العنوان زواج الشبــاب فــي المغــرب.. عوامل اجتماعية واقتصادية وتحولات ثقافية مؤثرة
الكاتب عبدالغني بلوط
تاريخ النشر الخميس 01-يونيو-2023
مشاهدات 22
نشر في العدد 2180
نشر في الصفحة 25
الخميس 01-يونيو-2023
تشير التقارير الرسمية في المغرب إلى ارتفاع معدل سن الزواج الأول عند الإناث إلى 25 سنة (27 سنة للعاملات)، وعند الذكور إلى ما يقارب 32 سنة، كما أن نسبة العزوف عن الزواج تبلغ 70% مقابل أقل من 40% قبل 8 سنوات، ويبلغ عدد النساء اللاتي يعانين من العنوسة حوالي 3.4 ملايين امرأة، مع ارتفاع نسبة الفئات الشابة، حيث إن 60% من الفتيات بين 20 و24 سنة، و28% بين 30 و34 سنة؛ غير متزوجات.
ويُجمع عدد من الباحثين، في تصريحات لـ«المجتمع»، أن لهذه الأرقام المخيفة عوامل اجتماعية واقتصادية وتحولات ثقافية تقف عقبة أمام الشباب في الإقدام على الزواج وبناء أسر جديدة.
بداية، أكد فريد أمار، الأستاذ الباحث في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأسرة لم يعد لها ذلك الدور الكبير في إقناع شباب اليوم بفكرة الزواج أمام مركزية فكرة الاستقرار المادي بعد استكمال الدراسة، والحصول على عمل، خاصة بالنسبة للفتيات، ويضيف أن بعض المظاهر العرفية ما تزال مستمرة في بعض الأوساط ولو بشكل محدود؛ من قبيل تدخل الأهل في الاختيار، وزواج الأقارب، وبعض الأعراف الإثنية والقبلية في النسب.
بدوره، قال الحسين الموس، الأستاذ الباحث في مجال الأسرة: إن هناك عادات تسربت إلى المجتمع لتفاقم أزمة عزوف الشباب عن الزواج، ومن بينها المغالاة في المهور والأعراس، ورغبة بعض الشباب التمكن من كل الكماليات قبل الإقدام على الزواج وبناء أسرة جديدة، بالرغم من توفره على الشروط الأساسية للاستطاعة.
فيما تبرز حنان بنشقرون، رئيسة مركز إشعاع للدراسات الأسرية، اختلال التوازن بين طلب العمل والفرص المتاحة، وارتفاع نفقات الزواج مقابل انخفاض مستوى الأجور لدى أغلب الشباب، وضيق بيت العائلة عن احتواء المتزوجين حديثاً.
من جانبها، أكدت صالحة بولقجام، الباحثة في مجال الأسرة، أن ثمة تحولات قيمية في المجتمع المغربي جعلت الزواج يبتعد عن المقاصد السامية للميثاق الغليظ إلى نوع من الحسابات المادية الضيقة، وضعف الوازع الأخلاقي والديني، وتلاشي قيم المودة والرحمة والصبر.
فيما شدد أمار على أن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي الافتراضي في زمن سيولة العلاقات بين الجنسين له دور كبير في تنامي العلاقات خارج إطار الزواج.
وحذر الموس من دعوات إضفاء المشروعية القانونية لهذه العلاقات، التي يعاني الغرب من تبعاتها الوخيمة، ويتأسف لكون بعض الشباب الذين يُقْدمون على هذه العلاقات يرون «الفساد» منتشراً بين الفتيات، في حين يجب الاعتقاد أن العفة هي الأصل، وأن الأسرة المغربية محافظة، و«بنات الأصل» العفيفات هن الأكثرية.
في حين، أبرزت بنشقرون غياب حس المسؤولية عند الشباب ذكوراً وإناثاً، وعدم قدرتهم على تحمل أعباء بيت وأسرة بسبب ما عودهم عليه آباؤهم من تواكل وتهاون في واجباتهم.
فيما أكد أمار أهمية إقرار سياسة عمومية مندمجة تساهم في تعزيز مكانة الأسرة في المجتمع ودعم وتشجيع الزواج، بعيداً عن السياسات التي تنتصر لطرف من أفراد الأسرة على الآخر، كما أن انخراط المنظومة التربوية والتعليمية في هذا المجال أمر ملحّ جداً؛ بإقرار برامج منذ السنوات المدرسية الأولى لتعزيز ثقافة التماسك الأسري.
وشددت بنشقرون على ضرورة تدخل الدولة بإرساء سياسة اجتماعية تدعم الشباب المقبل على الزواج مادياً، مع رفع الحد الأدنى للأجور، وتوفير مساكن لذوي الدخل المحدود دون المطالبة بأداء مبالغ مسبقة، وتوفير نظام المساعدة الاجتماعية.
كما دعت بولقجام إلى تعزيز حضور التربية الأخلاقية والقيمية في البرامج التعليمية والإعلامية، مع تشجيع المحتوى الأسري والأخلاقي والقيمي الهادف في مواقع التواصل الاجتماعي والعمل على نشره، كما أن على العلماء ومؤسسات العمل المدني المهتمة بقضايا المرأة والأسرة العمل على تكوين وتأهيل الشباب لتمكينهم وتشجيعهم على بناء أسر متماسكة وسليمة.
وشدد الموس على دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في محاربة الثقافة الاستهلاكية وحب تملك الأشياء، وأن لا شيء يأتي دفعة واحدة، وإنما بالتدرج، وذلك بالتوكل على الله تعالى وحسن التدبير والتعاون بين الزوجين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالقيم العلمية والأخلاقية في الحضارة الإسلامية.. الدين والحياة وجهان لعملة واحدة
نشر في العدد 1811
42
السبت 19-يوليو-2008
العادات الاجتماعية بالدول العربية وتأثيرها على زواج الشباب
نشر في العدد 2180
150
الخميس 01-يونيو-2023