; ذكريات مع «العمامة» (1 من 2) . | مجلة المجتمع

العنوان ذكريات مع «العمامة» (1 من 2) .

الكاتب الشيخ عصام تليمة

تاريخ النشر السبت 19-يوليو-2008

مشاهدات 18

نشر في العدد 1811

نشر في الصفحة 36

السبت 19-يوليو-2008

 كنت على متن الطائرة أعد عمامتي للباس بعد أن خلعتها لأنام قليلًا، وقد جلست مدة أتأمل عمامتي، وما يمكن أن يدور حولها من مواقف، وذكريات من القديم والحديث فهاجت في ذاكرتي هذه الخاطرة عن العمامة ومواقفها.

هناك عمائم أخذت شهرة كبيرة في التاريخ، وأقدس عمامة، وأشهرها، عمامة محمد ﷺ ، وبخاصة عمامة يوم الفتح – فتح مكة – العمامة السوداء، كما ذكر ابن القيم في زاد المعاد.. 

وكذلك اشتهر من علماء السلف صاحب العمامة السوداء الحسن البصري، كما قال الحجاج: أخطب الناس صاحب العمامة السوداء بين أخصاص البصرة، إذا شاء خطب، وإذا شاء سكت.

وأشهر بيت شعر قيل في العمامة بيت شحيم بن وثيل الرياحي الذي أنشده الحجاج، عندما ولي العراق، ووقف على المنبر يتغنى به 

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا                   متى أضع العمامة تعرفوني

عندما تولى الإمام محمد عبده – القضاء، كان إذا حرك عمامته للخلف يكون الحكم بالبراءة، وإذا حركها للأمام يكون الحكم مشددًا!

مواقف طريفة للشيخ عبد العزيز البشري مع العمامة.

ماذا قال أبو الحسن الندوي عندما شاهد العمامة في مصر؟

طرائف مع العمامة

وهناك طرائف مع العمامة، ومن هذه العمائم التي لها مواقف طريفة عمامة الإمام محمد عبده، وقد تقلد منصب القضاء في فترة من حياته، وكان رحمه الله يمهد قبل الحكم بممهدات توحي للحضور بما سيحكم به فقد كان من أسلوبه أنه إن أراد أن يحكم لشخص بالبراءة يرجع عمامته إلى الخلف حتى تصل إلى منتصف رأسه، ثم يرجعها إلى حيث كانت على رأسه، وإن أراد أن يحكم بالإعدام على شخص حرك عمامته إلى الأمام حتى تصل إلى منتصف جبهته، ثم يعود بها إلى رأسه حيث كانت معتدلة. 

وفي تناوله لإحدى القضايا، وكانت تحتمل الوجهين وهي إلى الإعدام أقرب، فوضع الإمام محمد عبده يده على عمامته. وقبل أن يحركها، صرخ المتهم بأعلى صوته مخاطبا الإمام محمد عبده (سابق عليك الحبيب النبي متجبهاش لقدام الله يخليك!) فضجت القاعة بالضحك وابتسم الإمام. 

ومن العمائم التي لها مواقف مضحكة أيضا، عمامة الشيخ «عبد العزيز البشري»، والبشري رجل فكه، يميل إلى الطرفة، وله كتب كلها في أدب الفكاهة والسخرية، ومن مواقفه مع العمامة أن استوقفه أحد الناس من العوام الذين لا يحسنون القراءة والكتابة؛ ليقرأ له خطابًا أتاه من قريب له، وكان خط كاتب الخطاب غير واضح بالمرة، بل سيئًّا جدًّا، فلم يستطع الشيخ عبد العزيز البشري أن يقرأ الخطاب، فقال له الرجل العامي: تلبس هذه العمامة الكبيرة ولا تستطيع قراءة الخطاب، فما كان من الشيخ عبد العزيز البشري إلا أن خلع عمامته، وألبسها للرجل العامي قائلا له: لقد لبست أنت العمامة، فتفضل سيادتك بقراءة الخطاب!!

كان الشيخ عبد العزيز البشري يدرس التلاميذ، ويرتدي عمامة الأزهر والجبة الأزهرية، وقد خلع عمامته وجبته ليتوضأ، فما كان من أحد التلاميذ إلا أن رسم على عمامة الشيخ من داخلها رأس حمار، فلما عاد الشيخ البشري وأراد أن يلبس العمامة رأى رأس حمار مرسومًا عليها، فأراد أن يتصرف بحكمة ويردها على فاعلها، بدل أن يسأل من الفاعل؟ ثم يعاقبه بالضرب، فما كان منه إلا أن قال من منكم يا أولاد مسح وجهه في العمامة، فنقعت عليها صورة وجهه؟!

ومن مواقف العمامة المعاصرة التي تبعث على الضحك، هو ما حدث لأحد الإخوة السلفيين، وقد ذهب إلى منطقة خليجية لأول مرة في حياته، فلما مشى في الطرقات رأى عمائم كثيرة، وبخاصة عمائم من الصوف. ومربوطة ربطًا محكما على الرأس، فقال في نفسه: ما شاء الله. الاخوة هنا لهم نشاط ملحوظ وصل بهم إلى نشر سنة العمامة. وبخاصة هذه العمائم المختلفة من صفراء إلى بنية اللون إلى خضراء، فلما سأل أحد أهل المنطقة، أجابه: إنها عمائم السيخ يا أخي وهؤلاء يلبسون العمامة لا يخلعونها إلا إذا هدم دين محمد ﷺ، وهذا معتقدهم!! 

وأول ما لفت نظر العلامة أبي الحسن الندوي في مصر عندما زارها لأول مرة سنة ١٩٥١م، وقد سئل ما أغرب شيء رأيته في مصر؟ فقال الأزهريون قيل له: لماذا؟ قال: لأنهم يتشبثون بلبس العمامة الأزهرية، والزي الأزهري، وهما ليسا بسنة تستدعي التشدد والتمسك بهما، في مقابل أنهم يحلقون لحاهم واللحية سنة!!

الرابط المختصر :