العنوان من الحياة.. كيف تكسبين حماتك؟
الكاتب أ. د. سمير يونس
تاريخ النشر السبت 25-أغسطس-2007
مشاهدات 17
نشر في العدد 1766
نشر في الصفحة 58
السبت 25-أغسطس-2007
أرسلتْ إليّ إحدى الزوجات رسالةً عبر البريد الإلكتروني، أوضحتْ فيها أنَّها في بداية حياتها الزوجية، وتشكو مرارة الحياة وغصّتها، بسبب حماتها التي تعيش معها في عشّ الزوجية، وأحبُّ أن أضع بين يدي القارئ هذه الرسالة بنصها كما سطرتها صاحبتها.
تقول: «حياتي انقلبتْ ۱۸۰ درجة، منذ أن شرَّفتنا حماتي العزيزة، لتعيش معنا أنا وزوجي، وطفلتي الصغيرة.. كنتُ أحلُم وأنا فتاة قبل الزواج ببيت مستقل، لكنِّني بعد قدوم حماتي العزيزة صار حلمي سرابًا، وقامتْ حماتي بدور المراقب اليَقِظ والرَّاصد الدقيق، والنَّاقد البصير لكلّ أقوالي وأفعالي، ومن تصرفاتها التي لا تُنسَى مثلًا: مراقبتها لي وأنا أطبخ، ففي كل مرحلة- من بداية الطبخ إلى نهايته- لا تكفّ عن التعليق والنَّقد اللّاذع، ومن أقوالها المأثورة: واضح إنِّك بتتعلمي يا... ده موش طبيخ ده... عشان كده ابني حبيبي مبيحبش ياكل إلّا من إيدي أنا، من إيد أمه حبيبته... تقول حماتي ذلك دون أن تساعدني بأيّ شيء، أو تعلمني من علمها الغزير، ومن خبرتها المتراكمة، وأنا لا أردّ، بل أحاول أن أبتسم برغم الغيظ الذي يتأجَّج داخلي.
حتى في تربيتي لابنتي، لا تكفّ حماتي عن النُّصح والإرشاد والنَّقد، فإن أكلتْ ابنتي جزرًا فالبطاطا أفيد، وإن أكلتها شيكولاته فإنّها تدمر أسنانها، وإذا منعتها عنها فأنا أم مستبدّة.. ولا أملك سوى السَّمع والطاعة لحماتي، وأبتلع غيظي، لأنّني إن ناقشتُها فلن تكفَّ عن مجادلتي وتوبيخي!!
ومما يزيدني ألمًا- والكلام للزوجة- أنَّ حماتي في كل تصرفاتها تؤكِّد حب استحواذها على ابنها- وهو زوجي- بشكلٍ لافتٍ للنظر، فطوال غيبة زوجي وأنا أنتظر وصوله إلى البيت في لهفةٍ وشوقٍ، ليخفِّف من معاناتي، ويطيِّب خاطري، ولو بكلمة، لكنَّه لا يكاد يصل إلى البيت إلّا وقد اختطفته حماتي، واستحوذتْ عليه، ولا تسمح لي أبدًا بأنْ أنفرد به، أو أنْ أستقبله كما استقبلتْه.
وتضيف هذه الزوجة:
للأمانة يا سيدي أعرف أنّ الدين يوصي بالأم، وأنّ زوجي يجب أن يبرّ أمه، وخاصة أنّها ليس لها غيره بعد وفاة والد زوجي، أنا أتحمل الكثير، لكن ماذا أصنع في ألمي وحسرتي بسبب أنّي لا أتمتع باستقلالي في بيتي؟ ماذا أصنع وموقف زوجي سلبي دائما؟... إنّني كلما شكوتُ إليه أوصاني بالصّبر وكرّر لي ما يقوله في كل مرة: إنه ابنها الوحيد، ولا بدّ أن يراعيها، ولا يغضبها، أحسني معاملتها، صاحبيها، وتحمَّلي تصرفاتها، ليس أمامك سوى ذلك.
تبصرة الزوجة:
ولهذه الزوجة أقول لكِ منّي تبصرة، ونصيحة عملية تنفذينها، لعلّ الله عز وجل يصلح حالك، ويؤلف بينك وبين حماتك.
1-يجب أن تعلمي أن: حماتك الآن وحيدةٌ وليس لها سواك وابنها، وأنَّ البديل صعب، فهي إمّا أن تعيش وحدها بين جدران أربعة، وإمّا أن يستودعها زوجك إحدى دور المسنين... فهل تقبلين ذلك على أمك؟
2-أي أم، وخاصة في سن حماتك، لديها شعور نفسي بأنّها هي الأحق بابنها، لأنها هي التي ربته طفلًا، ونظفته، وتحملتْ أذاه، وكبّرته، وقدَّمته لك عريسًا ورجلًا قبلته زوجًا، فهي تشعر بأنّها هي التي تعبتْ، وزرعتْ، وأنتِ التي حصدتِ، وشتّان بين من تعب وزرع، ومن حصد واكل.
3-كثير من الحموات يشعرن بغيرة من زوجات أبنائهن لأنّهن يشعرن أنهن أخذنهم منهن، ومن ثم يحاولن دائمًا أن يشعرهن بأنّهن أحسن منهن وأفضل، وهذا تفسير نفسي منطقي لنقدها لك مثلًا في طبخك، وإبراز تميزها عليك وأن ابنها لا يحب إلا أن يأكل من يدها هي.
4-من الحكمة التماس العذر لزوجك، فهو في صراع بين إرضاء أمُّه وإرضائك، وما يدريك أنّه لم يوص أمه بك خيرًا، وقد لاحظتُ من رسالتك أنّه زوج صالح يحبك، ولم تأخذي عليه سوى هذا التقصير، وأشعر بأنّه زوج حكيم فهو حريص على أن يوصيك بأمّه خيرًا، وإن كان يعوزه أن يطيب خاطرك بكلمات دون جرح أو إيلام لأمه، وأنا أؤيّدك في ذلك، ولكن ألتمس له الأعذار، وأطالبكِ بأن ترضي بما قسم الله لكِ، وأن تنظري إلى زوجاتٍ أخرياتٍ ابتلين بأزواج بخلاء، أو مدمنين، أو منحرفين.. فابتلاؤك أخفّ كثيرًا من ابتلاءات هؤلاء، فاحمدي الله على كل حال، واستمري في الدعاء بإصلاح الحال وتأليف القلوب.
5-اصبري واحتسبي أجرك عند الله تعالى، واعلمي أن جزاءك الجنة، والجنة سلعة غالية تستحق التضحية فهنيئا لك صبرك.
6-ذكري نفسك دائمًا بمحاسن حماتك وفضلها، وكفاها فضلًا أن قدمت لك حبيب عمرك، ورفيق دربك زوجك الصالح، ومن ثَمَّ لا أدعوك لتحملها فقط، بل أدعوك لحبّها أيضًا.
وصايا عملية لكسب حماتك
قد تتصورين في كلامي هذا مثالية.. وبدلًا من أن تلوميني أختي الزوجة اسأليني كيف تحققين ذلك؟ وأجيبك: أن اتبعي الوصايا العملية التالية:
1-احرصي على شغل وقت فراغ حماتك، فهذا- في نظري- سبب مقنع لما يحدث، شاركيها في الصلاة، أو في ورد قرآني، أو في حوار في قضية تهمها، أو في الاستماع إليها إلى جوانب نجاحها في الحياة وقصة كفاحها في تربية زوجك، وسوف تحلّ بركات القرآن الكريم والصلاة وتثمر سكينة وحبًا بإذن الله تعالى.
2-شاهدي معها بعض البرامج المفيدة في التلفاز أو الفضائيات أو حتى في الإذاعة، ودائمًا اطلبي منها التعليق واشعريها بأنّك في حاجة إلى استماع تعليقها ورأيها.
٣-يمكنك اصطحابها لحضور درس علم أو خطبة جمعة في المسجد، وعرفيها على سيداتٍ فُضلياتٍ ممن يرتدن مسجد الحي، أو من يجاورنكم في البيت وخاصة من هم في عمرها، ففي ذلك شغل لوقتها وراحة نفسية لها عندما تلتقي بمن يشاركنها الاهتمامات والحاجات.
4-خذي بكل وسائل تحقيق الحب، كالابتسامة، والهديّة، والثناء في موضعه، وأعلني دائمًا حبك لها..
5-استمري في دعائك وتضرُّعك بتأليف الله بين قلبيكما وتحقيق الحب بينكما.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل