العنوان لقد احترقت قلوب المسلمين في الهند عند إحراق المسجد الأقصى
الكاتب محمد أبو الجلال
تاريخ النشر الثلاثاء 31-مارس-1970
مشاهدات 22
نشر في العدد 3
نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 31-مارس-1970
المدارس التي يشرف عليها مجلس شورى الجامعة الإسلامية في كيرالا وتشمل جميع المراحل التعليمية
بقلم : الأستاذ محمد أبو الجلال
رئيس مجلس التعليم الإسلامي بولاية كيرالا، وعضو مجلس شورى الجامعة الإسلامية في كيرالا
كيرالا المعروفة باسم مالا بار في تواريخ العرب تقع على ساحل البحر العربي في شبه القارة الهندية، وهي مقاطعة ذات أهمية كبرى في الهند وفي آسيا.
كانت كيرالا تواصل اتصالها التجاري بالعرب منذ القديم، فلما طلعت شمس النبوة في أفق الجزيرة العربية أضاءت بأشعتها بعض نواحي كيرالا، ولم يمض القرن الأول من الهجرة حتى تغفل الإسلام في كيانها ونال نفوذا هاما في معظم أرجائها .
دخول الإسلام في كيرالا :
يصرح تاريخ مالابار بأن مالك بن دينار ورفقاءه جاءوا من جزيرة العرب إلى مالابار في القرن الأول من الهجرة .
وكانوا اثني عشر رجلا وأن أهم ما اجتذب قلوب الناس من تعاليم الإسلام عقيدة التوحيد والآخرة ونظرية الوحدة البشرية والأخوة الإنسانية العالمية، فمكن أهل مالابار لأولئك الدعاة كل تمكين لنشر الدعوة الإسلامية ولبناء المساجد وتأسيس المدارس فدخل في الإسلام عدد كبير من سكانها، وأن ملكا كبيرا في كيرالا يقال له «شرمان برمال» اعتنق الإسلام وخرج مهاجرا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توفي في «شحر مقلا».
النهضة الإسلامية الحديثة في كيرالا
ثم لما دارت الأدوار ، وتوالت الأطوار ، تضاءل ما كان للإسلام في هذه الناحية من المعالم والآثار، ومن أهم أسبابه غلبة حضارة الغرب على المسلمين، ولكن الله سبحانه قد من على مسلمي الهند ومالابار إذ بعث من بينهم المجاهدين المجددين واحدا بعد واحد، فنهضت عدة حركات إسلامية في الهند ثم لما قام الداعية الكبير ، العلامة النحرير ، السيد أبو الأعلى المودودي ينفخ روح التجديد الإسلامي في قلوب المسلمين حدثت نهضة مباركة في الهند وتأسست الجماعة الإسلامية.
ثم انقسمت هذه الجماعة إلى جماعتين مستقلتين في الهند وباكستان تبعا لتقسم الهند، فالجماعة الإسلامية الهندية يرأسها مفكر الإسلام أبو الليث الندوي الإصلاحي، وهذه الجماعة تقوم بمجهودات عظمى في سبيل وإقامة الدين وفي سبيل خدمة الخلق والإصلاح الاجتماعي ومقرها في دلهي، ولها فروع في جميع الولايات الهندية، ولها عدة صحائف ومجلات في مختلف اللغات التي يتكلم بها أهل الهند ولها دار للنشر ومكتبة كبيرة في دلهي. وهذه الجماعة هي الحركة الإسلامية القوية في الهند تمثل الإسلام على أنه نظام کامل شامل لجميع جوانب الحياة البشرية .
نشاط الجماعة الإسلامية في كيرالا
وتقوم في كيرالا الجماعة في ولاية كيرالا بنشاط كبير في نشر الدعوة الإسلامية، وكان المجاهد الكبير الحاج وي. بي . محمد علي المرحوم أمير هذه الجماعة في كيرالا، وبعد وفاته ترأسها المولوي لي . سي . عبد الله الباقوي . ومقرها في كاليكوت مدينة كبيرة في ساحل البحر العربي.
ويبلغ عدد مواطني كيرالا ۱۷ مليونا، ينتسبون إلى مختلف الملل والنحل، والمسلمون منهم 4 ملايين، لقد منَّ الله على مسلمي كيرالا إذ أحيا في قلوبهم شعورا دينيا قويا، فترون في كل قرية وفي كل مدينة من أطراف كيرالا عدة مساجد ومدارس دينية للمسلمين ويبلغ عدد هذه المساجد ۳۸۰۰ ، وعدد المدارس الابتدائية ۳۰۰۰ تقريبا.
تكتظ هذه المساجد بصفوف المصلين، وتزدحم المدارس بالطلاب وللجماعة الإسلامية فضل كبير في تجديد هذا الشعور الديني في كيرالا.
كما لها في كيرالا مجلة أسبوعية وشهرية يقال لها « بربودهنم » معناه «الدعوة» في لغة أهل كيرالا، ويقرأ هذه المجلة الأسبوعية ١٥٠٠٠ نسمة.
تهتم بنشر الأنباء عن العالم الإسلامي، وللجماعة دار للطباعة خاصة، ودار للنشر صدر منها إلى الآن سبعون كتابا إسلاميا في لغة مليالم أكثرها منقولة من اللغة الأردية من كتب الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي.
وصدر منها حديثا كتاب « العدالة الاجتماعية » للأستاذ سيد قطب بعد نقله إلى مليالم.
ويصدر منها الترجمة المليامية لتفهيم القرآن للأستاذ المودودي وترجمة كتاب «فقه السنة» للشيخ سيد سابق.
مجلس التعليم الإسلامي
وتحت إشراف هذه الجماعة مجلس التعليم الإسلامي الذي يقوم بخدمات جليلة في حقل التربية والتعليم، فالمجلس يشرف على المدارس الابتدائية والثانوية وعلى مدارس للبنات خاصة وعلى كليات إسلامية، ومن أهم المعاهد التي يشرف عليها المجلس «الكلية الإسلامية بشاندیر» وقد أقرت لجنة المعادلات في وزارة المعارف للمملكة السعودية أن المنهج الدراسي للقسم الثانوي الذي تحت هذه الكلية يساوي تماما للقسم الثانوي من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .
وبعض المتخرجين من المؤسسة يدرسون في التعليم العالي في الجامعة الإسلامية بالمدينة. والآن يريد المجلس تأسيس مركز للبحث والتحقيق في العلوم الإسلامية وهناك أيضا في كيرالا وفي الهند جمعيات أخري إسلامية، ومؤسسات دينية عالية كثيرة والحكومة الهندية حكومة علمانية لا ترجى منها المساعدات في الأمور الدينية.
فعلى المسلمين أن يقوموا من جانب أنفسهم بالتكاليف اللازمة لإحياء المعارف الدينية والثقافة الإسلامية.
مسلمو الهند و قضايا المسلمين
ومسلمو الهند -وإن كانوا أقلية تخاف أن يتخطفها الناس- لا يرضون بديلا عن الإسلام والإيمان، وهم مع العرب في قضية فلسطين، وعلى استعداد تام للجهاد في سبيل استرداد ما خسر العالم الإسلامي من مجده ومقدساته وعندما حدثت الكوارث في فلسطين وفي بيت المقدس نادي المجاهد الكبير الأستاذ أبو الليث أمير الجماعة الإسلامية الهندية والشيخ محمد يوسف الأمين العام للجماعة بإقامة المظاهرات بيوم فلسطين وبيت المقدس. فأظهر مسلمو الهند بأجمعهم ما في قلوبهم من الأسف والجزع رافعين أصواتهم ضد "إسرائيل" المعتدية والصهيونية الماكرة وجمعوا المساعدات وأرسلوها إلى العرب المظلومين.
هذا طرف وفي طرف آخر نرى كثيرا من العرب لا يلتفتون إلى إخوانهم من مسلمي الهند، بل ينظرون إليهم بنظر الازدراء ولا يدرون أن الأخوة الإسلامية رابطة أكيدة فوق رابطة الجنس والوطن واللسان ولست بمتعجب في موقفهم هذا لأنهم حتى الآن غافلون عما حل بساحتهم من الرزايا الكبرى، وعندما حدثت الكارثة العظمى في فلسطين وفي سيناء وعندما احترق بيت المقدس احترقت قلوب المسلمين في الهند وباكستان وفي سائر العالم، ولكن العرب حينئذ لم يتنبهوا ولم يؤدوا ما عليهم من الواجب نحو أنفسهم .
ولن يصلح أمر العرب و لا أمر العالم الإسلامي حتى يستيقظ العرب من سباتهم وغرورهم ويفزعوا إلى الله ثم يقولوا جميعا بأن الله مولانا ﴿ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ﴾ (محمد:11).
محمد أبو الجلال - عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية في كيرالا
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
د. حسن خاطر: الصهاينــة يواصلــون تغييــر المشهــد الإسلامــــــي والحضــــاري لـ«الأقصــــى»
نشر في العدد 2182
21
الثلاثاء 01-أغسطس-2023

