; خطاب السيد الرئيس (1 من 2) | مجلة المجتمع

العنوان خطاب السيد الرئيس (1 من 2)

الكاتب أحمد منصور

تاريخ النشر الثلاثاء 15-نوفمبر-1994

مشاهدات 12

نشر في العدد 1125

نشر في الصفحة 27

الثلاثاء 15-نوفمبر-1994

رغم الأهمية الكبرى للخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في الكنيست الإسرائيلي في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي، إلا أن وسائل الإعلام العربية لم تعطِ الخطاب الأهمية التي يستحقها، ولم تأخذ منه سوى فقرات وعبارات قليلة مبتعدة عن روح الخطاب ونصه وبدا أن ذلك كان شيئًا متعمدًا بسبب الإهانة البالغة غير المباشرة التي وجهها الرئيس الأمريكي للعرب عبر خطابه، ونظرًا لأن الخطاب كان يعتبر أهم ما حدث في جولة كلينتون في المنطقة باعتباره يحدد طبيعة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ونظرة أمريكا لكل من إسرائيل والدول العربية، ومكانة إسرائيل الخاصة لدى الرئيس كلينتون وصورة الشرق الأوسط الجديد لديهم فقد أصبحت هناك ضرورة ملحة للاطلاع على ما جاء فيه لا سيما وأن التقرير العربي اليومي لوكالة الإعلام الأمريكية في واشنطن لم يورد الخطاب كاملًا على غير العادة في مثل هذه المناسبات واكتفى بمقتطفات منه ربما مراعاة لمشاعر العرب. 

وبعد اتصالات دامت ما يقرب من أسبوع تمكنّا من الحصول على النص الأصلي الرسمي للخطاب من مضابط الكنيست الإسرائيلي عبر جهد مشكور من الزميل أحمد رمضان، مدير وكالة قدس برس للأنباء، آملين  من العرب فقط أن يقرءوا أهم ما قاله الرئيس كلينتون في الكنيست في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي دون تدخل منا من قريب أو بعيد.

 بدأ الرئيس كلينتون خطابه قائلًا: «حضرة رئيس الدولة.. حضرة رئيس الوزراء.. حضرة رئيس الكنيست.. حضرة السيد ناتنياهو.. سيداتي وسادتي أعضاء الكنيست...

دعوني أعبر لكم عن شكري وتقديري للسيد رئيس الوزراء وللزعماء الإسرائيليين الذين رحبوا بي في هذا البلد العظيم وأشكركم جميعًا لمنحي فرصة الحديث إليكم في هذا الجو الديمقراطي الذي تنعم به إسرائيل حيث أشعر أني وسط أهلي.. بالأمس خطت إسرائيل خطوة عظيمة نحو تحقيق الحلم القديم للشعب اليهودي حلم الآباء بشعب قوي وزاخر يعيش بحرية في أرضه وينعم بثمار السلام مع جيرانه..

إننا نرى في سيرتك حضرة رئيس الوزراء تجسيدًا لمسيرة بلادكم فعندما كنت شابًا كنتم تطمحون إلى الإمساك بزمام عملية زراعة الأراضي الإسرائيلية، ولكن بدلًا من العمل على تحقيق ذلك آثرتم تلبية النداء الدفاع عن إسرائيل وقد كرستم حياتكم للعمل على تعزيز قوة بلادكم لكي يتمكن الآخرون من زراعة أرضها والعيش فيها بأمن وسلام، وقد خضتم معارك عديدة، كما حققتم انتصارات كثيرة في الحروب واليوم تقاتل بقوة وتسجل انتصارات عظيمة في معركة السلام. 

وبالنسبة إلى الشعب الأمريكي كذلك فإن هذا السلام نعمة؛ إذ على مدى عقود حينما كانت إسرائيل تكافح للبقاء كنا نبتهج لانتصاراتكم ونشاطركم مآسيكم وفي السنوات التي تلت إنشاء إسرائيل أعجب الأمريكيون من كل معتقد ديني بكم وساندوكم، وبلادنا مثل بلادكم أرض ترحب بالمنفيين أمة أمل وأمة لجوء، فمن الشرق الأقصى وأوروبا ومن الاتحاد السوفييتي سابقًا جاء شعبكم ومنهم اليهود الشرقيون والغربيون واليمنيون والأثيوبيون جميعهم ملتزمون بالعيش بحرية وببناء وطن مشترك.

وواحد من كل أربعة مواطنين تقريبًا في بلدكم عربي وهو أمر تعيه قلة قليلة من الناس خارج بلادكم، وحتى بدون نعمة الحدود الآمنة أمّنتم لشعبكم نعمة الديمقراطية، وفي خضم كل ذلك الاضطراب والمداولات لا يزال نظامكم أفضل النظم. وفي وقت الحرب كما في وقت السلم أدرك كل رئيس أمريكي بدءًا بالرئيس هاري ترومان وكل كونجرس أهمية إسرائيل. إن بقاء إسرائيل هام لا لمصالحنا فحسب بل لكل القيم العزيزة علينا، وكان دورنا في الحرب مساعدتكم في الدفاع عن أنفسكم بأنفسكم وهذا ما طلبتموه، والآن وأنتم تجازفون من أجل السلام يتمثل دورنا في مساعدتكم على تقليص مخاطر السلام عليكم إلى أدنى حد.

 إني ملتزم بالعمل مع الكونجرس للمحافظة على المستويات الحالية للمساعدة العسكرية والاقتصادية لإسرائيل، وقد اتخذنا خطوات ملموسة لتعزيز تفوق إسرائيل النوعي وهيئة مثل «لجنة العلوم والتكنولوجيا الأمريكية الإسرائيلية» والوصول الإسرائيلي الذي لا سابق له لسوق التكنولوجيا المتفوقة الأمريكية وحيازة أجهزة الكمبيوتر المتقدمة كل هذه أمور تحافظ على إبقاء إسرائيل في صدارة التقدم العالمي والأسواق التنافسية والعالمية.

وقد اتخذت أيضًا خطوات لتعزيز القوة العسكرية الإسرائيلية وقدرتكم على التصدي لأخطار محتملة لا عليكم فقط بل على المنطقة أيضًا، ويجري تزويدكم بمقاتلات من طراز ف. 5 ونقل طائرات ف ١٦ من المخزونات الأمريكية، كما نعمل عن كثب معكم للتطوير صاروخ آرو للحماية ضد تهديد الصواريخ الباليستيكية. وكما نساعد في التغلب على مخاطر السلام نساعد أيضًا في بناء سلام يجلب الأمان والأمن اللذين تستحقهما إسرائيل وذلك السلام يجب أن يكون حقيقيًا، ويستند إلى التزامات المعاهدات التي تعقد بصورة مباشرة من قبل الأطراف ولا تفرض من الخارج، ويجب أن يكون آمنًا وينبغي أن تكون إسرائيل قادرة دومًا على الدفاع عن نفسها بنفسها، ويجب أن يكون شاملًا، وقد عملنا جاهدين لإنهاء المقاطعة العربية وقد حققنا بعض النجاح، لكننا لن نتوقف إلى أن تُرفع تمامًا.

 هناك معاهدة مع الأردن واتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية لكن يجب أن نواصل المسيرة إلى أن تغلق سوريا ولبنان دائرة البلدان التي تدخل في سلام مع إسرائيل وإلى أن تُطَبِّع الدول الأخرى في العالم العربي علاقاتها مع إسرائيل.

صباح هذا اليوم في دمشق بحلت السلام مع الرئيس الأسد، وكرر في مؤتمرنا الصحفي ما ذكره سابقًا لبرلمانه أن سوريا جعلت السلام مع إسرائيل خيارًا استراتيجيًا، وأوضح كذلك أن سوريا على استعداد للالتزام بمتطلبات السلام من خلال إنشاء علاقات سلمية طبيعية مع إسرائيل، وأمنيته كما عبر عنها بوضوح هي تحويل المنطقة من حالة حرب إلى حالة سلام تمكن العرب والإسرائيليين من العيش في أمن واستقرار ورخاء.

لقد قمنا بحثِّ الرئيس الأسد على التحدث إليكم بلغة السلام التي تفهمونها، واليوم شرع في ذلك.. بالطبع سيتطلب الأمر أكثر من مجرد كلمات.. بل أكثر بكثير من كلمات، لكني أعتقد أن شيئًا ما آخذ في التبدل في سوريا إذ يفهم زعماؤها أن وقت صنع السلام قد آن، وسيبقى قدر لا يستهان به من المساومة العسيرة قبل تحقيق تقدم بارز، إلا أنهم جادون في المضي قدمًا.

 وكما عملنا معكم من كامب ديفيد إلى السعودية كي نحقق لشعبكم سلامًا يقترن بالأمن كذلك سنسير معكم في الطريق إلى دمشق لتحقيق السلام المقترن بالأمن.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل