; لقاءات المجتمع.. لقاء مع «شهود عيان» للمذبحة الهمجية في لبنان | مجلة المجتمع

العنوان لقاءات المجتمع.. لقاء مع «شهود عيان» للمذبحة الهمجية في لبنان

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1976

مشاهدات 11

نشر في العدد 297

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 27-أبريل-1976

أسباب الكارثة.. حقيقة المؤامرة. والاحتمالات الخطرة

هذا لقاء مع شاهدي عيان لأهوال لبنان ووحشية الصليبيين في الذبح والتقتيل وتشويه الآدميين.

شهود عيان من أبناء لبنان، بل من المطلعين عن قرب على مجرى الأحداث وتطورات المأساة.

رووا «للمجتمع» قصة شعب مسلم يباد. ومقاومة فلسطينية تصفى تصفية نهائية- أو هكذا يدبر الخصوم- وقصة وطن يتمزق ويخرب.

وبينما هؤلاء الإخوة يروون «للمجتمع» هذه القصة الكئيبة الدامية، كنا نعجب من موقف أقوام- هم حكام وشعوب البلاد العربية- التزموا الصمت، أو احتجوا احتجاجًا هزيلًا أو أطلقوا تصريحات فاترة هي أقرب إلى الدمع البخيل الخجول الذي يريد أن يطفئ سعار الوحوش برجاء في عدم الافتراس والنهش، لقد تركنا المجال للإخوة كي يتحدثوا عن مأساة بلادهم.

 

التضليل الإعلامي

قالوا: إن الإعلام العالمي- وسايره الإعلام العربي مع الأسف- قد ضلل الناس عمدًا حين صور ما يجري في لبنان بأنه صراع بين اليمين واليسار.

إن هذه الأكذوبة الكبرى أطلقت لتحقيق هدفين:

-لتغطية طبيعة الحقد الصليبي وإخفاء التعصب الماروني.

-ولتجميد دول عربية- من المفروض أن تنهض لمساعدة مسلمي لبنان- تجميدها بواسطة التخويف بحكاية اليسار.

 


حقيقة المؤامرة

قال الإخوة شهود العيان:

وحقيقة المؤامرة أن فئة من اللبنانيين احتكرت خيرات لبنان كما احتكرت الحكم فيه، وهي فئة الموارنة ذات الاتجاهات الطائفية والعنصرية والطبقية، بمعنى أنها تتعصب دينيًا ضد المسلمين، وتتعصب عنصريًا ضد كل شيء عربي، وهي في نفس الوقت تمارس الطبقية الاجتماعية والاقتصادية في أبشع صورها.

هذه الفئة أصبحت في مواجهة صريحة مع الوعي الشعبي والمطالب الإسلامية.

فهذا الامتياز الطائفي والطبقي، بالإضافة إلى الاستعلاء العنصري، لا يرضى به إلا إنسان فاقد الوعي، فاقد المروءة فاقد الإحساس بكرامته.

لقد طالب المسلمون- وهم كثرة- بحقوقهم أي طالبوا بالعدالة، وقد تميزت هذه المطالبة بأمرين:

* الأول: أنها لا تنتقص حقوق الآخرين ولا تجور عليهم أبدًا.

* والثاني: أنها مطالب سلمية هادئة صيغت في بيانات على الورق، أو في تصريحات عادية جدًا.

وفوجئ المسلمون بمعارضة ضارية من تلك الفئة.

بل اتضح- فيما بعد- أن المارون قد اتخذوا من هذه المطالب أداة لتنفيذ مؤامرة خططوا لها سلفًا.

وتتلخص هذه المؤامرة في:

* ضرب المقاومة الفلسطينية، وذلك بالتواطؤ مع المخابرات الأمريكية والصهيونية.

* الإبقاء على امتيازاتهم وتسلطهم.

* جعل لبنان «وطنًا قوميًا مسيحيًا» غير معلن.

التوقيت

ولكن لماذا فجروا المؤامرة في هذا الوقت بالذات؟

تمشيًا مع ما يخطط للمنطقة من سحق وتدمير ومع ما يبرم فيها من صفقات استسلامية وقت المارون لتفجير الأزمة.

وأهداف التوقيت هي:

1- إجهاض الصمود اللبناني، فهو الجبهة التي ترفد الفدائيين وتتيح لهم حرية الحركة.

٢- التعجيل بإقامة الدولة المسيحية قبل تعميم وتنفيذ الحل الاستسلامي.

3- تحسبًا للمستقبل القريب، بمعنى أن المارون يخشون تمامًا الكثرة الإسلامية التي بلغت الآن ٦٧٪ من مجموع السكان وهي آخذة في الازدياد.

هذه حقيقة يخشاها المارون ولذلك حاولوا بكل وسيلة طمس هذه الحقيقة بالعنف، والدم، والهمجية، والتخطيط المسبق واضح في كل تصرفات المارون، فلقد حولوا الجيش- مثلًا- إلى ثكنات مارونية، واستعملوا كل وسيلة لتحقيق مآربهم، إن ۱۸ طيارًا مسلمًا ماتوا في ظروف متشابهة «سقوط الطائرة أثناء التدريب والتمرين!!» إن المسلمين تذرعوا بصبر طويل أمام استفزازات الصليبيين.

كان قد قدروا أن حادث معروف سعد في صيدا سيكون وسيلة تفجر الموقف ومن ثم يتم لهم تحقيق مؤامرتهم، ولكن المسلمين فطنوا للفخ، فلما لم تشتعل الفتنة، سير المارون مظاهرة اشترك فيها الجيش ونقلت بمختلف وسائل الإعلام الرسمية، وتوالت جرائم الانعزاليين

مجزرة عين الرمانة

مجزرة داريا

الإبادة الجماعية في الكرنتينا والمسلخ.

إلخ.. إلخ.. إلخ.

 


أمثلة من الوحشية

وإحصاء المجازر أو الأعمال الوحشية التي ارتكبها المارون، جهد فوق الطاقة وأكبر من الإمكانات، نظرًا لحجم الجرائم. وانحطاط الأساليب.

نضرب هنا بعض الأمثلة من وحشية الانعزاليين.

-شربل قسيس، قاد مظاهرة من الرهبان المسلحين، وعمدوا إلى هدم المساجد وقتل العلماء المسلمين، وإحراق المصاحف.

-ماليشيا المارون- إشباعًا لأحقادها- رسمت الصلبان على صدور الضحايا المسلمين- وهم أحياء- بمكاوى كهربائية

-خطفوا الناس ودفنوهم في مقابر جماعية وهم أحياء.

-فقأوا عيون المسلمين، وأخرجوا المقل من محاجرها بكعوب الأكواب الزجاجية المهشمة.

-علقوا المسلمين في الكلاليب وهم أحياء.

-كانوا يأخذون الضحايا إلى مكان شاهق ثم يقذفونهم من عل فمنهم من يموت أثناء الرمي ومنهم من يلقى مصرعه أثناء الارتطام بالأرض.

-كانوا يشقون المسلم نصفين بواسطة سيارتين مسرعتين تسيران في اتجاهين متعاكسين.

-قصفوا المستشفيات بالمدافع وأحرقوا سيارات الإسعاف بمن فيها من الجرحى.

-نقيب أطباء لبنان- فؤاد الشمالي- كان يشرف بنفسه على عمليات التعذيب وتشويه الآدميين.

 


الأمة العربية والمأساة

ومضى الإخوة في حديثهم عن هذه الأهوال فقالوا:

كل هذا يجري والأمة العربية تكتفي بتوجيه النصائح وإيقاف المجازر!

إن أحداث لبنان المروعة لو كانت تقع في أبعد بلاد الأرض عن هذه الأمة لأملى عليها واجب المروءة أن تسارع إلى إنقاذ المضطهدين.

فكيف، والأحداث تدور فوق أرضها وداخل بيتها؟

إن أي حرب تحريرية في العالم جرت في العالم وجدت من العرب من الاهتمام والعناية والنصرة أكثر مما وجده مسلمو لبنان.

إن مجرد «نظرة حانقة» من الدول العربية- خاصة دول النفط- توجه إلى الانعزاليين في لبنان كانت كفيلة بردعهم، وإيقاف همجيتهم ومذابحهم.

فلبنان بني بأموال العرب.

والمارون بالذات لهم مصالح ضخمة في دول النفط العربي، وهم منتشرون بكثرة في هذه البلدان.

إن دولة عربية نفطية، منحت الانعزاليين- عام ١٩٧٥- تعهدات بستة مليارات دولار.

وتعصب المارون ضد مسلمي لبنان لم يقتصر على لبنان فقط.

إن شيخًا مسلمًا لبنانيًا زار الكويت منذ أيام وأراد أن يحلق رأسه فدخل محل حلاقة فلما علم صاحب المحل- وهو مسيحي لبناني- بأن الشيخ مسلم لبناني رفض أن يحلق له وقال له: «بدي أسكر المحل»!!

وفد إسلامي لبناني زار الأردن فنزل- دون أن يعلم- في أوتيل يديره مسيحي فلما علم المسيحي بأن الوفد مسلم اعتذر عن تأجير غرفة يسكن فيها الوفد!!

إن مسلمي لبنان يجاهدون، ليس من أجل أنفسهم فقط وإنما لرد الضرر عن الأمة العربية كلها.

فهم في حين يقفون ضد التقسيم إنما يقفون في نفس الوقت ضد تجزئة الأمة العربية.

وهم حين يرفضون الفساد والتخريب والفجور والتجسس والأفكار الهدامة التي صدرها لبنان للأمة العربية. فإنما يحمون هذه الأمة من خطر ماحق ساحق.

إن الجيل الخرب في العالم العربي قد تخرج من جامعات لبنان وتربى في جوه الفاسد.

إن عون الأمة العربية لمسلمي لبنان، يمثل أقوى ضمانة تدفع لبنان في خط عربي أصيل ومستقيم.

إن لبنان مهدد بثلاثة احتمالات خطرة وهي في نفس الوقت ليست نظرية.

- احتمال التقسيم، وهو احتمال لن يكتفي المخططون له بفرضه على لبنان فحسب.. إنهم سيتخذون منه نموذجًا يطبق في أكثر من منطقة وأكثر من قطر.

- احتمال التدويل، وهو احتمال يفقد العالم العربي استقلاله وإرادته السياسية الحرة.. وكما يعمم التقسيم سيعمم التدويل ويمد إلى مناطق أخرى.

- احتمال احتلال الكيان الصهيوني لجنوب لبنان.

وهو احتمال، قد تضمنته استراتيجية العدو منذ زمن طويل، سواء بمنطق الأمن المزعوم أو بمنطق حاجة الكيان الصهيوني إلى مياه نهر الليطاني.

وبما أن هذه المخططات على مستوى دولي فإن أبناء لبنان وحدهم لن يستطيعوا مواجهتها.

إن هذه هي مسؤولية الأمة العربية والدول العربية لن تستطيع أن تفعل شيئًا جديًا لإنقاذ لبنان، إلا:

* إذا كفت يدها عن تمزيق وحدة مسلمي لبنان.

فالتصارع العربي أضعف وحدة المسلمين اللبنانيين.

* إذا اتخذت موقفًا حازمًا من الانعزاليين وهي تستطيع ذلك عن طريق الضغط الاقتصادي والتجاري.

* إذا اتفقت فيما بينها على خطة تنقذ لبنان من أخطار التقسيم والتدويل. واحتلال جنوبه.

* إذا قدمت لمسلمي لبنان العون الواجب ماليًا وسياسيًا وإعلاميًا وغذائيًا ودوائيًا.

الرابط المختصر :