العنوان كن ودودًا
الكاتب محمد إبراهيم نصر
تاريخ النشر الثلاثاء 02-أبريل-1974
مشاهدات 18
نشر في العدد 194
نشر في الصفحة 19
الثلاثاء 02-أبريل-1974
كن ودودًا
إشراقة الثلاثاء:
بقلم الأستاذ محمد إبراهيم نصر
المدرس بكلية الشريعة
– الرياض
أخي صديق إشراقة الثلاثاء: طاب صباحك، وسعد يومك، وأشرق بالخير طالعك، وأنار الله بصيرتك، ومنحك القصد والاعتدال، وجنَّبك الخطأ والزلل.
أدعوك أن تبسط للناس وجهك، وتمنحهم ودك، وتَبِش للقائهم وتسعى في تحقيق آمالهم، ولا تستمع إلى نفسك إذا حدثتك بالنفرة منهم، والإعراض عنهم، ولعلك تريد أن تقول: كيف أُظهر غير ما أُبطن؟ وأُبدي غير ما أُخفي؟ وقد لعن الرسول ذا الوجهين؟.
وأبادر فأقول: لقد فهمت الحديث على غير وجهه، وابتعدت به عن هدفه، فالحديث يتجه بك إلى نقاء السريرة، وحسن السيرة، والصدق في العقيدة، فلا تُظهر الإيمان وتخفى الكُفر، ولا تُضمر الحقد وتظهر الود... بل يجب أن تقضي على حقد نفسك، وتصلح قلبك، فلست يا أخي مسؤولًا عن الكشف عن خبايا الناس، ومعرفة أسرارهم وتَقَصِّي عيوبهم، فزمن الوحى قد انقطع، ولا يعلم الغيب إلا الله.
وقد يكون من الناس من نظنه خبيثًا ماكرًا، ولكنك إذا وسعت له في صدرك، وفتحت له قلبك، ووطأت له كنفك، وجدته على خلاف ما ظننت، ورأيته على غير ما عهدت، ففي الناس جوانب طيبة قد لا تراها العيون.
إن الشر ليس عميقًا في الكأس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوَّره أحيانًا فقد يكون في تلك القشرة الصلبة، التي يواجهون بها كفاح الحياة من أجل البقاء، فإذا آمنوا مشاق الحياة، وأهوالها تكشفت تلك القشرة عن ثمرة حلوة شهية، وهذه الثمرة الحلوة الشهية، إنَّما تنكشف لمن يستطيع أن يمنح الناس الأمن، ويمنحهم المودة، ويمنحهم الثقة، ويمنحهم العطف على كفاحهم، والسعي لتخفيف آلامهم، وشيء من سعة الصدر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقعه الكثيرون، ليس ذلك مما يقوله الروائيون، وينشده الشعراء الخياليون ولكنه من دوافع التجربة، وصدق الأحداث.
جرب بنفسك، أن تعطف على مَن تظن فيهم الشر كامنًا، والخُبث ظاهرًا، جرِّب أن تتغاضى عن بعض أخطائهم، وتُصفح عن هفواتهم، وترشدهم في رفق إلى زلاتهم، على أن تكون بعيدًا عن التصنع فيما تفعل، ثم انظر بعد ذلك إلى النتائج، سوف ينكشف لك نبع الخير في نفوس هؤلاء، فيتدفق عطفًا، و برًا، وخيرًا، وإنسانية.
سوف يمنحونك حُبًّا جارفًا، وودًّا صادقًا، وثقة غير محدودة، وحينئذ نعرف صدق الشاعر العربي الذي قال:
لَم أَرَ كَالمَعروفِ أَمّا مَذاقُهُ... فَحُلوٌ وَأَمّا وَجهُهُ فَجَميلُ
فليكن آخر عهدي بك هو المعروف.. وإلى الملتقى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل