العنوان حكم الحج ومكانته في الإسلام
الكاتب الشيخ حسن أيوب
تاريخ النشر الثلاثاء 26-يناير-1971
مشاهدات 14
نشر في العدد 45
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 26-يناير-1971
حكم الحج ومكانته في الإسلام
بقلم الأستاذ الشيخ حسن محمد أيوب
الحج فريضة من فرائض وركن من أركان الإسلام يجب على المستطيع مرة طول عمره لقوله تعالى:
﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران: 97).
ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا». رواه البخاري ومسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: أيها الناس: قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» رواه مسلم والنسائي، والعمرة كذلك فرض في العمر مرة عند الشافعية والحنابلة، وسنة عند غيرهما.
فضل الحج والعمرة
ورد في فضلهما عدة أحاديث نذكر منها الآتي:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». رواه البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجة.
وعنه رضي الله عنه قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟
قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟
قال: حج مبرور». رواه البخاري ومسلم.
وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله: الدرهم بسبعمائة ضعف». رواه ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والبيهقي وإسناده حسن.
على من يجب الحج؟
الحج واجب وفريضة على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع الحج. ويستوي في ذلك الرجل والمرأة، غير أن المرأة لا يجب عليها الحج إذا لم تجد من تُسافر معه من زوج أو محرم أو نسوة ثقات.
والاستطاعة المذكورة تتحقق بصحة البدن، وأمن الطريق ووجود نفقة تكفيه وتكفي من يعولهم حتى يعود إليهم.
أركان الحج والعمرة
للحج أركان أربعة: الإحرام والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، وزاد الشافعي الحلق أو التقصير ولو بإزالة ثلاث شعرات، وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام على الجميع والوقوف بعرفة على طواف الإفاضة والحلق، والطواف على السعي إن لم يفعل السعي عقب طواف القدوم.
أما العمرة فأركانها ثلاثة: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة وزاد الشافعية الترتيب والحلق أو التقصير.
كيفية الحج والعمرة
إذا وصل الحاج إلى الميقات حُرّم عليه أن يعبره بدون إحرام، والأمور المطلوبة للإحرام هي:
أن يغتسل، ويتطيب ويقص شعره أو يقصره ويُقلّم أظافره ويزيل الشعر المعتاد وإزالته كشعر الإبط وغيره. والمرأة تفعل ما يفعله الرجل في كل ذلك غير أنها لا تقص شعرها ولا تقصره.
وبعد ذلك يلبس الرجل إزرارًا لأسفل جسمه ورداءً لأعلاه، أما المرأة فتلبس ملابسها العادية ولا تكشف من جسمها غير الوجه والكفين، وتلبس المرأة حذاءها المعتاد. أما الرجل فيلبس نعلين فإن لم يجد فيلبس أي شيء في رجليه بحيث لا يصل إلى الكعبين.
ثم ينوي الحاج بقلبه العمرة إن كان متمتعًا، أو الحج إن كان مفردًا بالحج وحده أو هما معًا إن كان يريد أن يصل العمرة بالحج بدون تحلل بينهما.
والنية محلها القلب، ويسن النطق بها في هذا الموطن، فيقول مريد العمرة: نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى، اللهم يسرها لي وتقبلها مني، ثم يقرن الإحرام بالتلبية فيقول بعد نيته الحج أو العمرة أو هما معًا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.
ويواصل هذه التلبية من وقت إحرامه إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر: فيلبي كلما صعد جبلًا، أو انحدر منه، أو ركب سيارة أو نزل منها، أو التقى بأصحابه وكذلك عقب كل صلاة ما دام محرمًا، ويرفع الرجل صوته بالتلبية، أما المرأة فتسمع نفسها ومن يليها فقط.
وبهذا الإحرام يحرم على المحرم النكاح وعقده ومقدماته كالمداعبة والقبلة والكلام فيه.
كما يحرم على الرجل لبس المخيط كالقميص والسروال والجبة والبدلة وتغطية رأسه، ولكن لا شيء عليه لو استظل بمظلة أو غيرها.
ويحرم على المحرم التعرض لصيد البر الوحشي أو لشجر الحرم وحشيشه الرطب بقطع شيء منه بقصد الإتلاف.
ويحرم عليه حلق شعره أو تقصيره والتطيب وتقليم الأظافر، ولا مانع من غسل الرأس والبدن بالماء والصابون الذي لا رائحة له.
دخول مكة والأعمال فيها
إذا وصل المحرم إلى مكة يسن له أن يغتسل قبل دخولها للتنظف ولو كانت المرأة حائضًا أو نفساء، ثم يبدأ بالمسجد الحرام بعد أن يطمئن على أمتعته ويتوضأ، فإذا وقع بصره على الكعبة قال: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبرًا، وزد من شرفه ممن حجه أو اعتمره تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابة وبرًا، اللهم أنت السلام فحيّنا ربنا بالسلام ثم يدعو بعد ذلك بما يشاء.
الطواف بالبيت
ثم يشرع في الطواف بالبيت الحرام، فإن كان محرمًا بالحج وحده فهذا الطواف سنة بالنسبة له عند غير المالكية، وهو أشبه بتحية المسجد لغير المسجد الحرام، أما المسجد الحرام فتحيته الطواف بالكعبة، ويسمى هذا الطواف طواف القدوم، ويظل المحرم على إحرامه حتى يؤدي أعمال الحج. وإن كان المحرم ناويًا العمرة وحدها أو العمرة والحج معًا فإنه يطوف هذا الطواف على أنه طواف العمرة وهو يكفي عن طواف القدوم، ثم بعد الطواف سبع مرات يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم يحلق أو يُقصّر، وبذلك يكون قد انتهى من أعمال العمرة، فيلبس ملابسه المعتادة ويتمتع بكل ما يتمتع به غيره ممن ليس محرمًا إن كان قد نوى التمتع بأداء العمرة أولًا ثم أداء الحج في وقته. وإن كان قد نوى القران والوصال بين الحج والعمرة فإنه بعد السعي لا يحلق ولا يُقصّر ولا يلبس ملابسه المعتادة، بل يظل محرمًا مطالبًا بكل ما يطالب به المحرم حتى يدخل في أعمال الحج ويعمل أعماله، ثم يحل في وقته المشروع يوم النحر.
شروط الطواف وكيفيته
ويشترط في صحة الطواف النية والطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء ومن الحدث الأكبر بالغسل، والطهارة من النجاسة، وستر العورة. وإن أصاب المرأة دم الحيض أو النفاس أخّرت الطواف حتى تطهر.
والطواف يكون سبع دورات حول الكعبة، يُسرع الطائف مع تقارب خطوه في الثلاثة الأولى منها ويمشي كالمعتاد في باقيها، والمرأة تمشي كالمعتاد في الجميع. ويبدأ الطواف من الحجر الأسود ويقبّله ويلمسه إن استطاع ويشير إليه إن لم يستطع ويقول:
اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وبعد الطواف يُصلي ركعتين يقرأ فيهما سورتي «الكافرون» و«الإخلاص»، ويسن أن يُصليهما في مقام إبراهيم عليه السلام.
شروط السعي بين الصفا والمروة
يشترط أن يكون السعي سبعة أشواط، وأن يكون البدء بالصفا، -ويعتبر السعي من الصفا إلى المروة شوطًا والعودة من المروة إلى الصفا شوطًا ثانيًا وهكذا- ويشترط المشي للقادر عليه والنية، وأن يكون السعي في المكان المعروف الآن وأن يكون السعي بعد الطواف، وأن يوالي بين الأشواط.
سنن السعي
أما سُننه، أن يخرج إلى المسعى من باب الصفا، وأن يصعد على الصفا حتى يشاهد الكعبة، وأن يكون السعي بعد الطواف مباشرة، وأن يكون الساعي متطهرًا من الحدث والخبث، وأن يُهرول وسط الشوط بين العلمين الأخضرين وأن يدعو بالمأثور.
بقية أعمال الحج
في اليوم الثامن من ذي الحجة يسن أن يتوجّه الحاج إلى منى، فإن كان على إحرامه بأن كان مفردًا بالحج أو قارنًا فإنه يذهب بإحرامه إلى منى لأعمال الحج، وإن كان قد تحلل بعد العمرة، لأنه متمتع فإن عليه أن يحرم بالحج من منزله الذي يقيم فيه، ثم يتجه إلى منى فيُصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة ويلبث بها، وذلك من سنن الحج لمن استطاع، فمن لم يستطع وتوجّه إلى عرفات مباشرة فلا شيء عليه.
ثم يتجه الجميع إلى عرفة فيغتسلون للوقوف إن أمكن ويسمعون خطبة إمام الحج، بعد زوال الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، ويبدأ الوقوف بعرفة بعد زوال شمس يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، وهو يوم النحر وعرفة كلها موقف إلا بطن عرفة وأفضل مكان بعرفة جبل الرحمة، ويستحب أن يتجه الواقفون إلى القبلة، وأن يُكثروا من ذكر الله تعالى والدعاء بما حضرهم، والمأثور أحسن وأفضل.
وبعد دخول الليل يتوجهون إلى المزدلفة ليبيتوا بها، ثم يقفون بالمشعر الحرام مستقبلين القبلة، ومكثرين من الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن يسفر الصبح فيندفعوا إلى منى قبل طلوع الشمس ثم يرمون جمرة العقبة بسبع حصيات وبعد الرمي ينحرون هديهم ويحلقون أو يقصرون، وبذلك يتحللون من كل ما كان محرمًا عليهم بالإحرام إلا الاتصال المباشر بالنساء، فمن ذهب منهم يوم النحر إلى مكة فطاف طواف الإفاضة وهو الركن الثالث فقد حل له كل شيء حتى النساء، أما الركن الرابع: وهو السعي بين الصفا والمروة فإن كان قد سعى من قبل فإن سعيه يكفيه عن سعيه مع طوافي الإفاضة وإلا فالسعي بعد طواف الإفاضة لا بد منه لأنه حينئذٍ ركن من أركان الحج، ولم يبقَ على الحاج إلا أن يظل بمنى حتى يرمي الجمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، ثم إن شاء رحل، وإن شاء مكث حتى يرمي الجمار يوم الثالث عشر منه، ثم يعود إلى مكة فإذا أراد الانصراف ودّع البيت الحرام بالطواف حوله ثم عاد مغفورًا له إن شاء الله تعالى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل