العنوان رسائل إلى المدخنين (۹) التدخين.. والأساليب العلاجية
الكاتب أ. د. سمير يونس
تاريخ النشر السبت 05-يناير-2013
مشاهدات 8
نشر في العدد 2034
نشر في الصفحة 60
السبت 05-يناير-2013
إن مجاهدة المدخن لنفسه أمام سيجارته تستوجب التخطيط السليم الحكيم، لأنه يخوض معركة إحياء نفس قوية على أنقاض نفس ضعيفة واهية، فكأنها عملية انسلاخ لهذه النفس في كيان جديد أشد صلابة وأقوى صمودا، ومن ثم وجب على من يرغب في الامتناع عن التدخين أن يستجمع قواه قاطبة، وألا يدخر جهدا، وألا يطرق وسيلة أو أسلوبا من شأنه أن يعينه على أن ينتصر في معركته، وفيما يلي أهم الأساليب العلاجية:
أولاً : أساليب التنفير
ومن أهم الأساليب التي يمكن الاستعانة بها بعد الله عز وجل – أساليب التنفير، وهي أساليب تعتمد على اقتران مثيرات منفرة من عملية التدخين مثل الصدمة الكهربية، أو أن يذكر المدخن نفسه أو يذكره غيره بأشياء، أو أحداث أو معارف، أو ينشده آيات قرآنية، أو أحاديث نبوية، أو أشعارا وحكما تنفره من التدخين يقول أحد التائبين عن التدخين يحكي خبرته انطلقت شرارة التوبة بنهاية مباراة كرة قدم ساخنة، وسرعان ما ازدادت نبضات قلبي وصعب علي التقاط أنفاسي، وما لبثت أن شعرت بدوار في رأسي ينذر بقرب سقوطي على الأرض فنظرت حولي أتلمس شخصًا أو شيئاً أتوكأ عليه لأصل إلى أقرب مقعد خارج الملعب لأجلس عليه التقط أنفاس الحياة، ولم يكن قد مر على بداية المباراة سوى عشر دقائق، ولكني أثرت أن أخرج محمولًا لا أستطيع حراكاً عدت بعد ذلك إلى بيتي وقلبي يعتصر ألمًا وكمدًا، يرافقني بعض الأصدقاء، وأخذ كل منهم ينصحني، بيد أن أكثرهم تأثيراً في نفسي ذلك الشاب الذي أنشدني قصيدة رائعة مؤثرة عن التدخين من كتاب «موارد الظمآن عبر الزمان»، للشيخ عبد العزيز السلمان، تقول كلماتها:
يا شارب التمباك ما أجراك *** من ذا الذي في شربه أفتاك ؟!
أتظن أن شرابه مستعذب؟! *** أم هل تظن بأن فيه عزاك ؟!
هل فيه نفع ظاهر لك يا فتى ؟! *** كلا فلا فيه سوى إيذاؤك
فمضرة تبدو وخبث روائح *** مكروهة تؤذي بها جلساك
ونفاد مال لا تجد عوضًا له *** إلا دخانا قد حشا أحشاك
وفتور جسم وارتخاء مفاصل *** مع ضيق أنفاس وضعف قواك
ورضيت فيه بأن تكون مبذراً *** وأخو المبذر لم يكن يخفاك
يكفيك ذمًا فيه أن جميع من *** قد كان يشربه يود فكاك
فإذا حضرت مجالسًا واستنشقوا *** من فيك ريحًا يكرهون لقاك
فارفق بنفسك واتبع أثار من *** أهداك لا من حبه أهواك
إن كنت شهما فاجتنبه ولا تكن *** في شربه مستتبعا لهواك
إني نصحتك فاستمع لنصيحتي *** ونهيت فاتبع قول من ينهاك
وبذلت قولي ناصحا لك يا فتى *** فعساك تقبل ما أقول عساك
ومن أساليب التنفير المعينة على الامتناع عن التدخين التخيلات السلبية التي يمررها المدخن على خاطره في أثناء عملية التدخين، ومن ذلك أيضا ما يسمى بـ العلاج بالإبر الصينية..ويشترط لنجاحه ثقة المريض به وبالطبيب.
ثانياً: العلاج بالإيحاء:
ومن هذه الأساليب أيضاً العلاج بالإيحاء وهو يقوم على أساس الثقة بالطبيب وبالعلاج، وتحضرني قصة طبيب في أحد المستشفيات، وكان يقوم بعلاج المرضى، وذلك عن طريق حقنهم يومياً بالمورفين لتسكين آلامهم، وفوجئ ذات يومبنفاد حقن المورفين، فاضطر إلى حقنهم بمادة أخرى ليست مخصصة للتسكين ولا هي ضارة، عسى أن يوحي إليهم أنها مسكنات للآلام، وكانت النتيجة مدهشة، حيث سكنت آلام ۷۰٪ منهم، وهذه النتيجة تؤكد أن للإيحاء أثرًا فعالاً على النفس البشرية.
ثالثاً: العلاج في العيادات:
توجد عيادات لمكافحة التدخين، تتنوع فيها أساليب العلاج حسب تاريخ التدخين، ونوعه والبيئة التي يعيش فيها الفرد المدخن.
ومن أساليب العلاج التدريب على استخدام جهاز ذبذبات الملامس الفضي، واستخدام جهاز قياس كفاءة الرئة لاطلاع المدخن على حالته الراهنة ومدى التقدم الذي يحدث بإقلاعه وامتناعه عن التدخين.
كما تقوم هذه العيادات بدور التوجيه والإرشاد، وبيان أدوار المدخن والمطلوب منه في أثناء فترة العلاج وبعدها، وتوعية المدخن بالعلامات الانسحابية التي تحدث في الأيام الأولى من الامتناع عن التدخين، وتوضيح مشكلة عودة المدخن الانتكاس للتدخين بعد إقلاعه عنه، وكيف يتجنب ذلك. كما أن العيادات تهتم بعرض وسائل الإيضاح من مجسمات ورسوم وشعارات، وكذلك عقد الندوات والمحاضرات وهذه كلها تهدف إلى توعية المدخنين بخطورة الأمر، وكيفية الوقاية منه، وعلاجه.
وهذه العيادات تعنى – أيضا – بالجانب النفسي للمدخن وتهدئة العقل والمشاعر والتغذية السليمة، وأحيانا يحتاج الأمر إلى بعض العقاقير الطبية.
رابعاً: العلاج بالبدائل:
وذلك يمكن باستخدام المدخن اللبان (العلكة) بدلا من التدخين، أو أقراص النعناع، أو غير ذلك مما يلهيه عن التدخين.
خامساً: التأثير على السلوك:
ويستخدم مع المدخنين الذين تفشل معهم الطرق الأخرى، وهذا الأسلوب عبارة عن محاولة لتغيير العادات التي ترتبط وتقترن في ذهن الشخص بالتدخين، فمثلا إذا كان الشخص يدخن مع شرب القهوة في زمن واحد ، واعتاد ذلك فتحاول أن نغير القهوة إلى مشروب آخر كالشاي مثلا، الذي لم يرتبط في ذهنه بالتدخين.
سادساً: العلاج بالتنويم المغناطيسي:
ويهدف هذا الأسلوب إلى التأثير على سلوك المدخن، وذلك بترك انطباعات سلبية عن التدخين، وفي الوقت نفسه يربطون في جلسات العلاج بين عدم التدخين والمشاعر الإيحائية الإيجابية.
الهوامش
(*) أستاذ المناهج وأساليب التربية الإسلامية
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل