العنوان عملية "كمال عدوان" الفدائية.. الواقع الفلسطيني.. والاستغلال اليهودي..
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1978
مشاهدات 13
نشر في العدد 391
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 21-مارس-1978
لقد تركت عملية - كمال عدوان – الفدائية قرب - تل أبيب - المحتلة عدة معالم يجدر بنا الإشارة إليها والإشادة بها:
- استطاعت هذه العملية أن تعطينا بعض الأمل في عودة الوعي إلى المقاومة الفلسطينية وأن تؤكد من جديد - أن حل القضية الفلسطينية لن يكون إلا عبر البندقية - وأن غصن الزيتون لا بد أن يسقط من يد ياسر عرفات إذا أرادت مواجهة التشريد والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني على يد اليهود وإذا أرادوا - تحرير فلسطين من النهر إلى البحر-.
- وأثبتت، وبجدارة، أن الإنسان العربي المسلم ما زال يحتفظ بعزته وكرامته وكراهيته لليهود المبنية على إيمانه بالله وخبث اليهود ومكرهم للقضاء على الإسلام وعلى الشعب المسلم وأثبتت كذلك أن – الحاجز النفسي - ما زال قائمًا.. وقد بدأ ذلك واضحًا بالارتياح الشعبي والتأييد الجماهيري الواسع لعملية -كمال عدوان-
- ورسخت في الأذهان أهمية الحرب الفدائية الشعبية لزلزلة العدو المستمرة من الداخــــــــل وضرب مرافقه الحيوية وإرباكه وغير خاف علينا أن كثيرًا من الدول لم تكن لتتحرر إلا بتنظيم الحرب الشعبية ولنا في الجزائر أكبر مثال.. وخلاصة القول في هذه النقطة أنها رسخت في الأذهان أن عملية واحدة داخل إسرائيل تساوي عشرات العمليات خارجها والدليل على ذلك ما أحدثته من ارتباك وفزع في صفوف الإسرائيليين عشية الهجوم وما نجم عنه من خسائر.
وكشفت القناع الذي تتلبس به معظم دول العالم حيث استنكرت تلك العملية الفدائية التي ذهب ضحيتها عشرات من الأبرياء المدنيين الذين ما هم إلا ضباط احتياط بجيش العدو!!
في حين نسوا أو تناسوا آلاف الضحايا من أبرياء المسلمين: شيوخًا وشبابًا ونساء وأطفالًا، دير ياسين - ومذبحة – بحر البقر - ليست ببعيدة عنهم بل ونسوا أن مجرد الوجود اليهودي في فلسطين عدوان أثيم!
حقائق أبرزتها العملية الفدائية والاحتلال اليهودي..
- عودة المقاومة الفلسطينية إلى مسلكها الصحيح في الحرب الشعبية المنبثقة من داخل الأرض المحتلة والبعيد عن المهاترات السياسية العربية والدولية...
- إعادة الصراع (العربي – اليهودي) إلى إطاره الطبيعي.
- عودة الثقة إلى النفوس بعد الاهتزاز الذي أصابها إثر الصمت الذي طال أمده وإسقاط مبادرات الاستسلام الذليل.
- مع كل ذلك نطرح التساؤلات التالية بعدما أقدم العدو اليهودي على احتلال جنوب لبنان وعلى ضوء التخاذل العربي تجاه هذا العدوان:
- هل ثمن القادة الفلسطينيون نتائج تلك العملية وما قد يترتب عليها من آثار؟
- هل كان هدف العملية مجرد عرقلة عملية الاستسلام في المنطقة؟
- هل قدر القادة الفلسطينيون المواقف المحتملة لجبهة الصمود والقوى الأخرى المساندة للثورة الفلسطينية؟
- هل الخطة ذات أمد طويل أم أنها تكتيكية؟
المواقف التالية قد تجيب على بعض تساؤلاتنا:
- وكالة الأنباء الألمانية الغربية تقول إن السوريين يلمحون إلى أن العملية الفدائية مؤامرة موجهة ضد سوريا لوضعها في موقف حرج، هو أن الغارة الإسرائيلية على جنوب لبنان قد تؤدي إلى حرب شاملة مع إسرائيل وهو الشيء الذي لا تريده سوريا الآن، وإذا لم تتدخل سوريا في القتال فسوف تتهم من قبل العالم العربي بأنها لم ترفع إصبعها لإيقاف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني واحتلال جنوب لبنان لمدة طويلة...
وإن صح ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية الغربية عن نتائج هذه العملية الفدائية فإن واقع الأحداث إلى هذه الساعة ينقض ذلك التوقع، إذ أن السوريين لم يشتركوا إلى الآن عمليًا مع الفلسطينيين واللبنانيين لمواجهة اليهود في الجنوب وإنما اكتفوا في البداية بتقديم العون السياسي وإمدادات المؤن وعمليات النقل للقوات الفلسطينية التي تحاول صد الغارة الإسرائيلية على جنوب لبنان، وحينما اشتدت المعارك وتوترت الأزمة النفسية لدى الشعب العربي خرجت علينا الصحف بعناوين بارزة أن سوريا وفرت غطاء جويًا لقوات الردع العربية وللآن لم نسمع بأية مشاركة فعلية للسلاح السوري..
- إن القوات اليهودية لم تعبر الخط الأحمر الذي ترابط عنده القوات السورية وأكدت هذا الحكومة الأمريكية، بينما توغل الطيران اليهودي شمالًا وذلك لكيلا يصطدم الفريقان.
- إن مجريات الأحداث في السنوات الأخيرة تثبت بما لا شك فيه:
- أن الحل الاستسلامي الأمريكي يواجه عقبة الوجود الفلسطيني في لبنان ولضمان تحقيق الحل لا بد من القضاء على المقاومة الفلسطينية.
- أن – إسرائيل- انتظرت طويلًا الشرارة المناسبة لبدء عملية احتلال جنوب لبنان لإنهاء الوجود الفلسطيني.. واليكم الأدلة:
- إشعال نار الفتنة قبل سنتين في لبنان والدور الأمريكي اليهودي واضح فيها ومحاولة إنشاء كيان مستقل للنصارى، والتحالف الواضح بين النصارى واليهود، كل ذلك لجعل المناخ مناسبًا لحصر الفلسطينيين (الذين يشكلون سندًا للأغلبية الإسلامية السنية) في الجنوب ثم ضربهم وتشتيتهم وإبعادهم عن منطقة الحدود الإسرائيلية - حيث أن هذه الحدود هي آخر ما تبقى للمقاومة للانطلاق ضد الكيان اليهودي.
٢ - تهيئة الظروف لقيام الرئيس السادات بمبادرته الاستسلامية لتكون مثارًا للفرقة والتصدع في الصف العربي ولعزل مصر عن القضية الفلسطينية، ولعل حادث مطار -لارنكا الأخير تجسيد واضح آخر للسعي الحثيث لإشعار نار الفتنة والفرقة بين مصر والفلسطينيين، ولإعطاء النظام المصري مزيدًا من المبررات لعدم التدخل لحماية المقاومة الفلسطينية جنوب لبنان.
3- تصريحات - بيغن – زعيم الكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة تدل على أن إسرائيل كانت تنتظر مثل هذا الوقت المناسب لعملية سحق الفلسطينيين وتدميرهم واحتلال الجنوب اللبناني.
4- تبيين حافظ الأسد في تصريح لجريدة- نيويورك تايمز- الأمريكية أن سوريا ليست على خلاف مع مصر حول مبدأ -السلام- في الشرق الأوسط إنما الخلاف على الوسيلة وأنه مع التسوية الأمريكية في المنطقة، وهذه التصريحات كان من الممكن أن تجعل قـــــــادة المقاومة يدرسون نتائج العملية التي أقدموا عليها بصورة أدق، إذ أن إرغام سوريا على خوض معركة العدو اليهودي أمر بعيد الاحتمال إذا أمعنا النظر في هذه التصريحات السورية التي سبقت العملية الفدائية بأيام قليلة وفي ارتباطات سوريا الدولية.
5- تصريحات اليهود بعد عملية غزو الجنوب حول حمايتهم للأقلية النصرانية الصديقة وأنهم لن يسمحوا لأحد المساس بها إضافة إلى الإعداد اليهودي المسبق لاستهداف المناطق الإسلامية وتحاشي إصابة المناطق النصرانية حتى في بيروت نفسها.. مما لا يستبعد قيام النصارى - بمساعدة اليهود – ببناء دولتهم النصرانية في لبنان لمواصلة ضرب المسلمين وإجلائهم نهائيًا من لبنان وفلسطين وسوريا. - بعد إقامة دولة علوية يرأسها النصيريون- •
- الحــــــل -
والسؤال الآن هو: ما الحل أمام المقاومة الفلسطينية بعد أن استغلت عمليتهم الجريئة تلك ذلك الاستغلال الخبيث؟
الحل عندنا يتمثل فيما يلي:
- مواصلة الكفاح المسلح داخل فلسطين وإشعال نار الثورة الشعبية وعدم الاكتفاء بعملية - كمال عدوان - والبكاء على نتائجها.
- التنبه أكثر فأكثر لخطط اليهود الماكرة وعدم الاستسلام لأماني السلام والعيش في وئام مع اليهود فلا ذمة لليهود ولا عهد.
- فك الارتباط بالحكومات العربية والعمل كوحدة مستقلة شعبية فلسطينية لا ترتبط بأي رابط سياسي بمصر أو سوريا أو الأردن، فالفلسطينيون طردوا من أرضهم وجميع تحركاتهم يجب أن تكون لاسترداد أرضهم.
- قطع التذبذب بين الولاء للشرق أو الغرب والانطلاق من منطلق لا إله إلا الله فمنه النصر وحده سبحانه ﴿..وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (الأنفال 10).
وأخيرًا..
فإن الحكومات العربية والإسلامية مدعوة لدعم المقاومة الفلسطينية بالعتاد والأموال و الرجال وفتح جبهات قتالية أخرى مع العدو اليهودي واستخدام كافة وسائل الضغوط لكسب التأييد الدولي للقضية الفلسطينية حيث أن برقيات الشجب والاستنكار والتأسف لن تفيد الفلسطينيين واللبنانيين في محنتهم الدامية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل