العنوان عمرو موسى.. وحصاد الهشيم في الجامعة العربية
الكاتب د. عبد الله الأشعل
تاريخ النشر السبت 26-فبراير-2011
مشاهدات 14
نشر في العدد 1941
نشر في الصفحة 60
السبت 26-فبراير-2011
● تولى أمانة الجامعة جثة هامدة.. ويغادرها بعد عشرة أعوام والعالم العربي يدخل مرحلة تفتيت الأوطان.
● جاء ومعه أوراقه الشعبية وإنجازاته بوزارة
الخارجية.. وسط ظرف عربي يسمح بالإنجاز ويُخدع بالنتائج.
● مر بأزمات أفدحها جلوسه مكان «أردوغان» حين انصرف غاضبًا بسبب
أكاذيب «بيريز » في منتدى «دافوس » عام 2009م.
● سيذكر التاريخ أنه آخر فرسان العرب في عصر العولمة.. بعد أن فرّ
منه حصانه في مضمار الحمير والقوارض.
يُنهي عمرو موسى عشر سنوات في منصبه كرئيس لجامعة الدول العربية في 14 مايو القادم 2011 م، ولذلك فقد آن الأوان لتقييم أدائه في الجامعة، وهذا هو المقال الأول في هذه السلسلة..
لكن مواقفه الحقيقية سوف يتم تسجيلها؛ سواء بالنسبة
للعراق واحتلاله، أو بالنسبة للملف الفلسطيني واللبناني والسوداني والكيان
الصهيوني، إضافة إلى مضمون العمل العربي المشترك الذي تم إفراغه من مضمونه تمامًا،
وصارت اجتماعات القمة تثير شكوك الشعوب العربية كافة.
فعندما تولى عمرو موسى أمانة الجامعة العربية في 15
مايو 2001 م، كانت الظروف العربية مواتية - ربما لأول مرة منذ الغزو العراقي
للكويت عام 1990 م - لإنعاش الجامعة العربية، كما كان هو نفسه قد صنع صورة لم يسبق
لها مثيل في الرأي العام العربي الذي كان يبحث عن بطل، ولذلك عندما هاجم عمرو موسى
«الهرولة العربية» نحو التطبيع، وكان يقصد بذلك الأردن في بداية تسعينيات القرن
الماضي، أطلق الملك حسين على موسى لقب «فارس العرب» .
هكذا جاء عمرو موسى إلى الجامعة العربية، ومعه
أوراقه الشعبية وتاريخه وإنجازاته بوزارة الخارجية المصرية، وسط ظرف عربي يسمح
بالإنجاز ويخدع بالنتائج، حتى أن الشاعر المصري «فاروق شوشة» اعتبره في قصيدة
مهداة إليه في تلك المناسبة مثل «المسيح» عليه السلام؛ إذ قال فيها:
يا قادمًا مثل المسيح
يُعيد للجسم المسجَّي روحه
ولابد أن الشاعر قد أُصيب الآن - بعد عشرة أعوام - بخيبة أمل كبيرة! مقومات الموقف وبصرف النظر عن الانكسار الذي داخل عمرو موسى بسبب نقله من عرينه المصري إلى التيه العربي، فإن مقومات الموقف كانت تبشر بالكثير.. فقد كانت «قمة عمَّان» عام 2001 م أول تطبيق لمبدأ دورية القمة التي اعتبرها بعضهم أكبر إنجازات القرن، وكان الحماس ل «انتفاضة الأقصى» على أشده، فماذا كان يحدث في المعسكر الآخر الذي أدى إلى كل هذا التراجع والانكسار العربي، وإلى أزمات لـ«عمرو موسى»؛ أفدحها جلوسه في مكان رئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» حين انصرف غاضبًا بسبب أكاذيب الرئيس الصهيوني «شيمون بيريز» في منتدى «دافوس» الاقتصادي أواخر يناير 2009 م؟
كانت بداية مخطط المعسكر الآخر انتخاب «آرييل شارون»
رئيسًا للحكومة الصهيونية في فبراير 2001م، الذي لا أشك في أنه كان شريكًا في
أحداث 11 سبتمبر في العام ذاته، والتي قصمت ظهر العرب والمسلمين، ويجني الصهاينة
حتى الآن ثمارها بينما يتجرع العرب حنظلها.
وقد بدأ السهم الصهيوني يصعد بشدة بسبب تلك الأحداث
التي غيّرت الجغرافية السياسية للمنطقة، كما غيّرت معها معطيات الواقع العربي، حتى
إذا أفاق العرب من زلزال سبتمبر وجدوا أمامهم المشروع الصهيوني يطالب بآخر
استحقاقات سبتمبر!
انحسار الأضواء
ولعل من المناسب أن نورد في عجالة الآثار الكبرى
لهذه الأحداث؛ أولها تسليم المنطقة العربية بأن المقاومة «إرهاب»، وأن «شارون»
عميد الإرهابيين في كل العصور- هو بطل السلام، كما أشار أحد الرؤساء العرب في
انقلاب مفاجئ في موقفه من السفاح الصهيوني؛ فتمكن شارون من إعداد عدته للقضاء على
الانتفاضة.
وكان ذلك يتطلب استبدال «محمود عباس» برئيس السلطة
الفلسطينية الراحل «ياسر عرفات »، وأن تستمر التداعيات حتى تنشق الأرض بني حركتَيْ
«فتح» و«حماس » بفتنة الانتخابات، وأن تعلو أسوار العداء بينهما حتى يتحقق رهان
الصهاينة على إنهاء الموقف الفلسطيني الموحد.
وأدى الهجوم على المقاومة الفلسطينية، وتجفيف منابع
الدعم لها، ومطاردتها إلى «محرقة غزة» وحصار أهلها حتى اليوم، ثم التداعي إلى
التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم إعلان حكومته الرسمي تصفية القضية الفلسطينية،
والتراجع المخيف لدور الجامعة، ووصول عمرو موسى إلى آخر الحوائط، وانحسار الأضواء
عنه والتراجع اللافت في شعبيته داخل مصر قبل الدول العربية.
أُضيف إلى المأساة في الساحة الفلسطينية الغزو
الأمريكي للعراق، وتبعاته المدمرة لآمال الجميع وأولهم عمرو موسى، والعجز المطبق
للجامعة العربية عن أي دور لا تدعيه في ظل غياب عربي مخيف وتمزيق للعراق، بل
ومحاولات تجنيد العرب لخدمة المشروع الصهيوني والأمريكي ضد إي ران، ولذلك لم
يَجِدْ تصريحه عن حوار عربي إيراني أي اهتمام عربي؛ بل إنه عندما فرضه على أجندة
قمة «سرت » العربية في ليبيا واجه نقدًا قاسيًا من دول كثيرة.
ثم جاء العدوان الصهيوني على لبنان في يوليو 2006
م، والذي كشف عن عورات
النظام العربي الرسمي، الذي بدا مساندًا لهذا
العدوان ضد المقاومة لمجرد أن إيران تساندها.
ولم يختلف الموقف العربي المأساوي في لبنان عنه
خلال محرقة غزة ديسمبر 2008 - يناير 2009 م، ولا يزال.
تساؤلات عديدة
شهدت المنطقة أحداثًا جسيمة من توابع 11 سبتمبر؛ في
السودان دارفور والجنوب، والصومال، والعراق، ولبنان.. وهكذا علا نجم المشروع
الصهيوني، وانطفأت أنوار المشروع العربي، وخفت معه صوت عمرو موسى وآماله، بعد أن
أصبح العرب والمسلمون هم «الإرهاب» بعينه!
هكذا قضت أحداث سبتمبر على آمال العرب ومنهم عمرو
موسى، وسوف يذكر التاريخ أن «شارون» هو آخر ملوك «بني إسرائيل»، وعمرو موسى هو آخر
فرسان العرب في عصر العولمة، بعد أن فرّ منه حصانه في عصر الحمير والقوارض.
إن «عمرو موسى» تولى أمانة الجامعة العربية في
بداية العقد جثة هامدة، ويغادرها والعالم العربي يدخل مرحلة تفتيت الأوطان
العربية.. فماذا حدث خلال العقد الأول من هذا القرن؟ ولماذا سكت عمرو موسى على هذه
الفاجعة؟ وهل تُقدِّم مذكراته تفسيرًا لهذا التحول التاريخي الذي يؤدي استمراره
إما إلى اختفاء الجامعة أو ازدهارها من جديد؟
لقد قامت الجامعة للدفاع عن القضية الفلسطينية،
فماذا عساها تفعل مع الضياع المنظم والمخطط لفلسطين؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلدراســـــات فـي التطبيـــــع مع الكيـــــان الصهيونـــــي
نشر في العدد 2176
43
الأربعاء 01-فبراير-2023