العنوان على هامش المؤتمر الثاني للسيرة النبوية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1977
مشاهدات 15
نشر في العدد 356
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 28-يونيو-1977
على هامش المؤتمر الثاني للسيرة النبوية الذي عقد في إسطنبول من ١٠ - ٧٧/٦/١٧
• كانت باكستان في العام الماضي قد دعت الحكومات والمنظمات وبعض الشخصيات والصحف الإسلامية للمشاركة في أول مؤتمر للسيرة النبوية حيث عقد جلساته في «كراجي» و «لاهور، وروال بندي، وإسلام آباد» وقد كان من بين المشاركين في المؤتمر وزير الدولة التركي «عن حزب السلامة الوطني» السيد حسن أقصاي، والذي وجه الدعوة للمؤتمرين لحضور المؤتمر الثاني في عاصمة الخلافة الإسلامية «إسطنبول»، والاسم الأصلي لإسطنبول هو «إسلامبول»، ولكنه حرف وصحف بعد إعلان العلمانية، وإعلان الحرب من قبل أتاتورك وأعوانه من اليهود والنصارى والمنحرفين على كل ما له صلة بالإسلام.
معارضة شديدة لعقد المؤتمر
- وعلى الرغم من انشغال «حزب السلامة الوطني» في معركة الانتخابات التي كان موعدها قبل انعقاد المؤتمر بأسبوع، وعلى الرغم من المعارضة التي وقفت في وجه الوزير حسن أقصاي داخل الحكومة وخارجها حتى أن «حزب الشعب الأتاتوركي العلماني» طالب بمحاكمته؛ لأنه خرق مبدأ العلمانية الذي يقوم عليه دستور أتاتورك بالدعوة لمثل هذا المؤتمر، إلا أنه وحزب السلامة أصروا على انعقاد المؤتمر، حيث افتتحه نائب رئيس الوزراء ورئيس حزب السلامة السيد نجم الدين أربكان وحضره وزراء حزب السلامة في الحكومة ونوابه الجدد في البرلمان، كما حضر إحدى دعواته إلى المؤتمر وزير الخارجية حسن آشغاي.
• ومما أسف له أعضاء المؤتمر، أن وفود عربية إسلامية مهمة كانت قد دعيت إلى المؤتمر وشاركت فعلًا في المؤتمر الأول السابق للسيرة النبوية في باكستان، لم تحضر وتشارك في هذا المؤتمر، بالرغم من أنه أول مؤتمر إسلامي يعقد على مستوى شعبي ورسمي في تركيا، ليبحث ويناقش موضوعًا إسلاميًا خطيرًا «كالسيرة النبوية المشرفة» ويعد كسرًا لطوق العلمانية الملتف حول أعناق إخواننا المسلمين الأتراك منذ القضاء على الخلافة الإسلامية، وسجن المغفور له السلطان المرحوم عبد الحميد ۱۹۱۷، لقد عقد فعلًا مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، ولكنه كان مؤتمرًا رسميًا دبلوماسيًا لم يشارك فيه العلماء والمفكرون الإسلاميون والأحزاب الإسلامية في تركيا وخارجها، ولم يتنفس فيه الشعب التركي وينفس عما في صدره من حرقة وألم لزوال الخلافة والشريعة، وما في صدره من شوق وتطلع إلى عودتها قوية من جديد.
وكانت أبرز الوفود التي غابت عن المؤتمر وكان السؤال عنها كثيرًا هي وفود: السعودية بما فيها ممثلو - رابطة العالم الإسلامي - بمكة المكرمة المفروض فيها أن ترعى وتشجع وتتبنى مثل هذا المنعطف الخطير في حياة الشعب التركي، وقد كان لها وفد ضخم في باكستان ضم إمام الحرم المكي ووكيل وزارة الحج وعدد من العلماء.
وكذلك غاب عن المؤتمر وفد الأزهر الشريف الذي يمثل مصر بثقلها الإسلامي الثقافي والسياسي، وقد مثلها في الباكستان سماحة شيخ الأزهر الشيخ عبد الحليم محمود وعدد من العلماء، كذلك تغيبت الكويت التي حضرت في المؤتمر السابق بوفد كبير ترأسه معالي وزير الأوقاف والعدل السابق السيد عبد الله إبراهيم المفرج والسؤال كان كبيرًا وكذلك الانتظار لهذه الوفود الثلاثة، ولا يعرف إذا كانت قد بعثت ببرقيات اعتذار أو تهنئة تفرضها المجاملات بمناسبة انعقاد المؤتمر، في حين شاركت سوريا والعراق التي يحكمهما حزب البعث العربي بوفود على مستوى وزراء الأوقاف وشاركت ليبيا بالشيخ محمود صبحي رئيس جمعية الدعوة الإسلامية، وهو بدرجة وزير.
• لقد عقد المؤتمر جلسات مهمة وقدمت بحوث ودارت مناقشات قيمة حول السيرة النبوية ومختلف الموضوعات والمشاكل الإسلامية، وتجلجلت في أرجائه الدعوة إلى بعث الخلافة الإسلامية واستئناف الحياة الإسلامية والجهاد، لاسترداد فلسطين وشجب مواقف بعض حكام المسلمين المتهافتين على المشاريع الأمريكية كتهافت الفراش على النار، وجهر بالترحم والثناء على المغفور له السلطان الشهيد المظلوم عبد الحميد الذي فضل أن يفقد منصب الخلافة على أن يخضع لمطالب اليهود والماسونيين في فلسطين، كما تم المطالبة بحقوق المسلمين في قبرص ولبنان والفلبين وأرتيريا وزنجبار وغيرها من البلدان.
• ونظمت للمؤتمرين زيارات للمساجد والأماكن والمتاحف الإسلامية في عاصمة الخلافة الإسلامية السابقة، وزيارة لمتحف «الآثار النبوية المباركة».
كما زاروا القلعة التي بناها السلطان «محمد الفاتح» رحمه الله فاتح القسطنطينية ومحولها إلى «إسطنبول أو إسلامبول».
• هذا وفي ختام جلسات المؤتمر وجه فضيلة الشيخ عبد الله الأنصاري مدير الشئون الدينية بدولة قطر الدعوة باسم دولة قطر لانعقاد «المؤتمر الثالث للسيرة النبوية»، على أن يتم ذلك في نهاية العام القادم بإذن الله سبحانه وتعالى.
البيان الختامي للمؤتمر العالمي الثاني للسيرة النبوية
بدأ المؤتمر العالمي الثاني للسيرة النبوية اجتماعاته بإسطنبول يوم الجمعة الواقع في ٢٢ من جمادى الآخرة ۱۳۹٧ الموافق ۱۰ حزيران ۱۹۷۷، وأنهى أعماله يوم الأربعاء في ٢٧ من جمادى الآخرة ۱۳۹٧ الموافق ١٥ حزيران ۱۹۷۷.
وقد انبثقت عن المؤتمر لجنة قامت بصياغة بيان حول أعماله، واشترك فيه علماء ومندوبون عن الدول الإسلامية ببحوث وكلمات شتی قدمت إليه أو ألقيت فيه، وبعد أن عرض هذا البيان الختامي على المجتمعين عامة في الجلسة الختامية وأبدوا ملاحظاتهم عليه واقتراحاتهم بشأنه، أقر بالإجماع بالصيغة التالية: -
أولًا: يتوجه المؤتمر بعظيم الحمد لله تعالى جل جلاله على ما وفق إليه المؤتمرين من تلاق وتعارف بين الأشفاء، وما قدموا إليه من بحوث علمية رائعة وآراء قيمة وما أسفر عنه من اقتراحات ومقررات، وكل ذلك في جو من التعاون الكامل والتفاهم التام.
إن رئاسة المؤتمر بالأصالة نفسها وبالنيابة عن الجهات التركية المضيفة تتقدم ببالغ الشكر للسادة العلماء والوزراء ومندوبي الدول، الذين تحملوا وعثاء السفر من أقطار العالم تلبية للدعوة الموجهة إليهم.
ثانيًا: يسعد أعضاء المؤتمر أن يعربوا عن عميق شكرهم للحكومة التركية على احتضانها للمؤتمر في إسطنبول، وعلى کرم ضيافتها للمؤتمرين، كما يسعدهم أن يشكروا للشعب التركي النبيل، ما أحاطهم به في مختلف المناسبات من مشاعر المودة والإيخاء والحفاوة البالغة.
ثالثًا: إن المؤتمر بناء على أعماله ومناقشاته، يعلن الحقائق التالية:
ا - لقد جعل الله الإسلام، الذي بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتمًا للأنبياء والمرسلين، هداية كاملة للإنسانية جمعاء بحيث فتح أمامها آفاق الحياة المتنامية، وأن إهمال هذه القوة البناءة لدى رسم الطريق المؤدي إلى سلامة الإنسانية وسعادتها، ولدي تأکید وتوطيد القيم الروحية للبشرية، لا يتفق قطعا مع مقتضيات العقل ومتطلبات العصر.
ب – إن إنسان هذا العصر الذي أحرز تفوقًا كبيرًا في منجزاته العلمية المادية يكابد اليوم أزمة روحية خطيرة، وأن تفاقم القلق بين الشباب وتزايد عمليات الانتحار وحوادث الجرائم والتوتر الاجتماعي بشكل عام، كل ذلك يدعو الناس عامة والعقلاء بخاصة لإعطاء رسالة الإسلام التي تنزلت بها الهدايات الربانية السماوية مقامها السامي، وإعطائها دورها الأصيل في معالجة ما تقدم من أنواع الشقاء الذي مازال إنسان هذا العصر يعاني منه أشد المعاناة.
ج – إن المذاهب المادية على اختلافها أظهرت جميعًا عجزها عن تحقيق طمأنينة الإنسان وسعادته، وهي ما زالت تسير به في طريق مسدود، لأنها ظلت على انحصارها وانعزالها لا تملك القدرة على إنقاذ إنسانها فكيف بالإنسانية جمعاء.
د – إن الحقائق الثابتة السالفة تحتم علينا الاهتمام بالحاجات الإنسانية الملحة والضرورية بالاهتمام بالبحوث العلمية والدراسات الإسلامية في المجالات المختلفة للعلوم، كما تحتم علينا تأييد كل الجهود وتنسيق جميع المساعي المبذولة في هذا الصدد وتشجعيها، وإقامة مؤسسات جديدة لمثل هذه البحوث والدراسات العلمية تكون قادرة على تلبية حاجات الإنسان ومتطلباته في هذا العصر.
هـ - إن في طليعة ما ينور لنا الطريق، ويهدينا والإنسانية سواء السبيل هي سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه بحكم الله في قرآنه، الأسوة الحسنة، والمثل الأعلى للإنسانية جمعاء يسير بها على المحجة البيضاء ويهديها الصراط المستقيم، ولهذا فإن المؤتمر يؤكد على ضرورة منهجة الجهود المبذولة لإبراز معطيات السيرة وتنسيقها والعمل على السير في نورها على أرفع المستويات.
رابعًا: إن المؤتمر بعد دراسته لجميع الاقتراحات المقدمة إليه، والتزاما منه بكل ما سبق بيانه من حقائق، وبغية الانتقال بالمؤتمر من الآمال إلى الأعمال، يقرر ما يلي:
۱ – عقد المؤتمر العالمي للسيرة النبوية دوريًا على أن يكون عقد المؤتمر في دورته الثالثة القادمة في دولة قطر استجابة للدعوة المشكورة التي وجهها ممثلها في هذا المؤتمر.
۲ – تشكيل لجنة سنوية للمؤتمر يتجدد انتخابها في كل دورة من دوراته تسعى لإبلاغ التوصيات إلى الجهات ذات العلاقة، وتعمل على تطبيق المقررات، ريثما تشكل للمؤتمر أمانة عامة دائمة.
٣ – تأييد ودعم المؤسسات الجامعية المعنية بالدراسات الإسلامية القائمة فعلًا والسعي لزيادتها وفتح كليات ومعاهد عالية تابعة لها في الأقطار الإسلامية المفتقرة إلى ذلك.
٤ – المبادرة إلى تأسيس «مراكز بحوث» عالية للسيرة النبوية في بعض الدول الإسلامية تابعة للجامعات المذكورة.
٥ – السعي لإعداد موسوعة إسلامية دقيقة تعنى بشكل خاص بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ونشرها على أوسع نطاق لتكون مصدرًا موثوقًا به في هذا المضمار.
٦ – الإسراع في اتخاذ الوسائل الضرورية لجعل كتب الدراسة في سائر المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية منبثقة عن مصادرنا الأصيلة، ومتجاوبة مع حاجاتنا ومحققة لآمالنا في إطار نظام جديد لتطوير العلوم والفنون.
٧ – تنظيم مسابقات لتأليف الكتب، وكتابة الأبحاث والمقالات حول السيرة النبوية المطهرة.
٨ – يهيب المؤتمر ببذل المساعي الجدية اللازمة لدعم صحافتنا في سائر البلاد الإسلامية، وتسديد خط أجهزة الإعلام في وجهة تنفع الإنسان.
إعلان مستقل
يعلن المؤتمر عن تحرقه ألمًا لما تمر به الإنسانية وتعاني منه من مصائب ولما يجري في العالم من مظالم وحروب، وهو يهيب بكل ذي قدرة وضمير في أرجاء العالم أن يبادر في نطاق قدرته إلى تضميد جروح الإنسانية الدامية، كما يعلن المؤتمر بكل قوة تأييده جهاد المجاهدين لإعلاء كلمة الله وتحرير أوطانهم من بغي الاستعمار بكل أشكاله وصوره، ويؤكد بشكل خاص على تأييد الجهاد المقدس لتحرير المسجد الأقصى وبيت المقدس وفلسطين، وتأييد كل جهد مبذول لإحقاق الحق في قضايا الشعوب الإسلامية في كل من قبرص والفلبين وأرتيريا وكشمير وتركستان والصومال وسواها، ويطالب ولاة الأمر في العالم الإسلامي لاتخاذ كل الوسائل الممكنة لإيقاف حملات التنصير القائمة في أرجاء الأرض، وفي إندونيسيا بشكل خاص حفاظًا على حرية الإنسان في موقفه أمام ربه عملًا بقوله تعالى جل جلاله: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. (البقرة: 256).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
د. حسن خاطر: الصهاينــة يواصلــون تغييــر المشهــد الإسلامــــــي والحضــــاري لـ«الأقصــــى»
نشر في العدد 2182
26
الثلاثاء 01-أغسطس-2023