; حوار مع المؤرخ الكويتي المعروف سيف مرزوق الشملان.. الحلقة الأخيرة | مجلة المجتمع

العنوان حوار مع المؤرخ الكويتي المعروف سيف مرزوق الشملان.. الحلقة الأخيرة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 13-مارس-1984

مشاهدات 35

نشر في العدد 662

نشر في الصفحة 14

الثلاثاء 13-مارس-1984

• الشملان: العثمانيون حماة لا غزاة.

فيما يلي الجزء الثالث والأخير من الحوار مع المؤرخ الكويتي سيف مرزوق الشملان حيث يتناول في حديثه الكلام عن المجلس التشريعي عام 1939م ومعارك الكويت والعثمانيين وعلاقته برابطة الأدباء.

□ المجتمع: البعض يتهمك بأنك تركز خلال كتاباتك التاريخية على عائلتك وأصولها وتهمل العائلات الكويتية الأخرى.

• الشملان: سؤال وجيه... وهذه تهمة باطلة فأنا عندما كتبت عن تاريخ الكويت اعتمدت بشكل أساسي على المصادر التي لدي من وثائق العائلة التي كانت تتضمن مراسلات هامة بين عمي المرحوم حسين بن علي آل سيف وجدي المرحوم شملان وبين بعض الشخصيات في الكويت والخليج العربي وجزيرة العرب من الملوك والأمراء ورؤساء العشائر.

وهذه الوثائق هي دليل ملموس للتاريخ وعندما أنشرها يستطيع القارئ الاطلاع عليها والاطمئنان لها، فأنا لم أكتب عن جدي أو عائلتي موضوعًا قط وإنما كانت وثائقهم هي دليلي إلى الوصول إلى الأحداث التاريخية الفعلية، وهذا قد يعطي انطباعًا لدى البعض بأنني أركز خلال كتاباتي على إبراز دور جدي وعائلتي.

وأنا كنت حريصًا على تجنب هذا الشيء لدرجة أنني أجريت مقابلة مع شخص في سنة 1967م في التلفزيون وخلال المقابلة أطنب هذا الشخص في الحديث عن جدي وامتدحه، ولم أقم أنا بعرض المقابلة في التلفزيون خشية أن ينتقدني الناس، ثم بعد فترة لامني هذا الشخص عن عدم نشري مقابلته وقال لي: بأنه يعرف السبب في ذلك في أنه قد أكثر من الحديث عن جدي وقال بأنه ما قاله حق ولا مبرر لعدم عرض المقابلة.

□ المجتمع: يلاحظ بعض الناس بأن معظم المعارك التي خاضتها الكويت في تاريخها القديم كانت خاسرة؟ فما رأيك؟

• الشملان: هذا ليس صحيحًا... ففي المعارك البحرية التي خاضتها الكويت كانت دائمًا هي المنتصرة كمعركة الرقة حوالي عام 1182هـ- 1768م، عندما حول بنو كعب غزو الكويت بأسطول بحري كبير ووقعت المعركة في مكان في البحر قرب فيلكا يسمى الرقة وتمت هزيمتهم، ولكن بالنسبة لمعارك البر فكما ذكرت لم تكن الكويت موفقة فيها كمعركة الصريف عام 1318هـ -1901م والتي هي من المعارك الفاصلة في تاريخ الجزيرة وكانت بين الشيخ مبارك والأمير عبد العزيز متعب الرشيد حاكم نجد وهي المعركة التي لو ربحها الشيخ مبارك لتغير وجه التاريخ... ولكن مبارك استعان بجيش أكثره من غير أبناء الكويت فخسر المعركة، وقد وقعت المعركة داخل نجد قرب مدينة عنيزة في مكان اسمه الصريف سميت المعركة على اسمه.

□ المجتمع: هل هناك حدث تاريخي وقع في الكويت ولم تتعرض له كتب التاريخ؟

• الشملان: لا أرى هناك أحداثًا هامة لم تتناولها الكتابات التاريخية سوى حادثة المجلس التشريعي 1939م والتي تريد ممن يتطرق لها أن يكون أولًا ملمًا بأحداثها وثانيًا أن يكون منصفًا سواء للحكومة أو للأهالي وأرى أيضًا بأن المتاعب التي ستقع على الكاتب ستكون من قبل الأهالي والموضوع حساس ودقيق بكل معنى الكلمة.

ويحتم علي الواجب التاريخي أن أنوه بالدور الكبير الذي قام به المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت في ذلك الحين، فلولا حلمه وسعة صدره وحنكته السياسية لوقعت في الكويت أحداث جسام وهناك ملاحظة يجب أن تذكر للتاريخ وهي أن الكويت في سنة 1939م لم تكن مهيئة فكريًا وثقافيًا للمجلس التشريعي، والحقيقة أن المجلس التشريعي على الرغم من عمره القصير «ستة شهور فقط» من آخر شهر سبتمبر سنة 1938م حتى منتصف شهر مارس سنة 1939م حيث قضى على المجلس التشريعي، قام بأعمال طيبة لخدمة الكويت فأسس الشرطة العامة وبنى بعض الدوائر الحكومية وأهمها مبنى البلدية القديم على الرغم من ضعف الموارد المالية.

المرحوم خالد سليمان العدساني كان سكرتيرًا للمجلس التشريعي وألف كتيبًا عن أعمال المجلس التشريعي طبعه في العراق سنة 1946م، وطبعه طبعة ثانية منذ بضع سنوات، وسمعت أن المرحوم خالد العدساني ألف كتابًا عن أحداث المجلس التشريعي وأوصى بأن يطبع الكتاب بعد وفاته... أرجو أن نرى الكتاب مطبوعًا كما هو ليسد فراغًا كبيرًا في تاريخ المجلس التشريعي، وأرجو الله تعالى أن أتمكن في المستقبل من أن أؤلف كتابًا عن المجلس التشريعي ما له وما عليه.

□ المجتمع: من يعجبك من الشخصيات التاريخية؟!

• الشملان: أنا معجب كل الإعجاب «بالعمرين» بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه وبحفيده من قبل ابنته سيدنا عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي الصالح والذي يطلق عليه بكل جدارة واستحقاق اسم خامس الخلفاء الراشدين.

□ المجتمع: كنت عضوًا في رابطة الأدباء ثم تركت الرابطة... فما السبب في ذلك؟!

• الشملان: انسحبت من رابطة الأدباء منذ سنوات كما انسحب غيري من الإخوان الأعضاء القدامى الذين يعتبرون المؤسسين لها وعلى رأسهم الأخ الشاعر عبد المحسن محمد الرشيد أول أمين لها على ما أذكر، وأنا أعاتب على رابطة الأدباء لأن بعض الإخوان من أعضائها هاجموني نثرًا وشعرًا على صفحات «السياسة» صيف عام 1980م بعدما نشرت المقالات في «القبس» و«السياسة» عن «جرة» الصبية، والمدينة الأثرية المزعومة فهاجموني هجومًا شديدًا بعيدًا عن الحقيقة والواقع انتصارًا لصديقهم الذي لم يحرك ساكنًا إنما مع هذا كله أرجو أن توفق رابطة الأدباء لخدمة الأدب والأدباء.

□ المجتمع: الدولة العثمانية حاملة لواء الخلافة الإسلامية أعلنت الجهاد الإسلامي بعد دخولها الحرب العظمى سنة 1914م، ماذا كان موقف الكويت؟

• الشملان: الحديث عن الجهاد الإسلامي وعن موقف الكويت بالذات يحتاج إلى وقت طويل ولا يمكن أن أعطي الموضوع حقه بسطور قليلة، حيث لدي المعلومات وبعض الوثائق، وسبق لي أن تحدثت في كتابي «من تاريخ الكويت» المطبوع سنة 1959م عن موقف الكويت من الجهاد الإسلامي من صفحة 164-180 مع صور للوثائق ركزت الحديث عن موقف الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك وصديقه الشيخ «خزعل خان» حاكم عربستان وأرجو الله أن أتمكن في المستقبل من أن أنشر بضعة مقالات عن الموضوع مع الصور والوثائق.

□ المجتمع: العثمانيون هل كانوا غزاة أم حماة؟

• الشملان: عقد قبل مدة في تونس مؤتمر حول هذا الموضوع وحضره مفكرون من بلدان كثيرة من ضمنها تركيا ولكن للأسف لم تقم الصحافة بتغطية ما طرح في ذلك.

المؤتمر من مناقشات وأفكار أو ما توصل إليه الباحثون من جواب على السؤال المتقدم ذكره.

ووجهة نظري الشخصية أن العثمانيين كانوا حماة لا غزاة ويكفي الدولة العثمانية فخرًا أنها وقفت وقفة الأسد أمام الغرب ولولاها لاجتاح الغرب البلاد العربية.

وكذلك قامت الدولة العثمانية بجهد كبير في نشر الإسلام في أوروبا كما أنها وقفت بقوة أمام أطماع اليهود في أرض فلسطين وذهب السلطان عبد الحميد ضحية رفضه منح اليهود فلسطين وطنًا قوميًا رغم إغراءات اليهود الكثيرة له حيث خلع عن عرش الخلافة الإسلامية عام 1909م.

وبهذه المناسبة فأنا أرجو أن أتمكن من نشر كتاب عن السلطان عبد الحميد على صفحات مجلة المجتمع وهو الكتاب الذي ألفته ابنته الأميرة عائشة والتي كانت تعمل كسكرتيرة لأبيها قبل عزله وعاصرت معه جميع الأحداث فأرجو أن أتمكن من نشر هذا الكتاب الذي تمت ترجمته إلى العربية قبل مدة.

□ المجتمع: مجموعة الوثائق التي تملكها... لماذا لم تقدمها للدولة للاستفادة منها في تاريخ الكويت؟

• الشملان: لدي مجموعة كبيرة من الوثائق التاريخية تتعلق بتاريخ الكويت خاصة وتاريخ البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية وعربستان عامة، وهي عبارة عن رسائل متبادلة بين أفراد أسرتي «آل سيف» وحكام الكويت والبحرين وقطر والملك عبد العزيز آل سعود والشيخ «خزعل خان» حاكم عربستان، وكذلك لعدد من الشخصيات الكويتية والخليجية والعربية والعلماء والأدباء والشعراء ورؤساء العشائر وغيرهم.

هذه الوثائق عثرت عليها سنة 1948م في المكتب بديواننا القديم من رسائل وأوراق تملأ بضعة أكياس كبيرة وهي مملوءة بالأتربة والغبار الناعم، فكنت أفحصها ورقة ورقة، وتعبت تعبًا شديدًا لأجلها، فلدي ملف خاص برسائل حكام الكويت من الشيخ مبارك الصباح إلى الشيخ عبد الله السالم وبعض أفراد آل صباح، وصورت هذه الرسائل كلها وقدمتها هدية لمكتبة جامعة الكويت من سنوات، كما قدمت لدارة الملك عبد العزيز آل سعود بالرياض صور رسائل الملك عبد العزيز من سنة 1910-1943م وفيها الكثير عن أخباره وغزواته ونحو ذلك، وقدمت للجنة تدوين تاريخ قطر رسائل الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني من سنة 1905-1911م.

عن تاريخ الكويت بصفة خاصة لدي ملف لرسائل المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي من سنة 1912-1944م، كما لدي مجموعة كبيرة من القصائد العربية والعامية لشعراء كويتيين ولغيرهم ولم ينشر أكثرها حتى اليوم، وأرجو الله تعالى أن أتمكن في المستقبل من جمع هذه الوثائق في أجزاء مع صورتها والتعليق عليها لتسد ثغرة في تاريخ الكويت، وهذا هو السبب في أن بعض الإخوان يقولون بأنني أتحدث عن أسرتي عندما أنشر بعض الوثائق.

□ المجتمع: في ختام هذا الحوار الطويل هل لديك من كلمة أخيرة؟

• الشملان: نعم أرجو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الكويت من كل سوء وأن يوحد كلمة بنيها وأن يديم عليها نعم الحياة الديمقراطية التي تحياها، والتي لا توجد إلا في الكويت فقط، وكذلك عدم وجود حواجز بين الحاكم والمحكوم، وكلمة حق تقال في أن نظام الحكم في الكويت نظام مرن يتمشى مع العصور، كما أطالب المسؤولين بالحزم أكرر الحزم الحزم، والضرب بيد من حديد على العابثين بالأمن العام، وأرجو الله تعالى أن أكون في هذا الحوار الطويل قد وفقت في وضع النقاط على حروفها خدمة للصالح العام وللتاريخ والله الموفق.

الرابط المختصر :