; لماذا يخافون القنبلة النوويّة «الإسلاميّة»؟! | مجلة المجتمع

العنوان لماذا يخافون القنبلة النوويّة «الإسلاميّة»؟!

الكاتب محمد نزال

تاريخ النشر الثلاثاء 22-سبتمبر-1987

مشاهدات 52

نشر في العدد 835

نشر في الصفحة 21

الثلاثاء 22-سبتمبر-1987

عاشت «اليابان» خلال الشهر الماضي، مع الذكرى السنوية الثانية والأربعين لمأساتي «هيروشيما» و«ناجازاكي»، حينما قامت مجموعة من الطائرات الأمريكية بإلقاء قنبلتين ذريتين على تلك المدينتين، فأحالتهما إلى رماد!... واليوم وبعد مرور ٤٢ عامًا على تلك المأساة، ننظر إلى واقعنا، فنرى تسابقًا وتنافسًا شديدًا بين المعسكرين الشرقي والغربي، على إنتاج وابتكار أحدث الأسلحة النووية، والتي يملك كل طرف استخدامها في اللحظات الحاسمة الفاصلة بين البقاء والفناء!

تهدید صريح لباكستان!

وفي الوقت الذي يبيح أولئك لأنفسهم إنتاج الأسلحة النووية، نجدهم يحرصون– وبشدة- على إبقاء العالم الإسلامي بمنأى عن الإنتاج النووي!... ولعل المحاولات الأمريكية المستمرة لإثناء باكستان عن صناعة القنبلة النووية، خير دليل على صحة ما نقول.. ففي الأسابيع القليلة الماضية زار العاصمة الباكستانية وكيل وزارة الخارجية الأمريكية «مايكل أرما كوست» وهو يحمل رسالة «فظة»- كما وصفتها إحدى الصحف الأمريكية- مفادها: وجوب خضوع الباكستان للتحريات حول المرافق النووية في مواقعها!.. وإذا لم تقبل الباكستان بهذا الإجراء تعرضت لوقف المساعدات العسكرية والاقتصادية عنها!... وتزامنت تلك الزيارة مع هجوم شديد اللهجة شنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي «كاليبورن بيل» على باکستان، لما وصفه بتحللها من التزاماتها، واستهزائها بالقوانين الأمريكية! كما صوتت لجنة فرعية- في المجلس المذكور- لتخصيص أموال المساعدات إلى جانب تعليق جزء من المساعدات المقدمة لباكستان!

 

ليست المرة الأولى!

وليست هذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها الأمريكان امتعاضهم الشديد من القنبلة الباكستانية، والتي دأبت وسائل الإعلام الأمريكية على تسميتها بـ «القنبلة الإسلامية»! بل القضية تعود إلى عام ١٩٧٦- إبان حكم بوتو- عندما عرض وزير الخارجية- آنذاك- هنري كيسنجر على باكستان ۱۱۰ طائرات من نوع «إيه ۷»، نظير إلغائها لبرنامجها النووي!.. وفي الفترة ما بين عامي ۱۹۷۸- ۱۹۷۹ قطعت أمریکا مساعداتها لباكستان، والتي سرعان ما استؤنفت عقب الاحتلال الروسي لأفغانستان!... إذن، القضية ليست جديدة، ولكنها وصلت إلى حد لا يستطيع الأمريكان عنده السكوت!

لماذا «باکستان» دون غيرها؟!

ولا شك أن إصرار الأمريكان على معاقبة باکستان- نتيجة لسيرها في برنامجها النووي- وإعفاء إسرائيل والهند من العقوبة، يثير تساؤلًا منطقيًا: لماذا باکستان دون غيرها؟! فالهند- الجارة اللدودة لباكستان- فجرت قنبلتها النووية عام١٩٧٤.. وإسرائيل ترفض التوقيع على حظر انتشار الأسلحة النووية، وتفرض ستارًا من السرية على برنامجها الذري... ويكفي دليلًا على ما تقول ما كشفه الفني النووي الإسرائيلي «مردخاي فانوتو» لصحيفة «تايمز» البريطانية في العام الماضي، عن استخدام إسرائيل لمفاعل «ديمونة» بصحراء النقب في إنتاج قنابل ذرية.. وها هو «فانونو» يواجه تهمتي التجسس والخيانة أمام المحاكم الإسرائيلية، بعد أن تم اختطافه في روما من قبل عملاء الموساد!

 حق طبيعي

إن من حق باكستان أن تسير قدمًا في برنامجها النووي، بعد أن سار البعض في هذا غير مكترث لكل النداءات بالحد من إنتاج الأسلحة النووية، والتي يكفي بعضها لتدمير البشرية عن بكرة أبيها!.. وإذا كانت أمريكا تتذرع بمبررات السلام والحفاظ على البشرية، فالأولى أن تبادر هي لوقف برامجها النووية.

ولعل أطرف تعليق على المخاوف الأمريكية ما كتبه صحافي باكستاني قائلًا: «هذه المخاوف تجعلنا نشعر وكأنهم يقولون لنا: جميل أن تكون الأسلحة النووية في أيدينا، لأننا أكثر اتزانًا ونضجًا!... ولكن الأسلحة النووية- إن وجدت في أيديكم- فإنها ستكون خطرة؛ لأنكم انفعاليون غير ناضجين!»... إن المنطق الذي تتعامل به الدول الكبرى هو منطق القوة... والضعيف لا مكان له في هذا الكون الذي تحول إلى «غابة» يأكل فيها القوي الضعيف... إذن الحق الطبيعي لباكستان أن تحمي نفسها، خاصة بعد تفجير جارتها «الهند» لقنبلتها النووية قبل ١٣ عامًا!.. فمن يضمن أن لا يتكرر ما حدث لهيروشيما وناجازاكي؟!

***

المسلمون في جحيم بلغاريا... فمن ينقذهم...؟

  • بلغاريا الشيوعية خَدعت ولا تزال تخدع بعض الدول الإسلامية بسياستها الخارجية.
  • الشيوعيون يخططون لإطفاء نور القرآن باعتباره القلب المحرك للمسلمين.

دأبت بلغاريا على تذويب الأقليات الموجودة على أرضها بكل الوسائل التي تراها كفيلة للقيام بذلك التذويب، ولكن الأقليات الإسلامية خيبت ظن الحزب الشيوعي البلغاري، وبددت أحلامه، بل وتحدثه في إثبات وجودها، والحفاظ على كينونتها التي استمدتها من وجود دام ثمانية قرون على الأرض التي تسمى اليوم ببلغاريا؛ ولذا جن جنون الحزب الشيوعي، وطار صوابه، وعمد للقوة لإبادة الأقلية المسلمة التي هزمته بإيمانها وعقيدتها النابعة من الدين الإسلامي، والتي استمدت منها أفضل العادات وأحسن التقاليد وأجمل المعاملات، وسطرت بها أنصع صفحات التاريخ على الإطلاق؛ فقد فشل الحزب الشيوعي في إقناعهم أن ينتظموا في صفوف منظماته، فأبى إلا أن ينصرهم إمعانًا في الانتقام والكيد، وعلى مرأى ومسمع كل العالم الذي لم يحرك ساكنًا إلا بعد أن حقق الحزب الشيوعي ما يريد.

أثبت مسؤولو الحزب الشيوعي البلغاري أن لا عدو لهم- وللشيوعية العالمية- سوى الإسلام من الأديان والمسلمين من الأقوام، وفي سبيل ذلك تنكروا علنًا حتى المبادئ الشيوعية التي تزعم أنها جاءت لتمحو التعصب القومي، وتريح الشعوب من ويلاته وجرائمه، وللأسف كانوا كاذبين في اتباعهم للشيوعية، وغير مخلصين لمبادئها المزعومة، وسقطوا في مستنقع التفرقة العنصرية ضد قوميات الأقلية البلغارية الإسلامية، وهم الأتراك والبوماك والغجر، وقدسوا القومية البلغارية السلافية، فهم لم يحاربوا المسلمين من كل قومية موجودة في بلغاريا، وبذلك أعادوا النازية والفاشية مرة أخرى للوجود.

استطاعت بلغاريا الشيوعية أن تخدع الدول الإسلامية بسياستها الخارجية، وهي تدعى أنها حليفة للدول العربية والإسلامية، وأن حرية العبادة يكفلها الدستور البلغاري، ونجحت في أن تقيم علاقة تجارية يرجح فيها ميزان المدفوعات لصالح بلغاريا، بل بالغت في خداعها المسلمين حتى أقنعتهم أن يستوردوا منها اللحوم، بعد أن تضع عليها ورقة تقول: إنها ذبحت على الطريقة الإسلامية، والحقيقة أنهم ذبحوا المسلمين على الطريقة البلغارية.

وفي الوقت الذي تدعى فيه بلغاريا وقوفها مع الدول الإسلامية، كانت تخطط لتكملة إبادة المسلمين في الداخل؛ فقد أغلقوا جامع بانيا باشا منذ حوالي ١٥ سنة بحجة ترميمه، ومنعوا الصلاة في جامع حاجي شريف في شومنو- شومن، وحولوه إلى مركز سياحي، وحولوا جامع آك- الجامع في رازقراد إلى مستودع خمور، وتعمدوا تخريب جامع قرية سفورفو قرب مدينة فارنا.

وفي نفس الوقت إمعانا منهم في تضليل الرأي العالمي الإسلامي قاموا بترميم مسجد صوفيا لخداع السفراء المسلمين، وصوروا بعض الأفلام أثناء إقامة صلوات رسمية، قام بها بعض الشيوعيين حتى من غير المسلمين، وبالتأكيد من دون وضوء ولا طهارة، وادعوا أن المسلمين أحرار في إقامة شعائرهم التعبدية، وأحضروا بعض الذين يتكلمون التركية، وادعوا بأن عملية البلغرة عملية تطوعية طالبوا بها هم، أي أن المسلمين هم الذين طالبوا- وبإلحاح- الحزب الشيوعي البلغاري أن يغير أسماءهم الإسلامية إلى أسماء مسيحية سلافية، ويا للمهزلة التي أسيء إخراجها! وللأسف الشديد توجد بعض الدول العربية التي صدقت ذلك، وبدأت تدافع عن الحزب الشيوعي البلغاري وسياسته ضد الإسلام، ولا غرو إذ أن الأحزاب التي تحكم تلك البلاد هي امتداد لأحزاب الفكر الإلحادي العالمي، وحتى لو صدقنا أن المسلمين هم الذين طالبوا بتغيير أسمائهم إلى أسماء مسيحية، وهم الذين طالبوا الحزب الشيوعي البلغاري بأن ينصرهم وأن يتركوا الإسلام، هكذا طالب نحو أربعة ملايين مسلم أن يصبحوا مسيحيين، فهل يا ترى طالب أيضًا موتى المسلمين منذ حوالي ثمانية قرون بأن تبدل أسماؤهم التي كتبت على قبورهم بأسماء مسيحية؟ ثم هل يا ترى طالبت الجبال والأنهار وعيون المياه التي تسمى بأسماء إسلامية، طالبت هي أيضًا أن تبدل أسماؤها بأسماء مسيحية؟

وحتى لو حدث أن تكلم الموتى، ونطقت الجبال والوديان، وقدموا طلبًا للحزب الشيوعي بتغيير أسمائهم إلى أسماء مسيحية سلافية، أليس من المنطق أن يرفض الحزب الشيوعي؟ لأن في تدخله انتصارًا للقومية السلافية ضد قوميات المسلمين، وبذلك ينحاز لقومية ضد أخرى، ويسقط بذلك في مستنقع التعصب العنصري القومي الذي تبرئ الشيوعية نفسها منه!!

وادعى الحزب الشيوعي البلغاري أنه تم تغيير أسماء البلغار الأتراك، والذين هم أصلًا كانوا بلغارًا ثم تم تتريكهم قبل ثمانية قرون، وإذا صدقنا هذا الادعاء فلماذا يا ترى يوجد بلغار من أصل روماني، وبلغار من أصل يوناني، وبلغار من أصل مقدوني، وبلغار من الغجر؟ ثم نتساءل لماذا تم تغيير أسماء المسلمين الذين هم من أصل بلغاري- البوماك-؟ إذًا المقصود ليس تغيير أسماء الأتراك، وإنما أسماء المسلمين عامة لمحو الإسلام واقتلاع جذوره مع الإبادة التامة للمسلمين وتراثهم في بلغاريا.

وقد ادعى الحزب الشيوعي البلغاري أن بلغرة المسلمين عملية قومية وطنية، ونتعجب لتلك الوطنية التي لا تتم إلا بتغيير أسماء المسلمين فقط مع وجود أسماء روسية ويونانية ورومانية ومجرية ويوغسلافية ومقدونية، وكلها أسماء وفدت لبلغاريا بعد أن أصبحت بلغاريا دولة ذات سيادة، ومع أن الوجود الإسلامي والتركي كان قبل هجرة العنصر السلافي نفسه، وقبل أن توجد دولة باسم بلغاريا، ومن ثم يتضح أن ما يجري في بلغاريا ضد الإسلام ليس سوى حملة شيوعية ماركسية ستالينية صليبية، والغريب أنها تتم في القرن العشرين، وفي أوروبا التي تدعى الحضارة والرقي والتقدم والعلم.

كتب كثير من المؤرخين غير المسلمين عن تاريخ المنطقة، منهم البزنطيون والروس والألمان والبولونيون والتشيك والمجريون، والتقوا مع وجهة نظر المؤرخين المسلمين أمثال أقليا شلبي والرحالة قيرلاة، وقد أجمعوا أن المسلمين هم سكان المنطقة التي تمتد من جمعة بلا وبلا غيفقراد، حتى تتار بازار جق، وكذلك المناطق الممتدة جنوب البحر الأسود من فليبية والتي تسمى اليوم ببلوفديق حتى مدينة برقاز وجنوب تراقيا، وأن البلغار لم يدخلوها حتى نهاية القرن السابع عشر، ثم إن اليونانيين الذين حافظوا على وجودهم في هذه المنطقة حتى نهاية القرن السابع عشر اضطروا إلى تركها والعودة إلى موطنهم الأصلي.

وقد سجل التاريخ أيضًا أن المناطق التي تقع في جنوب بلغاريا، وهي مدينة قرجة علي، وهاسكوي وباشماقلي وفيليبية أي بلوفديف وأسكى زاغرا أي ستارا زاغرا، وروسجوك القديمة والمناطق التي تقع في شمال طيرنوفا وروسجوك ورازغراد وشومنو وأسكى جمعة وتيرقوفيتشا وفارنا وحاجي أغلو وبازار حيقى وطلبوهين وسيليسترة، كل هذه المناطق الإسلامية صرفة يسكنها الأتراك منذ القرن الخامس عشر، ولا أعتقد أن الحزب الشيوعي البلغاري يجهل هذه الحقائق.

مهد الحزب الشيوعي البلغاري لعملية البلغرة بكتابات بعض أعضائه الحاقدين على المسلمين، والذين زوروا حقائق التاريخ، والذين ناقضوا ما كتبه غيرهم من شيوعيي الدول الأخرى، ويأتي على رأس أولئك المتعصبين:

أ - ف. زلا تارسكي، ألف كتابًا في تاريخ دولة بلغاريا، وصدر في صوفيا ۱۹۱۸.

ب – ألا كادمي برموف وكوسيف وخرستوف، الذي ألف كتابًا عن تاريخ بلغاريا صوفيا ١٩٧٦.

ج- بروموف وكلوكتيف له كتاب عن تاريخ بلغاريا من منشورات أكاديمية العلوم البلغارية ثلاث مجلدات ١٩٦٠ - ١٩٦٤ صوفيا.

 د - البروفيسور جنجيف في تاريخ بلغاريا ۱۹۸۲ صوفيا.

والملاحظ أن في مناطق المسلمين اليوم لا يوجد أي أثر يعود لغير المسلمين مثل كنيسة أو دير أو مقبرة، وأن البلغار السلاف وغير المسلمين ما زالوا أقلية حتى اليوم، والعدد الموجود منهم قد تم ترحيله بعد الحرب التركية الروسية مباشرة عام ١٨٧٧- ۱۸۷۸، وكان ذلك بتوجيه روسي، حيث كانت وزارة الخارجية والداخلية في ولاية بلغاريا- أول إدارة منفصلة لبلغاريا عن الإمبراطورية العثمانية، وتحت إشراف وتوجيه جنرالات روس- وهم الذين قاموا بترحيل غير المسلمين في مناطق المسلمين، وكان للمسلمين في بلغاريا حتى عام ١٨٧٧- ۱۸۷۸ أكثر من ٤٨٦٠ جامعًا كبيرًا، ٤٢٤٠ مسجدًا، و٤١١٢ مدرسة إسلامية تركية، وبعد الحرب الروسية التركية وحتى نهاية القرن السابع عشر، كان للمسلمين أكثر من ٣٦٠٠ جامع، وبعد مجيء الحزب الشيوعي للحكم خطط- وبكل هدوء- لإغلاق وهدم المساجد، وإلغاء المدارس الإسلامية، فقد كان في صوفيا ٥٣ جامعًا بقي منها جامع واحد.

بلوفديف- 53 جامعًا بقي منها ثلاثة.

سومينو - ٤٠ جامعًا بقي منها اثنان.

 روسي- ٤٠ جامعًا بقي منها اثنان.

 تيرنوفا - ٣٦ جامعًا بقي منها واحد.

سلسترة - ٣٠ جامعًا بقي منها جامع واحد.

 لوفي - ٢٧ جامعًا بقي منها جامع واحد.

 فيدين - ٢٦ جامعًا بقي منها جامع واحد.

وحتى هذه المساجد المتبقية مغلقة، وغير مصرح بالعبادة فيها، وإنما فقط للسواح خاصة العرب منهم، ونضيف لما سبق أن هدف الحزب الشيوعي البلغاري محو الإسلام والمسلمين، فبعد أن قضوا على المساجد اتجهوا إلى المدارس الإسلامية التي تعلم القرآن والصلاة وأركان الإسلام؛ فعمدوا إلى إغلاقها، ومحاربة تعليم القرآن، وكما قال أحد المسلمين البلغار: «إن الشيوعيين يخططون لإطفاء نور القرآن؛ لأنهم يعلمون أنه القلب المحرك والنبع الناجح للمسلمين، وطالما هناك قرآن يحفظ فلن تفلح الشيوعية أبدًا».

عمل الحزب الشيوعي للإساءة للإسلام في المدارس، ووصفوه بأنه أداة لاستثمار الفقراء واستغلالهم من قبل الأغنياء والرأسماليين والإقطاعيين، وأنه دين الجهلاء الذين يتوقعون المعجزات، وينتظرونها، ويصدقون الأوهام، وهو مخدر الشعوب وأفيونها؛ فمن يسمع هذه الأقوال التي تتكرر باستمرار، خاصة للنشء المسلم، إما أن يترك الدراسة ويحقق بذلك هدف الحزب في العمل على تأخير حالة المسلمين، وإما أن يستمر ويتظاهر بالسكوت أو القبول والرضا، وتكون المصيبة أعظم.

 لم تنج كذلك الصحافة والثقافة العامة من كيد الشيوعيين البلغار، ففي الفترة بين الحرب التركية الروسية ۱۸۷۷- ۱۸۷۸ وحتى عام استلام الشيوعيين السلطة في بلغاريا، كان يصدر أكثر من ١٦٠ صحيفة ومجلة باللغة التركية، وكانت تطبع في كل من: فليبيا- بولفديف- اسليمية- شومنو– فارنا- رازغراد- فيدين- بليفنة، كما كانت تطبع كثير من الكتب الإسلامية في تلك المطابع أيضًا، وبعد استلام الشيوعيين للسلطة منعوا طباعة أي كتاب إسلامي، وكذلك منعت طباعة الكتب باللغة التركية، وأوقفت كل الصحف والمجلات الإسلامية، وسمح بإصدار خمسة صحف ومجلة واحدة فقط باللغة التركية، تدرجوا في إغلاقها؛ حيث صار يطبع نصف كل صحيفة باللغة البلغارية كدعاية للحزب الشيوعي، وزج في السجن كل من عارض ذلك، ثم صارت تطبع كلها باللغة البلغارية، وأداة دعاية للحزب الشيوعي، أوقفت جميعها الآن.

كذلك نال الكتاب والأدباء والشعراء المسلمون كثيرًا من الاضطهاد والعذاب في سبيل إسلامهم ومخاطبتهم للمسلمين والأتراك، وقد احتل الأدب الإسلامي مكانة سامقة في بلغاريا منذ القرن الخامس عشر، وحتى أعوام قليلة قبل أن تقضي بلغاريا على الإسلام والمسلمين.

تم نشر أكثر من مائة وثمانين أثرًا أدبيًا للمسلمين والأتراك في بلغاريا منذ عام ١٩٤٥ وحتى عام ١٩٨٤، بالرغم من أن عددًا كبيرًا من الكتاب يستهل عمله بمدح الشيوعية، وأن عددًا آخر من أولئك الكتاب انضموا للحزب الشيوعي ليستطيعوا الكتابة، فقد تم جمع كل تلك الكتب الإسلامية من المكتبات ومن بيوت وسكن المسلمين، وقد استفاد الأدباء والصحافيون الذين هم من أصل تركي من هجرة عام ١٩٦٨ وهاجروا إلى تركيا.

قام رجال الأمن بقتل الأستاذ المساعد رضا مولاه؛ لأنه رفض عملية البلغرة، وكذلك الشاعر الكبير رجب كوبجي رغم اعتقال كل من:

 الكاتب الشاعر أحمد شريف أغلو، الشاعر والكاتب لطيف علي، الكاتب والشاعر مفكوره مولاه، الأستاذ المساعد إبراهيم تتارلي، الأستاذ المساعد عمر عثمان أوغلو، الشاعر والكاتب أحمد أمين أوغلو، الشاعر والكاتب نيازي حسين أوغلو، الشاعر والكاتب محمد على أدرويش، وأخذوا إلى معسكرات الاعتقال والتعذيب، ولا أحد يعرف عنهم أي شيء منذ عدة سنوات، وغالبًا ما يكون قد تم إعدامهم.

وقد حكم على الصحفي جافيير أغلو بالسجن عشرين عامًا؛ لأنه دافع عن الإسلام والأتراك، وقد أخذ كل من الكاتب حاكم ياسبع أوغلو، وإسماعيل جاويش، ومعهم عشرات الصحفيين والكتاب إلى أماكن مجهولة، ولم يصدر حكم علني ضدهم حتى الآن؛ مع انهم أخذوا من حوالي ست سنوات، وقد هرب إلى تركيا عشرات الكتاب والصحفيين والأدباء والمذيعين أمثال: عثمان سنفور- إسحاق رشيد- علي مرتضى أوغلو- محمد يوسف- شاهين مصطفى أوغلو- محمد داوود أوغلو- محمد جاويش– رحيم رجب.

وفي السنتين الأخيرتين تم اعتقال وسجن وقتل أعداد كبيرة من الأتراك الذين انخرطوا في صفوف الحزب الشيوعي منذ عشرات السنين، ولكن رفضوا عملية البلغرة، واحتجوا بأن المسلمين البلغار عامة والأتراك خاصة أقلية تزيد عن الثلاثة ملايين من أصل حوالي ثمانية ملايين نسمة هم سكان بلغاريا، وهم أكبر قومية في بلغاريا، فيجب أن يحترم وضعها في الكيان البلغاري، وكان ذلك سببًا كافيًا لإهدار كرامتهم وإعدامهم وعلى رأس أولئك من مدينة:

روس جوك- أدهم حمزة أغلو.

أسكى جمعة- علي عثمان صالح أوغلو.

عضو البرلمان- شعبان هاییل أوغلو.

عضو البرلمان- سليمان خطيب أوغلو.

عضو البرلمان- عادل خطيب أوغلو.

عضو البرلمان- مصطفى عزیز أوغلو.

طولبوهين- علي عثمان فلز أوغلو.

رازغراد- نور أحمد قاردابي.

فرجا علي- عصمت إسماعیلوف.

هؤلاء من نشر عنهم بغية إرهاب الآخرين.

ولم يعلن عن مئات المسلمين الأتراك الآخرين الذين قتلوا بفظاعة ووحشية، وقد هرب من بلغاريا في أغسطس ١٩٨٦ السيد إسماعيل أبيتش أوغلو إلى تركيا عن طريق يوغسلافيا، وهو ممثل محافظة قارنا في البرلمان لمدة دورتين.

وقد هرب إلى تركيا حوالي ١٤٠ مسلمًا في الشهور القليلة الماضية مجازفين بحياتهم، معرضين أنفسهم للموت في سبيل الفرار بدينهم، كما يوجد أكثر من ۳۰۰ مسلم بلغاري لاجئين في كل من يوغسلافيا ورومانيا واليونان، وكذلك عدد آخر في معسكر لافريون بالقرب من أثينا في اليونان، وقد بلغ إلى مسامعنا أن أكثر من ١٢٠٠ مسلم قد انتحروا؛ لأنهم لم يتحملوا البلغرة، ولم يستطيعوا المعارضة العلنية، وقد تم استخدام المواد والإبر السامة في عمليات الانتحار، والأعداد التي استطاعت الهرب إلى تركيا تروي قصص العذاب وملاحم الجهاد، كما لا تعرف الأعداد التي استشهدت وهي تحاول الهرب من أتون جحيم الحزب الشيوعي البلغاري الذي سعر للمسلمين.

  • يتبع في العدد القادم.
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 2

962

الثلاثاء 24-مارس-1970

نشر في العدد 47

23

الثلاثاء 16-فبراير-1971

نشر في العدد 40

29

الثلاثاء 22-ديسمبر-1970