; قضيتنا إسلامية | مجلة المجتمع

العنوان قضيتنا إسلامية

الكاتب عبدالقادر بن محمد العماري

تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1993

مشاهدات 2

نشر في العدد 1050

نشر في الصفحة 65

الثلاثاء 18-مايو-1993

فلسطين بالنسبة لأهل الإسلام هي جزء من العقيدة ولا تقبل المساومة فيها من قبل أي أحد وليس لأي إنسان كائن من كان أن يدعي أن له الحق في التخلي عنها، أو عن أي جزء منها ذلك لأنها أرض النبوات والرسالات وقد جاء الإسلام خاتمًا لهذه الرسالات وجاء محمد- صلى الله عليه وسلم- على فترة من الرسل ليخلف كل الأنبياء والرسل ويجمع الله له كل الرسالات فى رسالة الإسلام ويصبح المسلمون هم الأولى بموسى وعيسى وسائر المرسلين والنبيين من غيرهم ولذلك أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأم الأنبياء والمرسلين هناك في صلاتهم بالمسجد الأقصى ثم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قام صحابته من بعده وفتحوها في عهد عمر بن الخطاب- الخليفة الراشد- لتكون تحت حكم الإسلام بدلًا من أن يحكمها الرومان وعاش فيها أهل الكتاب من يهود ونصارى أحرارًا في عبادتهم وعقائدهم وحفظت لهم مقدساتهم من بيع وكنائس ومرت قرون ثم جاء الغزاة الصليبيون ودارت الحرب سجالًا بينهم وبين المسلمين واحتلوا القدس حتى جاء صلاح الدين الأيوبي وخلصها منهم إلى أن جاء الاستعمار البريطاني أخيرًا بعد انهيار الدولة العثمانية وأعطى اليهود ماسمي بوعد بلفور فأعطى من لا يملك من لا يستحق وأراد الغربيون أن يعوضوا اليهود على ما أصابهم في أوروبا على يد النازيين بإعطائهم ما يعتقدون أنه حقهم في العودة بموجب ما جاء في كتابهم المقدس على حد زعمهم فشردوا أهلها الفلسطينيين وتناسوا كل ما يعلنونه وينادون به من حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعوب، وهم يعرفون حق المعرفة أن اليهود لم يكونوا في فلسطين عندما فتحها المسلمون منذ قرون، ولكن الحقد الصليبي عند الغربيين هو الذي دفعهم إلى ذلك. 

ومع الأسف إن كثيرًا من العرب والمسلمين قد تخلوا عن اعتبار قضية فلسطين قضية إسلامية وجاروا منطق الغرب في اعتبارها مجرد قضية سياسية ونزاع على الحدود بين الدول وبذلك فقدوا القوة المعنوية التي تحفظ لهذه القضية حيويتها وسندها الحقيقي في العمق الإسلامي.

إن العرب اليوم يجرون وراء سراب حلول السلام والتكيف مع العالم الجديد وقد كانوا قبل ذلك وضعوا أنفسهم في أتون الصراع في الشرق والغرب مع أن الواضح أن الحل ليس في هذا ولاذاك وإنما في الإصرار على أن قضيتهم قضية إسلامية لا يحلها إلا الاستعداد في هذا المجال والإصرار على الثبات مهما طالت المعاناة والمهم هو وحدة الكلمة والإصرار على نيل الحق كاملًا غير منقوص والعمل من أجل الإعداد للهدف من تغير جعجعة، وانفعالات وقتية، ومزايدات كلامية، وتصرفات صبيانية تضر ولا تنفع، ولقد ثبت بالتجارب أن المتظاهرين بالتطرف والثورية هم أول من يسقط في أحضان الأعداء ويسير في طريق الفساد ويعمل عكس الشعارات التي كان يرفعها وينادي بها، ذلك لأن المصداقية الحقيقية ليست في المزايدات وإثارة الخلافات الجانبية ولكنها في النيات الصادقة التي يدل عليها السلوك والتصرف الحكيم الذي يدل على الإخلاص في العمل. ومن هذا المنطلق نحس اليوم أن الأمل معقود على شباب حركة حماس إن هم استمروا في طريقهم المتزن العاقل البعيد عن المهاترات مع الإصرار والثبات على أن قضية فلسطين قضية إسلامية لا يجوز لأحد أن يتفرد فيها بالحل النهائي والإيمان بأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة فلا يمكن إحسان الظن في نظام العالم الجديد وإذا كانت أمريكا بيدها الآن الحول والطول فما يدرينا أن تكون غدًا لا حول لها ولاقوة كما هو حال الاتحاد السوفياتي الذي كان أقوى قوة عسكرية ولجأ بعض العرب والمسلمين إليه باعتباره حامي حمى العدالة. 

فقضية فلسطين قضية المسلمين كافة حتى لو تخلى عنها الفلسطينيون لا يجوز للمسلمين أن يتخلوا عنها كما يقول بحق الدكتور يوسف القرضاوي وهي لن تتحرر إلا عن طريق الجهاد ولكنه الجهاد بعد الإعداد ليس جهاد الإرهاب عن طريق السيارات المفخخة وخطف الطائرات فإن ذلك لا يحقق هدفًا ولا يحرر أرضًا وإنما يقتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ الذين لا ذنب لهم. فحركة حماس تخوض اليوم حربًا مع العدو ومع العدو فقط وإن سماه بعضهم إرهابًا فإرهاب العدو أمر مشروع ولكن غير المشروع هو قتل الأبرياء وإرهاب غير الأعداء لذلك فنحن ندعو المسلمين أن يباركوا هذا الجهاد المشروع لأنه هو الجهاد الحقيقي قال تعالى ﴿ وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ﴾ (البقرة: 190)

فهم مأذون لهم في القتال لأنهم أخرجوا من ديارهم ولا يزال المبعدون لم يستطع مجلس الأمن أن يرجعهم إلى ديارهم . قال تعالى﴿ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: 40) وقال تعالى ﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ ﴾ (الحج:41)



الرابط المختصر :