; لغتنا الجميلة. | مجلة المجتمع

العنوان لغتنا الجميلة.

الكاتب أيمن بن أحمد ذو الغنى

تاريخ النشر السبت 03-مايو-2008

مشاهدات 12

نشر في العدد 1800

نشر في الصفحة 48

السبت 03-مايو-2008

عندما يخطئ العامة نبتسم ونصحح لهم، وعندما يخطئ الخاصة نتعجب، ولكن لا يحق لنا أن نسكت، فيما يلي بعض الأمثلة.

تعجز

جاء في الحديث الشريف: 

«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» «أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة». 

وقلما يضبط هذا الفعل على الصواب، وأكثر ما يضبط في الكتب رسمًا، وينطق به الخطباء والمتكلمون لفظًا: «تعجز» بفتح الجيم، وهو خطأ مخالف لما نص عليه غير إمام من شراح كتب السنة، من أنها \: بكسر الجيم، لأن الفعل «عجز» هنا من العجز الذي هو: الضعف وانقطاع الحيلة دون الأمر، فهو بوزن ضرب، أي: عَجَزَ يَعْجِرُ «بفتح الجيم في الماضي، وكسرها في المضارع».

وأما إذا كان بوزن فَرح، أي: عَجِزَ يَعْجَزُ «بكسر الجيم في الماضي وفتحها في المضارع» فيكون من العجيزة، وهي مؤخرة المرأة، يقال: عجزت المرأة تعجز: إذا عظمت عجيزتها.

جنة

صعد خطيب المنبر في أول جمعة من رمضان، وألقى خطبة بليغة عصماء، عن فضل شهر الصوم. 

وكان مما استشهد به على فضيلة الصيام، قول النبي ﷺ: «الصيام جنة» «متفق عليه من حديث أبي هريرة»، ولكنه أخطأ في ضبطه، وصحف نطقه، فجعله «جنة» بفتح الجيم، ولم يفتأ يكرر الحديث، ويعيده ملحونًا محرفًا، يقول: الصيام جنة. نعم أيها الإخوة، الصيام جنة عرضها السماوات والأرض، الصيام جنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. كل هذا وهو يفتح الجيم، متوهمًا أن المراد في الحديث: الجنة، التي هي دار النعيم التي أعدها الله في الحياة الآخرة لأهل طاعته من عباده المؤمنين، جزاء وفاقًا، لإحسانهم في الحياة الدنيا .

وما إن نزل الخطيب عن المنبر حتى بادره أحد المصلين بقوله: ولكن الحديث يا شيخنا: «الصيام جنة» بضم الجيم: أي: إنه وقاية وستر، فأسقط في يد الخطيب المسكين.

ولو أن الخطيب اطلع على الروايات الأخرى للحديث، لسلم مما وقع فيه، ومن تلك الروايات رواية صريحة بينة، وهي بلفظ: «الصوم جنة من النار»، ومن هنا قال الإمام ابن العربي المالكي في تفسير الحديث: إنما كان الصوم جنة من النار، لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات، فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا، كان ذلك ساترًا له من النار في الآخرة.

أيام البيض

حثنا رسول الله ﷺ على أن نتبع شهر الصوم رمضان، بصيام ستة أيام من شوال، وبين الأجر العظيم الذي أعده الله لصائمي تلك الأيام بقوله: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر» «أخرجه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري». 

ولقد أطلق العامة على هذه الأيام اسم: الأيام البيض، وهو خلط منهم ووهم، وذلك أن الأيام الستة من شوال لا تسمى الأيام البيض والصواب: أن أيام البيض التي رغبنا رسول الله ﷺ في صومها هي: ثلاثة أيام محددة من كل شهر، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله ﷺ أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. «أخرجه ابن حبان» وقال ﷺ: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، أيام البيض: صبيحة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة» «أخرجه النسائي من حديث جرير بن عبد الله». 

وجعلهم البيض صفة للأيام، في قولهم: الأيام البيض، غلط أيضًا، والصواب: «أيام البيض»، والمراد: أيام الليالي البيض، وهي الأيام الثلاثة المذكورة في الحديث، وسميت لياليها بيضًا؛ لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها .

قال ابن الأثير: وأكثر ما تجيء الرواية: الأيام البيض والصواب أيام البيض بالإضافة لأن البيض من صفة الليالي.

وقال النووي: ويقع في كثير من كتب الفقه وغيرها: الأيام البيض، وهو خطأ عند أهل العربية، معدود في لحن العامة، لأن الأيام كلها بيض، وإنما صوابه: أيام البيض.

الرابط المختصر :