العنوان طريق المستقبل (123)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أكتوبر-1972
مشاهدات 15
نشر في العدد 123
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 24-أكتوبر-1972
كلمة المستقبل
إن حذرنا من موسكو يجب أن يكون قاعدة ثابتة في سياستنا الخارجية.
فموسكو لعبت أخطر دور في تاريخنا الحديث.. في إقامة إسرائيل وحمايتها ومدها بالطاقات البشرية والمادية.
في إذلال العرب وفرض الأسلحة الفاشلة دفاعيًا عليهم وفي إخضاعها لاستراتيجيتها العالمية التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي الذي يسيطر عليه -بدوره- اليهود.
وأخيرًا.. في رميهم دون سلاح مقابل حفنة من القمح تصدق بها عليها نيكسون وحفنة من الدولارات تصدق بها کیسنجر...
لقد كان آخر لطمات أعدائنا الشيوعيين لنا هو إدانتهم لعملية ميونيخ.. وتعاونهم مع أمريكا في القضاء على الشعب الفلسطيني.. ممثلًا فيما يُسمى «بالإرهاب».
وأيضًا، من كلماتها الأخيرة تفاوضها مع كيسنجر من أجل إعفاء المهاجرين السوفييت من الضرائب تشجيعًا لهم على الهجرة.. كما أن المستشارين والخبراء والجواسيس السوفييت الذين كانوا في القاهرة.. وخدموا إسرائيل عدة سنوات... قد انتقل جزء كبير منهم إلى إسرائيل ليقوم بدوره -مباشرة- على الوجه الأكمل.. ويكمل نصف دينه الشيوعي الصهيوني.
•••
وعلى الرغم من أننا لا نعلق بشيء على الزيارات الرسمية لموسكو ثقة منا في أنها ستتحول إلى مرحلة أخرى من مراحل الدجل على الأمة العربية والضحك على النفس والتوهان الشنيع بعيدًا عن الحل الإسلامي الذاتي الصحيح... على الرغم من كل ذلك.. إلا أننا نلح في أن تفهم أن بقاء إسرائيل واستمرار تفوق إسرائيل.. هو أبرز العناصر المكونة الأيديولوجية الماركسية، والسياسة الخارجية، بل والداخلية، السوفيتية..
وإذا كان لا بد للعرب من التعامل الذليل مع السوفييت.. فعليهم أن يتعاملوا معهم على هذا الأساس.
هذه كلمة للمستقبل.
الخطر من هنا!
يخيل إليّ -والله أعلم- أن المشيئة الإلهية قد جرى قدرها بتأديب هذه الأمة التائهة... التي أمهلت كثيرًا.
انظر حواليك... في كل أفق غيوم.. وفي كل سماء سحب وفي كل جريدة أخبار سيئة.. وفي كل إذاعة عربية.. أو تليفزيون عربي.. ما تجهم له وجهك...
طردتنا موسكو من على مائدتها متجاهلة أبسط قواعد الإنسانية... ونحن الآن نعود في صغار وذلة!!
وأملنا خيرًا في أوروبا الغربية... وقد أظهرت حادثة ميونيخ أننا واهمون.. وهما بعيدًا!!
وتطلعنا في ذل ولهفة إلى بلد الحرية -ذات التمثال الكبير- وهي الآن لا تتكرم.. مجرد کرم إنساني – بإعارتنا أية أذن صاغية... ويتسابق مرشحو الرئاسة فيها إلى إرضاء أعدائنا...
•••
وفي الداخل... الفدائيون يصفون بعضهم بعضًا، لأنهم لا يجمعهم دين واحد، فبعضهم يدين لموسكو والآخر لبكين والثالث أمريكا والرابع للأنظمة العربية المتطاحنة.. وهلم جرًا..
•••
والحرب بين ما يُسمى باليمن الجنوبية الشعبية الديمقراطية الماركسية وبين اليمن الشمالية.. دائرة.. والعرب يحاولون تحقيق «الصلح» بين «الأشقاء جدًا» وتحقيق وحدة اليمن الذي كان سعيدًا فقلبت الماركسية له ظهر المجن!!
•••
وثمة بوادر تؤكد بأن «حزب التهريج» الذي كان طول عمره -مبتدئ ومنتهي- نكبة على الأمة العربية.. «وفاشستيا».. هذا الحزب ممثلًا في يمين يساره ويسار يساره يوشك أن يدخل وتدخل الأمة العربية معه في معركة مادية.. حربية.. وبالطبع فسوف يتدخل اللاعبون العرب الآخرون، وسوف يفرضون برنامج «صلح» بين «الأشقاء» جدًا جدًا!!
•••
وفي لبنان يتبارى بعض الأطفال الكبار، ويزعجون معهم العالم العربي، فكل منهم يريد أن يلعب أي دور لحساب أية قوة.. ما دام هناك عملية صعبة!! وما دامت هناك طائفية ترضي البابا والكنائس العالمية، وليكن الضحايا الجنوب اللبناني المسلم...
فما داموا مسلمين.. لا يهم وعلى فرنسا وبريطانيا أن تطمئن.. لبنان المسيحي في سلام.. «وكامل الأسعد» كفيل بإرضاء الجنوبيين!!
•••
هل نتحدث عن مراكش وتمزقاتها الداخلية وسيطرة ربع مليون يهودي عليها.. في مراكزها الحساسة؟!!
وهل نتحدث عن الرواسب التي خلفتها حركة الانقلاب الأخير الفاشلة؟
•••
وبما أن مصر تعبة.. والفرصة مواتية لكل من يريد تحقيق مآرب خاصة ونهش بعض الجسم الساقط، فلماذا لا يبرز الطائفيون نواياهم المكتومة نحو المسلمين المصريين.. إخوانهم في الوطن منذ أربعة عشر قرنًا.. لماذا؟ ولماذا لا تتحول مصر إلى أندلس أخرى -كما قال البابا في وثيقته-؟
.. لماذا لا تغرب شمس الإسلام من مصر.. كما غربت من بلدان كثيرة؟ من تركستان والقوقاز، والأندلس، والصين، وزنجبار، وفلسطين، وغيرها؟ أليس الإسلام قد بدأ غريبًا وسيعود غريبًا.. فلماذا لا يعود الآن؟
•••
إنها مأساة مروعة تحيط بالعرب.. تحيط بهم من كل جانب، وهم كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- غثاء كغثاء السيل».. كل منهم يشكل جزيرة مستقلة لا يهمه غيره.
•••
والتبشير النصراني يسير متعاونًا مع التبشير الماركسي.. فالهدف واحد.. وفي كل مكان تبشير صريح يتحدى القوى العربية الخائرة أن تتحرك «في الصحافة.. في المدارس.. في الإعلام».. وفي كل المجالات... وآخر إنجازات التبشير العظيم.. فرض «الوثنية وكتائب التبشير» على جنوب السودان، وتحريك الأحقاد الصليبية في مصر... ونشر الخمور والنوادي اللاهية في الكويت تمهيدًا لخطوة أخرى وانتظروا البقية يا عرب.. يا راحلون!!
هكذا علمنا التاريخ!
عندما ظهر الإسلام كان العنصر اليهودي مرفوضًا من المجتمع الدولي... كان محكومًا عليه بالذل في ظل المجتمع الكنسي البيزنطي والمجتمع الكنسي الأوروبي والمجتمع الوثني الفارسي.
وكان اليهودي يعامل باحتقار في كل أنحاء أوروبا... كان هذا اليهودي التائه لا يجد من يعطيه لقمة إلا بصفعة، ولا يتعامل معه حتى ولو كان محتاجًا إلى قروشه وأمواله.. إلا على أساس أنه إنسان ناقص الإنسانية.. إنسان من الدرجة الثالثة.
.. فلما جاء الإسلام عاملهم معاملته للنصارى.. وأطلق عليهم «أهل كتاب»..
بل وتزوج الرسول -عليه الصلاة والسلام- منهم.. کي یمسح عنهم هذا الخزي العالمي المحيط بهم...
عاهدهم النبي -عليه السلام- في المدينة.. وقدمت إليهم الأرض الإسلامية الملجأ والحماية ووجدوا في ظلها الأمن والكرامة الإنسانية.
لكن.. في كل موقف كان اليهود يردون بالغدر، يتحينون الفرص للإساءة للمسلمين.
إن الذين يحلمون بمجتمع سلام يضم اليهود ويضمهم واهمون.. فاليهود لا يعرفون السلام... إنهم دائمًا مشعلو الحروب وموقدو نارها... هكذا قال الله.. وهكذا علمنا تاريخنا.
مطلوب مؤلف هذا الكتاب
فجأة فرض اليهود على الرئيس الأمريكي نيكسون أن يخضع لكل مخططهم العالمي.. بواسطة رجلهم الرهيب.. هنري كيسنجر.
•••
والمخطط اليهودي العالمي يجري كالآتي:
إن من الصعب فتح جبهات متعددة أمام أمريكا، وبما أن هذه الجبهات يجب أن تتحرك في اتجاه تحقيق دولتنا الصهيونية العالمية الممتدة من أقصى منابع البترول في آسيا إلى آخر قطرة من مياه النيل في مصر.. فيجب أن تتوحد هذه الجبهات في اتجاه تحقيق هذا الغرض..
ولن يتوفر ذلك إلا بتصفية المشكلات الجانبية وسوقها كلها في تحقيق الهدف الصهيوني الأسمى، وبالتالي يجب تصفية المشكلات القائمة بين روسيا وأمريكا... ويجب إشعار روسيا بأن أرواح شعبها في يدينا «في قمح الولايات المتحدة وفي دولاراتها».. كما يجب إشعار كل رئيس أمريكي بأن سقوطه أو نجاحه رهن إرضاء اليهود وتنفيذ مخططاتهم.. كذلك يجب تصفية الخلافات القائمة بين أمريكا والصين وبين أمريكا وفيتنام وبين أمريكا وكوريا.. وهلم جرًا.
والهدف الأكبر من ذلك أن تتفرغ أمريكا لنا نحن اليهود.. فلا تكون لديها اهتمامات جانبية تجعلها تساوم علينا.. أو تخضع لحسابات هامشية أو مصلحية، وأيضًا.. ستصبح منطقة الشرق الأوسط.. بعد تصفية هذه المنابع هي المنطقة الوحيدة المتاحة لتجارة الأسلحة الأمريكية وسوف نحصل في هذه الحالة على كل ما نريد من الأسلحة بأقل الأثمان.. أو بلا أثمان، ولن يكون لنا منافس في هذا المجال.
•••
إن أمريكا ستشعر بفراغ كبير وبزخمة أكبر، ولن يكون لها متنفس بعد تصفية هذه المنابع إلا في الشرق الأوسط.
والأسلحة القديمة.. بدلًا من أن تلقى البطاطا والبرتقال في البحار... فستلقى على رؤوس العرب، والأسلحة الحديثة التي تحتاج إلى مجال لاختبار فعاليتها فيه.. سوف لن يكون أمام أمريكا مجال لتجربته واختبار أسلحتها إلا في سماء القاهرة وبغداد ودمشق... وفي رؤوس الثوريين من أصدقاء اليهود.. والرجعيين من أعدائهم سواء بسواء.. فالسلاح الأمريكي أعمى.. لا يستطيع أن يفرق غالبًا بين الصديق والعدو!!
•••
هل يحتاج هذا التخطيط الرهيب إلى كتاب يؤلف عنه؟ نعم.. لكنه أيضًا بحاجة إلى عقول وأجيال تعيه.. وتموت تحت راية عقيدتها الإسلامية في سبيل ألا يصل إلى غرضه.. في سبيل ألا يقلب اليهود باطن الأرض على رؤوسنا.. وتصبح أرضنا العربية والإسلامية حصيدًا كأن لم تغنَ بالأمس!!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
العلاقات الروسية الأفريقية تحت المِجهَر.. ماذا يريد «بوتين» من أفريقيــا؟
نشر في العدد 2176
39
الأربعاء 01-فبراير-2023