العنوان خائفون من شعوبنا.. ماذا نفعل؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1982
مشاهدات 21
نشر في العدد 584
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 24-أغسطس-1982
الافتتاحية
هل قرأتم كتب التاريخ أيها السادة...؟ هل قرأتم صفحة واحدة من كتاب المسلمين الأبيض، يا من تحاولون كتابة التاريخ الأسود؟!
أيها السادة، يا من تحاولون فلسفة تاريخنا «بالمادية»، ويا من تشطبون بحروفكم «الجدلية» ما سطرته الأمة بأقلام فرسان العقيدة الإسلامية طيلة الزمن الماضي... إننا نقول لكم: لن تستطيعوا إلغاء التاريخ.. ولن تقدروا على طمس الحقيقة البيضاء.. ولسوف تتكسر أقلام التزوير التي تكتبون بها.. لأن التاريخ لا بد أن يرفضكم ويرفض أقلامكم ويفضح -من ثم- كل ما زورته ضمائركم؟
أيها السادة.. سواء كنتم في النزع الأخير أم كنتم كمن يحاول أن يولد من جديد.. يجب أن تعلموا أن جميع أشكال المزاودة -من اليمين إلى اليسار– صارت مفضوحة، وأن الشعوب المسلمة كلها تعرف هذه الفضيحة، وهي اليوم تسخر من جميع المزاودات التي عاد عجائز اليسار العربي إلى المتاجرة بها عبر مقولاتهم المتآكلة.. تلك المقولات التي اشمأزت منها القضية.. في فلسطين.. وفي لبنان.. وفي مخيمات المقاومة.. وفي أفواه البنادق الفدائية أيضًا.. فهؤلاء تعلموا في لبنان اليوم، وفي فلسطين بالأمس أن المزاودات الشعارية.. والمقولات الثورية.. والحكام البلطجية هم الذين ضيعوا فلسطين.. وضيعوا لبنان.. وهم يحاولون اليوم دفن القضية في كفن أدماه تزييفهم وتزويرهم.. وهم فوق ذلك لا يخجلون أو يستحون من فعلتهم، فيسرعون إلى توجيه التهمة للعصبة المخلصة، واضعين كل اللوم على الشعوب المسلمة التي ترى مشكلتنا مع اليهود في فلسطين، ومع العملاء والغزاة في لبنان، ومع الروس في أفغانستان مشكلة واحدة موحدة.
إذا كان الموضوع يحوي قضية واتهامًا فما هي مقولات الدعوى؟ وما هي القصة؟ لندخل في صلب القصة التي يريد اليسار العربي اليوم ترتيبها من جديد في مقولات تضمن:
- مشكلة العرب مشكلة محصورة في القضية الفلسطينية والانشغال بغيرها جريمة.
- أفغانستان ليست مشكلة -كما يقول اليسار- وتدخلنا فيها يعطل مسار القضية الفلسطينية.
- تحرير فلسطين لا يمكن إلا من خلال الأيديولوجيات اليسارية الثورية بالتحالف مع موسكو والكتلة الشرقية.
- الإسلاميون يتحملون تبعات الانتكاسة الثورية لحركة التحرر العربي.
هكذا يحاول اليسار العربي اليوم تفريغ الجريمة التي حصلت اليوم في لبنان في جعبة الاتجاه الإسلامي، متهمين الإسلاميين بمعاداة أيديولوجيتهم الثورية، وبالنظرة الشمولية التي تربط حركة التحرر في فلسطين بالجهاد في أفغانستان، واعتبار العدو الصهيوني مماثل للعدو الروسي الشيوعي في أفغانستان.
إننا نقول لهؤلاء: إن ترتيباتكم «السفسطائية الجدلية» ليس لها من أكل تؤتيه على الساحة العربية واتهامكم لن يضلل أحدًا بعد اليوم.
- فالشعوب في عالمنا الإسلامي كله تؤمن أن المعتدي على المسلمين أو على أرضهم إنما هو عدو لكل مسلمي العالم؛ سواء أكان ذلك في أفغانستان أم في فلسطين.
- وأن الشعوب المسلمة تعرف تمامًا الغاية من تكريس النظرة الجزئية إلى القضية الكلية، وحضر الصراع مع الصهاينة فقط؛ لتسرح الدبابات والمدافع الروسية وتمرح فوق أجساد المسلمين بملء حريتها في أفغانستان، وبمعزل عن مشاعر الشعوب العربية المسلمة.
- وأن الشعوب المسلمة كلها تعرف أيضًا جميع المحاولات التي انحرفت بالثورة الفلسطينية من مفهومها وإطارها الإسلامي؛ لتدخلها في قوقعة الثورة الزائفة الجوفاء.
- وأن الشعوب المسلمة تعلم علم اليقين مؤامرة حكام اليمين على فلسطين في الأربعينات والخمسينات، وتعلم كذلك مؤامرة حكام اليسار في الستينات والسبعينات الذين برزوا على المسرح لإتمام اللعبة، وتعلم أيضًا أن الجميع تآمروا من أجل تحقيق الهدف المميت للثورة الفلسطينية وذلك بتفريغ المحتوى الإسلامي منها.
ويدعي عجائز اليسار أيضًا أن الاتجاه الإسلامي لم يقدم شيئًا لفلسطين!! ونحن لسنا بصدد إقناع شعوبنا ببطلان هذا الباطل، لكننا نقول لأولئك العجائز:
- إن أول منظمة باشرت المقاومة في فلسطين عام 1964 هي منظمة «فتح» التي أسسها الإسلاميون - فكان الدم الإسلامي أول دم تريقه الثورة الفلسطينية المعاصرة على تراب فلسطين.
- وإن الكتائب الوحيدة التي نظمها الشعب العربي لحرب العدو عام 1948 هي كتائب الإخوان المسلمين التي دخلت إلى عقر دار الصهاينة في الوقت الذي انهزمت فيه الجيوش النظامية.. بينما الأحزاب الشيوعية والاشتراكية كانت تخطط آنذاك لمؤامرة الانقضاض على الشعوب.
- وإن عشرينات هذا القرن وثلاثينياته وأربعينياته لم تشهد في فلسطين قائدًا أو ثائرًا على الاحتلال البريطاني غير رجال الدعوة الإسلامية وعلمائها، أمثال الشيخ عز الدين القسام، والشيخ أمين الحسيني؛ بل أن مفتي المسلمين في فلسطين كان هو رمز الثورة على المحتل البريطاني، ومحاربة خطط الاستيطان اليهودي تحت المظلة البريطانية.
واليوم.. يحاول اليسار أن يطرح نفسه قائلًا.. لقد ترك الإسلاميون الساحة الفلسطينية حاملين الشعب العربي إلى أفغانستان متجاهلًا أصول العقيدة الإسلامية التي لا تفصل بين وطن ووطن، كما لا تفرق بين مسلم ومسلم.
لكن.. إذا أراد اليسار العربي عبر مقولاته الممجوجة أن يطير بأجنحة الصقور، فإن ذلك لن يكون؛ حيث لن يستطيع فصل قضية عن قضية.. كما لن يستطيع سلخ شعب عن الأمة المسلمة.
هنا نقول لأولئك المتنطعين:
يا عجائز اليسار، إن شعوبنا تدرك خطوط مشكلتنا مع أعدائنا بكل وضوح.. إنها ليست بالمشكلة المجزأة، وهي ليست مشكلة ذات إطار جغرافي محصور ضمن إقليم واحد.. إنها مشكلة كلية مع كل معتد أثيم، إن الأطفال والأميين والعامة يصرخون اليوم أن المشكلة واحدة وموحدة في كل من فلسطين ولبنان وأفغانستان وكل جزء محتل من أرض المسلمين الواسعة، وليس من يجاهد في فلسطين ولبنان بمختلف عمن يجاهد في أفغانستان، ولقد قرر المجاهد الأفغاني عبد رب الرسول سياف هذه الحقيقة عندما قال أمام ملوك ورؤساء الدول الإسلامية في مؤتمر الطائف للقمة الإسلامية:
«إننا نأمل أن نحرر أفغانستان لننتقل بعد ذلك إلى تحرير فلسطين»، هذا ما يقوله المسلم الأفغاني، فهل هناك من عجائز اليسار من يستطيع تحسس هذا المعنى السامي الذي يشعر به مجاهدو أفغانستان.
بعد هذا نقول لكل من إخواننا في فلسطين وفي أفغانستان: إن خندق الجهاد واحد، وإن الصهاينة والروس عدوان متماثلان، وإن تحرير فلسطين ينقلنا لمتابعة التحرير في أفغانستان، وتحرير أفغانستان ينقلنا لتحرير فلسطين.. إننا معًا.. والمأساة اليوم في فلسطين وأفغانستان واحدة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل