العنوان في رحاب الله يا إبراهيم
الكاتب منصور الأحمد
تاريخ النشر الثلاثاء 02-أبريل-1974
مشاهدات 17
نشر في العدد 194
نشر في الصفحة 39
الثلاثاء 02-أبريل-1974
في رحاب الله يا إبراهيم
بقلم: منصور الأحمد
• رحمة الله وسلامه عليك يا إبراهيم ونسأله سبحانه أن يسكنك دارًا خيرًا من دارك التي فارقتها وأن ينزل عليك شآبيب رحمته ومغفرته وأن يحلك دار العاملين المتقين المخلصين يوم ترى المؤمنين يسعى نورهم بين أيديهم وإيمانهم بشراكم اليوم جنات عدن.
لقد أبكرت في الرحيل يا أخي إبراهيم، ولو كان الأمر إليك لعاتبناك عتابًا طويلًا بما لنا عليك من حق الأخوة والصحبة، ولكن الأمر بيد مدبر الأمور ومالك أعنتها، فما دام هو الذي أراد لك وأختار لك جواره فحبا وكرامة.
لعله بذلك أراد- بما لك من كرامة عنده- أن يعجل لك الرحيل إلى رحابه وأن يعرفنا قيمتك أكثر فأكثر، ومن ثم تتحول هذه المعرفة لا إلى مجرد وفاء لأخ رحل ولكن إلى حرص لتجديد العهد مع الأخوة الباقين ومضاعفة الجهد لفتح مغاليق الهداية لطالبيها وإزالة العقبات من قدام الشباب المسلم المكبل لقد أبكرت في الرحيل - يا أخي- ونحن أشد ما نكون حاجة إليك، وخلفت في قلوب عارفيك ومحبيك لوعة هي الباقية بعدك شاهدة على استقامة سيرتك وظهر أخلاقك.
وإننا إذ نذكرك بألم وحزن ليس لأنك شاب توفاه الله وكفى، وإنما نذكر الشباب الذي عز وجوده في هذا الزمن وكاد يضمحل ويتلاشى خلال عباب الفساد العاني الذي تسيره الشهوات وتنفخ فيه الأهواء قوة بعد قوة.
نذكرك بألم وحزن لأن وجودك كان دليلًا حيًّا على عظمة الإسلام متمثلًا في شخص وعلى عظمة الشاب إذا اتخذ الإسلام له منهجا وطريقًا.
ونذكرك لأنَّنا بذكرك نلتفت إلى أمة يستغل شبابها الطامعون ويتآمر على رصيدها البشري كل دعاة الزيف والانحلال.
ونذكر قبل ذلك وبعده كيف يشرد الشباب المسلم أي تشريد لا لشيء إلا لأنه لا يريد أن يحني هامته إلا لله ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (البروج: 8 – 9) كيف يحارب في السر والعلانية وكيف تستغل في إعاقته شتى الأساليب: من تشويه للسمعة وتضييق عليه في الرزق ومحاربة له في لقمة الخبز وإتباع أقبح الأساليب في مراقبة الخطوات وعد الأنفاس وإلصاق التهم الباطلة التي ليس لها وجود إلا في الرؤوس الفارغة والقلوب السوداء التي درجت على الكيد لكل معاني الرجولة الحقة والأخلاق الرفيعة.
ونذكر كيف يحرم من حقه في العيش الكريم في الوقت الذي تهيأ فيه كل السبل للوصوليين من أصحاب الرؤوس الفارغة والقلوب الخاوية إلا من العبودية للطغاة.
أن القلب ليحزن وأن العين لتدمع - ولا نقول إلا ما يرضي ربنا - وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون فرحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جنته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
الفقيد في سطور:
ـ ولد الفقيد الأستاذ إبراهيم أبا زيد في مدينة درعا عام ١٩٤٤.
بعد حصوله على الشهادة الإعدادية سافر إلى مصر في بعثة دراسية عام ١٩٥٩ وحصل على أهلية التعليم الابتدائي عام ١٩٦٢
عاد إلى سوريا وبدأ بمزاولة التعليم منذ عام ١٩٦٣ في محافظات: الحسكة ودرعا ودمشق.
أثناء عمله في التعليم حصل على شهادة الدراسة الثانوية عام ١٩٦٤.
انتسب إلى جامعة دمشق وحصل منها على شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها عام ۱۹۷۱.
حصل على الدبلوم العامة في التربية من جامعة دمشق عام ۱۹۷۲.
سافر إلى الجزائر في 5-8-1973 للعمل کمدرس في مدرسة ثانوية بمدينة سيدي أبو العباس.
اختاره الله إلى جواره بتاريخ 5-1-74 حيث وجد في شقته متوفيا بسبب تسرب الغاز من المدفأة في غرفته.
- كان في حياته مثال الشاب المسلم العصامي خسرنا بفقده واحدا من أكثر الشباب المسلم نشاطا في حقل الدعوة.
رحمه الله رحمة واسعة وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل