العنوان رفقًا بالشباب
الكاتب د. توفيق الواعي
تاريخ النشر الثلاثاء 22-ديسمبر-1998
مشاهدات 7
نشر في العدد 1331
نشر في الصفحة 47
الثلاثاء 22-ديسمبر-1998
- رفقًا بالشباب فهم أسلم الأمة قلوبًا، وأطهرها لسانًا، وأعفها منطقًا، وأسلمها طوية، وأنبلها قصدًا، وأطهرها ذيلًا، وأرحمها فؤادًا، وأبيضها صفحة، وأخلصها نجيًّا.
- رفقًا بالشباب، فهم أمل المستقبل، وغرس الحاضر، ونهضة الغد، وأمل الحضارة، وهم عمد الصروح، وأعلام النصر، ورايات العز، وأسلحة الحق، وجند الإيمان.
- رفقًا بالشباب، فهم أبصر ذي عينين، وأسمع ذي أذنين، وأبطش ذي يدين، وأجود ذي كفين، وأمشى ذي رجلين، وأبلغ ذي لسان، وأعف ذي مقولة.
- رفقًا بالشباب، فما استنجدت أمة به إلا نجدت، وما اعتصمت بقوته إلا عصمت، وما استجارت بحميته إلا أجيرت، وما استمدت من عزمه إلا أمدت، فهم الملاذ والموئل والاعتصام بعد الله وكتابه.
رفقًا بالشباب فهم أغلى من كل رغبة، وأبقى من كل ذخيرة، وأفضل من أي فائدة، وأسمى من أي مغنم، وأنفس من أي عرض، وأكرم من كل ناطق وصامت.
- رفقًا بالشباب فهم سباقو غايات، وبلاغو آمال، وطلاعو أنجد، لايشق لهم غبار، ولا يثنى لهم عنان، ولا يدرك لهم مدى، ولا يلحق لهم شأن، ولا يبلغ لهم آفاق.
- رفقًا بالشباب، فما انتظم لأمة أمر إلا بهم، وما استقام لها طريق إلا على ضوئهم، وما استتب لها أمن إلا بسواعدهم، وما اتسق لها عن إلا بعزمهم، ولا تهيأت لها رفعة إلا بفتوتهم.
- رفقًا بالشباب، فهو معذور يتلمس الطريق وحده، فلا مثل يحتذى، ولا رشد يبتغي، ولا عز يقصد، ولا مجد يرفع، ولا نصر ينهض، ولا مصباح يضيء أو إصباح يغلق.
- رفقًا بالشباب، فالطريق وعرة، والليل طويل، والرياح عاتية، والأمواج شديدة، والجراح غائرة، والأيام كئيبة، والحوادث جسام، والطوفان عارم.
- رفقًا بالشباب، فلا تبتروه من نسبه، ولا تقطعوه من لحمته أو تفصلوه من عشيرته ووشيجة رحمه، أو تبعدوه عن قرابة، أو تحولوا بينه وبين عمومته وخؤولته وأصهاره، فإن بينه وبين تراثه صلة الرضاع ونسب المودة، وبينه وبين دينه ورسالته آصرة الأبوة ولحمة البنوة وعهد الوفاء.
- فلا تجعلوه دعيًّا لصيقًا لفاجر، أو لقيطًا مهينًا لعاهر، أو ملحقًا ذليلًا لعاقر، أو ذيلًا وضيعًا لحيوان.
- لا تنزعوه من تربته، أو تقطعوه من جذره، أو تفصلوه عن حقله، أو تمنعوه عن ورده، أو تحجبوه عن هوائه.
إن الشباب في حاجة إلى أبوة بحب، ونصح بعلم، وقيادة بمثل، وتوجيه بإخلاص، في حاجة إلى خطة واضحة، وطريق مدروس، وغاية مشعة، وهدف سامق، وأمل مشرق، في حاجة إلى رواد لهم حلوم، ودستور له إشعاع، وتعاليم لها مذاق، وأخلاق لها أريج.
وليسوا في حاجة إلى سراب خادع، أو بروق خلب، أو أماني كذاب، أو وعود عرقوب.
ليسوا في حاجة إلى دجالين ومشعوذين وملوثين وسكارى وضالين، أو مهرجين.
ليسوا في حاجة إلى أمراض مستوردة، أو جراثيم معلبة، أو عمالة مغلفة، أو جهالة مضللة.
فيا أيها الناس، ويا أيها الإنسان المتصدر:
إذا لم تستطع أن تكون طبيبًا
بارعًا فلا تكن حلاقًا جاهلًا!
وإذا لم تستطع أن تكون جراحًا
ماهرًا فلا تكن جزارًا فاتكًا!
وإذا لم تستطع أن تكون موجهًا
فاضلًا فلا تكن دجالًا عابثا!
وإذا لم تستطع أن تكون معلمًا
ذكيًّا فلا تكن مشعوذًا غبيًّا!
وإذا لم تستطع أن تحمل الخير في سلتك، فلا تحمل الثعابين في جعبتك!
وإذا لم تستطع أن تحمل القلم النافع، فلا تحمل الخنجر القاطع!
وإذا لم تستطع أن تكون مجاهدًا عظيمًا فلا تكن مثبطًا خطيرًا.
إن شباب الأمة العربية والإسلامية ينتظره كفاح طويل، وجهاد شاق، ومسيرة صعبة في العلم والعمل، في الصناعة والتجارة، في الإنتاج والتفوق، في البذر والحرث، في الاكتشاف والابتكار، في القوة والعزة، في الآمال والأماني.
ولا تنجح الخطط والأماني إلا إذا قوي الإيمان بها، وتوافر الإخلاص في سبيلها، وازداد الحماس لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها، وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة الإيمان والإخلاص، والحماسة والعمل من خصائص الشباب؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب، ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها، وصدق الله العظيم إذ يقول في حقهم: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (الكهف: ١٣).
ومن هنا يجب أن تكثر العناية بالشباب، وتتوافر الرعاية للفتية؛ لأنهم فكر النهضة، وساعد الحركة، وراية الكفاح.
كما يجب أن يوجه الشباب عقائديًّا وفكريًّا نحو تراث أجداده، وتاريخ أمته، ورسالة سلفه وخلفه؛ ليكون ثابت الجذور، مرتفع الفروع، جيد الثمار؛ لأنه من أخطر الأمور على الأمة الناهضة وعلى شبابها الغض في فجر نهضتها اختلاف الدعوات، واختلاط الصيحات، وتعدد المناهج، وتباين الخطط والطرائق، فكل ذلك تفريق للجهود، وتوزيع للقوى يتعذر معه الوصول إلى الغايات.
وأنتم أيها الشباب، ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، والزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة.
أيها الشباب، لستم أضعف ممن قبلكم ممن حقق الله على أيديهم هذا المجد الوضاء، الذي ما زالت البشرية إلى اليوم تعيش على ضوء سناه، فسيروا على بركة الله، فالله معكم ولن يتركم أعمالكم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
دعاة وإعلاميون وسياسيون يحتفون بـ»المجتمع» في ذكراها الـ52: تمثل اللوحة المشرقة للإعلام الإسلامي الهادف
نشر في العدد 2166
13
الجمعة 01-أبريل-2022