العنوان لماذا الإسلام هو الحل
الكاتب د. توفيق الواعي
تاريخ النشر السبت 21-يونيو-2008
مشاهدات 15
نشر في العدد 1807
نشر في الصفحة 39
السبت 21-يونيو-2008
قد لا يفهم قيمة العمل الصالح كثير من المفسدين، وقد لا يحس نعمة الله سبحانه الوفرة الوافرين من الملحدين، وهذه هي سنة الحياة التي جعل الحق سبحانه الإنسان فيها مختارًا، ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ (الكهف :۲۹) ولكن قد تكون هناك حقائق لا سبيل إلى إنكارها أو الجدل فيها سواء كانت دينية أو مدنية الفائز فيها هو من يتعلمها أو يعمل بها، وإن أنكرت أو جحدت.
هل ينكر الحق المبين ويدعي *** ما لم تجزه شريعة ونظام
ويحرم القول الصحيح مغالطًا *** وجميع ما كسبت يداه حرام
وحض الإسلام على العلم وجعله واجبًا، وهو شيء شهد له القاصي والداني والأصدقاء والأعداء ورغم هذا يتهم الإسلام ويراد مقابلته بالعلمانية الخانبة الخاسرة، ونحن في هذه العجالة نريد أن تلقي الضوء على استراتيجية الإسلام العلمية التي بها تنهض الأمم وتسود.
علم الإسلام إلهي المصدر
يقول ابن القيم «لولا النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة، ولا عمل صالح، ولا صلاح في معيشة، ولا قوام المملكة» لأن الحقائق تحتاج إلى نظریات مسلمة، فطرية وعقلية وربانية، ومرتكزات نفسية وواقعية تصلح لأن تفرض على الحياة قوانين الاستقامة والسعادة والاستقرار عند فرضها على المجتمع.
فمثلًا الظلم والحق والأمانة والخيانة والعلم والجهل.. حقائق، ومسلمات فطرية وعقلية وربانية ومتقابلة بدهية لا ينكرها إلا مريض صاحب عاهة عقلية وسلوكية.
ومن يك ذا فم مر مريض *** يجد مرا به الماء الزلالا
وإذا تحدثنا عن حقيقة من الحقائق التي تقوم عليها ركائز الحضارة اليوم وهي «العلم» نجد أن الإسلام رسخها في الدنيا الجاهلة منذ خمسة عشر قرنًا، يوم كانت الدنيا في ظلام دامس، فقاد بها المسلمين الذين داووا البشرية من أدواء عضال.
ونتحدث اليوم عن مفردات هذه الاستراتيجية العلمية العظيمة لينظر القاصي والداني هذه الروعة الفكرية والعقلية والسلوكية فيما يلي:
أولًا: فرض الإسلام العلم على كل مسلم ومسلمة.
ثانيًا: العلم شرف، قال العلماء «العلم شرف لا قدر له، وقال عبد الملك بن مروان يا بني تعلموا العلم فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطًا سدتم، وإن كنتم سوقة عشتم». وقال بعض الحكماء «تعلم العلم فإنه يقومك ويسددك صغيرًا ويقدمك ويسودك كبيرًا، ويصلح زيفك وفاسدك، ويرغم عدوك وحاسدك ويقوم عوجك وميلك، ويصحح همتك وأملك»..
ثالثًا: منزلة العلم، عن عامر الجهني مرفوعًا يؤتى بمداد طالب العلم ودم الشهيد يوم القيامة لا يفضل أحدهما على الآخر، وفي رواية فيرجح مداد العلماء، طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات، أي: هو بمنزلته بينهم فإنهم لا يفهمون. قال العلماء، «طالب العلم أفضل عند الله من المجاهد في سبيل الله لأن المجاهد يقاتل قومًا مخصوصين في قطر مخصوص، والعالم حجة الله على المنازع والمعارض في سائر الأقطار، وبيده سلاح العلم، يقاتل به كل معارض ويدفع به كل محارب وذلك هو الجهاد الأكبر وعدة العلم تغني عن محاربة المنازع. وسلاح العلم يخمد المحارب ويكبت المعاند».. (فيض القدير ٣٤٨/٤).
وقال الربيع سمعت الشافعي يقول «طلب العلم أوجب من صلاة النافلة.. وقال إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يفعل».
وروى أبو أمامة قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلين، أحدهما عالم والآخر عابد فقال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم».
وقال علي بن أبي طالب «الناس أبناء ما يحسنون». وقال مصعب بن الزبير «تعلم العلم فإن يكن لك مال كان لك جمالاً، وإن لم يكن لك مال كان لك مالًا».
وقال الرواة: سمعنا رسول الله يقول، «إذا جاء الموت طالب العلم وهو على هذه الحال، مات وهو شهيد». وعن أبي هريرة رضي الله عنه «لأن أعلم بابًا من العلم في أمر ونهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله» وعن أبي الدرداء «مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة» وعن الحسن البصري قال «لأن أتعلم بابًا من العلم فأعلمه مسلمًا أحب إلي من أن تكون لي الدنيا كلها في سبيل الله تعالى». وعن يحيى بن أبي كثير: «دراسة العلم صلاة». وعن سفيان الثوري والشافعي «ليس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم». وعن أحمد بن حنبل وقيل له أي شيء أحب إليك؟ قال: «أجلس بالليل أنسخ أو أصلي تطوعًا، ونسخ العلم تعلم». هذا، وللعلم آداب ينبغي أن يتقيد بها المسلم وأن يتعلمها كل مؤمن حتى يأخذ ثمرة العلم ويستفيد من عطاءاته.
يأتي في أول فصول العلم قول عمر رضي الله عنه «تواضعوا لمن علمكم. وتواضعوا لمن تعلمون، ولا تكونوا من جباري العلماء». ويأتي بعده قول عمر لا تتعلم العلم لتماري به ولا لتراني به ولا لتباهي به. ولا تتركه حياء من طلبه ولا زهادة فيه ولا رضاء بالجهالة»، وقول ابن عمر وغيره «من رق وجهه رق علمه». كما أن الحض على تعلم الصغار العلم كان هو طلب القادة ودستور المجتمع لأنهم جيل المستقبل الصاعد.
وقال عمرو بن العاص لحلقة قد جلسوا إلى جانب الكعبة، فلما قضى طوافه جلس إليهم، وقد نحوا الفتيان عن مجلسهم، فقال: «لا تفعلوا أوسعوا لهم، وأدنوهم، والهموهم، فإنهم اليوم صغار قوم يوشك أن يكونوا كبار قوم آخرين قد كنا صغار قوم أصبحنا كبار آخرين».
وهذا صحيح لا شك فيه، والعلم في الصغر أثبت فينبغي الاعتناء بصغار الطلبة لاسيما الأذكياء المتيقظين الحريصين على أخذ العلم فلا ينبغي أن يمنع عن ذلك صغرهم أو فقرهم وضعفهم ويكون مانعًا من مراعاتهم، والاعتناء بهم.
هذا، وسنواصل إن شاء الله بيان فضل العلم ونعرف مفردات استراتيجيته التي لم نصل إلى كنهها بعد حتى يعلم القاصي والداني كيف أن الإسلام هو ما تحتاجه الأمة في زماننا هذا، وأنه لا بديل عنه.. نسأل الله السلامة والتوفيق ..... أمين..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل