العنوان طريق المستقبل (122)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 17-أكتوبر-1972
مشاهدات 10
نشر في العدد 122
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 17-أكتوبر-1972
كلمة للمستقبل
المعنى الإسلامي لهذه الأمة ضائع، طعمها لم يعد هو ذلك الطعم الذي تشم البشرية رائحته، فتحس بأن هذه خير أمة أخرجت للناس.
إن هذه الأمة قد أصبحت - كأمم الجاهلية - تدور في حلقة الزمن، لم تعد تلك الأمة التي يدور الزمان في حلقتها.
كان التاريخ يقف عند إبداعاتها، وكان للزمان معنى من معانيها أكثر مما كانت هي مجرد معنى بشري من معاني الزمان، لقد أصبحنا أمة تنتظر الزمان في كل شيء،
تنتظره ليحل لها مشاكلها، تنتظره لتقبض رواتبها تنتظره، لتذهب إلى مصايفها،
تنتظره لتنتهي الانتخابات الأمريكية بنيكسون أو أي يهودي آخر، تنتظره لتلبس جديدًا أو تأخذ عطلة، أو تقيم أسواق التجارة الرخيصة، وهكذا أصبحنا شيئًا من أشياء الزمان، ولم يعد لنا دور في الزمان وفي مسيرته، وحتى رمضان، لم يعد شهر «بدر والفتح»، وإنما أصبح العام الخامس أو السادس أو السابع للهزيمة والعار.
••
عندما تسير الأمم ذليلة في قافلة التاريخ، دون أن تكون لها كلمة في حركة الزمان، دون أن تلعب دورها في دفع حركة الزمان في اتجاه بقائها وتطورها.
عندئذ تكون موشكة على الانهيار، وهذه مشكلتنا الكبرى، إننا مجرد لعبة في يد الزمان، في يد الظروف، إننا لم نحاول الإسهام في حركة الزمان في اتجاه بقائنا وتطورنا، لقد فقد الزمان معناه بالنسبة لنا، وفقد رمضان الكريم معناه، كجزء من هذا الزمان، وكل عام وأنتم بخير!!
متى يعود رمضاننا الحبيب إلى نفوسنا وضمائرنا، وعقولنا؟
هكذا علمنا تاريخنا
الانبهار بالأعداء، جرثومة تفقد الجسم مناعته الذاتية، وقدرته على النمو المستقل، والمقويات الخارجية تعني ـ في معناها الحقيقي - أن الجسم منهار داخليًا.
والذين لا يملكون في داخل ذواتهم جراثيم الحياة، لن يتمكنوا دومًا من الحياة على أساس من الجراثيم المستعارة.
عندما استقبل العرب المسلمون في عهد الفتوحات، أعداءهم من الفرس والروم المتفوقين حضاريًا عليهم، لم يعاملوهم بإعجاب، لأن الذي يبدأ بالإعجاب، ينتهي الاستسلام والهزيمة، وإنما بدأوا معهم بالاعتزاز بالذات، وبالشعور أن الله ابتعثهم لإخراج هؤلاء المتفوقين حضاريًا عليهم من ظلام الجاهلية إلى نور الإيمان والحضارة الحقيقية، وقد احتقر ربعي بن عامر، رستم في عرينه، واحتقر المسلمون «المتخلفون » الفرس المتحضرين وانتصروا عليهم، وبنوا على أنقاضها وأنقاض الروم حضارة حقيقية وليست حضارة مزيفة تمتهن فيها كرامة الإنسان، باسم التقدم
لنبدأ بالاعتزاز بأنفسنا، والاحترام لتراثنا، واليقين بأننا متفوقون حضاريًا في ظل مبادئنا الإسلامية، وبأن سقوطنا الحالي ليس إلا عارضًا من عوارض الزمن، وبأننا لو عدنا إلى قيمنا فإننا سنستطيع تحقيق التفوق الحضاري الحقيقي، الأمم كلها أصابتها الوعكات، لكن الأمم الأصيلة استطاعت النهوض وتحويل الهزيمة والتخلف إلى نصر وتقدم في الاتجاه الصحيح، ونحن كذلك عبر تاريخنا الإسلامي سقطنا غير مرة ثم قمنا، وسيطرنا، لأننا في كل مرة، كنا نعتقد أنها كبوة، وإننا في جوهرنا المتفوقون، وإن الأرض- مهما تكن العوارض- لله لا يرثها إلا عباده الصالحون.
شيء من.. الكرامة
إلى الآن، وبعد أسابيع طويلة، وبعد قيام دولة الاتحاد، وبعد عشرات التصريحات الخارجية من جامعة الدول العربية، بعد كل هذا، وبعد أن فعلت ألمانيا الغربية بأبنائنا ورعايا العروبة المنكوبين ما فعلت في سبيل الذين دمروها في الحرب العالمية الثانية وأعطيتهم ما يسمى بالتعويضات على نكبتها وهزيمتها.
إلى الآن ونحن لم نستطع رد اعتبارنا بمعاملة الألمان بالمثل، وضرب ألمانيا في كرامتها واقتصادها كما ضربت بكرامتنا عرض الحائط.
إلا ما قامت به ليبيا حين منعت نزول بعض السياح الألمان إليها.
ألم يعد لدينا نحن العرب الذين كنا حتى في جاهليتنا نعرف بالحمية والأخذ بالثأر، ألم يعد لدينا أية قيمة من قيمنا الحضارية؟!!
الحقيقة، أننا فقدنا كل شيء في ظل الضباب الذي يقودنا من الشعارات المزيفة المستوردة، فقدنا حتى الكرامة.
حاول أن تقرأ.. العبودية
لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
شيخ الإسلام ابن تيمية في غير حاجة إلى تعريف، وقد اعتبره البعض الرجل الذي ظهر على رأس المائة السابعة للهجرة، إذ توفي رحمه الله سنة ۷۲۸ هـ
••
وفي رسالته تلك يتناول عديدًا من القضايا، يتناول تعريف العبادة وفروعها،
ودعوة الأنبياء إلى عبادة الله، ووصف العباد بالعبادة، ومراتب الحب، ووجوب تقديم محبة الله والرسول على كل شيء، والعبودية المتعلقة بربوبية الله، حقيقة العبودية، الفرق بين الحقيقة الكونية والحقيقة الدينية، والقضاء والقدر، بطلان الزعم بسقوط التكليف، اعتقاد سقوط الأمر والنهي محادة لله والاحتجاج بالقدر من مقالات المبتدعة، إلى آخره.
ولعلنا نرى في هذه النماذج من القضايا التي تناولتها هذه الرسالة ما ينبئ عن بقية مواد الرسالة، والرسالة لا تثريها فقط الموضوعات الجيدة التي تتناولها وإنما تثريها روح الشيخ ابن تيمية، تلك الروح العلمية، المنطلقة من القرآن والسنة قبل كل شيء والمتفهمة بأفق المسلم العالي إبعاد المعطيات التي تمدنا بها النصوص
والكتاب لازم لكل مسلم، في عصر تاه الناس فيه بين أشتات من التصور الاعتقادي، وتاهوا بالتالي بين طرائق مختلفة من طرق العبودية.
«وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»!
مطلوب مؤلف لهذا الكتاب
الفقر الروسي في ظل اللينينية الماركسية
كانت روسيا إحدى الدول المصدرة للقمح، وكانت في ظل القيصرية الرجعية البغيضة تتمتع بعديد من الحريات، حرية الفكر، حرية العقيدة، حرية الإنسان.
فلما أن تمكن اليهود من إحداث انقلابهم الماركسي بقيادة الزعماء المفكرين اليهود، حاولوا تدمير الإنسان الروسي وتدمير روسيا القيصرية، ولما اكتشف ستالين- أخيرًا- الدور الرديء الذي يقومون به، كما كان هتلر قد اكتشف ذلك من قبل، لما اكتشف ستالين ذلك وأصدر أوامره السرية إبادتهم من روسيا، وجد في اليوم التالي قطعة من الفحم، بيد الأطباء اليهود، كيف وصلت روسيا إلى قلعة عسكرية، من أجل إقامة إسرائيل، فلما أدت دورها، انتقل اليهود إلى القوة الأقوى والأكثر قدرة على تحقيق مآربهم دون أن يقطعوا صلتهم بالدولة الأخرى، روسيا فلما أن سقطت في ظلام الجدب والفقر، جاءوا إليها يسدون الدين، ونجح هنري کیسنجر «اليهودي الأكاديمي» في منح روسيا قمحًا وقروضًا طويلة الأجل، لكن هل ستنجح هذه المساعدة في انتشال روسيا؟
وكم من أزمات أخرى تنتظر هذه القلعة العسكرية المنهارة الآيلة للسقوط؟!!
الخطر من هنا
تشويه الحقائق، والتعبير عنها من خلال أفكارنا والتزاماتنا النفعية أو العقائدية اللامنتمية، هو أخطر ما يواجه أمتنا المسكينة، وفي الأسابيع القليلة الماضية قرأت تشويهًا خطيرًا للحقيقة على يد أحد الكتاب الذين زاروا روسيا.
وبينما كل أصابع الفكر البشري تشير إلى سقوط التجربة الروسية وإلى قرب تحول روسيا إلى دولة مجاعات بعد أن تحولت إلى مستورد ذليل من أمريكا، وإلى متسول ذليل على مائدة اليابان، وبعد أن تخلت عن فيتنامها، وعن الشرق الأوسط، تخلت عن كل ذلك ذليلة في سبيل صفقة القمح وصفقة المساعدات الهنري كيسنجرية.
إن روسيا كرئيس عصابة يعرف كيف يستعمل السلاح لكنه في الحقيقة لا يملك مقومات الإنسان المتحضر، ولو قدر لك أن ترى الخبراء الروس «ولاحظ أن هؤلاء خبراء وليسوا من عامة الناس» وهم يشترون البضائع بنفس طريقة الفلاح أو البدوي المسكين الذي لم ير هذه الاستهلاكات الكمالية من قبل، ثم لو رأيت سلوك هؤلاء الناس المرعب، والذي تتجسد فيه الرهبة والخوف من كل شيء، فضلًا عن قابليته لبيع أبسط المقدسات الإنسانية في سبيل أصغر الأشياء، لو رأيت كل هذا لعرفت كيف سقطت هذه الماركسية؟!!
ولو عرفت كيف باعت روسيا الصين، أكبر قوة اشتراكية عددًا، في سبيل مصلحة شعبها الجائع لعرفت كيف سقطت تجربة الماركسية؟!
ولو زرت روسيا وجاء نصيبك في المدينة الجامعية في حجرة واحدة مع فتاة روسية «هكذا دون أدنى اعتبار إنساني» كما حدث لكثير من الطلاب العرب من المصريين، لرأيت كيف تبيع روسيا كرامتها، مقابل علبة سجائر أو قميص؟!
إن الأمور تؤخذ بنتائجها، فإذا كان نيكسون قد فرض على روسيا شروطه، ومن قبل فرضها على خروشوف كنيدي، وإذا كانت روسيا تبيع أنصارها يومًا بعد يوم، وإذا كانت تقيم الآن عشرات المؤتمرات والإحصاءات من أجل ترك شيء للمستهلك الروسي المسكين، وإذا كان كل ذلك صحيحًا ولا مجال لإنكاره فمن الخداع للنفس أن نشيد بدولة، انتهى دورها الصهيوني في التاريخ.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالقيم العلمية والأخلاقية في الحضارة الإسلامية.. الدين والحياة وجهان لعملة واحدة
نشر في العدد 1811
42
السبت 19-يوليو-2008
معالم الإصلاح والتجديد في تجربة نور الدين زنكي (2) بناء دولة العقيدة على أصول أهل السُّنة
نشر في العدد 2180
38
الخميس 01-يونيو-2023