العنوان زغرودة الشهادة.. ما زالت ريشة الحق ترسم ومازال موكب الشهداء تنطلق فيه الزغاريد
الكاتب سمية رمضان
تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009
مشاهدات 9
نشر في العدد 1836
نشر في الصفحة 46
السبت 24-يناير-2009
دماء الشهداء لم تسل.. بل سرت في عروقنا وأصبحت وقودا حيا لتحركاتنا ضد المعتدين المجرمين
سمعناهم ورأيناهم بأم العين. الشهداء والنور يتلألأ من وجوههم موتى مكشوفو الوجوه المبتسمة الثغور عليها سمة الطمأنينة والسكينة، وقد ذهبت إلى رب لا يظلم عنده أحد، ومشيعون يمسحون بأيديهم على رؤوس الشهداء وعلى وجوههم فتزداد ضياء وبهاء، لا نراها لموتى بل لأجمل الأحياء، وطوبى لكن يا نساء أهل غزة، وبوركتن وبورك نسلكن، وجزاكن الله عن المسلمين خيرا، يا من حملتموهن وهنا على وهن، طبتن وطاب مجهودكن.
الشهيد حباه الله بفضله وأسبغ عليه کرمه دمه لم يسل؛ ولكنه سار في عروقنا فأحيا نفوسنا فزال الوقر من من آذاننا، فاستمعنا إلى أمر خالقنا : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص في القتلى ﴾ ( البقرة : ۱۷۸)، سمعنا وأطعنا يا من أسلمنا إليك أنفسنا، فو الله الذي لا إله إلا هو، لن نهدأ حتى نأخذ بثأرنا من المعتدين الظالمين المفسدين المجرمين، وستكون دماؤكم وقوداً حياً لتحركاتنا أنتم ومن سبقكم، ونسأله أن نفوز بنصر مؤزر من الله، أو أن تلحق بكم على طريق العزة والشرف والكرامة. وإلى كل طفل بريء مسجى على أرض الطهر والإباء ذهبت بشكواك إلى الله فبأي ذنب قتلت، وبأي ذنب روعت بأي ذنب كان هلعك وفزعك ان ذنبك الأوحد أنك تعبد رب العالمين ولكن جاورك أحفاد القردة والخنازير.
مئات الأطفال متفاوتو الأعمار كانوا يلهون ويلعبون، ويرددون آيات من القرآن ليحفظوها يا الله ما أشد قسوة قلوب أعدائنا فليتحملوا وزرهم فى الدنيا والآخرة، وسنفعل بإذن الله
تعالى كما فعل ذو القرنين مع أمثالهم : ﴿قال أما مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكَرًا (۸۷)﴾ (الكهف)، نم يا طفلي نامي يا طفلتي فقصاصكم عندنا، ونسأل الرحمن أن يعيننا عليه، ويجعله على أيدينا؛ فقد وعد سبحانه بذلك: ﴿ذلك وَمَنْ عَاقِبَ بمثل مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُعْيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)﴾ (الحج).
وليهدأ أطفال «إسرائيل» فإسلامنا يحرم علينا قتلهم، ولكن طال الزمان أو قصر فعلى آبائهم أن يرحلوا من ديارنا وأرضنا وسيرت أطفالنا - بمشيئة الله - لعبهم، وأماكن لهوهم.
حماكن الله يا نساء فلسطين من فتيات وسيدات، إن أفعالكن، وبلاء كن قد أضاءت لنا الطريق، ذكرنا ببلاء الصحابيات والمجاهدات على مر التاريخ كنتن قويات بالله فسجلتن أسطورة القرن من أين اكتسبتن هذه العزيمة والإرادة والشجاعة ؟! فقد غزوتن مواكب الشهداء بشهيدات كثيرات من مختلف الأعمار، كالزهرات المنثورات في جنات الخلد والنعيم، الأحياء منكن لم ترفع واحدة منهن علم الاستسلام، ولم نسمع من أي واحدة منكن أنها ضد المقاومة، مع أن بعضكن فقدن الزوج وبعضكن فقدن الأولاد، وبعضكن فقدن الزوج والأولاد، وكثيرات فقدن المنزل والأم والأب ولكننا أبدا لم نسمع منكن إلا جملتين: الحمد لله، وحسبنا الله ونعم الوكيل .. بوركتن وبوركت أفواهكن.
أما صمود المقاومة الإسلامية فحدث عنه بفخر مجموعة لا تملك حقيقة إلا إيمانها ويقينها بنصر خالقها، يعتدى عليها فلا تولي الأدبار فيثبتها وليها ومولاها فتصمد، ويقول قادتها رغم الآلام والجراح: «لن نركع إلا لله»، كلمات سيكتبها التاريخ من نور. تحدثنا أخت فلسطينية من قلب الأحداث فتقول: إن فلسطينيي الداخل يروون أسطورة لا تقل عن الأسطورة العسكرية التى تشاهدونها ؛ فإن ما تسمعونه من الحمد والشكر وحفظ القرآن والانضباط الأخلاقي والسلوكيات الرائعة كانت على العكس تماما قبل أن تسيطر المقاومة على زمام الأمور، وفى خلال سنوات قلائل من التعليم القرآني، وبرؤيتهم قادتهم مطبقين لما يعلنون يفعلون ما أمرهم الله به فطبيعي أن يتأثروا بهم، ويلتفوا حولهم بحب ورضا، لقد أصبحت لديهم قدرة مذهلة على العطاء فسرت في أوصالهم الإرادة وقوة الصمود .
بشرك الله بالخير أيتها الأخت، فهي بشرى نزفها لكل العالم الإسلامي الذي انتفض في كل أنحاء الدنيا رافعاً رايات التوحيد بعد أن تقطعت أوطانهم بحدود كافرة ملحدة وبعد أن تمزقت انتماءاتهم وتحطمت آمالهم وظن أعداء الله أن الشعوب بعد أن أصبحت ترسف في أغلالها وذنوبها وملهياتها وأهوائها باتت تحتضر، ولم يتبق إلا القليل من الوقت لينعوها للعالم أجمع، فإذا الشعوب تهب هبة واحدة بلا ترتيب ولا تنظيم، مرددين تقريباً نفس الهتافات، وقد توحدت أهدافهم جميعاً النصرة المقاومة، وتجدد أملهم في شهادة، لا في سبيل قومية أو نعرة مهما كان مسماها، ولا في سبيل زعيم أياً ما كان أمره، ولكن في سبيل الله وحده.
أشعل ذلك الحمية في القلوب والعزة في النفوس، وخرجت الشعوب الإسلامية في مختلف أنحاء العالم ليتحدوا ويتحدوا، فخاب بذلك سعي من افترى وضاعت مخططاتهم الكافرة بعد أن أفنوا عمرهم المقصوف في تنفيذها، فها هي المقاومة تأتى كمعول هدم لخبثهم ودهائهم ومخططاتهم.
لوحة فنية رائعة يجدها أمامه كل مسلم مخلص، بل ويجد له فيها موضعاً ومكاناً ... لوحة رسمت بدقة وعناية.. مقاومة واعية وشعب صامد ينير جنباتها الشهداء والجرحى كل مسلم بحق يحيط بهم بحب ورحمة، والكل يدعو الخالق أن يتقبل ويبارك ..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
الكوَيت توّدع شهداءَهَا - بيَان رئاسَة الأركان العاَمة للجَيش
نشر في العدد 15
113
الثلاثاء 23-يونيو-1970