العنوان رمضان مبارك
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1970
مشاهدات 15
نشر في العدد 33
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 27-أكتوبر-1970
رمضان مبارك
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ﴾
رمضان بين حاضر الأمة وماضيها
تتتابع الساعات وتتلاحق الأيام والشهور تنقضي مكونة السنين، وفق نظام دقيق وسنة ثابتة أرادها الله سبحانه، لتخدم متطلبات الإنسان الذي أناط الله به دور الخلافة في الأرض ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ﴾
فالساعات والأيام والشهور والسنين بها يقاس عمر الإنسان وهي حقل أعماله، وعلى مدى اتساع هذا الحقل يكون الزرع والحصاد، وعلى نوعية البذور وقدرتها على مقاومة الآفات وتقلبات الفصول تتوقف جودة الإنتاج.
والإنسان العاقل من يجعل حقله دائمًا مشحونًا بجميع أنواع الغلال النافعة، تموج الخضرة في جنباته ويفوح منه عطر الأزاهير، مستعينًا على ذلك بربه ﴿الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ﴾
مستفتيًا شريعته سبحانه إذا ما تأثرت مزروعاته «أعماله» بتقلبات الفصول الحياتية -من صحة أو مرض، شباب أو كهولة، ضعف أو قوة- فحتمًا سيجد العلاج لكل هذه الآفات ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾
والمخرج من جميع الملابسات ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾
وهناك في حياة الإنسان المؤمن لحظات تسمو وترتفع في شرفها عند رب العزة، بقدر ما يحسن هذا الإنسان استغلالها، لحظات تمر في اليوم والليلة وعلى مدار السنة تنبئ عنها دورة الأرض حول نفسها، بصبح يتنفس معلنة خيوط ضيائه عن صفحة في سجل الإنسان جديدة، وحقل بكر ينتظر البذور، فيبدأ الإنسان المؤمن، تشده روعة الصبح وجلال السكون من الفراش لتقود خطاه إلى هناك.. إلى المسجد حيث غذاء الروح وطمأنينة النفس، فيمتلئ قلبه بالأمل وتقوى فيه حوافز العمل، وهكذا دومًا يقبل على هذا الزاد، عند الزوال، وحينما يتساوى الجسم وظله، وبعد الغروب، ولما ينقضي من الليل ثلثه، يفزع إلى ربه في هذه الأوقات في صلاة خاشعة، يطلب منه العون وينشده الهداية.
والنهار ينقضي يتبعه الليل حثيثًا، وفي الليل تتمتع الأبصار بضوء القمر الفضي، يبدأ شاحبًا كأنه خارج من صراع دام مع النجوم، ثم يتعاظم ضياؤه كلما تقدّمت به الأيام حتى يعاوده الشحوب مرة أخرى في نهاية المطاف معلنًا اكتمال دورته حول الأرض في تسع وعشرين يومًا وثماني عشرة ساعةً، نازعًا من عمر الإنسان شهرًا لن يعود، له فيه ما زرع وسيجده حاضرًا في يوم تشخص فيه الأبصار لخالقها لا يظلم منه شيئًا.
شهر مضى ويتلوه آخر حتى يكتمل العام اثني عشر شهرًا، هكذا قدره الله سبحانه وأراد أن يختص من أشهر العام رمضان، فيتم فيه اتصال السماء بالأرض: قرآن يتنزل به الوحي الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، معلنًا بداية تحرير الإنسان بتعبيده لرب الكون وخالقه، وتحطيم أسوار الجهل وتقويض دول البغي والكفر والأصنام، ولتستقر هـذه المعاني في النفوس فرض الله الصيام على المسلمين في هذا الشهر المبارك، الذي سيطالعنا هلاله الحبيب بعد أيام.
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (سورة البقرة: آية ١٨٥).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
محطــات إيمانيــة في طريــق التربيـــة.. نعمـــة بـلــوغ رمضـــان
نشر في العدد 2177
115
الأربعاء 01-مارس-2023