العنوان لماذا يكون الإحسان لمن حولنا شرطًا أساسيًا؟
الكاتب عبد الحليم محمد أحمد
تاريخ النشر الثلاثاء 05-مارس-1974
مشاهدات 19
نشر في العدد 190
نشر في الصفحة 11

الثلاثاء 05-مارس-1974
كلمات للحوار
يكتبها
الأستاذ عبد الحليم محمد أحمد
لماذا يكون الإحسان لمن حولنا شرطًا أساسيًا؟
أولًا: إن النداء الإلهي الجامع ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ (النساء: 36).
ثانيًا: إن الله قد تعبدنا بتوحيده وإقامة شعائر دينه، وإنفاذ أحكامه، واتباع وصاياه في التحلي بكل خلق كريم، وما خلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا خلق واحد من أخلاق الإسلام، وهو الخلق الدافع لنشاط الدعاة. ولكن هل يقوم بناء الإسلام بإقامة خلق واحد من أخلاقه؟ بالطبع لا، بل لن يستقيم هذا الخلق نفسه إلا بقيام جميع الأخلاق معًه تسدده وتؤازره.
ثالثًا: إن الشيوعي والبعثي والقومي والسوري وغيرهم من أصحاب المذاهب الحديثة لا يتميزون عن الناس في أخلاقهم وسلوكهم العام، ولا حتى فيما تبشر به مبادئهم من قيم، إنما يتميزون بشيء واحد هو احترافهم الحركي: كلام هنا وهناك وتنظيم وتكتيك، ومؤتمرات ومؤامرات ومنشورات وإضرابات، ومظاهرات وتكوين جبهات وإعلان قرارات.
وإذا كانت الإنسانية قد قاست كثيرًا من ظلم الإقطاعيين والرأسماليين والملوك المنحرفين، فإنها لم تكن أسعد حالًا في ظل أصحاب المذاهب الثوريين. أما نحن إن كنا ورثة الأنبياء حقًا فينبغي أن نكون هداة خير ورسل رحمة، الخير للناس والرحمة بالناس، واليوم قبل الغد، أثناء نشاط الدعوة إلى الله وفي كل مراحلها، بل وفي حياة الدعاة اليومية لا بعد قيام الدولة الإسلامية المنشودة، والله وحده يعلم متى تقوم، ولن تكون هناك رحمة إلا باهتدائنا بهدى ربنا في علاقاتنا وآدابنا وسلوكنا وفي كل أمورنا.
رابعًا: حسن العلاقات بالناس يثبت صلة المسلم بالمجتمع الذي يعيش فيه صلة إيجابية خيرة تنمي خيرًا وتكفكف شرًا، وتقطع طريق التعالي أي طريق الانحراف الذي يصيب الداعية أحيانًا ويعزله عن مجتمعه.
خامسًا: كما نقرر أنه لا يجوز للداعية أن يهمل في صلاته وصيامه وزكاته ثم يروح يتشدق بالدعوة إلى الله ويتحدث عن خطط الدعوة وقد يتحرق على مشكلات الدعوة ومحن الدعوة.
كما نقرر ذلك يجب أن نقرر أيضًا أنه إذا كانت الصلاة والزكاة فرائض دينية لا يجوز التفريط فيها. فهناك فرائض أخرى لها وزنها في نظر الدين لا يقبل من الداعية التفريط فيها، وإلا انتكس وأصبح مسخًا مشوهًا، لا داعية صالحًا لدين قيم. وصدق رسول الله فيما يرويه عن ربه: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه» ([1])، ومن هذه الفرائض الإحسان إلى الناس عامة وإلى الأقربين منا خاصة الأقربين نسبًا وجوارًا وصحبة. والإحسان درجات وواجب الداعية الذي نذر نفسه للدعوة إلى الحق والخير أن يسعى جهده ليبلغ أعلى درجات الإحسان ([2]).
([1]) (رواه البخاري).
([2]) سنعرض في كلمات قادمة بإذن الله صورًا من الإحسان العملي إلى من حولنا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
