; رسالة إلى شيخي | مجلة المجتمع

العنوان رسالة إلى شيخي

الكاتب إبراهيم الخليفي

تاريخ النشر الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

مشاهدات 12

نشر في العدد 594

نشر في الصفحة 31

الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

. سيظل العامة محرومين من الرؤية الواضحة في ظل الإعلام الشركوني!!

شيخي الفاضل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

يعلم الله تعالى أنني ما رفعت القلم انتصارًا لرأيي أو ردة فعل لقراءتي مقالكم الموضوعي، وكنت قد نويت ألا أرد حتى نبهت من بعض المحبين إني قد أرسخ مفهومًا كنت علمتنيه من قبل ... وهو أن الحوار الهادئ غير المتعصب المنضبط بالدليل والذي تظلله أخوة الإسلام ثروة نحرص عليها كمسلمين ما دام رائدنا فيها الإخلاص لله عز وجل.

إن شركان شركون ما كان ليقاس عندي بكرامات أولياء الله الصالحين ولئن استفز المقال قراء المانشيتات فإن ذلك ليس بدليل على مراد الكاتب الذي يتضح بالقراءة الهادئة الموضوعية للمقال.

لقد كان الهدف وراء استخدامي لهذا الاسم الرمز إلى جو تربوي تعيس يعيشه أبناء امتنا، وكان عتابي للإعلاميين والمربين الأفاضل مردة إلى يقيني بأنهم هم المنقذون للأمة مما هي فيه وأن الأمور إنما تعود إلى نصابها عن طريقهم.

إن العامة، وهم محدودو العلم بدين الله تعالى كما يعرفهم أهل العلم، قطاع عريض من جمهورنا وهم وإن كانوا يرتاحون لذكر الكرامات ويجدون فيها تحريكًا شعوريًّا لتصور قدرة الله تعالى إلا أنهم قد قدموا لبيوت الله عز وجل وهم أشد ما يكونون حاجة إلى بدائل عملية تطبيقية هم محرومون منها في أجواء ذلك الإعلام الشركوني؛ هذه البدائل سترسخ في أذهانهم حتمية انتصار الإسلام، وصلاحيته لحكم حياتنا المعاصرة.

شيخي الفاضل:

إن ما تفضلتم به من أن ذكر الحقائق وبيان ما هو واقع ليس إفراطًا إعلاميًّا يدعونا إلى السؤال التالي: هل كل ما يعلم يقال؟

في حديث معاذ- رضي الله عنه- الذي أورده الإمام محمد بن عبد الوهاب في مقدمة كتاب التوحيد، وهو في الصحيحين يخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- معاذًا أن من شهد أن لا إله الا الله دخل الجنة ثم ينهاه عن أخبار الناس بها فيتكلموا يقول الإمام في المسألة السادسة عشرة من فقه هذا الحديث: «يجوز كتمان بعض العلم للمصلحة».

ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه ثقافة الداعية فليس من فقه الداعية أن يتلو على مسامع الناس هذه الأحاديث – أي الأحاديث المشكلة على جمهور الناس– بغير ضرورة تقتضيها، ولا مناسبة توجبها بل الداعية الفقيه هو الذي يعني بالأحاديث التي لها صلة بواقع الناس ويتحرى البعد عن المتشابهات والمشكلات ومالا تبلغة عقول أوساط الناس.

قال الإمام النووي في التقريب: وليتجنب مالا تحتمله عقولهم ومالا يفهمونه... قال ابن مسعود كما يروي مسلم في صحيحه– «ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة».

شيخي الفاضل:

إنني وإن حدثت بالكرامات التي وقعت في عهود صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في مناسباتها فذلك لأنهم عدول كلهم كما أجمعت الأمة غير إنني لست مطالبًا بتحديث العامة عن كرامات وقعت في العهود المتأخرة حيث انقطع السند وغدت هذه القصص مما يشكل على بعض من يسمعها ولا يعني هذا الإشكال عليهم كونهم بالضرورة معتزلة.

وأخيرًا يا شيخي ما دمنا متفقين على أهمية الصياغة الفكرية للداعية وبناء الشخصية العقائدية العلمية فإنه لا يضيرنا بعد ذلك أن تعمل الأذهان كل في مجال تخصصه يعرض المفاهيم الإسلامية الصحيحة متوسلين في ذلك إخلاص النية وموافقة أمر الشارع- عز وجل- والحمد لله أولًا وأخرًا.

تلميذكم المحب إبراهيم.

الرابط المختصر :