; خاطرة.. الصيف كان السبب | مجلة المجتمع

العنوان خاطرة.. الصيف كان السبب

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1971

مشاهدات 19

نشر في العدد 61

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 25-مايو-1971

الأسرة

خاطرة

الصيف كان السبب

 

ما إن وضع الزوج العائد من سفره مع أسرته حقائبه أمام باب المنزل، وسط ضجيج الأولاد وصخبهم، حتى بدا أن سوء تفاهم بين الزوج وزوجته يبرز بوضوح، فما إن تتكلم الزوجة حتى يصرخ الزوج في وجهها، وما إن يتكلم الزوج حتى يجد العبوس والنفور من زوجته.

وكما هي العادة ذهبت إلى هذه الأسرة للسلام والتهنئة بسلامة العودة والاطمئنان على أحوال الأسرة، وكنت أظن أن ما رأيته بالأمس بينهما كان خلافًا بسيطًا سرعان ما ينتهي بعد الراحة من وعثاء السفر، ولكنني فوجئت بأن خلافًا عميقًا يستشري بين الزوجين ويهدد كيان الأسرة، ولم يكن بد من الدخول في موضوع الخلاف، جرنا إليه الحديث عن السفر، ووجدت نفسي فجأة حكمًا بين زوجين متنافرين.

* قال الزوج: تصور أنني أخذت هذه الزوجة مع أولادها الكبار والصغار وطفت بهم أنحاء أوروبا متحملًا التعب والعنت في صحبتهم، ومع ذلك لم يعجبها ذلك، أريتها كل ما يتصوره الإنسان من جمال الدنيا ومباهجها، فما ازدادت إلا استياء ونفورًا.

* قالت الزوجة: كنت في غنى عن كل هذا الجمال وكل هذه المباهج، كان بيتي أولى بي، لم أعد أحب السفر ولا أرغب فيه، لقد عرفت الآن لماذا كان يصر زوجي المحترم في كل سنة على قضاء الصيف في أوروبا، أخذنا هذه السنة وهو كاره ومع ذلك لم يخف علينا ما كان يفعله، أكثر الأوقات كان يصطحب فيها أصدقاءه إلى حيث نعرف أو لا نعرف ويتركنا وحدنا، ثم ماذا وجدنا هناك غير ما ننكره من مباذل ومفاسد في كل مكان يخرج بنا إليه، ليس للحياة هناك طعم إذ هي خالية من القيم التي نعتز بها، لم أعد من هذه الرحلة إلا بالهم والغم.

* قال الزوج: ماذا تريدين إذن؟! البقاء في الكويت رفضتِه وأن تسافري إلى إحدى البلاد العربية رفضتِه وأن تسافري معي إلى أوروبا رفضتِه، فماذا أصنع لها بالله عليك؟!

* قالت الزوجة: في أول مرة أصر فيها على قضاء الصيف في أوروبا، رفضنا الذهاب معه، فذهب وحده وتركنا نعاني حر الصيف وثقل الرطوبة وتراب العواصف الرملية، دون أن يكون معنا عميد الأسرة يؤنس وحدتنا ويقضي حاجتنا، فاجتمع علينا من الهموم ما تنوء به الجبال واحتملنا صابرين حتى عاد.

وفي المرة الثانية أصر أيضًا على قضاء الصيف في أوروبا وعرض علينا أن نقضيه نحن في أي بلد عربي إذ رفضنا السفر معه واستثقلنا البقاء وحدنا في الكويت، وتحت وطأة إلحاح الأولاد رضينا بالسفر إلى بلد عربي، فماذا حدث؟

وجد الأولاد الكبار أنفسهم بلا أب في بلد هم غرباء فيه، فانطلقوا يفعلون ما يريدون ويذهبون إلى حيث يشاءون؛ وانطويت مع البنات على نفسي أعاني مرارة الوحدة والغربة معًا، كنا إذا أردنا الخروج نعاني ما نعاني من مشاكل المواصلات والزحام في كل مكان، حاجاتنا لم نكن نحصل عليها إلا بشق الأنفس، أولادنا الصغار كان إذا مرض منهم واحد وجدنا آلامًا كثيرة في تطبيبه ومداواته والسهر عليه لم نستطع الاستمرار، ولم نطق البقاء فقطعنا إجازتنا وعدنا إلى بلدنا لنعيش بين أقاربنا وأهلنا ومعارفنا ننتظر الزوج الذي لم يحلُ له إلا قضاء الصيف في أوروبا.

وفي المرة الثالثة لم نجد بدًا من الموافقة على اصطحابه بعد أن عانينا ما عانينا من تجاربنا السابقة، وقلنا نجرب، فكانت أسوأ تجربة وأردأ حال، ولا أظن زوجة تصبر على أكثر من هذا على مثل هذه الحال، ولئن لم يجد حلًا لهذا الأمر في الصيف القادم فإن بيت أهلي خير لي من البقاء مع هذا الرجل تحت سقف واحد.

قال الزوج: زوجتي تصر على أن تبقى كما هي لا تتبدل لا تتغير، وتصر على تقييد حريتي وإرغامي على البقاء معها، وأنا أحب الانطلاق، أحب الحرية، ولقد سئمت من جو البلاد العربية، ولا أرتاح في الصيف إلا في أوروبا.

قلت: وماذا تجد في أوروبا مختلفًا عن البلاد العربية الباردة في الصيف؛ ذات الجداول والأنهار والحدائق والبساتين والفواكه والخضروات والبسط السندسية الخضراء والهواء الندي العليل والناس الطيبين، الذين تتفاهم معهم ويتفاهمون معك؛ وتشعر بشعورهم ويشعرون بشعورك؛ وتجد أفراحك أفراحهم وأتراحك أتراحهم، يستضيفونك بكرمهم إذا حللت عليهم؛ ويهشون إلى لقائك إذا أقبلت نحوهم، لا ينقصك طبيعة جميلة من جبال عالية وعيون جارية ولا أناس طيبون بلقائك مسرورون ولمقدمك فرحون.

ألا تجد معي أنك لن تضحي إلا بأهوائك وشهواتك وما يمكن أن تجده من تفاهات وما يتوافر في أوروبا من مجون واستهتار؛ حين توافق أهلك فتسافر معهم إلى مصيف عربي فتأنس بالقرب منهم وتسعد برضاهم وسط طبيعة لا تقل جمالًا وجو لا ينقصه إلا الأسرة مجتمعة على المحبة والإخلاص، أم تريد أن يكون الصيف سببًا في هدم هذه الأسرة الآمنة المطمئنة وتشريد هؤلاء الأولاد السذج وضياع القيم الإسلامية في نفسك.

ولم يحر جوابًا، فسكت.

 

الحوادث المنزلية

إن المنازل الحديثة وما أُدخل عليها من آلات كهربائية وميكانيكية لتوفير الوقت والجهد ومعاونة ربة البيت في أداء أعمالها المرهقة، تشكل في الوقت نفسه مصدرًا كبيرًا للحوادث، وكلما تعددت هذه الآلات، بل تكمن في كل ركن؛ بالتالي عدد الحوادث والإصابات الناجمة عنها، ولا تقتصر مسببات الحوادث على هذه الآلات، بل تكمن في كل ركن من أركان المنزل مسببات أخرى؛ قد تبدو من البراءة بما لا يلفت إليها الأنظار ولا يخطر على بال أحد أنها قد تنقلب في وقت من الأوقات إلى أدوات للقتل، وتعتبر الحوادث المنزلية آفة المجتمعات الغنية والدول المتقدمة؛ وتتزايد نسبتها باستمرار مع التقدم والأخذ بأسباب المدنية، وقد أجريت إحدى الدراسات الإحصائية لبيان العلاقة بين تقدم المجتمع وبين عدد الحوادث المنزلية، وذلك بمقارنة عدد حالات الوفاة التي تحدث للأولاد والبنات بين السنة الأولى والرابعة عشرة من العمر بسبب هذه الحوادث بالنسبة إلى غيرها من مسببات الوفاة، وقد اتضح من نتائج هذا البحث أن هذه النسبة في ازدياد مطرد مما جعلها تحتل مكان الصدارة بين سائر أسباب الوفاة.

 

..وعالم الأطفال

الكشف عن الأطفال الموهوبين

إن أول خطوة تقوم بها لمساعدة الطفل هي أن تكتشفه أولًا.

في إحدى المدارس الابتدائية كان هناك تلميذ في التاسعة من عمره يرفض أن يجيب عن الأسئلة التي توجه إليه في الفصل، وكان إذا قرأ بصوت عال في الفصل لا يفهم السامعون شيئًا، إذ كانت المقاطع والكلمات تختفي في أثناء قراءته السريعة غير الواضحة، وإذا عهد إليه بواجب مدرسي لا يستطيع أداءه أبدًا.

وبينما كانت هذه حال هذا التلميذ في المدرسة، أكدت والدته للمدرسة والناظرة أن ابنها قرأ كتبًا عديدة في المنزل، وأنه في يقظته وفطنته يفوق أخته الأكبر منه سنًا، وأن أحب الأمور إليه أن يجلس إلى أصدقاء والده ويناقشهم في المسائل السياسية.

 وكانت المدرسة تصغى إلى حديث الأم في تأدب واهتمام، ولكنها متأكدة في قرارة نفسها أن هذه الأم- كسائر الأمهات- متحيزة تحيزًا واضحًا لابنها، وكذلك كانت ناظرة المدرسة تشكك في كل ما قالته الأم عن ابنها في المنزل؛ لأن درجاته الدراسية المدونة في التقرير المدرسي كانت كلها سيئة.

فهل كانت لهذا الطفل شخصية مزدوجة؟ هل هناك من سبب أو أكثر نفسر به هذا التناقض العجيب؟ هل المحتمل أن يكون هذا الطفل الذي يتعثر في القراءة ذا مواهب مبتورة؟ أم أن الأم كانت تنظر إلى ابنها الوحيد خلال منظار وردي جميل؟

وأخيرًا أعطيت مجموعة من الاختبارات لجميع تلاميذ الفرقة الرابعة بالمدرسة التي بها هذا الطفل، وأثبتت هذه الاختبارات أن هذا الطفل يفوق بشكل قاطع جميع أقرانه، بل إنها دلت على أنه في مستوى تلاميذ الفرقة الأرقى.

وليس أمر هذا الطفل بعجيب أو نادر في مدارسنا، فالذكاء المرتفع لا يلازمه دائمًا امتياز في الأعمال المدرسية، فكثير من الأطفال الموهوبين يضيقون بما يدرس لهم بالمدرسة ولا يبذلون مجهودًا واضحًا يكشف عن حقيقة قدراتهم ومواهبهم، وهناك من الموهوبين من يواتيهم الحظ فيوفر لهم المنزل عوامل الاستشارة العقلية والتقدير، ومثل هؤلاء قد يكونون ذوي ميول قوية نحو مسائل الرياضة ذات المستوى العالي، أو نحو الممتاز من الكتابات الأدبية، وهناك من هم أقل حظًا وهم الذين لا يجدون تقديرًا لمواهبهم واعترافًا بقدراتهم حتى من عائلاتهم، وهم أيضا الذين تقف مشاكلهم النفسية في سبيل تعبيرهم عن مواهبهم والكشف عن إمكاناتهم.

ويترتب على فشلنا في التعرف على مواهب أطفالنا الموهوبين وفي تشجيعها وتنحيتها أن يضيع هؤلاء الأطفال أوقاتًا طويلة في أداء ما يعهد إليهم من أعمال دون مستواهم، ولا تتحدى تفكيرهم. وفي مثل هذه الحالات يفقد هؤلاء الأطفال ميلهم وحماستهم للعمل؛ وبالتالي يفقد المجتمع ما كان من الممكن أن يسهم به هؤلاء يومًا ما في ميادين المخترعات والثقافة والزعامة والإنتاج الفني لو أتيحت لهم الفرص لتنمية مواهبهم إلى أقصى حد مستطاع.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

أطفالنا من هم وإلى أين؟

نشر في العدد 2

121

الثلاثاء 24-مارس-1970

كيف أعود ولدي الصلاة؟!

نشر في العدد 2

52

الثلاثاء 24-مارس-1970