العنوان قراءة في كتاب: الشريعة الإسلامية .. الماضي والحاضر
الكاتب صلاح الصيفي
تاريخ النشر السبت 05-سبتمبر-2009
مشاهدات 10
نشر في العدد 1868
نشر في الصفحة 40
السبت 05-سبتمبر-2009
صدر عن «دار بيك» للنشر في ألمانيا كتاب «الشريعة الإسلامية الماضي والحاضر» لـ« ماتياس روهه» أستاذ القانون والخبير في الدراسات الإسلامية بجامعة «إرلانجن» الألمانية، ولا يكاد القارئ يفرح باهتمام كاتب غربي بالشريعة الإسلامية حتى يصطدم بفهمه المحدود واستيعابه القاصر لمقاصد الشريعة، ونظرتها الكلية للكون والإنسان والحياة، وقبل ذلك مصدرها العلوي الذي أعطاها قيمتها وقدسيتها.
ذلك لأنه ينظر إليها من خلال التنافس بين الغرب والشرق الذي يجعل الشريعة في ذهنه متهمة حتى تثبت في براءتها، ومن جهته لا يعمل على إثبات براءتها بقدر ما يحرص على محاكمتها أو الضغط عليها حتى تغير ذاتها وتتمرد على حقيقتها، وبالتالي الحصول على ما يؤكد حُسن سيرها وسلوكها - طبعًا - في تعاملها مع الغرب وقيمه ومبادئه يتجلى ذلك في قوله: «إن الفقهاء المسلمين ومعلمي التربية الدينية عليهم واجب كبير إذا كان الأمر يتعلق بانسجام الهوية الدينية الإسلامية مع مبادئ الديمقراطية في الدولة الدستورية».
مواجهة مكشوفة
ولتوضيح وجهة نظره يدخل في مواجهة مكشوفة مع منظومة الشريعة الإسلامية عندما يقول: «لا يمكن أن نقول: إن المرأة المسلمة في ألمانيا يجب أن نمنعها من الحياة وفقًا للشريعة الإسلامية؛ لأن الالتزام بالشريعة في حد ذاته حرمان للمرأة من الحياة هكذا بصراحة لا يمكن للمرأة أن تعيش حياتها وهي ملتزمة بالشريعة», لكن أية حياة هذه التي تمنعها الشريعة ولا ترضاها للمرأة المسلمة؟ إنها حياة السقوط والتيه التي تحياها المرأة الغربية ألم أقل: إنه ينظر بمنظار التنافس وربما الصراع بين الشرق والغرب وليس بمنظار الفكر الناقد والحجة الساطعة، والإنصاف الذي يرى الأمور على حقيقتها.
خطوة ملغومة
لم يكتف الباحث الألماني بما قاله، بل يرى أن الغرب يسعى منذ القرن التاسع عشر إلى الإصلاح في العالم الإسلامي، وتركز اهتمامه على العلاقة بين الجنسين وإلغاء قانون العقوبات المتشدد, هكذا بدون مواربة, العلاقة بين الجنسين وقانون العقوبات المتشدد هذا مدخل الإصلاح الغربي للعالم الإسلامي!! وفي هذا الصدد يقول بالحرف: «كان هدفنا في القرن التاسع عشر هو التطوير في العالم الإسلامي – ونتيجة مساعيهم - فقدت المحاكم الشرعية الموجودة آنذاك سلطتها لتحل محلها محاكم مدنية تأثرت بالقوانين الأوروبية خاصة بالقانون الفرنسي، ولكنها لم تتعرض للجوانب المتعلقة بالميراث والأحوال الشخصية».
فهل كتب مؤلف كتاب «الشريعة الإسلامية.. الماضي والحاضر» كتابه ليكون امتدادا للحملة التي قادتها وزارات المستعمرات في الدول الغربية مع وكالات الاستخبارات في تلك الدول، وفي ركابها جيش من المستشرقين يعمل بتفان لإنجاح مخططات المستعمرين الذين هدفوا إلى احتلال بلاد المسلمين ونهب خيراتهم وسلب مقدراتهم؟
وأهم مقدراتهم هو الإرث الحضاري المستمد من شريعتهم الإسلامية التي يعمل المؤلف في الصف الذي يريد إعادة صياغة الشريعة وفهمها فهما عصريًا، فهو يقول: «إننا لا نفهم الشريعة الإسلامية فهما صحيحا عندما نقف عند التفسير التقليدي لها»، الفهم الصحيح في نظره هو الذي يتطابق مع مطامع المستعمر الغربي وطموحه.
ازدواجية غير مقبولة
بينما تقيم الدول الغربية الدنيا للمطالبة بحقوق الأقليات ولا سيما النصرانية في العالم الإسلامي - أو لحمايتها - يرى مؤلف كتاب الشريعة الإسلامية .. الماضي والحاضر مطالبة العرب والمسلمين المهاجرين في الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا بأن يسمح لهم بتطبيق مبادئ الشريعة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية الخاصة بهم، يراه مطلبا غير مقبول حتى نتجنب مشكلة «ازدواجية القانون» مضيفًا أن إنشاء محاكم الزواج الإسلامية في كندا التي أقيمت للتجربة لم تسفر عن مزيد من الحرية، بل أدت إلى مزيد من الضغوط على المرأة المسلمة، ووصف ما حدث في كندا «بالتطور غير السعيد».
بعد ذلك هل بقي مجال لحسن الظن بمثل هؤلاء الكتاب الغربيين الذين يكافحون لتغيير الإسلام وتفكيك منظومته القيمية بدل أن يغيروا أنفسهم ويخففوا من تشنجهم ويحدوا من كراهيتهم ليتمكنوا من فهم الإسلام على حقيقته وكما أنزله الله لا كما يحلو لعقولهم الملوثة أن تفهمه؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل