العنوان حديث رمضان
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الجمعة 18-أغسطس-1978
مشاهدات 19
نشر في العدد 408
نشر في الصفحة 35
الجمعة 18-أغسطس-1978
بضاعة في رمضان:
لعلي أكون منصفًا بهذا الحديث أيها القارئ، ولعلك مقدرٌ كلَّ كلمةٍ، فترى ما أراه بعض الناس من الصائمين يتذكرون أطباق الطعام الشهية التي تحفل بها الموائد كلما أقبل شهر رمضان، وكأنه شهر الأكل، أو شهر امتلاء البطون ويتفنن خبراء الطهي في صياغة هذه الوجبة بأساليب مغرية شهية، ولا حيلة لأحد في صد هجوم رائحة اللحم والمرق... وبعد أن يمتلئ الوعاء، يضيفون إليه السوائل التي تهضم، وينهض المرء إلى صلاة المغرب وهو كالبرميل الثقيل، وكذلك تكون حالته عند صلاة العشاء، أما قيام الليل وقراءة القرآن فلا مكان لهما لأنه يبحث عن طريقة تخفف من حمله الثقيل، يريد أن يضحك ويسهر، ويسمع من أهل العقول الفارغة ما يجعله يقهقه ويحس بالجوع ليقتحم موائد الطعام من جديد.
ولأكن صريحًا معك أيها القارئ، لماذا نجد هذا النوع من الناس، وهم كثير، في هذا العصر؟ الإجابة ببساطة واختصار: لأن هؤلاء الناس يفهمون شهر رمضان فهمًا خاطئًا يظنون أنه امتناع عن الأكل بالنهار، وإقبال عليه بالليل. والأكثر من ذلك أنهم لا يفهمون دينهم فهمًا صحيحًا، وإلا فما معنى هذا الإدمان في الأكل والشرب في شهر الصوم؟
يجب أن تكون بضاعة رمضان هي الزاد الذي ينفع يوم القيامة، ولذلك يخطر على بالي أن أتساءل: أليس في مقدورنا أن نتحمل الزهد في المشهيات أيامًا معدودات؟
أسرى الحضارة:
أنت أسير الحضارة أيها القارئ إذا كنت من هؤلاء الناس الذين يعيشون بأفكار الغرب أو الشرق وتقاليده ونظمه دون أن ينتبهوا إلى ما ينفع وما يفسد، ليست هذه الحضارة الوافدة كلها نور وخير، بعض الناس يشتد إعجابه بها فيقع أسيرًا لها، ويفقد أصالته، ويصبح غريبًا لا يعرف له دينًا ولا مثلًا، هؤلاء يمثلون الجانب الضائع في المجتمعات، وهم أنفسهم الذين يقفون في وجه كل دعوة أو عمل جاد يراد به خير الأمة وصلاحها وتقدمها، فهل أنت أسير لهذه الحضارة أو تلك؟ ولا ترى شمس الإسلام التي أشرقت منذ أربعة عشر قرنًا، وإن كانت سحب قاتمة جاءت من هنا وجاءت من هناك وغطت عليها وحجبت شعاعها أو هكذا بدا لهؤلاء الأسرى المبهورين بهذه الحضارة الجديدة.
ثق أيها القارئ العزيز أنه يوجد في كل مكان صفوة من الناس يرون شمس الإسلام بوضوح رغم السحب المعتمة لأن بصرهم قوي ينفذ إلى الحقيقة. هذه الصفوة من الناس هم رجال من المؤمنين المتمسكين بالدين كما ينبغي أن يكون الإيمان.
أيها الشباب:
هذه كلمة قصيرة خاصة بالشباب، خالصة لهم، وكم أحب هؤلاء الشباب كما أحب الحديث معهم، فهم عدة المستقبل، وأنا حين أقول أيها الشباب فأنا أقصد بهذا النداء أنهم يستحقون أن نهتم بهم، ونقدم لهم لا النصيحة، لأنهم كبار، وإنما نقدم لهم بعض تجاربنا لتكون مصابيح تضيء الطريق وتعين على الاستمرار في السير الصحيح.
إن الشباب يسمع عن قيم موجودة في الإسلام، ولكنه يرى في السلوك الواقعي ما ينافي هذه القيم. ومن هنا يحدث الاضطراب النفسي، يرى مثلًا مدرسًا يحدثه عن الصدق، ثم يكتشف أنه يكذب، فيسجل ذلك عليه، يسجله بوعي وقلق. وتحدث فجوة داخل تكوينه، ويقع في حيرة من أمره، ويصدق أخيرًا أن قيم الإسلام السامية شيء، والسلوك الواقعي شيء آخر، ومن المستحيل أن يكون هناك لقاء، هذه هي الحياة، من أجل أن تعيش في رفاهية يجب أن تخدع وتكذب وتغش. وهناك ألف دليل يسجله عقله ووعيه، ولكن هل هذه هي الحقيقة؟ هل الإسلام هو هؤلاء الناس؟ من إجابتك على السؤال تجد العلاج.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
محطــات إيمانيــة في طريــق التربيـــة.. نعمـــة بـلــوغ رمضـــان
نشر في العدد 2177
115
الأربعاء 01-مارس-2023