العنوان خيار الانتفاضة استمرار المواجهة والصمود
الكاتب محمد نزال
تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1992
مشاهدات 14
نشر في العدد 1028
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 08-ديسمبر-1992
ممثل حركة المقاومة الإسلامية - حماس
تعد الانتفاضة من أهم الانعطافات المميزة والنوعية في التاريخ المعاصر للقضية الفلسطينية فمنذ بداية القرن الميلادي الحالي وفلسطين تشهد هبات جماهيرية تستمر لمدة زمنية قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع أو شهور، وسرعان ما تتوقف أو تخمد.
ولكن الهبة الجماهيرية التي انفجرت في مخيم جباليا بقطاع غزة في أوائل شهر كانون أول «ديسمبر» ۱۹۸۷، تحولت إلى انتفاضة مستمرة، بحيث تستعد الآن لتطوي خمسة أعوام متواصلة من الجهاد والكفاح والتضحية مخالفة بذلك كل النبوءات التي توقعت لها أن تتوقف أو تخمد.. لقد شكلت انتفاضة الشعب الفلسطيني ظاهرة مميزة في التاريخ المعاصر حيث انفردت عن ثورات الشعوب الأخرى لكونها أول ثورة جماهيرية تشارك فيها كافة فئات وشرائح الشعب من جهة.
وتستمر هذه المدة الزمنية دون انقطاع من جهة أخرى، أن الانتفاضة وقد طوت أعوامها الخمسة تحتاج منا إلى وقفة تأمل صادقة وعلمية، بعيدة عن الانفعالات المشوبة بالعواطف، خاصة وأن أطرافًا في الساحة الفلسطينية بدأت ومنذ بدء العملية السياسية الحالية تتحدث عن تراجع الانتفاضة أو عن بروز سلبيات وثغرات فيها، بل إن بعض الأصوات ارتفعت لتطالب بضرورة وقفها لأنها حسب تعبير تلك الأصوات أصبحت تشكل عبئًا كبيرًا على الشعب الفلسطيني في الداخل، إن هذه الأصوات المطالبة بوقف الانتفاضة تريد بقصد أو بدون قصد تجريد الشعب الفلسطيني من الورقة الوحيدة التي بات يملكها وهي ورقة الانتفاضة خاصة بعد أن أغلقت الخيارات أمامه في ظل الظروف العربية والإسلامية المحيطة به.. فبروز سلبيات للانتفاضة لا يعني بحال من الأحوال، توقفها بل يعني ضرورة تحديد هذه السلبيات، ومناقشتها والعمل على تداركها وتلافيها ما أمكن، وأن وجود سلبيات في أي عمل بشري هو أمر لا مناص منه، ولكن لا بد في المقابل من بروز إيجابيات بحيث تكون الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات.
والانتفاضة وهي جهد بشري تخضع لهذه القاعدة التي تحدثنا عنها.. إنني ومن خلال المتابعة والرصد الدقيق والمستمر لحركة الانتفاضة، أجد أنها قد سجلت في العامين الأخيرين تراجعًا في مستوى المشاركة الجماهيرية، بحيث بدا واضحًا أنها تعتمد اعتمادًا شبه كلي على الفصائل الفلسطينية، كما برزت سلبيات تمثل أهمها التجاوزات من بعض الفصائل في تصفيتها للعملاء، والاحتكاكات بين بعض الفصائل بحيث تحولت في بعض الأحيان إلى مواجهات دامية بين عناصرها وكوادرها، إضافة إلى التضارب الذي يحدث بين فعاليات الانتفاضة المختلفة، نتيجة لتعددية التوجيه.
ولكنني اعتقد أن هذه السلبيات يمكن تجاوزها إذا وجدت النيات صادقة، لاستمرار الانتفاضة وهذا ما أزعم بأنه غير موجود -في ظاهره على الأقل- عند بعض الفئات الفلسطينية، حيث إن وقف الانتفاضة أصبح هدفًا يعمل هؤلاء لتحقيقه، عبر حرف الانتفاضة عن مسارها الصحيح، بتحويلها من مواجهة ضد الشعب إلى مواجهة بين الشعب.
إن الشعب الفلسطيني رغم الآلام والمعاناة والعذاب، قادر على الاستمرار في الانتفاضة، ولقد رأينا الانتفاضة تتجدد وتنبعث فيها الحياة من جديد عندما أضرب المعتقلين في سجون الاحتلال، وتفاعلت جموع الشعب معهم، بشكل جعل المراقبين يتذكرون الأيام الأولى للانتفاضة.. وإننا على قناعة بأنه يمكن تجديد الانتفاضة بابتكار أساليب ووسائل جديدة ومتطورة، كفيلة باستمرار الانتفاضة بل وتصعيدها إن خيار الشعب الفلسطيني الحالي الذي يجب أن يكون هو استمرارية المواجهة والصمود والمقاومة، إزاء محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وأعتقد أن الانتفاضة تمثل الآلية العملية لتحقيق هذا الخيار.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
مفكر صهيوني: لو قتلنا عشرة مليون كمان... كم يكون العدد الباقي؟
نشر في العدد 5
34
الثلاثاء 14-أبريل-1970