; د. سعاد الفاتح -مستشارة الرئيس السوداني- لـ المجتمع: مستشارية المرأة والطفل هدفها أن تنتج كل أسرة غذاءها وأن يتعلم جميع أبنائها | مجلة المجتمع

العنوان د. سعاد الفاتح -مستشارة الرئيس السوداني- لـ المجتمع: مستشارية المرأة والطفل هدفها أن تنتج كل أسرة غذاءها وأن يتعلم جميع أبنائها

الكاتب حاتم حسن مبروك

تاريخ النشر الثلاثاء 18-يوليو-2000

مشاهدات 12

نشر في العدد 1409

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 18-يوليو-2000

المرأة معادلة -لا مساوية- للرجل

«عرس الشهيد» أدب جديد للسودانيات تزف به كل أم ابنها أو زوجها إلى الجنة

اضطهاد بعض النساء في مجتمعاتنا لا يأتي من ضعف القانون وإنما من العادات

الدكتورة سعاد الفاتح البدوي.. وجه نسائي معروف في السودان، والعالم العربي والإسلامي، فقد تخرجت في كلية الآداب بجامعة الخرطوم عام ١٩٥٦م، ونالت درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، ثم جامعة الخرطوم، وهي مؤسسة وعميدة كلية التربية بالرياض بين عامي ۱۹۷۱ و۱۹۷۹م كما شغلت منصب نائب مدير جامعة الإمارات العربية المتحدة، وعضوية مجلس إدارة جامعتي أم درمان الإسلامية والخرطوم، والأمين العام السابق للاتحاد النسائي العالمي، وقد أسست المركز النسائي العالمي بالخرطوم، ورأست الجبهة النسائية الوطنية، وأسست ورأست تحرير مجلة «المنار»، كما شاركت في مؤتمرات عدة خارج السودان عن شؤون المرأة بالعالم أجمع، وقد اختارها الرئيس السوداني عمر حسن البشير مؤخرًا مستشارًا له، لشؤون المرأة والطفل، ومن هنا كان هذا الحوار الثري معها:

  • ما أولويات برامج عمل المستشارية في المجتمع السوداني؟

  • المستشارية جهاز جديد وحديث في المنطقة كلها، ومرتبط مباشرة برئيس الجمهورية، ولأنها جهاز جديد ليس له مثيل في بلادنا ولا في البلاد العربية والإسلامية لذلك فإننا نتلمس خطانا في اتجاهين: الأول: تأسيس المستشارية نفسها من عمل مكتبي، ولوائح وقوانين وتنظيم إداري، ومن ناحية أخرى نلاحق الأحداث ونضع الاستراتيجيات قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى. 

وبالنظر إلى مجتمعنا السوداني فإن المرأة تعاني من بعض المشكلات وكذلك الطفل، وهذه المشكلات لا تخرج عن نطاق مشكلات المجتمع بوجه عام وتتلخص في الفقر الذي ضرب المنطقة كلها في إفريقيا ودول العالم الثالث والمستشارية جادة في أن تتعاون مع الأجهزة المختلفة في الدولة للقضاء عليه -إن شاء الله- وذلك يجعل الأسرة منتجة تنتج طعامها وغذائها داخل المنزل، وإن شاء الله نحن ماضون في هذا الاتجاه، ومن ناحية أخرى فإن المرأة والمجتمع يعانيان من الأمية لذلك فإن من أولويات المستشارية القضاء على الأمية قضاءً مرحليًّا سواء كانت هذه الأمية أمية حضارية أو فقهية أو أبجدية.

أما فيما يختص بمشكلات الأطفال فإنها مرتبطة بمشكلات الأمهات والأسرة ولكن المستشارية سوف تركز إن شاء الله على الذين لا مأوى لهم -المشردين- ونحاول مع الجهات المختصة أن نساعد هؤلاء الأطفال بأن تؤهلهم ونجد لهم المأوى ونعلمهم سواء كان تعليمًا حرفيًّا أو أكاديميًّا. هذه باختصار أولويات المستشارية وبرامجها.

  • عند تطبيق تجربة البكور في فبراير الماضي قدمت ورقة في هذا الشأن، فهلا  حدثتينا عنها وعن رأيك في هذا الأمر؟

  • بالرغم من السلبيات التي صاحبت هذه التجربة إلا أنه برنامج لا بد أن يستمر، والبكور مهم ومن نتائجه زيادة الإنتاج وانضباط المجتمع وإن شاء الله سنمضي فيه مع معالجة بعض السلبيات المصاحبة له.

  • تثار قضية «المرأة والعولمة» كثيرًا وقد عقد مؤتمر عنها في فبراير الماضي بالخرطوم، وقالت فيه د. كاثرين أوجون من الولايات المتحدة: إن سرعة التحولات الاجتماعية المصاحبة لظاهرة العولمة يمكن أن تؤدي إلى تفكك الأسرة وخلخلة الثقافات فماذا تقولين في هذا الأمر؟ 

  • العولمة هي في النهاية جعل العالم كله عالمًا واحدًا، وصحيح أن هناك بضاعة تروج في أن الثقافات المحلية والأديان والأعراف والثقافات سوف تحترم واقع الحال غير ذلك فالعولمة إذا لم تواجه بأسلحة قوية واستعدادات مبكرة في كل البلاد العربية والإسلامية فسوف تبتلع هذه  الثقافات والأديان، لذلك فهناك بعض التخوف من العولمة التي تدعو إلى انصهار جميع الناس في مبدأ واحد هو المبدأ الإنساني وهو ما يضيع الاختلافات الإثنية والثقافية التي تتميز بها الأمم ولذلك فنحن في المستشارية نحاول بكل ما أوتينا من إمكانات أن نجعل مجتمعنا الصغير في السودان مستعدًا لمواجهة هذا الخطر الداهم.

  • كيف يمكن للمرأة أن تشارك في التنمية الاجتماعية والاقتصادية؟

  • تعتبر المرأة عمودًا من أعمدة المجتمع، سواء في التنمية الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، ولا بد للمرأة من أن تضطلع بدورها، ونحن في السودان نجد المرأة خارج العاصمة القومية مثلًا في شرق السودان أو في جنوب السودان تقوم في بعملية التنمية فهي التي تزرع وهي التي تقوم بصناعة الطعام وتربية الأطفال وتساعد في بناء الدار أما بالنسبة للتنمية الاجتماعية  فهي الأم وهي الزوجة وهي المربية وهي روح الأسرة وهي التي تلعب الدور الأساسي في استقرار الأسرة، أما من الناحية السياسية فهي التي تعرف مشكلات المرأة وعليها دور مهم جدًا في تنظيم حياة المجتمع وإشاعة الطهر والفضيلة في المجتمع.

معادلة لا مساوية

  • كيف ترين جهود المرأة السودانية في المجتمع؟

  • المرأة السودانية فريدة من نوعها لأنها شاركت الرجل منذ القدم، وفي تاريخ هذا البلد شاركت المرأة الرجل في بداية الاستقلال، وقبل ذلك في مناهضة الحكم الأجنبي، وبعد الاستقلال في إرساء قواعد الاستقرار ولهذا فقد استحقت أن تكون في هذه المواقع المختلفة فنجد الآن المرأة في شتى المواقع بطريقة منسابة وليس بطريقة مصطنعة تشارك في ميادين العمل بكل جدارة وحشمة.

  • موضوع حقوق المرأة ومساواتها بالرجل أصبحت مثل حصان طروادة، وقد تستغلها التيارات العلمانية واللادينية فما قولك؟

للغرب ظروفه الخاصة به وهو يختلف تمام الاختلاف عنا في وضعه وفكره وتاريخه كما يختلف عن العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص. وفي الإسلام ليس عندنا قضية امرأة معادلة للرجل، ولا نقول مساوية لأن هناك فروقًا وهذه الفروق لا تعني المساواة المطلقة، والمرأة في الغرب عانت معاناة كثيرة من اضطهاد الرجل وظلمه، وعلى مدى تاريخها كانت مضطهدة ولا تزال على الرغم من التقدم التقني والمادي الذي يتمتع به الغرب وتستغل أيضًا استغلالًا سيئًا في أجهزة الإعلام، ولا تزال حقوقها مهضومة ولا تزال معرضة لكثير من قمع الحقوق، أما المرأة العربية أو المسلمة فإن اضطهادها لا يأتي من الناحية القانونية وإنما من العادات والتقاليد الضارة غير الإسلامية، ولذلك نجد مشكلات المرأة المسلمة في مجتمعاتها مشكلات مصطنعة لأنها أصابت مجتمعات بعدت عن الإسلام، ولو وجد الفهم الصحيح للإسلام لما قاست المرأة في مجتمعاتها العربية والإسلامية، أما المرأة الأوروبية فلها قضايا خاصة بها، لذا فهي ترفع شعارات العولمة ومؤتمر بكين وتطبيق اتفاقية سيداو وغيرها من الاتفاقيات وترفع مطالب تتناسب مع أوضاعها في الغرب ولكنها لا تتناسب معنا نحن المسلمات، وعلى كل حال فالمفروض على المرأة المسلمة أن تتعامل مع هذه الأمور تعاملًا حضاريًّا وبفهم عميق وذهن متفتح بحيث تأخذ من الغرب ما عنده من محاسن وتعطيه مما عندنا من مزايا وفضيلة، ومن الملاحظ أنه على الرغم من الثروة العظيمة التي تملكها في الإسلام فإننا لا نعطي الغرب، ونجد أن المرأة في الغالب متقوقعة في بلادها أو في دارها في مجتمعها ولا تنطلق إلى أخواتها في العالم ولا تعلمهن هذا النظام الإسلامي الحضاري، أو تعرض عليهن بضاعتها القيمة حتى يستفيد العالم منها لذلك أعتقد أنه على المرأة المتعلمة المثقفة في العالم الإسلامي دور أساسي عالمي يجب أن تضطلع به وأن يكون لها وجود قوي في المحافل الدولية. 

  • ظاهرة العنوسة ازدادت بصورة واضحة، وقالت دراسة إن أكثر من ١٥ مليون فتاة في العالم العربي بغير زواج كيف ترين حل هذه الظاهرة في مجتمعاتنا؟

  • هذه مشكلة مؤسفة والقوانين الدولية قد لعبت دورها في أنها أخذت تروج لمبادئ الزواج المتأخر وتروج لبعض العادات الضارة بمجتمعاتنا ومبادئ هدامة لتحطيم الأسرة والخروج بمعنى جديد للأسرة التي أصبحت لا كما كان الحال من قبل من أنها تتكون من رجل وامرأة ولكن الآن أصبحت المرأة تتزوج المرأة والرجل يتزوج الرجل والمرأة تعيش مع الرجل بلا زواج وقد بدعوا مؤخرًا الترويج لهذا المبدأ الخطير وهو الحياة الجنسية خارج إطار الزواج وتعليم الجنس للأطفال في المدارس، هذه الأشياء الخطيرة يجب أن نتعامل معها بالرشد وذهن متفتح وأنا أعتقد أن مشكلة الزواج مرتبطة بالعادات أكثر منها ارتباطًا بأي شيء آخر، وللأسف كلما ازددنا تحضرًا وتقدمًا تشبثنا بالقشور والماديات، وهذا يعتبر معوقًا كبيرًا جدًا بجانب التكاليف الباهظة للزواج وأيضًا الملاهي الكثيرة في مجتمعنا أصبحت تصرف الشباب عن الزواج، علاوة على انتشار التسيب في مجتمعاتنا، ولذا أصبح الزواج مؤسسة يضمحل دورها، وقد يكون انشغال المرأة بالتعليم أو العمل من العوامل التي تؤخر سن الزواج ولكن في النهاية أعتقد أن على الدول العربية والإسلامية دورًا أساسيًّا في تشجيع الزواج والتخطيط الاجتماعي لهذا الموضوع ونحن في السودان قد بدأنا نعالج هذه المشكلة بما يسمى بالزواج الجماعي وقد نجح إلى حد كبير في تقليل التكلفة وإيجاد المأوى للزوجين الشابين، والبلاد الغنية تستطيع أن تفعل هذا أفضل منا لأنها تملك المقدرة المادية، وأعتقد أن الزواج وبناء الأسرة من أهم التحديات التي تواجه التخطيط الاجتماعي في العالم الثالث.

  • هل يمكن حل أزمة العنوسة بتطبيق تعدد الزوجات بالنسبة للرجال؟

  • لا نريد الدخول في هذا الركن الضيق فتعدد الزوجات رخصة منحها الله سبحانه وتعالى للرجل، وبعض الرجال إذا توافر لديهم بعض المسببات أو المبررات يمكنهم أن يعددوا ولكن في بلادنا الفقيرة هذه التي لا يستطيع الرجل أن يعول أسرة واحدة كيف يتم ذلك وعلى أي حال نحن في السودان لا نتخذ ذلك الأمر شعارًا لمحاربة العنوسة أو العزوبية وإعراض الشباب عن الزواج، فليس عندنا مشكلة قلة الرجال، فالرجال موجودون والنساء موجودات، فقط نريد أن نشجع الزواج وأعتقد أن زوجة واحدة تكفي للاستقرار الأسري وفي ظل الفقر الذي نعيشه لا يستطيع الرجل أن يتزوج امرأة ثانية وفي النهاية أعتقد أن تعدد الزوجات رخصة من الله سبحانه وتعالى ومسألة شخصية ولا ينبغي أن تكون سياسة تشغل المخططين للعمل الاجتماعي والاستقرار الأسرى.

السودانية مجاهدة

  • جادت المرأة السودانية بمالها وذهبها وزوجها وولدها في الجهاد ضد المعتدين في الجبهات المختلفة، ماذا تقولين؟

  • ما يحدث الآن في ساحة الجهاد شيء مذهل حقيقة وهو يذكرنا -إلى حد كبير- بعهد الصحابة أو عهد النبوة الأول، لأن المرأة انخرطت في عملية الجهاد تدريبًا وتجييشًا للجيوش ومشاركة في العمليات، لقد بدأ المجتمع تغزوه مبادئ جديدة فقبل عهد ثورة الإنقاذ حقيقة ما كانت هناك امرأة تدفع بابنها وزوجها إلى الموت رغم وجود التمرد ولكن عندما جاءت ثورة الإنقاذ ورفعت شعار الجهاد وانخرط فيه الطلاب والطالبات والشباب والشابات بدأت تظهر مبادئ جديدة في المجتمع فمثلًا نجد كثيرًا من النساء يدفعن بأبنائهن إلى الميدان ويقمن بوداع هؤلاء الأبناء وهم يتحركون إلى مواقع العمليات، فإذا استشهد أحد هؤلاء الشباب يقام ما يسمى بعرس الشهيد ويقابل الاستشهاد بالزغاريد والفرحة لقد أصبح هناك أدب جديد للناس في الحياة وما عاد الموت يعني شيئًا بالنسبة للأمهات اللائي يستشهد أبناؤهن وإذا مات شاب موتًا طبيعيًّا يقام له المأتم، ولكن إذا سمعنا بشهيد وذهبنا إلى عزاء أهله وجدنا هناك الفرحة والزغاريد والطعام هناك عادات جديدة وأدب جديد وعمل ما كنا نراه قبل ذلك.

وقد ساعدت هذه الروح على ارتفاع حس المسؤولية عند النساء والرجال معًا وأصبحت المرأة على الرغم من فقرها تبذل كل ما تملك من مال وحلي للمتحركات إلى ميادين القتال وكثيرًا ما نجد النساء يقمن بإعداد الطعام للمجاهدين زاد المجاهد في الشوارع ليلًا ونهارًا وبأقل تكلفة وهي ظاهرة تستحق الدراسة، ونحمد الله عليها.

  • بعد تطبيق قانون النظام العام لضبط الشارع نادى بعض الأصوات بإلغاء هذا القانون بحجة أنه يؤدى إلى تكبيل المرأة ما رأيكم؟

  • أنا شخصيًّا أعتقد أن التقنين مهم ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، فالذي أضر بهذا القانون هو التطبيق الخاطئ فقد سلم إلى من لا يحسن استخدامه لذلك أصبحت هذه الأصوات تسمع من هنا وهناك معارضة له وهي محقة في ذلك فإن ما يطبق غير الذي نراه في القانون، والقائمون على تطبيق هذا النظام لا بد لهم أن يراجعوا أنفسهم وإذا سئلت عن إحساسي الشخصي فأعتقد أنه يوجد ما يكفينا من القوانين الجنائية والمدنية، وإذا قارنا القوانين الجنائية والمدنية بقانون النظام العام ووجدنا ثغرة في هذه القوانين نستطيع أن نضيفها إلى تلك القوانين بدلاً من وضع تشريع خاص يطلق عليه قانون النظام العام وهو مكرر في بعض قوانيننا سواء كانت مدنية أو جنائية وأعتقد أنه يجب أن تركز على الدعوة مرة أخرى وعلى التوجيه والتعليم في المدارس ، ونركز على الإعلام الذي هو من الوسائل الخطيرة جدًا، وإذا ما استطعنا أن نشيع الفضيلة في وسائل إعلامنا ومدارسنا وفي شوارعنا أعتقد أن الإنسان السوداني يستحيل أن يقوم بأي عمل فاضح في جو كله فضيلة، لذلك أنا أفضل دائمًا الحكمة والموعظة الحسنة والتعليم والتدريب والنفس الطويل في معالجة الأمور أكثر من الضرب والبتر والمعاقبة المادية.

  • في الختام ماذا تقولين للمرأة المسلمة في العالم؟

  •  اتقي الله وكوني مع الله ولنتحرر من الخوف إلا من الله سبحانه وتعالى وأنا أعتقد أنه بالتقوى نستطيع أن نتمايز عن غيرنا، وأن نكون خير أمة.

الرابط المختصر :