; رحلة في الكون البديع الجولة الثالثة: الإنسان... | مجلة المجتمع

العنوان رحلة في الكون البديع الجولة الثالثة: الإنسان...

الكاتب أ.د. زغلول النجار

تاريخ النشر الثلاثاء 01-مايو-1973

مشاهدات 22

نشر في العدد 148

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 01-مايو-1973

رحلة في الكون البديع الجولة الثالثة: الإنسان.... ... نظام واحد.. تفسره قوانين ثابتة الرعاية الإلهية.. تتبدى في كل شيء نظام بناء الذرة.. ممثلًا في المجموعة الشمسية الأستاذ زغلول راغب محمد النجار - أستاذ الجيولوجيا بجامعة الكويت حصل على بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرق من جامعة القاهرة سنة ١٩٥٥م وكان أول دفعته فمنحته الجامعة جائزة مصطفى بركة للجيولوجيا. ثم حصل على درجة دكتوراه الفلسفة في الجيولوجيا من جامعة ويلز ببريطانيا سنة ١٩٦٣م، وأوصت لجنة الممتحنين بتبادل الرسالة مع جامعات العالم وبنشرها بالكامل. منحته جامعة ويلز درجة زمالتها سنة ١٩٦٣م ورشحته لمنحة روبرتسون للبحوث فيما بعد الدكتوراه وهي أعلى منحة من نوعها في الجامعات البريطانية وتمنح مدة كل سنة للبحاث المبرزين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية وقد تمتع بها الدكتور النجار طوال السنوات من ١٩٦٣ -١٩٦٧م  للدكتور النجار أكثر من خمسة وثلاثين بحثًا منشورة في بريطانيا والولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا وسويسرا وهولندا..... والجزائر– كما نشر له المتحف البريطاني سنة ١٩٦٦م مؤلفًا في عدد تذكاري خاص من ثلاثمائة صفحة وإحدى وأربعين لوحة وقد طبع أكثر من مرة باللغة الإنجليزية وعلق عليها في كثير من المجلات العالمية. وللدكتور النجار نظرية جديدة في علم طبقات الأرض وله تقسيمات جديدة للعصور الجيولوجية أقرتها مؤتمرات دولية. والدكتور النجار عضو في كثير من الجمعيات العلمية المحلية والعالمية فهو عضو في الجمعية الجيولوجية المصرية والجمعية الجيولوجية بلندن، ومعهد البترول بلندن، والجمعية الامريكية لجيولوجي البترول، والاتحاد العالمي لعلماء الأحافير والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم. وقد عمل الدكتور النجار في جامعات عين شمس والرياض وويلز والكويت حتى حصل على درجة الأستاذية سنة ۱۹۷۱، ويعمل الآن تحت إشرافه عدد من طلبة... أن الجسم الفلكي متماسك مع بعضه بفعل جاذبيته الخاصة. وقوة الجاذبية يوازنها إجهاد، ولعل الحاجة إلى توليد هذا الإجهاد هو الذي يقرر حالة المادة، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: تأثر دوران الكوكب والمغناطيسية والإشعاع. ففي كتلة من الصخر في حجم القمر توجد المادة في حالة صلبة شبه خاملة في معظمها، أما إذا .. مادة القمر في كتله وحجم ... كتلة وحجم الأرض فإن .. مركزيًا سائلًا «كما يعتقد .. غالبية العلماء» يتكون لها ونتيجة للحركة في هذا ... السائل يتولد للأرض .. مغناطيسي، وتشكل .. على هيئة قارات مرتفعة وجبال شاهقة وقيعان محيطات منخفضة غائره، ويستطيع بفعل جاذبيته أن يحتفظ بغلاف هوائي وبغلاف مائي. بمعنى .. السلوك الفيزيائي للمادة يمكن أن يعتمد على مجرد كميتها .. إذا كانت كتلة الجرم الفلكي .. من حد معين «بضعة .. من المائة من كتلة الشمس لا يمكن لهذا الجسم أن يكون كوكبًا، ذلك لأنه كي تصبح .. بهذا المقدار في حالة كثيفة ثابتة لابد أن تكون جميعها في حالة غازية» ولا يتمكن جسم ... من الاستمرار في توليه ........ الكون دراسة متخصص .. وتفكير عالم للأستاذ الدكتور/ زغلول النجار المركز حارًا جِدًّا فإن الطاقة يجب أن تتسرب إلى خارجه، ولذا يكون الجسم مضيئًا وتكون نتيجته نجمًا.. وبذلك يتضح أن مجرد الزيادة في كمية مادة الجسم تؤدي إلى تغير تام في سلوكها، وأن السبب في إضاءة أي نجم من نجوم السماء هو: مجرد أنه مكون من كتلة وحجم معينين تمكنانه من عملية الاندماج النووي وتوليد الطاقة الحرارية النووية، فمصدر الطاقة في نجوم الكون هو نواة الذرة.. ويبدو لأسباب عديدة أنه لا يمكن أن يوجد أي شيء شبيه بالنجم العادي وله كتلة تزيد عن حوالي مائة ضعف كتلة الشمس، وبالسماء ما يعرف باسم: النجوم البيضاء القزمة ومادتها ذات كثافة هائلة، ويعتقد بأنه دور الشيخوخة في حياة النجم العادي.. وفي مادة هذه النجوم القزمة يعتقد أن الإلكترونات في حالة انحلال بمفهوم نظرية الكم وحتى بمفهوم النظرية النسبية في بعض الحالات.. وهناك أيضًا حد أعلى لكتلة النجم التي تكون في وضع اتزان ميكانيكي في مثل هذه الحالات. وحدة النظام في بناء الذرة والمجموعة الشمسية: ثم يرتد البصر مرة أخرى إلى كوكبنا الأرض، فنجد أن شبه كرة من الصخر ذات قلب مركزي .. «كما يعتقد الآن غالبية ..» وقشرة صخرية صلبة .. على هيئة قارات .. قليلة الكثافة نسبيًا. .. القشرة الأرضية لا يسهل .. لعدم وضوح الحد الفاصل .. وبين جوف الأرض، وفقد .. العلماء في تقديره بين ..، ۱۰۰ كيلو متر وعلى ذلك ويقدر في المتوسط بحوالي كيلومترًا، وتتكون هذه القشرة الأرضية من ثلاثة .. رئيسية من الصخور .. وأصلها كلها هي الصخور .. المتكونة عن تجمد صهارة ... ، وهي بتفتيتها وترسيب .. تتكون الصخور الرسوبية تحولها أو تحول فتاتها تتكون الصخور المتحولة. والصخور مهما تباينت .. تتكون أساسًا من ..، ومعادن الأرض عديدة .. في صفاتها وخصائصها، .. الفلزية وغير الفلزية ومنها .. والرخيصة وما هو بين .. . وتتكون المعادن من عناصر من مركبات من هذه العناصر .. وعناصر الأرض فاقت .. بقليل. وليست المعادن .. هي التي تتكون من .. .. فكل شيء في مادة .. ... باطنها وقشرتها، .. وماؤها، حيوانها .. وإنسانها... كل شيء .. يتألف من هذه العناصر .. ... ومن المركبات .. ، ومنها ما هو غاية في التعقيد... وأخف العناصر جميعًا هو غاز الهيدروجين يتبعه غاز الهيليوم ثم مادة صلبة هي .. ، وأثقل العناصر التي .. في الأرض هي اليورانيوم .. رتبت العناصر وفقًا .. في جدول دوري تندرج .. صفاتها. كان للهيدروجين «أخف العناصر» الخانة الأولى ليورانيوم «أثقل العناصر» .. الثانية والتسعون. والعناصر تتركب من جزيئات .. الجزيء من ذرات الذرة تتركب من نواة في الوسط بها شحنة كهربية موجيه .... كما تدور الكواكب السيارة حول الشمس والإلكترونات تحمل شحنة كهربية سالبة تعادل شحنة النواة الموجبة لتحتفظ الذرة بحالة من التعادل. ولنواة الذرة بروتونات تحمل الشحنة الموجبة كما قد توجد أجسام أخرى متعادلة هي النيوترونات يعتقد بأنها ناتجة عن اتحاد بروتون موجبة مع إلكترون سالبة، كما قد يتحول النيوترون مرة أخرى إلى بروتون باتحاده بجسم موجب يعرف بالبوزيترون يعادل الإلكترون في كتلته ولكن شحنته موجبه. وتبلغ أجزاء الذرة من الدقة أنها تقاس بجزء من عشرة ملايين من الميلمتر وتسمى هذه الوحدة بالأنجستروم كما تقدر أوزانها بجزء من مليون مليون مليون مليون جزء من الجرام، وعلى سبيل المثال فإن الجرام الواحد من عنصر اليورانيوم يحتوي على ألفي مليون مليون مليون ذرة، ويبلغ قطر الألكترونات١/١٠٠٠٠٠من قطر الذرة، وكتلته بنحو ١/١٨٣٨ من كتلة ذرة الهيدروجين، وقطر الذرة يكبر قطر نواتها بعشرين ألف مرة مما يؤكد تشابه الفضاء الكوني بقضاء الذرة. وإذا حست نواة الذرة بشعاع من النيوترونات فإنها تنقسم، وإذا انقسمت النواة انفصمت البروتونات والنيوترونات وبانفصامها تخرج منها الطاقة... هائلة مذهلة. وفي الوقت الذي ترد فيه المادة إلى لبنات ثلاث... البروتون والإلكترون والنيوترون ينادي بعض الفيزيائيين النظريين بأن البروتون ذاته يتكون من جسيمات أصغر لم يحددها العلم بعد. كذلك نجد الطاقة بصورها المختلفة: الضوء والحرارة والأشعة السينية والأشعة اللاسلكية والأشعة الجيمية وغيرها من إشعاعات كلها صور متعددة لقوة واحدة هي القوة المغناطيسية الكهربائية وبذلك ترد الطاقة إلى أصل واحد وأن تعددت صورها وترد المادة إلى لبنات ثلاث وقد تكون في الأصل كلها واحدة. الخاصة لتكافئ بين المادة والطاقة وتنادي بانهما شيء سواء، وتصدق التجارب –وفي مقدمتها انفلاق الذرة في القنبلة اليورانيومية- هذه النظرية. وإذا تساوت المادة والطاقة فلم يبق من خصائص هذا الكون إلا الجاذبية... والمكان والزمان وتحاول النظرية النسبية العامة أن تربط بين الزمان والمكان فتجعل منهما شيئًا متواصلًا كما تحاول نظرية الحقل الواحد أن تسوي بين الطاقة المغناطيسية الكهربائية وبين الجاذبية، وفي ذلك يقول أينْشتاين: «أن روح العقل النظري لا تحتمل أن يكون في الوجود الواحد شكلان للطاقة لا يلتقيان شكل للجاذبية القياسية وشكل للمغناطيسية الكهربائية. وهكذا تتحلل مركبات هذا الكون أجمع من مادة وطاقة وزمان ومکان.. إلى شيء مواحد لا تعرف كنهة ولكنه يمثل الوحدة العظمى التي تجرى في هذا الكون كله..!! الرعاية الإلهية للكون: من كل ما سبق يتضح بجلاء أن للكون الذي تعيش فيه وحده واحدة تنتظمة، ونظامًا معجزًا لا يستطيع العقل البشري أن يحيط به، ولكن هذا النظام تفسره قوانين ثابتة أو سنن دائمة بما لا يرقى إليه شك أن كل شيء في هذا الكون قد خلق بقدر معلوم ودقة متناهية.. وحكمة سابقة ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (القمر:٤٩).. ﴿مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ﴾ (الملك:٣). فقد أثبتت الدراسات الحديثة في مادة هذا الكون هو غاز الهيدروجين الذي تحدث ذراته في درجات حرارة عالية جدًا، وتحت ضغوط كبيرة لتكون مختلف العناصر المعروفة، وقد ثبت أن العناصر في مجرتنا وربما في مادة الكون كله قد تكونت في الفترة من سبعة آلاف مليون سنة إلى سنة آلاف وخمسمائة مليون سنة مضت، وأن الشمس قد تكثفت على هيئتها الحالية منذ سنة آلاف....... الحالية منذ حوالي خمسة آلاف مليون سنة وأن القشرة الخارجية للأرض قد تكونت بصورة دائمة منذ أربعة آلاف مليون سنة وأن أقدم أثر للحياة ظهر على الأرض منذ ثلاثة آلاف مليون سنة وظهرت أول ما ظهر الحياة النباتية وتلتها الحياة الحيوانية، وكلاهما ظهر .. مرة في الماء: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء: ٣٠). والحياة بمختلف صورها تتكون من خلية واحدة أو من مضاعفات هذه الخلية، والخلية الحية في بنائها تشبه بناء الذرة التي تكونت منها، وبناء المجموعة الشمسية التي هي جزء منها، نواة في الوسط تحمل أسرار الحياة وتتحكم في مختلف الوظائف وجسيمات ... تدور حولها في حركة دائمة لا تتوقف. فهل هناك وحدة ... أو أعم أو أشمل من ذلك. وتنتظم الخلايا في جسم الكائنات الحية أنسجة متعدد وتنتظم الأنسجة أجهزة .. وأعضاء مختلفة يقوم كل منها بخدمة الجسة كله في .. وتكامل ودقه وإعجاز.. .. الحياة كلها مبنية على نفس الوتيرة، وعلى نفس .. وأن تباينت المخلوقات أكثر من ألف مليون مليون خلية .. منها في كل ثانية ١٢٥ مليون خلية في المتوسط ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ (الذاريات:٢١) من هذا كله يتضح أن الكون النسيج الذي نعيش فيه لم يكن أزليًا .. كانت له في الأصل بداية وإن .. لا نعلم على وجه التحديد .. كانت هذه البداية وهو أيضًا ليس بأبدي فلا بد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية لا قوانين الديناميكية الحرارية والطاقة المتاحة يؤكدان.. الحرارة تنتقل دائمًا من .. حراري إلى وجود غير حراري وباستمرار هذه العملية لابد .. أن يأتي وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات .. العمليات الكيميائية .. وبانتهائها تنتهي تلقائيًا الحياة وىن هذا الكون المعجز بنائه.... المذهل في اتساعه... الرائع في حركته ............ لانفرط عقد هذا الكون وانهار كل ما فيه ومن فيه، ولما كان هذا الكون منذ ملايين السنين يسير على نفس السنن، فإن الذي يصونه- مما قد يتعرض له من كوارث- هو: العناية الإلهية التي نحيا في ظلها وعطفها ورعايتها، والتي لو حجبت عنا طرفة عين أو أقل من ذلك لهلكنا وهلك كل من معنا. ويكفي أن نشير إلى الحكمة البالغة في أمر كوكبنا الأرض، فلو كانت الأرض ضعف بعدها الحالي عن الشمس، لنقصت كمية الحرارة التي تصلها إلى ربع كميتها الحالية ولقطعت الأرض دورتها حول الشمس في وقت أطول ولتضاعف تبعا لذلك طول فصل الشتاء، فتجمدت الكائنات الحية على سطح الأرض، ولو اقتربت الأرض من الشمس إلى نصف المسافة التي تفصلهما الآن، لبلغت الحرارة التي تتلقاها الأرض من الشمس أربعة أمثال ما تتلقاه منها الآن، مما يحول دون وجود حياة نباتية أو حيوانية ولتضاعفت بسرعة الأرض حول الشمس وانعدمت الفصول واستحالت الحياة. وكذلك لو كانت الأرض في ربع حجمها الحالي، لُما أمكن لها أن تحتفظ بغلافيها الجوي والمائي ولصارت درجة الحرارة على سطحها بالغة حد الموت، وإذا تضاعف حجم الأرض، لتضاعفت جاذبيتها للأجسام وانخفض ارتفاع غلافها الهوائي وزاد ضغطها مما يؤثر على صور الحياة ويحول دون وجود كائنات مفكرة عاقلة كالإنسان. والغلاف الغازي المحيط بالأرض يحميها من ملايين الأطنان من الشهب التي تهبط عليها من الفضاء الخارجي، ويحميها أيضًا من الأشعة الكونية التي لو قدر لها أن تصل إلى الأرض جميعها لأبادت الحياة، وهذا الغلاف الغازي يحفظ الأرض في درجة مناسبة من الحرارة وهو الوسط الذي يحمل بخار الماء المتصاعد من البحار والمحيطات.. بخارًا ليتكثف منه مطرًا يسقى الأرض ويروى النبت والحيوان والإنسان، ولولا هذه الدورة.. دورة المياه لتحولت كل المياه الأرضية إلى ماء عفن آسن في فترة زمنية قصيرة. وهذا الغلاف الغازي له تركيب دقيق لو اختل قليلًا، لما أمكن للحياة على الأرض أن تزدهر وتستمر، فـلو زادت نسبة الأكسجين قليلاً في الغلاف الغازي لأمكن لعود ثقاب واحد أن يحرق الأرض وما عليها، ولو قلت نسبة الأكسجين قليلًا لاختنقت الحياة على الأرض. والماء ذلك السائل المعجز الذي له من الصفات ما يمكنه من إذابة أكبر قدر ممكن من مادة الأرض أو حملها إلى النبات ليحولها بدوره إلى مادة صالحة لغذاء الإنسان والحيوان. ثم أن هناك كميات كبيرة من الماء متجمدة على القطبين ولو قدر لهذا الماء المتجمد أن يسيل- وهذا لا يحتاج إلا لبضع درجات قليلة من الحرارة- لارتفع منسوب الماء في البحار والمحيطات، ولأغرقت أغلبية مساحات القارات وما عليها من حياة. ألسنا بعد ذلك كله نحيا في هذا الكون تحت رحمة الله وفي ظل من عنايته ورعايته.. «وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: «اللهم لا تكلنا لأنفسنا ولا لأحد من خلقك طرفة عين ولا أقل من ذلك» ولا أجد أروع من الدعوة القرآنية لإمعان النظر في هذا الكون ﴿إن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. جعلنا الله ممن يتفكرون في خلق السموات والأرض، فتزداد قلوبهم اطمئنانًا بذكر الله. .. «كما يعتقد الآن غالبية ..» وقشرة صخرية صلبة .. على هيئة قارات .. قليلة الكثافة نسبيًا. .. القشرة الأرضية لا يسهل .. لعدم وضوح الحد الفاصل .. وبين جوف الأرض، وفقد .. العلماء في تقديره بين ..، ۱۰۰ كيلو متر وعلى ذلك ويقدر في المتوسط بحوالي كيلومترًا، وتتكون هذه القشرة الأرضية من ثلاثة .. رئيسية من الصخور .. وأصلها كلها هي الصخور .. المتكونة عن تجمد صهارة ... ، وهي بتفتيتها وترسيب .. تتكون الصخور الرسوبية تحولها أو تحول فتاتها تتكون الصخور المتحولة. والصخور مهما تباينت .. تتكون أساسًا من ..، ومعادن الأرض عديدة .. في صفاتها وخصائصها، .. الفلزية وغير الفلزية ومنها .. والرخيصة وما هو بين .. . وتتكون المعادن من عناصر من مركبات من هذه العناصر .. وعناصر الأرض فاقت .. بقليل. وليست المعادن .. هي التي تتكون من .. .. فكل شيء في مادة .. ... باطنها وقشرتها، .. وماؤها، حيوانها .. وإنسانها... كل شيء .. يتألف من هذه العناصر .. ... ومن المركبات .. ، ومنها ما هو غاية في التعقيد... وأخف العناصر جميعًا هو غاز الهيدروجين يتبعه غاز الهيليوم ثم مادة صلبة هي .. ، وأثقل العناصر التي .. في الأرض هي اليورانيوم .. رتبت العناصر وفقًا .. في جدول دوري تندرج .. صفاتها. كان للهيدروجين «أخف العناصر» الخانة الأولى ليورانيوم «أثقل العناصر» .. الثانية والتسعون. والعناصر تتركب من جزيئات .. الجزيء من ذرات الذرة تتركب من نواة في الوسط بها شحنة كهربية موجيه .... كما تدور الكواكب السيارة حول الشمس والإلكترونات تحمل شحنة كهربية سالبة تعادل شحنة النواة الموجبة لتحتفظ الذرة بحالة من التعادل. ولنواة الذرة بروتونات تحمل الشحنة الموجبة كما قد توجد أجسام أخرى متعادلة هي النيوترونات يعتقد بأنها ناتجة عن اتحاد بروتون موجبة مع إلكترون سالبة، كما قد يتحول النيوترون مرة أخرى إلى بروتون باتحاده بجسم موجب يعرف بالبوزيترون يعادل الإلكترون في كتلته ولكن شحنته موجبه. وتبلغ أجزاء الذرة من الدقة أنها تقاس بجزء من عشرة ملايين من الميلمتر وتسمى هذه الوحدة بالأنجستروم كما تقدر أوزانها بجزء من مليون مليون مليون مليون جزء من الجرام، وعلى سبيل المثال فإن الجرام الواحد من عنصر اليورانيوم يحتوي على ألفي مليون مليون مليون ذرة، ويبلغ قطر الألكترونات١/١٠٠٠٠٠من قطر الذرة، وكتلته بنحو ١/١٨٣٨ من كتلة ذرة الهيدروجين، وقطر الذرة يكبر قطر نواتها بعشرين ألف مرة مما يؤكد تشابه الفضاء الكوني بقضاء الذرة. وإذا حست نواة الذرة بشعاع من النيوترونات فإنها تنقسم، وإذا انقسمت النواة انفصمت البروتونات والنيوترونات وبانفصامها تخرج منها الطاقة... هائلة مذهلة. وفي الوقت الذي ترد فيه المادة إلى لبنات ثلاث... البروتون والإلكترون والنيوترون ينادي بعض الفيزيائيين النظريين بأن البروتون ذاته يتكون من جسيمات أصغر لم يحددها العلم بعد. كذلك نجد الطاقة بصورها المختلفة: الضوء والحرارة والأشعة السينية والأشعة اللاسلكية والأشعة الجيمية وغيرها من إشعاعات كلها صور متعددة لقوة واحدة هي القوة المغناطيسية الكهربائية وبذلك ترد الطاقة إلى أصل واحد وأن تعددت صورها وترد المادة إلى لبنات ثلاث وقد تكون في الأصل كلها واحدة. الخاصة لتكافئ بين المادة والطاقة وتنادي بانهما شيء سواء، وتصدق التجارب –وفي مقدمتها انفلاق الذرة في القنبلة اليورانيومية- هذه النظرية. وإذا تساوت المادة والطاقة فلم يبق من خصائص هذا الكون إلا الجاذبية... والمكان والزمان وتحاول النظرية النسبية العامة أن تربط بين الزمان والمكان فتجعل منهما شيئًا متواصلًا كما تحاول نظرية الحقل الواحد أن تسوي بين الطاقة المغناطيسية الكهربائية وبين الجاذبية، وفي ذلك يقول أينْشتاين: «أن روح العقل النظري لا تحتمل أن يكون في الوجود الواحد شكلان للطاقة لا يلتقيان شكل للجاذبية القياسية وشكل للمغناطيسية الكهربائية. وهكذا تتحلل مركبات هذا الكون أجمع من مادة وطاقة وزمان ومکان.. إلى شيء مواحد لا تعرف كنهة ولكنه يمثل الوحدة العظمى التي تجرى في هذا الكون كله..!! الرعاية الإلهية للكون: من كل ما سبق يتضح بجلاء أن للكون الذي تعيش فيه وحده واحدة تنتظمة، ونظامًا معجزًا لا يستطيع العقل البشري أن يحيط به، ولكن هذا النظام تفسره قوانين ثابتة أو سنن دائمة بما لا يرقى إليه شك أن كل شيء في هذا الكون قد خلق بقدر معلوم ودقة متناهية.. وحكمة سابقة ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (القمر:٤٩).. ﴿مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ﴾ (الملك:٣). فقد أثبتت الدراسات الحديثة في مادة هذا الكون هو غاز الهيدروجين الذي تحدث ذراته في درجات حرارة عالية جدًا، وتحت ضغوط كبيرة لتكون مختلف العناصر المعروفة، وقد ثبت أن العناصر في مجرتنا وربما في مادة الكون كله قد تكونت في الفترة من سبعة آلاف مليون سنة إلى سنة آلاف وخمسمائة مليون سنة مضت، وأن الشمس قد تكثفت على هيئتها الحالية منذ سنة آلاف....... الحالية منذ حوالي خمسة آلاف مليون سنة وأن القشرة الخارجية للأرض قد تكونت بصورة دائمة منذ أربعة آلاف مليون سنة وأن أقدم أثر للحياة ظهر على الأرض منذ ثلاثة آلاف مليون سنة وظهرت أول ما ظهر الحياة النباتية وتلتها الحياة الحيوانية، وكلاهما ظهر .. مرة في الماء: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء: ٣٠). والحياة بمختلف صورها تتكون من خلية واحدة أو من مضاعفات هذه الخلية، والخلية الحية في بنائها تشبه بناء الذرة التي تكونت منها، وبناء المجموعة الشمسية التي هي جزء منها، نواة في الوسط تحمل أسرار الحياة وتتحكم في مختلف الوظائف وجسيمات ... تدور حولها في حركة دائمة لا تتوقف. فهل هناك وحدة ... أو أعم أو أشمل من ذلك. وتنتظم الخلايا في جسم الكائنات الحية أنسجة متعدد وتنتظم الأنسجة أجهزة .. وأعضاء مختلفة يقوم كل منها بخدمة الجسة كله في .. وتكامل ودقه وإعجاز.. .. الحياة كلها مبنية على نفس الوتيرة، وعلى نفس .. وأن تباينت المخلوقات أكثر من ألف مليون مليون خلية .. منها في كل ثانية ١٢٥ مليون خلية في المتوسط ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ (الذاريات:٢١) من هذا كله يتضح أن الكون النسيج الذي نعيش فيه لم يكن أزليًا .. كانت له في الأصل بداية وإن .. لا نعلم على وجه التحديد .. كانت هذه البداية وهو أيضًا ليس بأبدي فلا بد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية لا قوانين الديناميكية الحرارية والطاقة المتاحة يؤكدان.. الحرارة تنتقل دائمًا من .. حراري إلى وجود غير حراري وباستمرار هذه العملية لابد .. أن يأتي وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات .. العمليات الكيميائية .. وبانتهائها تنتهي تلقائيًا الحياة وىن هذا الكون المعجز بنائه.... المذهل في اتساعه... الرائع في حركته ............ لانفرط عقد هذا الكون وانهار كل ما فيه ومن فيه، ولما كان هذا الكون منذ ملايين السنين يسير على نفس السنن، فإن الذي يصونه- مما قد يتعرض له من كوارث- هو: العناية الإلهية التي نحيا في ظلها وعطفها ورعايتها، والتي لو حجبت عنا طرفة عين أو أقل من ذلك لهلكنا وهلك كل من معنا. ويكفي أن نشير إلى الحكمة البالغة في أمر كوكبنا الأرض، فلو كانت الأرض ضعف بعدها الحالي عن الشمس، لنقصت كمية الحرارة التي تصلها إلى ربع كميتها الحالية ولقطعت الأرض دورتها حول الشمس في وقت أطول ولتضاعف تبعا لذلك طول فصل الشتاء، فتجمدت الكائنات الحية على سطح الأرض، ولو اقتربت الأرض من الشمس إلى نصف المسافة التي تفصلهما الآن، لبلغت الحرارة التي تتلقاها الأرض من الشمس أربعة أمثال ما تتلقاه منها الآن، مما يحول دون وجود حياة نباتية أو حيوانية ولتضاعفت بسرعة الأرض حول الشمس وانعدمت الفصول واستحالت الحياة. وكذلك لو كانت الأرض في ربع حجمها الحالي، لُما أمكن لها أن تحتفظ بغلافيها الجوي والمائي ولصارت درجة الحرارة على سطحها بالغة حد الموت، وإذا تضاعف حجم الأرض، لتضاعفت جاذبيتها للأجسام وانخفض ارتفاع غلافها الهوائي وزاد ضغطها مما يؤثر على صور الحياة ويحول دون وجود كائنات مفكرة عاقلة كالإنسان. والغلاف الغازي المحيط بالأرض يحميها من ملايين الأطنان من الشهب التي تهبط عليها من الفضاء الخارجي، ويحميها أيضًا من الأشعة الكونية التي لو قدر لها أن تصل إلى الأرض جميعها لأبادت الحياة، وهذا الغلاف الغازي يحفظ الأرض في درجة مناسبة من الحرارة وهو الوسط الذي يحمل بخار الماء المتصاعد من البحار والمحيطات.. بخارًا ليتكثف منه مطرًا يسقى الأرض ويروى النبت والحيوان والإنسان، ولولا هذه الدورة.. دورة المياه لتحولت كل المياه الأرضية إلى ماء عفن آسن في فترة زمنية قصيرة. وهذا الغلاف الغازي له تركيب دقيق لو اختل قليلًا، لما أمكن للحياة على الأرض أن تزدهر وتستمر، فـلو زادت نسبة الأكسجين قليلاً في الغلاف الغازي لأمكن لعود ثقاب واحد أن يحرق الأرض وما عليها، ولو قلت نسبة الأكسجين قليلًا لاختنقت الحياة على الأرض. والماء ذلك السائل المعجز الذي له من الصفات ما يمكنه من إذابة أكبر قدر ممكن من مادة الأرض أو حملها إلى النبات ليحولها بدوره إلى مادة صالحة لغذاء الإنسان والحيوان. ثم أن هناك كميات كبيرة من الماء متجمدة على القطبين ولو قدر لهذا الماء المتجمد أن يسيل- وهذا لا يحتاج إلا لبضع درجات قليلة من الحرارة- لارتفع منسوب الماء في البحار والمحيطات، ولأغرقت أغلبية مساحات القارات وما عليها من حياة. ألسنا بعد ذلك كله نحيا في هذا الكون تحت رحمة الله وفي ظل من عنايته ورعايته.. «وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: «اللهم لا تكلنا لأنفسنا ولا لأحد من خلقك طرفة عين ولا أقل من ذلك» ولا أجد أروع من الدعوة القرآنية لإمعان النظر في هذا الكون ﴿إن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. جعلنا الله ممن يتفكرون في خلق السموات والأرض، فتزداد قلوبهم اطمئنانًا بذكر الله.
الرابط المختصر :