العنوان ظاهرة التآكل في.. مجتمعنا الكويتي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يوليو-1970
مشاهدات 46
نشر في العدد 20
نشر في الصفحة 3

الثلاثاء 28-يوليو-1970
•• حين وقف أبو سفيان بن حرب وبلال بن رباح بباب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أذن لبلال قبل أبي سفيان وترك أبا سفيان واقفًا بالباب فتفجر غضب أبي سفيان بعد أن رأى المقاييس تنقلب فيتقدم العبيد على السادة وتذكر جاهه العريض في الجاهلية فكاد يفتتن، وزجره عمر وأفهمه بما يكون التفاضل في الإسلام.
•• وحين وقف عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي في وجه أقاربه جميعًا من بني أمية يرد الأموال التي اغتصبوها أو منحوها ظلمًا إلى بيت المال،
ثار عبيد المال عليه ودسوا له السم فقتلوه.
•• وحين اتفقت نساء الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليه وذهبن يطلبن التوسعة عليهن في الدنيا بعد أن أفاء الله على المسلمين، غضب رسول الله وأمره الله أن يخيرهن بين الطلاق وبين الله ورسوله.
تلك فتن ثلاث: المال، والجاه، والنساء، إذا تسلطت على مجتمع من المجتمعات أكلت من خصائصه وميزاته حتى تتركه لا خير فيه، والذي ينظر إلى مجتمعنا الكويتي بين أمسه ويومه يلاحظ أن خصائصه الإسلامية الأصيلة تآكلت واندثرت أو كادت أن تندثر.
عاداته وتقاليده التي حافظ عليها عبر الأجيال وعاش بها آمنًا مطمئنًا مرتاح النفس في طريقها إلى الزوال.
•• ويتساءل المرء مخلصًا، ما الذي غير هذا المجتمع، وما الذي دهاه؟
أهو المال المتدفق الذي أفاض الله به على هذا المجتمع فعمّ الخير كل نفس وكل بيت؟
قد يكون، ففتنة المال لا يثبت أمامها إلا من علم أنه في هذه الدنيا كمسافر استظل بشجرة ثم تركها ومضى.
•• أهو الجاه العريض والسلطان الواسع الذي يتمتع به أهل هذا البلد والأفراد الذين كانوا بالأمس مجرد غواصين على اللؤلؤ أو صيادين للسمك فأصبحوا اليوم يعتلون المناصب الرفيعة، ويسكنون الدارات الأنيقة، ويسيرون بالمركبات الفاخرة ويخطرون في الحلل الأنيقة.
•• قد يكون، فقديمًا ارتد جبلة بن الأيهم عن دينه حين أراد ابن الخطاب أن يترك الأعرابي يلطم جبلة الملك لطمة بلطمة.
وأبى أبو سفيان بن حرب وقد سيطر عليه الجاه والعظمة إلا أن يقول للعباس عم النبي: «لقد أصبح ملك ابن أخيك كبيرًا والعباسي يصحح له: إنها النبوة يا أبا سفيان».
ففتنة الجاه لا يثبت أمامها إلا من يرتدي البردة البالية ويستظل بالدوحة الظليلة ويضع نعليه تحت رأسه وينام.
•• أم هو المرأة والخمر وقد كانت المرأة الكويتية بالأمس أمًا ترعى أولادها بينما زوجها في البحر، أو زوجة وفية تنتظر زوجها العائد من الغوص، أو ابنة كريمة صالحة متسترة وكان الرجل يأكل مع أهله فيحمد الله ويأكل مع ضيوفه وأصدقائه فلا يشرب إلا ما أحل الله فيجد طيب العيش ورغد الحياة.
واليوم كشفت المرأة عن شعرها ونحرها وساقها وفخذها وألقت عباءتها وسارت في الأسواق تُزاحم الرجال وتعرض جسدها عرضًا مزريًا تشمئز منه النفس الأبية، فزينت الشهوات للأنفس الدنية وانساق الشباب بحثًا عن الفاحشة بأي طريق، فماعوا وانحلَّت أخلاقهم وتطاولت الفتيات على آبائهن وتفسّخت البيوت وانهارت القيم وانزوت الفضيلة.
والخمر حرمها الله وحرمتها الدولة فانطلق أشباه الرجال من المخمورين يبحثون عنها في كل مكان ويركبون إليها الأخطار ويدخلون من أجلها الخرائب والزرائب فساءت أخلاقهم وفسدت ضمائرهم.
والمرأة والخمر فتنتان لا يثبت أمامهما إلا الذي يتلو خاشعًا قول الله عز وجل:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب: ٣٦).
والذي يقول لربه: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: ٣٣).
ولكن من الذي يكمن وراء كل هذه الأدواء، ومن أوجدها في هذا المجتمع؟ أهي الصهيونية العالمية في بروتوكولاتها، أم هي الصليبية الحاقدة في وسائل تبشيرها، أم هي الشيوعية في إلحادها؟
وما الوسائل التي تطل علينا بها من داخل مجتمعاتنا أهي المدارس والمناهج وطرق التربية والتعليم، أم هي وسائل الإعلام من سينما وتلفزيون وإذاعة وصحافة وكتب؟ نحن نتهم، فهلا تحمون مجتمعنا من التآكل.
«المجتمع»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

