; رأي القارئ (1643) | مجلة المجتمع

العنوان رأي القارئ (1643)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 19-مارس-2005

مشاهدات 21

نشر في العدد 1643

نشر في الصفحة 4

السبت 19-مارس-2005

لماذا العرب لحمل الرسالة؟

جاءت الفلسفة الإسلامية مفسرة لحكمة هذا الاختيار الحصري للعرب - لحمل الرسالة - العرب الذين كانوا «يمثلون سفح الجاهلية الكاملة، بكل مقوماتها الاعتقادية والتصورية والعقلية والفكرية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن ثم جاء هذا الاختيار، ليعرف فيهم أثر هذا المنهج، وليتبين فيهم كيف تتم المعجزة الخارقة التي لا يملك أن يأتي بها منهج آخر في كل ما عرفت الأرض من مناهج، وليرتسم فيهم خط هذا المنهج بكل مراحله من السفح إلى القمة وبكل ظواهره وبكل تجاربه ولترى البشرية في عمرها كله أين تجد المنهج الذي يأخذ بيدها إلى القمة السامقة، أيا كان موقفها في المرتقى الصاعد، سواء كانت في درجة من درجاته. أم كانت في صفحة الذي التقط منه الأميين»([1]).

موقف الإسلام من العروبة:

يقول عباس العقاد: «شعور القومية بالنسبة إلى الأمم نوع من الشعور بالكرامة الشخصية بل بالنسبة إلى الإنسان الفرد، وأعرف الناس بالكرامة أشدهم حرصًا على كرامة سواه، ولا تعز الكرامة في نفس أحد يهون عليه أن يهينها في نفوس الآخرين»([2]). 

هذا القول للعقاد - وهو في تقييمي رمز من رموز القومية المعتدلة - لا يجانب النظرة الإسلامية للقومية عامة وللعربية منها خاصة، فالإسلام يجعل من القوميات المختلفة أساسًا للتعارف والود والإخاء العقدي والإنساني، ويطلق قدرًا معينًا من الشعور بكرامة القومية والفخر بها، ولكنه يقيد - على المستوى الفردي لا القومي - الأفضلية والكرامة في ميزانه ويشترط لها تقوى الله عز وجل، فيقول القرآن الكريم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13).

موقف العروبيين من الإسلام: بعيدًا عن النشأة المشبوهة التي رافقت بزوغ نجم القومية العربية في العصر الحديث، فإننا نعرض موقف رواد هذه الدعوة من الإسلام كمصدر حتمي لثقافة العربي، إذ تجاهلت الدعوة القومية هذه الثقافة من منطق عقدي صرف، بل بلغ الأمر إلى أن يطلق على الجمهور العربي «شعوب العربية» باعتماد ركيزة اللغة المشتركة كهروب من واقع يربط العربي –قسرًا– بالإسلام وحضارته، ولأن كثيرًا من دعاة هذه القومية لا يمتون لأصل عربي بصلة.

وذهب أصحاب هذا التيار المغالي إلى القول بأن الإسلام شرف بالعرب ولم يشرف العرب به، وأنه – الإسلام – لم يؤثر كثيرًا في ثقافة العرب التي كانت تحط من شأن الخمر وكثير مما جاء الإسلام بتحريمه وإنكاره.

الوحدة العربية.. غاية أم وسيلة؟

تشكل هذه القضية مفصل الخلاف بين الإسلاميين والقوميين، فهي في نظر القوميين غاية في ذاتها، سيتوقف عندها نشاطهم، ويلقون بعصا الترحال عند أبوابها.

وأما عند الإسلاميين فما هي إلا خطوة في مسير ومحطة في طريق سيوصل إلى اتحاد إسلامي شامل بما أن الأرض العربية جزء من أرض الإسلام، فيقول حسن البنا: «إن الإخوان المسلمين يحترمون قوميتهم باعتبارها الأساس الأول لنهوض المنشود، ولا يرون بأسًا من أن يعمل كل إنسان لوطنه، وأن يقدمه في الوطن على سواه، ثم هم بعد ذلك يؤيدون الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض، ثم هم يعملون للجامعة الإسلامية باعتبارها السياج الكامل للوطن الإسلامي العام».([3]).

أمتي.. سامحيني

براكين ثائرة في الصدور.. دموع كالحمم تحرق الوجنات.. ومرارة غصت بها الحلوق... وبسمة اختفت وتلاشت ثم يعد لها مكان للظهور.. وإن ظهرت فهي بسمة مزيفة لا تدل على ما في القلوب فكيف يبتسم مريض أو مفجوع؟ وكيف لعين جريح أن تعرف معنى الهجوع؟

أينما نظرت لا تجد إلا جراحًا نازفة.. أشلاء متناثرة.. براءة طفولة مغتالة.. كرامة شيوخ مذلة.. أعراض عذاري منتهكة.

شربت يا أمتي كاسًا من الذل والهوان، وشربت من كؤوس المرارة أصنافًا وألوانا، فنصرناك بمظاهرات مشت.. وأعلام أحرقت... وهتافات علت.. وما لبثت تلك الجموع أن تفرقت وتلك الهتافات أن أسقطت.

 أمتي: لقد آلمني وأحرق وجداني، وزلزل فكري وكل كياني سؤالك: من الجاني؟ من بالذل رماني!؟ أين أبنائي!؟ أين رجالي!؟ أین أبطالي!؟

 إيه يا أمتي: لقد تربص بك الأعداء منذ ظهورك، وجمعت الجيوش للقضاء عليك، علم يضعف ذلك جسدك ولم يقلل من مكانتك وقدرك. نصرك الله وأعزك بأبناء مولاهم الله، وإمامهم محمد rوبيتهم المسجد، وكتابهم القرآن، وزادهم التقوى، ولباسهم الزهد، ومركبهم اليقين، وطريقهم الهدى. فأين هم الآن؟

أه يا أمتي: لم أكن أتخيل يومًا أنني مجدك قد قضيت... لم أكن أصدق يومًا أني كنت سببًا في ذلك وهوانك، رميت القادة بتهمة التخاذل، ونسيت إنني أول من تخاذل، أطلقت الصفر على الألف مليون.. ونسيت أنني أول أصفارها.. نعم أصبحت صفرًا عندما تناسيت أنني جزء منك إن صلحت رفعت من قدرك، وإن فسدت كنت سببًا في ذلك وهوانك.. فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ولا يعز من ابتغى العزة بغير الله.. وعدنا الله بالنصر إن نحن نصرناه.. فينبغي لنا أن نبدأ من اليوم إصلاح ما فسد من بنائك، حتى تعود لك عزتك، وتعودي لسابق مجدك ورفعتك. 

فيا أخي.. ويا أختي: 

هيا بنا لنصنع فجرًا جديدًا لمجد أمتنا ونسأل الله العون لنا في مسيرتنا وليكن شعارنا: «معًا نصنع الحياة».

عائشة طاهر خليفة القصيم عنيزة

_____________________________________

([1]) في ظلال القرآن: سيد قطب ، المجلد الأول، ص556.

([2]) الإسلام دعوة عالمية ، عباس العقاد، مقال : محمد العربي الإنسان ص 11.

([3]) رسالة المؤتمر الخامس من مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 14

54

الثلاثاء 16-يونيو-1970

نشر في العدد 14

42

الثلاثاء 16-يونيو-1970

نشر في العدد 21

49

الثلاثاء 04-أغسطس-1970