; رجل من بلدي - عبد العزيز بن أحمد بن رشيد ابداح | مجلة المجتمع

العنوان رجل من بلدي - عبد العزيز بن أحمد بن رشيد ابداح

الكاتب الشيخ عبد الله النوري

تاريخ النشر الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

مشاهدات 15

نشر في العدد 40

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

رجل من بلدي

عبد العزيز بن أحمد بن رشيد ابداح

مجاهد وخطيب ورحالة

بقلم الأستاذ عبد الله النوري

ولد في الكويت سنة (١٣٠١هـ) الموافق (١٨٤٤م)، وتعلّم علومه الابتدائية في كتاتيبها.

سافر إلى الحجاز حاجًّا سنة (١٣٢١هـ)، وبعد أن أدى الفريضة جاور في المدينة المنورة، ولازم حرمها متعلمًا ومُعلِّمًا يتنقل تارة بين علمائها من حلقة إلى حلقة مغترفًا من معين المعرفة، وكان يتردد كثيرًا على الشيخ/ ابن عزوز المكي، ويعلم تارة أخرى في حلقة له خاصَّة، ويجيب على سؤال من سأل مستفهمًا أو مستفتيًا.

أقام هناك سنتين وبعد فراغ الناس من حج الموسم سنة (١٣٢٣هـ) عاد إلى وطنه، وكان قد سافر إلى الأحساء واتصل بجملة من علمائها، ثم سافر الى القسطنطينية «الأستانة» للتجارة؛ إذ كان والده وعمه تاجرين، أسهم معهما في عملهما فأصاب في التجارة مرة وأخطأ فيها مرات. وفي القسطنطينية التقى برجال كانوا صفوة مختارة من علماء المسلمين الأعلام فتفتحت مفاهيمه بملاقاتهم، واستفاد من درايتهم ومعرفتهم؛ ما أضاء أمامه الطريق إلى حياة حافلة بالعمل المجدي.

  

 

التقاؤه بمحمد عبده ورشيد رضا

ومن القسطنطينية عرج على مصر وحضر عدة حلقات في الجامع الأزهر، واتصل بالسيد رشيد رضا الذي عرفه ودلّه على كثير من رجال زمنه في الدين والأدب. وتأثر بمناهج الإصلاح التي كان قد وضعها المرحوم الشيخ/ محمد عبده، والتي كان قد سجّلها تلميذه السيد رشيد في مذكراته ومؤلفاته.

وأقام بمصر أكثر من سنتين اطلع فيها على كثير من أمور الإصلاح التي نادى بها دعاة الإصلاح في زمن المصلحين.

وكان قد سافر كثيرًا للتجارة إلى العراق وسوريا والأناضول، وكانت الجلود معظم عروض هذه التجارة تصدر من الكويت ويستورد بدلها منسوجات ومصنوعات أخرى، إلا أن الربح في التجارة لم يحالفه فتركها.

وفي سنة (۱۳۳۰هـ) استقر في الكويت، وانخرط في سلك المعلمين في المباركية التي فتحت أبوابها آنئذ.

ثم اشترك مع المرحوم عبد الملك الصالح في فتح المدرسة التي أسساها في ديوان العامر، والتي كانت النواة الأولى للمدرسة الأحمدية.

وكان أول من دعا إلى تأسيس المكتبة الأهلية في سنة (١٣٤٠هـ)، والنادي الأدبي سنة (١٣٤١هـ)؛ حيث دعا إلى تأسيس تلك وهذا فاستجاب لدعائه أهل الخير.

فعاشت المكتبة الأهلية تحمل اسمها أربعة عشر عامًا، ثم كانت النواة الأولى لمكتبة المعارف القائمة اليوم.

أما النادي الأدبي فلم يعش سوى بضع سنوات، ثم أُغلق لحاجته للمال ولضيق ذات يد المشتركين فيه.

اشتراكه في معركة الجهراء

ومن صفاته أنه كان قويَّ الشخصية شجاعًا مِقدامًا؛ يدل على ذلك أنه أسهم في معركة الجهراء سنة (۱۳۳۸هـ) وفي معارك كثيرة قبلها.

وبعد أن تولي المرحوم الشيخ/ أحمد الجابر إمارة الكويت اتخذه له واعظًا في مجلسه، كما عيَّنه عضوًا في مجلس الشورى الذي اختار أعضاءه من خِيار رجال هذا البلد وشبابها يومئذ.

وبعد أن افتتحت المدرسة الأحمدية سنة (١٣٤٠هـ) اختير مديرًا لها «ولافتتاحها حديث سنذكره إن شاء الله في محل يناسبه»، ولا ننسى أن نذكر السعي الكريم الذي قام به المرحوم الشيخ/ عبد العزيز الرشيد في جمع التبرعات لإنشاء هذه المدرسة والوقوف وجهًا لوجه ضد مَن عارض في تأسيسها.

·       مؤلفاته..

وللمرحوم الشيخ/ عبد العزيز مؤلفات لم يطبع منها إلا الجزءان الأولان من تاريخ الكويت، نذكر منها على سبيل المثال:-

١- المحاورة الإصلاحية، كتبها بأسلوب مسرحي ومُثلت في سنة (١٣٤٤هـ) من قبل طلبة المدرسة الأحمدية.

٢- الدلائل البينات في حُكم تعلم اللغات، وأنشأ مجلته المعروفة باسم «الكويت» صدرت منها أعداد، وطبعت أولًا في بغداد ثم في جاوه «إندونيسيا»، وله مقالات كثيرة نُشرت في عدد كبير في صحف بغدادية ودمشقية وقاهرية.

·       الخطيب والمعلم

وكان رحمه الله خطيبًا وله قدرة فائقة على ارتجال ما يقول من خُطب، يرتجل الكلمة في المناسبة دون أن يعد لها العُدَّة، وأذكر أنه ألقى محاضرتين في الأشهر الأولى من تأسيس النادي الأدبي، كان موضوع الأولى «أهمية الشباب في عهد البعثة النبوية، واعتماد الإسلام على شبان الصحابة وشجاعتهم».

وموضوع الثانية «أهمية الخطابة في إصلاح المجتمع، وكيف يُعِد الخطيب خطبته»، أما المحاضرة الثالثة فكانت في رمضان سنة (١٣٤٥هـ) وكان موضوعها «دعاة البهائية وخطرهم على الإسلام».

وكان شاعرًا، وقد نُشرت له قصائد كثيرة في صحف ومجلات، كما نُشرت له مقالات، كما أنه كتب كثيرًا، وكان رائده فيما يكتب ويقول الجد والإخلاص.

وفي أواخر سنة (١٣٤٧هـ) سافر إلى الحجاز بطلب من ملكها المرحوم/ عبد العزيز السعود، وهناك قابله في الموسم وطلب إليه أن يذهب إلى الشرق داعية للمذهب السلفي، فسافر إلى جاوة، وكان الخلاف يومئذ قائمًا على أشدّه بين العلويين الذين هم دعاة الصوفية والتوسا وبين الإرشاديين الذين هم دُعاة السلف، وقد حاول المرحوم الشيخ/ عبد العزيز أن يُقرّب بينهم ونجح بعض الشيء.

وفي جمع حضره العلويون والإرشاديون في تبافيا «جاكرتا» ألقى كلمة طويلة دعا فيها الحاضرين إلى الأخذ بالصحيح من أمور الدين ونبذ الخلافات المدسوسة من أعداء المسلمين، التي من شأنها تثبيط هِمم المسلمين وتأخيرهم عن اللحاق بركب الأُمم الحية.

وقد طالت إقامته في تلك البلاد فاضطر أن يتزوج، فتزوج من ابنة مهاجر عربي. توفي رحمه الله في سنغافورا في اليوم الثالث من شهر ذي الحجة سنة (١٣٥٦هـ) الموافق (۳- ۲ – ۱۹۳۸م).

وكان رحمه الله في أول تلك السنة قد جاء إلى الكويت زائرًا وبقي فيها أشهرًا، وفي عودته إلى جاوة وقد عاجلته المنية قبل أن يصلها، مأسوفًا عليه، مذكورًا بين أصحابه ومواطنيه بالخير.

«عبد الله النوري»

الرابط المختصر :