العنوان حذار من لعنة الأجيال
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 12-مايو-1970
مشاهدات 34
نشر في العدد 9
نشر في الصفحة 5

الثلاثاء 12-مايو-1970
شعوري الآن يعطيني هذا التصور، قنابل دخان تلقی أمام زحف كامل على المنطقة العربية، جنود حمر وصفر وبيض يزحفون تحت ستار الدخان.. هذا ما أتصوره إذا نظرت إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط.
وببساطة أكبر نقول إن البرابرة البيض، وعلى رأسهم أمريكا والجيش الأحمر والأصفر الذي يمثل الزحف الشيوعي، هولاء يتقدمون نحونا في زحف شامل، قبلتهم واحدة وهي أرض الشرق، وعدوهم واحد وهو الإسلام، وغايتهم واحدة وهي تحطيمنا، تحطيم ديننا العظيم.
• سيقول بعض السطحيين في السياسة والفكر والتاريخ والدين، سيقولون: إن أمريكا ودول الغرب هي العدو الأوحد لنا، ونقول بل ونؤكد أن هذا المعنى لم يغرب عن بالنا أبدا، ويكفينا أن نقول إن ترديد قول الله تعالى ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: 82) ثم إننا لا نزال نستذكر تاريخ الحروب الصليبية، التي ترأس فيها البابا جيوش أوروبا كلها، وأغرقوا المسجد الأقصى في بِركة من دم المسلمين. ثم نثب بسرعة، ونطوي مئات السنين لنلتقي مع بونابرت، وهو يمسح مصر والشام، ويهيمن على سيناء، ويجري مذبحة العريش، ونقلب صفحات التاريخ الحديث، ونقرأ عناوين سريعة: مصرع الخلافة الإسلامية، تقسيم الأرض العربية بين فرنسا وإيطاليا وإنجلترا، اللنبي يقول ها أنذا قد جئتك يا صلاح الدين، الحرب العالمية الثانية، تقسيم فلسطين، تقلبات إنجليزية أمريكية مذابح مجازرحروب داخلية، كل هذه العناوين يمكن أن تضع تحتها عبارة واحدة «الغزو الصليبي لأرض الإسلام».
ومن خلال هذا العنوان فقط نستطيع أن نقرأ التاريخ بعين مبصرة، وبعد نقول إن عداء الصليبية لنا وعداءنا لها لا وجه لمناقشته؛ لأنه يصدر عن عقيدة أصيلة في صدورنا، ثم إننا في علياء الإسلام نرفض التبعية لهم مهما كانت قوة عضلاتهم ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ﴾ (المائدة: 51).
نعود إلى حديثنا فنقول إننا نرى بعين بصيرة الجيوش الزاحفة علينا، الجيوش من الغرب والشرق والصين، الغرب وعلى رأسه أمريكا يدفع بأسلحته النارية في يد الحركة الصهيونية اللعينة، وهو يعلم أن حقد القرون سوف يضاعف من ضراوة المعركة. أما الدول الأخرى، فإنها تنظر بعين المستقبل، وتتخيلنا بعد أن «تحررنا من سلطان أمريكا» ماذا سيكون وضعنا، لن يكون غير الولاء المزدوج الولاء للدولة والولاء للمذهب، سنكون في وضع لن يقل عن وضعنا بعد انتصارنا للحلفاء في الحربين العالميتين، سنعطي الولاء للدولة المنتصرة، وسنعيش في كنفها، هذا ما تطمع فيه دول الكتلة الشيوعية، أن ترث دول الغرب في المنطقة، تراثنا نحن بعقيدتنا وتاريخنا وبترولنا، ونتحول إلى مجرى آخر سنة 56 وتشيكوسلوفاكيا سنة 1969.
هذه التخوفات نضعها بين يدي الشعوب الإسلامية من الآن، ونقول لكل مسلم في أذنه إن الأغبياء لا مكان لهم في الأرض، والضعفاء لا دار لهم، والعُمي لا قلوب لهم.
نقول لكل مسلم إن غفلة اليـوم سنجني منها ثمارًا مرة، وسيأكل أبناؤنا هذه الثمار وسيلعنون آباءهم وأجدادهم.
سيلعننا أبناؤنا وأحفادنا وهم يتلقون سياط الجنود الحمر والبيض والصفر، وسيقولون هذا ما جناه علينا الآباء.. حذار من لعنة الأجيال.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
