; سلم استهلاكي | مجلة المجتمع

العنوان سلم استهلاكي

الكاتب أ. د. زيد بن محمد الرماني

تاريخ النشر الجمعة 01-يونيو-2018

مشاهدات 18

نشر في العدد 2120

نشر في الصفحة 41

الجمعة 01-يونيو-2018

سلم استهلاكي

إن هناك سُلَّماً استهلاكياً لدى المستهلك المسلم، كما أنَّ هناك مناطق للاستهلاك يتحرَّك داخلها المستهلك المسلم، نشير إليها كما يلي:

الأولى: منطقة القَوَام (الوسطية والاعتدال) منطقة مباحة، وهي وسط بين الإسراف والتقتير، ووسط بين الزينة والورَع، وأكثر الناس لا يأخذ بها؛ إذْ هم يميلون غالباً إلى الزينة، ويتجاوز بعضهم إلى التَّرف والسَّرَف والتبذير، والدليل على هذه المنطقة آيات كريمة عديدة، منها قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً {67}‏) (الفرقان)، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: «كلوا واشربوا، وتصدَّقوا، والبسوا من غير إسْراف ولا مخيلة» (حديث حسن، أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم).

الثانية: منطقة الزينة (الطيبات وإظهار الغِنَى) منطقة مباحة، يقول الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {11}‏) (الضحى)، ويقول سبحانه: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف: 31)، وفي الحديث الشريف: «إن الله يحبُّ أن يَرى أثَرَ نعمته على عبده» (أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسَن)، ومن هذه المنطقة التحدُّث بالنعم والرفاهة، على ألاَّ يَخرج المستهلك المسلم إلى منطقة الترف المنهي عنه.

الثالثة: منطقة الورع (التقشُّف والزهد) منطقة مباحة، وهي منطقة جيدة، إلاَّ أن الذين يستطيعون المكث فيها قلة من الناس، وعلى رأس هذه المنطقة الأنبياء، عليهم السلام، والزهَّاد الأوائل، وقليل من المتأخرين، وهذه المنطقة فيها كثير من التضحية بالدنيا ومباهجها، بل وفيها إيثار للآخرين على النفس، ولو تيسَّر هذا السلوك لأمكن حلُّ المشكلات الاقتصادية وغيرها، ومن أدلتها قول الله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر: 9)، وحديث: «حسب ابن آدم لُقَيمات يُقِمن صلبه» (حديث حسن صحيح)، ونصوص أخرى تشير إلى الزهد والورع والتقليل من السلع والخدمات، انتظاراً للثواب في الآخرة.

الرابعة: منطقة الإسراف (التبذير والترف) منطقة محرَّمة، ومن أدلتها، قوله الله تعالى: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {141}) (الأنعام)، وقوله سبحانه: (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً {26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً {27}‏) (الإسراء)، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن من شرار أمَّتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يَطلبون ألوان الطعام وألوان الثياب، فيتشدَّقون بالكلام» (حديث صحيح).

ولقد دخل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على ابنه وعنده لحم،   فقال عمر: ما هذا؟ قال: اشتَهَينا اللحم، فاشترينا منه بدرهم، قال عمر: وكلَّما اشتهيتَ اللَّحْم اشتريتَه؟ كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كلما اشتهى. (أورد الأثَرَ أبو بكْر ابنُ أبي الدُّنيا في كتابه «إصلاح المال»).

فالتبذير أشد من الإسراف، فهو المغالاة في تجاوز الحدّ، والتوسُّع في الإنفاق على المحرَّمات والمعاصي والشهوات، كما أن الترف أشد من التبذير، فيتوسع في ملاذّ الدنيا وشهواتها، وإذا انتشر الترف في الأمة أودى بها إلى الفناء، ومن هذه المنطقة إضاعة المال، وقد جاء النهي من الرسول، عليه الصلاة والسلام، عن إضاعة المال. (رواه الشيخان).

الخامسة: منطقة التقتير (البخل والشح) منطقة محرَّمة، فالبخيل عدوٌّ لله وعدو لنفسه وعدو لكلّ ما ينفع الغير، وإذا أوصلت به الحال إلى الزهد الأعجمي، قتل نفسه شيئاً فشيئاً بحِرمانها من أبسط الضروريات، يقول الله تعالى: (وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء) (محمد: 38)، وفي حديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إياكم والشُّحَّ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرَهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» (أخرجه أبو داود، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم وصحَّحه على شرط مسْلم، ووافقه الذَّهبِي).>

وأمرهم بالفجور ففجروا» (أخرجه أبو داود، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم وصحَّحه على شرط مسْلم، ووافقه الذَّهبِي).

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الحج.. وحدة الهدف والغاية

نشر في العدد 2111

20

الجمعة 01-سبتمبر-2017