العنوان في ندوة الجامعة وجمعية الإصلاح الاجتماعي عن: حكم الإسلام في الربا
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 23-مارس-1971
مشاهدات 13
نشر في العدد 52
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 23-مارس-1971
ـ قال الشيخ حسن أيوب: الربا حرام، ومن ينكر تحريمه كافر.
ـ وقال الدكتور عيسى عبده: إنجلترا ليست فيها فائدة قانونية.
قانون الإجراءات الإنجليزي يخول للقاضي سلطة الحكم على الدائن بأن يعيد الفائدة للمدين.
تميزت أمريكا بالفوضى في تقنين الفوائد لسيطرة اليهود عليها.
- وقال الدكتور فاروق النبهان:
أزمات الاقتصاد المعاصر سببها النظام المصرفي الربوي.
والحل تغيير طبيعة المصارف ليقوم البنك بدور الوسيط والمراقب. -
افتتاح الندوة
بعد افتتاح الندوة بالقرآن الكريم وكلمة مقرر لجنة الجامعة والمجتمع الأستاذ شاكر مصطفى تحدث مدير الندوة الدكتور عيسى عبده الذي صحح عنوان الندوة «حكم الربا في الإسلام» بدلًا من الربا في الإسلام منبهًا إلى العناوين الخاطئة مثل: الاشتراكية والإسلام أو موقف الإسلام من كذا، ولفت النظر كذلك إلى نقطة لعل المشتركين في الندوة يلمسونها وهي الإشارة إلى الفائدة أو الألفاظ، أو الحطيطة التي تدرس في مدارسنا، إلخ ثم قدم:
فضيلة الشيخ حسن أيوب
الذي جاء بأدلة التحريم من الكتاب الكريم والسنة مثل قوله تعالى:
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ إلى قوله تعالى﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين﴾ (البقرة: 275_278)
وشرح دلالة هذه الآيات التي توجه الخطاب للمؤمنين المطالبين بالتنفيذ والتطبيق وتوضح صراحة التحريم، وذلك بعد أن بين معنى ربا النسيئة وهو أن يربو المال حسب الآجال ثم أسهب في شرح الآية الكريمة
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
(آل عمران: 130) رادًا على شبهات يثيرها البعض من أن التحريم للزيادة الكبيرة مؤكدًا أن التحريم للقليل والكثير، وأن المراد بقوله تعالى «أضعافًا مضاعفة» ليس التأنيب والتوبيخ فقط للمرابين وإنما إظهار لبعض العلل الناتجة عنه والأمراض التي يتسبب فيها، ثم أورد بعضًا من الأحاديث في هذا الموضوع من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله» (رواية مسلم وزاد الترمذي) وغيره «وشاهديه وكاتبه» مبينًا أن اللعنة لا تكون إلا لمحرم ومن الكبائر.
ومن مثل قوله عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري ومسلم «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»
وأورد في تعليق له صورًا من تشدد الأحناف في مراعاة -
«الربا» من مثل: إذا أقرضت إنسانًا ولم يكن بينك وبينه تبادل خدمات أو منافع ثم استعملت دابته بعد إقراضه فيعتبر ذلك ربا ولو جلست في ظل حائطه أو داره يعتبر ربا.. إلخ.
وأنهى الشيخ حسن كلمته بقوله:
إن الربا حرام، ومن ينكر تحريمه كافر.
الدكتور عيسى عبده
• ثم علق الدكتور عيسى قائلًا:
«كل قسم من رأس المال ربا» وأورد ما قاله الشيخ عليش بأن الربا كل زيادة قلت أم كثرت، 2/1 % أم 3.5% كما في ولاية «أنديانا» الأمريكية، سواء كانت الزيادة في مدة شهر أو سنة أو ليلة كما في أندية القمار، فالربا ليست له حدود، وإنما المعيار هو الربط بينه، وبين رأس المال، والثمن، والاتفاق المسبق، وهو ليس مقصورًا على الأضعاف.
الأستاذ أحمد عبد القادر
• ثم قدم الأستاذ أحمد عبد القادر ليقدم لمحة تاريخية عن النظام الربوي فقال:
أولًا: من المسلم به أن الربا حرام شرعًا وقد توعد الله المتعاملين به بأشد أنواع العقوبة والعذاب فكيف العمل في زماننا هذا وقد عمت بلواه بين المسلمين؟
ثانيًا: إذا كانت البنوك والمصارف وشركات التأمين بجميع أنواعها تتعامل به ونحن نتعامل مع من يتعامل بالربا، فإن كنا تجارًا فأموالنا وتجارتنا مع العالم ستكون عن طريق البنوك وشركات التأمين، وإن كنا من محدودي الدخل فسنوفر من مصروفنا بعض المال وسنحفظه في أحد البنوك فإن أودعناه بدوره فائدة على طريقة الحساب الجاري فقد أعنا البنك والمساهمين فيه على المعاملة بسيولة أموالنا بالحرام أحيانًا وبذلك نكون شاركنا في تحصيل الحرام، وإن أودعنا أموالنا بفائدة ونحن نعلم مسبقًا أن البنك يتعامل بالربا فقد قبلنا أخذ مال الربا، وإن تصدقنا بهذه الأموال الزائدة على الفقراء والمحتاجين فلا تحسب لنا صدقة وننال ثوابها عند الله لأنها من مال خبيث والله طيب ولا يقبل إلا الطيب يقول الله تعالى
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (البقرة: 267)
- أيها الإخوة إذا كان بعض المسلمين يتعامل بالربا متعمدًا فليس هذا البعض حجة على الإسلام، وفي الحقيقة أن الذنب ليس ذنب هذا البعض فقط وإنما مسئولية الذنب مشتركة فهي ذنب المجتمع المسلم، ذنب الحكومات الإسلامية، ذنب علماء المسلمين الذين لم يفكروا مجتمعين ويضعوا الحلول المناسبة التي تبعد عنا خطر الربا فكل ما ورد عن هؤلاء العلماء آراء شخصية قيلت في مناسبات وظروف مخصوصة.
فما العمل إذن؟ هل نقبل بالنظام الربوي الحرام؟ أم نغلق بنوكنا المحلية ونسمح في بلادنا بفتح البنوك الأجنبية التي تستغلنا أبشع استغلال وتنهب خيرات بلادنا، وتستعمرنا تبعًا لذلك، أم نرسل أموالنا إلى البنوك الأجنبية في الخارج ليستغل المرابون اليهود سيولتها وفوائدها في محاربتنا واحتلال بلادنا، أم نرفض هذا وذاك مطلقًا ونقطع اقتصادنا عن اقتصاد العالم الربوي؟ وهل بإمكاننا عمل ذلك من الناحية العملية؟
أم نفكر بطريقة مشروعة أخرى بديلة عن النظام الربوي؟
-أيها الإخوة هذه التساؤلات تطرأ لكل واحد منا عندما يطرق موضوع الربا لنعد الآن إلى تاريخ الربا.
تاريخ الربا
-يرى المؤرخون أن الربا قد وجد في معاملات العصور القديمة فقد كان موجودًا عند قدماء المصريين وقد كان موجودًا لدى الإغريق والرومان وكان شائعًا بدون قيود ولا حدود، وكان العرف الجاري في كلتا المملكتين أن المدين إذا لم يوف دينه أصبح هو ملكًا للدائن وهكذا نجد أن مبدأ الربا والتعامل به كان سائغًا في الأمم القديمة.
وإذا ما انتقلنا من تلك الأمم القديمة إلى التشريعات الدينية، فإننا نرى التعامل بالربا في الشرائع الدينية تتجه نحو الحظر والتحريم الكلي، فقد ورد في كتاب العهد القديم «إذا أقرضت مالًا لأحد من أبناء شعبي، فلا تقف منه موقف الدائن: لا تطلب منه ربحا لمالك» وفي موضع آخر «إذا افتقر أخوك فأحمله، لا تطلب ربحًا ولا منفعة» وكذلك ورد في كتاب العهد الجديد «إذا أقرضتم لمن تنتظرون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟ ولكن، افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين فائدتها، وإذا يكون ثوابكم جزيلًا» ولقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها، كما اتفقت مجامعها على أن هذا التعليم الصادر من السيد المسيح عليه السلام يعد تحريمًا قاطعًا للتعامل بالربا، حتى أن الآباء اليسوعيين الذين يتهمون غالبًا بالميل إلى الترخص والتسامح في مطالب الحياة وردت عنهم في شأن الربا عبارات صارمة منها قول سكوبار «إن من يقول إن الربا ليس معصية يعد ملحدًا خارجًا عن الدين» وقول الأب بوني «إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة الدنيا وليسوا أهـلًا للتكفين بعد موتهم».
البابا يأكل الربا
-هذه النظرية الدينية أقرها القانون المدني الأوروبي في سنة ۷۸۹ وبقيت هي المذهب الوحيد في أوروبا طوال القرون الوسطى ولكنها بدأت تفقد مناعتها شيئًا فشيئًا منذ عصر النهضة على إثر الاعتراضات المتكررة التي وجهت إليها بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، وكان لهذا الضعف مظهران: مظهـر عملي، ومظهر تشريعي، فأما المظهر العملي فهو أن بعض الملوك والرؤساء الدينيين أنفسهم أخذوا يجترئون على انتهاك هذا التحريم علنًا، من ذلك أن « لويس الرابع عشر» اقترض بالربا عام ١٦٦٢ وأن البابا « بي التاسع » تعامل بالربا في سنة ١٨٦٠، وأما المظهر التشريعي: فهو أنه منذ آخر القرن السادس عشر سنة 1593 وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين فصار يباح تثميرها بالربا بإذن من القاضي، أما الضربة القاضية التي وجهت إلى هذه النظرة الدينية فقد حملتها إليها الثورة الفرنسية حيث احتضنت المذهب المعارض وجعلته مبدأ رسميًا منذ قررت الجمعية العمومية في الأمر الصادر بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789 أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون.
والعرب قبل الإسلام
أما العرب قبل الإسلام فقد كانوا يتبعون أهواءهم ونزعاتهم المادية في أكثر معاملاتهم وكان من ذلك تعاملهم بالربا بدون قيد من عرف ولا تشريع وذلك لعلاقتهم المستمرة باليهود الذين يسوغون لأنفسهم أخذ الربا من غيرهم ويحرمونه في معاملة بعضهم لبعض وهكذا اعتاد العرب في عصور الوثنية أن يقترضوا بالربا من اليهود، وأن يتقارضوا به فيما بينهم دون أن يجدوا فيه حرجًا ولا غضاضة.
أما في العهد الإسلامي
فمن المعروف أن الإسلام حرم الربا فهل امتنع المسلمون من التعامل حتى الآن؟ الجواب لا طبعا، فقد علمنا آنفا كيف انتهى الأمر بالثورة الفرنسية في آخر القرن الثامن عشر أن قضت على هذه المقاومة في أوربا، وأقرت النظام الربوي.
ونعلم أيضًا ما تؤديه العلاقات والاتصالات بين أقطار العالم من انتشار هذه الفكرة أو تلك وخصوصًا التأثيرات والضغوط المستمرة التي يفرضها المستعمر على الشعوب المستعمرة ومن سوء الحظ أن الأمم الإسلامية قد رزئت بالاستعمار في الفترة الأخيرة من حياتها وهذا ما أدى إلى انتشار هذه الأفكار وغيرها من أفكار الاستعمار في مسلمي اليوم فما أن انتصف القرن التاسع عشر إلا وقد سرت عدواها في البلاد الإسلامية، فبدأ بعض المسلمين يتعاملون بالربا لا إقراضًا بل اقتراضًا، ثم اتسع الأمر وشاع عمليًا مع بقائه محظورًا قانونيًا ثم ذهب وزال الحظر رويدًا رويدًا وعمت البلوى بين المسلمين .
اقرأ في العدد القادم ما قاله الدكتور محمد فاروق النبهان
لقطات من الندوة
• ضاقت قاعة المحاضرات بالحضور الجالسين والواقفين.
• لوحظ كثرة الشباب ومعهم كراسة المذكرات يتابعون ويدونون.
• كان الجمهور يمثل جميع الطبقات والطوائف فكان نموذجًا مصغرًا للمجتمع الإسلامي.
• كان إجماع الأساتذة على تحريم الربا بكل أنواعه.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلتحـــت شعـــار «القـــراءة حيــــاة».. جمعية الإصلاح الاجتماعي تقيم معرض الكتاب الإسلامي الـ45
نشر في العدد 2179
33
الاثنين 01-مايو-2023