وتأثير دينه القويم، ثم قال: سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ (الأنفال:7-8)
٦ - وعندما أقبلت قريش ورآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينحدر من مكان اسمه «المنقل» إلى الوادي، قال مخاطبًا ربه: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أمتهم الغداة» وكانت قريش قد خرجت في خيلاء وكبر ظاهرين، وحنق زائد وحقد بالغ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهنا أرسل أبو سفيان رسوله «قيس بن أمرئ القيس». إلى جيش مكة العرمرم، يأمره بالرجوع إلى مكة لـن القافلة نجت، ويحذرهم من أن يكونوا ذبائح لأهل يثرب، ولكن أبا جهل رفض ما طلبه أبو سفيان، وأصر على متابعة السير حتى يصل بدر مزهورًا فخورًا بجيشه، وقال يرد على رغبة أبي سفيان: لا والله لا نرجع حتى نرد بدرا، فنقيم ثلاثًا، ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونشرب الخمر، وتعزف القيان علينا فلن تزال العرب تهابنا أبدًا.
7- بعدما جاء رسول أبي سفيان يطلب من جيش مكة العودة، حصلت بلبلة في صفوف المشركين، فقد قامت معارضة لأبي جهل بقيادة عتبة بن ربيعة سيد بني عبد شمس، الذي دعا إلى الانسحاب وتحاشى الاصطدام مع جيش المسلمين والرجوع إلى مكة دونما قتال، إلا أن رأي أبي جهل غلب، وحمل جيش المشركين على القتال.
8- أعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- جنوده المسلمين للقتال، وعبأهم وبث فيهم روح الجهاد لخوض أول معركة ضد الكفر، وخطب فيهم قائلا: «والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل صابرًا محتسبًا، مقبلًا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة»، وهنا ظهر نموذج من الإيمان الصادق الذي لا يقف في طريقه شيء، فقد قال عمير بن الحما واقفًا في الصف، وفي يده تمرات يريد أكلهن، ولكنه بعد أن سمع كلمة الرسول صلى الله عليه وسلم، قذف بهذه التمرات قائلًا: بخ بخ، فما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، ثم أخذ سيفه وغاص في المشركين يقاتل حتى قتل، وقد بدأت المعركة بمبارزة، ثم التقى الجيشان بما بينهما من فوارق مادية، وما عليهجيش المسلمين من خضوع لله وسكينة إليه، ومن ثقة به ومعرفة بجلالالهدف الذي يقاتلون من أجله، وثقة بالقيادة الرشيدة التي تدبر أمره، وما عليه الجيش الآخر -جيش الشرك- من بطر ورياء وغطرسة متمثلة في الأفراد والقيادة بآن واحد، وقد قاد الرسول صلى الله عليه وسلم المعركة بنفسه، فكان أشد الناس بأسًا، وكان أقرب الناس إلى المشركين في القتال والعراك، وكان يثب وثبًا في الدرع وهو يقول: «سيهزم الجمع ويولون الدبر» وقد سيطر رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيشه وعناصره سيطرة تامة، وأدار المعركة بشكل تعجز عنه الجيوش في العصر الحديث، وكانت نتيجة المعركة انتصار الفئة المؤمنة القليلة، انتصارًا ساحقًا، وانهزام الفئة الكثيرة الضالة الكافرة هزيمة منكرة وكانت المعركة بأسبابها وواقعها ونتائجها معلمًا خالدًا في تاريخ الدعوة الإسلامية، وفي تاريخ البشرية كلها، وقد قتل فيها من رؤوس الكفر سبعون رجلًا، وأسر حوالي هذا العدد، وهزم الباقون شر هزيمة ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء:18).
- معركة بدر امتحان عملي لانتصار العقيدة في النفوس على كل مفهوم عصبي
إن انتصار المسلمين في معركة بدر، هو انتصار العقيدة البناءة المتمثلةبالإسلام، على المفهومات العصبية القبلية العشائرية التي كانت هي السائدة في الجزيرة العربية، ولقد كانت المعركة بكل أحداثها هي الامتحان العملي الأول لمدى تماسك الإسلام وأسسه في النفوس أولًا وفي المجتمع المسلم ثانيًا، كما تعتبر امتحانًا متكاملًا لمدى تطبيق الإسلام عمليًا في مجال الجهاد في سبيل رفع راية الله ودحر الجاهلية المعتدية على حق الله سبحانه، لكن لماذا نجحت العقيدة في امتحان النفوس والمجتمع المسلم الصغير، لعل ذلك يعود إلى التربية الإسلامية، فقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة بعد بعثته يجاهد في بناء العقيدة في النفوس، اثنتا عشرة سنة أمضاها في مكة وهو يجاهد من أجل التوحيد وسنتان في المدينة يجاهد من أجل ترسيخ مفهوم الجهاد في عقول المسلمين ونفوسهم، ولما وصلت النفوس في بنائه إلى مرحلة الثبات والدفاع والموت في سبيل العقيدة، حان موعد الامتحان، وأذن مؤذن الجهاد، وأن للإسلام أن يقدم حسابه على مسمع التاريخ، وهناك نجح الإسلام في مجال التطبيق العملي نجاحًا مذهلًا.
لقد اثبتت حوادث بدر أثر الإسلام في نفوس العرب، دينًا عمليًا يبدل النفوس والعقول معًا من حال إلى حال.. فقد اقتتل في بدر فئتان من العرب، فئة قليلة من العرب المسلمين، وفئة كثيرة من العرب المشركين، وكانت النتيجة أن انتصرت الفئة القليلة المؤمنة من العرب المسلمين على الفئة الضالة الكافرة من العرب المشركين، وهذا بحق انتصار للإسلام كعقيدة تمكنت من بناء النفوس وتربيتها وإعدادها.
قد تنتصر المبادئ عندما تكون في الحيز النظري والمجالات الفكرية إلا أن الأمر يختلف عندما يكون انتصارها عمليًا، فمن المبادئ عندما تكون في حيز النظريات، تستهوي القلوب وتجذب العقول، ولكنها قد تخفق وتفشل في التطبيق العملي، أو قد يكون تطبيق مبادئها مستحيلًا، أما الانتصار في بدر، فهو انتصار للمبدأ في حيزه النظري والعملي بآن واحد، وإذا كان قتال أفراد العائلة مع بعضهم في صفين -صف الإسلام وصف الشرك- قد حدث في أول معركة إسلامية خاصة، فذلك شاهد لامع على انتصار العقيدة في النفوس انتصارها على أواصر كل مفهوم عصبي وجاهلي.
- قتال أفراد العائلة درس عملي بليغ ووضوح لمبدأ الجهاد
عندما نشب القتال في معركة بدر، كان الإسلام محصورًا في بيئة المدينة المنورة بين المهاجرين والأنصار، وكان كثير من المهاجرين قد تركوا أهليهم على الشرك في مكة، فمنهم من ترك أباه وأمه، ومنهم من ترك أبناءه، ومنهم من ترك كل عشيرته على شركها ودخل الإسلام، وهاجر إلى المدينة، وفي لقاء بدر، التقى الأب بأبنه في صفين متحاربين، وتم القتال بين الفريقين على الرغم من وجود أواصر النسب، فقد خالفت بينهم المبادئ، وفصلت بينهم العقيدة، لقد طبق المسلمون في بدر مبدأ الجهاد دون أن يأخذهم هوى القرابة، وقد بدأ رسول اله صلى الله عليه وسلم بذلك، فعندما خرج ثلاثة فرسان من قريش وهم من بني عبد مناف، في بداية المعركة، أمر الرسول ثلاثة من أقربائهم بالخروج إليهم، وهم: حمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث، وعلي بن أبي طالب، وكلهم من بني عبد مناف أيضًا، أمرهم الرسول بمبارزة قرابتهم فخرجوا إليهم في الحال، ونشب الصراع بينهم، حيث انفرد كل واحد منهم بواحد من بني قرابته المشركين وقتله بعون الله، ولم يقف القتال في بدر على أبناء الأسرة أو الفخذ الواحد، إنما امتد إلى الأب والأبن أيضًا، فقد كان أبو بكر رضي الله عنه مع المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن مع المشركين آنذاك، فلما أسلم عبد الرحمن قاللأبيه: «لقد أهدفت لي يوم بدر مرارًا فصدقت عنك، فقال أبو بكر: لو هدفت لي لم أصدف عنك»، وكان أبو عبيدة بن الجراح مع المسلمين، وكان أبوه مع المشركين، فقتل أبو عبيدة أباه، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ (المجادلة:22).
إن في هذه المواقف الخالدة بيانًا واضحًا لانتصار العقيدة على كل مفهوم يتعارض وإياها، وفيها أيضًا وضوح كاف لمبدأ الجهاد وماهيته وتكاليفه، فكلمة الله أعلى من كلمة النسب والعشيرة والرفقة والصحب.
• حاجة المسلمين اليوم إلى روح معركة بدر
في معركة بدر قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل إعلان كلمة الله، والرسول في بدر وغيرها هو القائد، والقائد يخوض معركة هدفها النصر أو الشهادة فعلًا، وإذا كانت تلك المعركة فاصلة، فإننا نخوض في عصرنا الحاضر معارك كثيرة، اليهود من ناحية، والطواغيت من ناحية أخرى، وفنون الجاهلية المعادية للإسلام بأحزابها وهيئاتها وأجهزتها الاستعمارية من ناحية ثالثة، إن عدونا شرس جدًا، ولا يمكن التخلص منه إلا بروح الإسلام التي سادت نفوس أهل بدر رضوان الله عليهم جميعا، إن معركتنا مع اليهود تحتاج أولًا وأخيرًا إلى إعداد إسلامي محض، بعيدًا عن الشرق والغرب وكل ما هو غريب عن الإسلام، ولا يمكن للعرب أن يحققوا أي نصر على أعدائهم إلا بروح الإسلام، روح الجهاد الحقيقي، ولا يتوفر ذلك إلا في منهج الله وتربية الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأمة إذا تخلت عن إسلامها واستمداد المفاهيم من تراثها الإسلامي، فقدت روحها، لأن روح هذه الأمة في دين الإسلام وتشريعه، وبالتربية الإسلامية الحقة يستطيع المسلمون أن يحرروا فلسطين، فإذا تمكن المسلمون في عصرنا هذا أن بينوا أنفسهم على طريقة رسول الله في بناء نفوس أهل بدر عندها يغير الله على أيديهم هذا الواقع المر الذي تعيشه أمتنا من أقصاها إلى أقصاها وعندها يتمكن المسلم من الاستعداد لوراثة هذه الأرض التي خلقها الله لتقوم فيها أحكام الله وشريعته ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
إن تقوى الله وطاعة رسوله أمران مطلوبان على المستويات كافة، ولأولي الأمر في هذا الزمان برسول الله قدوة وخير قدوة «ولكم في رسول الله أسوة حسنة» وعندها يأتي نصر الله الذي لا ريب فيه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(الروم:47).
صدق الله العظيم
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
محطــات إيمانيــة في طريــق التربيـــة.. نعمـــة بـلــوغ رمضـــان
نشر في العدد 2177
115
الأربعاء 01-مارس-2023