; في مصر: من أجل التطبيع يحارب تطبيق الإسلام | مجلة المجتمع

العنوان في مصر: من أجل التطبيع يحارب تطبيق الإسلام

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 02-يوليو-1985

مشاهدات 17

نشر في العدد 723

نشر في الصفحة 5

الثلاثاء 02-يوليو-1985

بعد المسرحية التي أقفل فيها نواب الحزب الحاكم في مجلس الشعب المصري مناقشة أشد مطالب الشعب المصري إلحاحًا وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، لم يكن هنالك من بد أمام الإسلاميين في مصر سوى إعلان الموقف المُصر على تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو موقف سلمي خلافًا لما أرادت تصويره أجهزة النظام الحاكم في القاهرة. أما دوافع إصرار الإسلاميين على إعلان هذا المطلب فذلك: 

•لأنه أمر الله سبحانه وهو القائل: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ (سورة المائدة: 49).

•ولأنه مطلب الجماهير المسلمة العريضة التي تطالب النظام بالأخذ به بديلًا عن الأنظمة الوضعية والقوانين المستوردة الدخيلة. 

•ولأن الشريعة الإسلامية الغراء تحمل الحلول الجذرية للمشكلات المتفشية في المجتمعات الإسلامية على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والسياسية وغيرها. 

•ولأن مجتمعنا تحكمه الشريعة الإسلامية بصدق وإخلاص، لا بد وأن يكون مجتمعًا مستقلًّا تحكمه قوانينه الذاتية التي تحصنه من الانجراف وراء تيارات الغرب الاستعماري الرأسمالي، وتحميه من السير خلف سراب الشرق الإلحادي الشيوعي، الأمر الذي يحقق استقلالية مُثلى يطالب فيها شعبنا المسلم في مصر لدولته وحكومته. 

•من أجل هذا صار مطلب تحكيم الشريعة الإسلامية في مصر مطلبًا وطنيًّا شاملًا تشترك فيه كافة طبقات الشعب المصري التي ترى فيه حلًّا أخيرًا مثاليًّا للمشكلات التي أغرقت مصر فيها النظم العلمانية السابقة، سواء كانت نظمًا اشتراكية ليبرالية أم كانت يمينية رأسمالية. 

•ولم يتعد مطلب الإسلاميين بشأن الشريعة الإسلامية دعوة المسؤولين ودعوة رئيس الجمهورية إلى تطبيقها، وعلى ذلك غضب نظام مصر وأطلق صفارات الإنذار وهو يتربص الدوائر بالإسلاميين.

•إن الإسلاميين الذين عبر عن مطلبهم الشيخ حافظ سلامة خطيب مسجد النور، لم يكونوا إلا أصحاب دعوة سلمية عندما أرادوا إيصال رغبتهم إلى القصر الجمهوري في مسيرة بعيدة كل البعد عما يمت إلى العنف بصلة، ومع ذلك شدد النظام في إطلاق صفارات الإنذار مشيرًا إلى أن الإسلاميين أخلوا بالأمن واعتدوا على النظام، وبين الإنذار والإنذار كادت قوات الأمن تداهم بعض الإسلاميين وتزج بهم في المعتقلات؛ لا لشيء سوى أنهم قالوا بصوت مسموع: ربنا الله.

•وإذا كانت أبواق النظام المصري وتصريحات مسؤوليهِ بدءًا من رئيس الجمهورية ربطت بين مطالب الإسلاميين ومؤامرة أجنبية مزعومة، فذلك هو الأسلوب المكشوف للأنظمة المصرية المتتابعة، وكأن النظام الحالي نسي أنه نفسه ما هو إلا استمرار لنظام الكامب الساداتي والتطبيع الصهيوني الوالغ في المؤامرة اليهودية ليس على مصر فحسب، بل على العالم الإسلامي أجمع.

لقد تتالت تصريحات المسؤولين جميعًا بعد دعوة الشيخ حافظ سلامة المسلمين إلى تشويه صورة الإسلاميين بعد جدية من خلال اللمز والغمز بالرجل وبشباب الإسلام في مصر المسلمة. ونسيت، بل تناست ماضي الشيخ حافظ الذي افتخر به كل مسلم، بل كل عربي أصيل في مصر وفي خارج مصر. 

•إننا نسأل النظام الغاضب على الشيخ حافظ سلامة وعلى كل الرموز الإسلامية في مصر عن تاريخ هذا الرجل، ثم نسأل: لماذا يشكك النظام بدعوة هذا الرجل وبإخلاصه؟

•إننا نقول لنظام التطبيع الخائف من كل رمز إسلامي إن الشيخ حافظ سلامة هو أحد القيادات الإسلامية التي اطمأنت إليها قلوب المصريين بعد أن قاد النشاط الإسلامي الجهادي في مدن القناة المصرية، وعلى الأخص مدينة السويس منذ ما قبل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ أيام الاستعمار الإنكليزي. وحافظ سلامة معروف بتاريخه الوطني الحافل الذي يتناساه نظام التطبيع اليوم. 

•فهو الذي قاد حركة المقاومة المسلحة ضد الوجود اليهودي في مدينة السويس إبان حرب أكتوبر 1973حينما حدثت ثغرة الدفرسوار واستطاعت القوات الإسرائيلية أن تتسلل إلى داخل المدينة.

•وهو الرجل الذي نال تقدير الشعب المصري كله على اختلاف اتجاهاته آنذاك، وشهدت له كل مصر بصدق الموقف وببطولة المدافع عن البلد وأهله من العدو الصهيوني. 

•ولم تجد الدولة آنذاك من أن تجامل الشعور الوطني الكاسح في الإعجاب بهذا الرجل الذي استحوذ على مشاعر كل الوطنيين في مصر، فمنحته وسامًا رفيعًا من أوسمة الدولة لموقفه في الدفاع عن وطنه وأرضه وشعبه.

•ومع ذلك فإن حكم الخيانة الساداتي لم يمهل بطولات الرجل، ولم يحترم شرف الدفاع عن الوطن، فأدخله السجن في حملته الشهيرة على الإسلاميين عام ۱۹۸۱ باعتباره أحد قادة التيار الإسلامي النشط في مصر. 

وبعد اغتيال السادات حاول النظام الوريث أن يزج باسم الرجل فيما سمي بالمؤامرة لقلب نظام الحكم، ولكن يبدو أن القائمين على الزيف لم تسعفهم الأدلة والبراهين على إثبات التهمة الباطلة، فتم الإفراج عن الشيخ حافظ سلامة آنذاك.

واليوم.. وماذا عن اليوم؟ حافظ سلامة وجماهير المسلمين في مصر لا يريدون غير تنفيذ مطلبهم الشرعي، فهم لا يخططون لانقلاب على الحكومة، ولا يطالبون بتغييرها، إنما هم في حوار معها من أجل تطبيق الشريعة، وليطبقها بصدق وإخلاص كائن من كان. لكن الذي يبدو أن مشكلة نظام مصر ليست مع الأشخاص أساسًا، وإنما هي مشكلة مع الإسلام نفسه، فحسني مبارك كسلفيه عبد الناصر والسادات يخاف الإسلام؛ لأنه سيوجه سياسة مصر ويمنحها استقلالها ويقطع تبعيتها للقوى الدولية غربية كانت أو شرقية، ومن ثم فإن الإسلام كمنهج حكم لا بد وأن يغير موقف مصر من العدو اليهودي المغتصب. وهذا ما يرفضه حسني مبارك ونظامه كما رفضه نظام السادات من قبل، بل إن النظام الحالي ما هو إلا مرحلة من مراحل تطبيع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع العدو اليهودي، ولا يجتمع نظام الإسلام مع أنظمة التطبيع. ومن أجل التطبيع يرفض نظام مصر تطبيق الإسلام، وإذا كانت هذه هي الحقيقة التي يعرفها شعب مصر وشعوب الأمة الإسلامية جمعاء.. فهل يستطيع حسني مبارك أن يدعي غير هذا؟

الرابط المختصر :