; فتاوى (العدد 2150) | مجلة المجتمع

العنوان فتاوى (العدد 2150)

الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي

تاريخ النشر الثلاثاء 01-ديسمبر-2020

مشاهدات 21

نشر في العدد 2150

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 01-ديسمبر-2020

الرشى الانتخابية

يكثر في موسم الانتخابات العديد من الرشى بطرق مختلفة؛ منها تأجير المساكن بأسعار مرتفعة لمدة قصيرة، أو التوظيف برواتب عالية لمدة محدودة (شهرين تقريباً)؛ فأرجو من فضيلتكم توجيه نصيحة حول هذا الموضوع.

- إذا كان المرشح يستأجر مسكناً لحملته الانتخابية فهو الذي يتحمل ارتفاع السعر ولا شيء في ذلك، أما إذا كان يستأجر أكثر من شقة أو منزل بأسعار غير معتادة بقصد أن يستفيد المؤجر من ذلك مقابل ما يرتجيه من إعطائه الصوت، فهذا نوع من الرشوة العينية لما يتحمله المرشح من تكاليف وتبذير للمال توجب الحجر عليه لإسرافه غير المعقول.

وأما إن كان المرشح صاحب وظيفة قيادية ويتخذ من هذه الوظيفة طريقاً لجمع الأصوات عن طريق توظيف الناخبين، أو يتوسط لتعيين بعض الناخبين مقابل ضمان أصواتهم، فهذا من الرشوة المحرمة أيضاً؛ لأنه يوظف من لا يستحق، ويشغل وظيفة لمن كان له أولوية فيها، ومن المستحقين لها، وقد يكون انتظاره لهذه الوظيفة منذ سنوات.

وإذا كان التوظيف لمدة شهرين فهذا أكثر صراحة في اتخاذ سلطة المرشح، ومكافأته وسيلة للوصول إلى مبتغاه فهذا من الرشوة أيضاً؛ لأن كل شراء لضمائر الغير يعتبر في حكم الرشوة، ومن كان هذا طريق وصوله إلى المجلس، فإنه لا يستحق أن يمثل المواطنين، ومسؤولية وصول هذا النوع من البشر يتحمله الناخبون الذين باعوا صوتهم حين باعوا ضميرهم، فغشوا أنفسهم ومجتمعهم بأمثال هذا المرشح الذي ينبغي أن يكون مكانه السجن والحجز.

مشاركة المرأة بالانتخابات

هل انتخاب المرأة واجب شرعي لاختيار الأصلح، منعاً لوصول غير المؤهل وغير الصالح للمجلس؟ وهل تعتبر المرأة آثمة إن لم تشارك في الانتخابات؟

- الانتخاب تزكية للمرشح وشهادة وتوكيل، ولما كانت الغاية هي وصول المرشح إلى مجلس الأمة، وهو مجلس مسؤول عن وضع النظم ومحاربة الفساد وعمل ما فيه خير للإسلام والمسلمين، فهو من هذا الجانب منبر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلما كثر فيه الصالحون المصلحون كان خيره كثيراً. 

ولذا، فإن من يعطي صوته لرجل صالح يغير بصلاحه منكراً أو يقيم أمراً لصالح الإسلام فله أجره، وكذا من انتخبه يستحق الأجر، ولذا كان الانتخاب مطلوباً من الرجل ومن المرأة، ولما كان المرشحون غير الصالحين يدعمونه ويزكون من رجال ونساء، فيصبح صوت المرأة لدعم الصالح أكثر من كونه مرغوباً مطلوباً؛ لأنه حينئذ سد لباب قد يكون منه ضرر على الإسلام، أو على الأقل فإن الفساد يظل دون تغيير. 

وبناء على هذا؛ فإن نصوص ودلائل الشرع تحث المرأة على أن تدلي بصوتها في الانتخابات، في انتخاب ما تراه هي الأصلح، والصلاح هو صلاح الدين والخلق، وهذه مسؤوليتها، وليست مسؤولية زوجها أو غيره، وعليها أن تسأل عن الأصلح فتعطي شهادتها وتزكيتها له، لأنه سيكون بمثابة وكيل عنها في الدفاع عن مصالح الإسلام والمسلمين. 

وإذا رأت المرأة باجتهادها ألا تشارك في الانتخابات فعليها أن تستند إلى مبرر؛ لأن الأصل هو المشاركة لتحقيق المصالح ودرء المفاسد، فإذا كانت مقتنعة بعدم جدوى المشاركة لمبررات مقبولة هي تعتقدها فإنها لا تأثم لذلك، ولو أنها امتنعت لغير سبب فلا أظن أنها آثمة، ولكن مقصّرة في أمر يمكن أن يقوم عنها فيه غيرها.

مدح المرشح نفسه

هل يجوز للشخص أن يمدح نفسه أمام الناس، ويذكر أخلاقاً وأوصافاً ليست فيه، وذلك لينتخبه الناس مثلاً؟

- لا يجوز للشخص أن يمدح نفسه، ولو كانت الأوصاف والأخلاق التي يذكرها فيه حقيقة، هذا هو الحكم العام، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (النجم: 32)، وقوله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء: 49)، والنبي صلى الله عليه وسلم أكد هذا المعنى، فقال صلوات الله وسلامه عليه: «لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم» (رواه مسلم، 1668/3).

ولكن يستثنى من عدم جواز مدح وتزكية المسلم نفسه إذا كان فيه من الصفات والقدرات ما لا يوجد عند غيره، خاصة إذا علم أن من سيتحمل مسؤولية أمر ما ليس أهلاً، ولا أميناً، وسيترتب على ذلك ضياع الحقوق؛ فإنه حينئذ ينبغي أن يتقدم ويزكي نفسه، ويتحمل المسؤولية لا لتحقيق مقاصد له بقدر ما هي مقاصد لحفظ الحقوق، وأداء الأمانات، ومن هذا قول يوسف عليه السلام لعزيز مصر: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف: 55).

الرابط المختصر :