; لقطات من كتاب: المفاوضات السرية بين «العرب» و«إسرائيل» (3-6) | مجلة المجتمع

العنوان لقطات من كتاب: المفاوضات السرية بين «العرب» و«إسرائيل» (3-6)

الكاتب شعبان عبد الرحمن

تاريخ النشر الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

مشاهدات 12

نشر في العدد 1216

نشر في الصفحة 21

الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

في مجرى الأحداث

  • في الثلث الأول من القرن التاسع عشر بدأت مسألة «الوطن القومي لليهود في فلسطين» تبرز على السطح، ومنذ خروج اليهود من الأندلس واستقرارهم بين أوروبا وشمال إفريقيا، والكلام بدأ يتردد عن العودة لفلسطين على لسان أحد الحاخامات، ولم يكن هناك من يأخذ هذا الكلام مأخذ الجد أو يعلق عليه بأكثر من أنه حنين يجتر الوهم. 
  • لكن نابليون بونابرت - نجم ذلك الزمان - حول هذا الوهم إلى حقيقة ليس حبًا في اليهود ولكن لخدمة مشروع الإمبراطورية الفرنسية الاستعماري في الشرق، وقبل أن يرصد «محمد حسنين هيكل» في كتابه «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل»، ما فعله نابليون يقدم لنا صورة مجسدة للتحولات الكبيرة التي شهدها ذلك القرن.
  • يقول: إن القرن التاسع عشر كان هو أخطر القرون، لأنه القرن الذي شهد تحولات كبرى وجذرية بسبب أربع قضايا استحوذت على اهتماماته:
  1. ظاهرة الوطنية التي برزت بعد قيام الثورة الفرنسية.
  2. التسابق نحو المستعمرات بين القوى الأوروبية «البريطانية - الفرنسية – الروسية». التي راحت توجد قواتها وأساطيلها إلى قارات الأرض لترفع فوقها أعلامها. 
  3. التربص بالخلافة العثمانية التي بدأت تذبل وتضعف كل يريد أن يحقق إرثًا أكبر فيها.
  4. المسألة اليهودية: وهي قضية ديانة تشتت أتباعها في أنحاء الأرض، وتكثف تواجدهم في شرق أوروبا وروسيا، وكان (٩٠%) منهم يعيشون على الحدود بين روسيا وبولندا، وكانوا هدفًا بين الحين والآخر الغارات دموية تولدها احتكاكات دينية واجتماعية وفكرية.
  • ولم تنظر أوروبا لتلك الظواهر منفصلة، بل إن الفكر الاستراتيجي الأوروبي حاول الربط بينها، وكان «نابليون» هو أول من استطاع بمهارة الربط بينها، والخروج بتوليفة واحدة جعلها في خدمة استراتيجية سياسية واحدة، وكانت فكرة نابليون في ربط وتوليف واستغلال الظواهر الأربعة في عدة خطوات:
  • استعمل ظاهرة الوطنية في إيقاظ الوعي اليهودي عن فكرة حق تقرير المصير والمطالبة بوطن قومي ينقذهم من الشتات ويريحهم ويريح أوروبا من عبء تدفق المهاجرين اليهود من الشرق.
  • اللعب على الوتر الديني وأساطيره، وتجسيد أسطورة فلسطين وطن اليهود الموعود، وكانت في ذلك الوقت من أملاك الخلافة العثمانية التي يجري السباق على إرثها.
  • إذا أنشئت دولة «يهودية» برعاية «فرنسا» في فلسطين تكون تلك هي نقطة بداية مهمة لخططها الاستعمارية في قلب الخلافة، وإذا نجح هذا التوجه تكون «فرنسا» قد حصلت على النصيب الأكبر من تركة الخلافة قبل أن تتحرك بريطانيا وروسيا، والتي كان السباق بينهما على إرث أملاك الخلافة، وكانت ملامح الصورة الدولية تجسد صراعًا بين بريطانيا وفرنسا التي اندفعت قوات كل منها إلى المحيط الأطلنطي والمحيط الهندي، بينما كانت الإمبراطورية الروسية مشغولة بالتمدد في آسيا.
  • وقد أخذ نابليون على نفسه مسؤولية التوسع الإمبراطوري الفرنسي، حتى وإن اصطدم بالسلاح مع بريطانيا، وكانت حملته الشهيرة على مصر تستهدف غرضين هما:

۱- احتلال مصر كبداية لعملية إرث الخلافة والزحف منها إلى فلسطين والشام.

2- العمل على قطع طريق المواصلات البريطانية. 

  • وفي سبيل تحقيق أغراضه لم يتردد نابليون أمام الموانع والذرائع، فعند غزو مصر كان ادعاؤه أنه الصديق الصدوق لخليفة المسلمين العثماني، وأنه الحريص على تثبيت سلطانه المهدد من المماليك في الداخل، أو الملوك المسيحيين في الخارج. ووصل نابليون إلى حد ادعاء الإسلام إيمانًا - كما قال: بصدق وصفاء تعاليمه.
  • وعندما بدأ «نابليون» زحفه من مصر إلى الشام داخلًا فلسطين توقفت جيوشه عند أسوار القدس وعكا ويافا وهنا أزاح ورقته الإسلامية وأخرج ورقة يهودية، وإن كانت ورقته الإسلامية حيلة لخداع المصريين فإنه لم يبق منها إلا أوراق وذكريات لكن ورقته اليهودية بقيت هي الوثيقة التي تستحق الاهتمام في السياق التاريخي؛ لأنها الأثر الاستراتيجي الباقي في المنطقة. فماذا قال فيها بالضبط؟ .

شعبان عبد الرحمن

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل